Skip to main content

من أجل سارة حجازي: بغضب وبأسى وبإرهاق

نُشر في: The New Arab
شباب يلوحون بعلم قوس قزح في حفل موسيقي في القاهرة، للفرقة اللبنانية "مشروع ليلى". أكد الناشط أحمد علاء، قبل اعتقاله، رفعه لعلم قوس قزح أثناء الحفل، في فيديو نشره على "بزفيد" متضمنا هذه الصورة.  © 2017 خاصة

الأحد في 14 يونيو/حزيران، وضعت سارة حجازي (30 عاما)، الناشطة النسوية الكويرية المصرية، حدّا لحياتها في المنفى في كندا، بعد مسيرة مقاومة تمحورت حول تفكيك السلطة والصراع الطبقيَين.

قبل ثلاثة أعوام، حضرت سارة حفلا غنائيا للفرقة الموسيقية اللبنانية "مشروع ليلى" في القاهرة. مبتهجة، لوّحت بعلم قوس قزح، رمز الفخر المعتمد من الأشخاص الكوير والترانس والحركات المدافعة عنهم حول العالم. بعد أسبوع تقريبا، احتجزت السلطات المصرية سارة بتهمة "الانضمام إلى جماعة أُسِّست على خلاف أحكام القانون وتهدف إلى تعطيل أحكام الدستور". اعتقلت السلطات أيضا عشرات روّاد الحفل الآخرين، الكثيرين منهم على أساس توجههم الجنسي أوهويتهم الجندرية الفعلية أو المُفترضة. تحدّثت سارة عن تعرّضها للتعذيب على يد عناصر من الشرطة المصرية خلال احتجازها، بما فيه عبر الصدمات الكهربائية والحبس الانفرادي. حرّضت الشرطة محتجزات أخريات على الاعتداء عليها جنسيا وإهانتها لفظيا.

أُفرِج عن سارة بكفالة بعد ثلاثة أشهر، لكن لم يخضع الأشخاص الذين حرموها تعسفيا من حريتها وعذّبوها للمساءلة قطّ.

بمناسبة مرور سنة على اعتقالها، كتبت سارة من منفاها في كندا: "أصبحت أخاف الجميع، وحتى بعد إخلاء سبيلي، ظل الخوف من الجميع، الأسرة والأصدقاء والشارع، يطاردني". شرحت كيف أنّ الانتهاكات والتهديدات أجبرتها على مغادرة بلادها، خوفا من الاعتقال مرّة أخرى أو القتل. كتبت عن عزلتها وتغريبها، ومحاولات الانتحار، وعن عجزها عن الرجوع إلى بلادها للحداد على والدتها بعد وفاتها.

تابعت: "بعد مرور عام على حفل مشروع ليلى، بعد مرور عام على أكبر هجمة أمنية [من مصر] ضد المثليين جنسيا، بعد مرور عام على إعلاني عن اختلافي (نعم، أنا مثلية)، لم أنسَ أعدائي. لم أنسَ الظلم الذي ترك بقعا سوداء محفورة بالروح وتنزف دماء، بقعا لم يستطع الأطباء علاجها قطّ".

ماذا يعني الوصول إلى "برّ الأمان" في بلد غريب، ومجالسة الصدمة والحزن على انفراد، مسلوبين من أي شريان حياة، ومتّصلين بالعالم فقط عبر شاشة؟

متى سيتوقّف العمل على اجتثاث أنظمة السيطرة الاقتصادية والأبوية على أجساد الكويريين/ات والنساء عن تكليفهنّ حياتهنّ؟

كيف نستمرّ في الصمود، ونحن نشاهد مناضلات يموتون وجُناة يُكملون حياتهم من دون عواقب؟

في 6 مارس/آذار 2020، كتبت سارة: "كلّ ما هو مختلف عن (ذكر – مسلم – سني – مغاير الجنس – مؤيد للنظام) هو في الأغلب منبوذ، أو مقموع، أو موصوم، أو معتقل، أو منفي، أو مقتول.  إنّ الأمر مرتبط بالنظام الأبوي ككل، فالدولة لن تستطيع أن تمارس قمعها على المواطنين من دون وجود قمع مسبق منذ الصغر".

لتوخّي الدقّة، ومنذ 2013 ، عندما تسلّم عبد الفتاح السيسي الحكم، حتى 2017، حين اعتُقلت سارة، اعتقلت السلطات المصرية عشرات الآلاف من الناس، أو وجّهت إليهم تهما، وأخفت قسرا المئات لعدة أشهر في وقت واحد، وأصدرت أحكام إعدام أوليّة بحقّ المئات غيرهم، وحاكمت آلاف المدنيين في المحاكم العسكرية. استمرّ القمع في كامل البلاد بلا رحمة، واحتُجز المئات بسبب توجههم الجنسي أو هويتهم الجندرية فقط.

إلى الحكومة المصرية: نحن، النسويات الكويريات، القوة الجماعية التي تخدش قمعكم، ونرفع أعلامنا وأصواتنا وقبضاتنا حتى تخضعوا للمساءلة عن سلب سارة وعدد لا يُحصى من مثيلاتها من استقلاليتهنّ الجسدية، وموطنهن، وحياتهنّ.

إلى جميع الكويريين/ات والعابرين/ات في مصر الذين يتفقّدون زملائهم الكويريين/ات للتأكّد من أنّهم تمسّكوا بالحياة ليوم آخر، وإلى جميع أصدقاء سارة وأحبّائها في مصر وخارجها: لا يمكنني تصوّر ألمكم.

إلى سارة: ارقدي، ارقدي فحسب، بمنأى عن هذا العنف المتعنّت، وهذه الأبوية الفتّاكة التي تغذيها الدولة. بغضب، وبأسى، وبإرهاق، نقاوم!

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة