(بيروت) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن السلطات المصرية احتجزت في 7 فبراير/شباط 2020 الباحث في "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية" (المبادرة المصرية) باتريك جورج زكي، في تصعيد خطير لحملتها ضد نشطاء ومنظمات حقوق الإنسان.
قال مصدر في المبادرة المصرية لـ هيومن رايتس ووتش إن "الأمن الوطني" احتجز جورج بمعزل عن العالم الخارجي لنحو 24 ساعة وعذّبه، بما يشمل الصعق بالكهرباء. وضع في في مركزَي احتجاز غير رسميَّين تابعين للأمن الوطني، في القاهرة والمنصورة، حيث استجوبه المحققون بشكل موسع حول نشاطه وعمل المبادرة المصرية، على حد قول المصدر.
قال جو ستورك، نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "بدلا من تيسير أعمال الحقوقيين مثل باتريك جورج ذات الأهمية البالغة، تحتجزه قوات الأمن وتعذبه، حسب المزاعم. يبدو أن حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي مصممة على التأكيد ألّا حصانة لأحد من يد الأمن الغاشمة".
يعمل زكي في المبادرة المصرية في ملف الحقوق الجندرية والجنسانية. أوقفته السلطات لدى وصوله إلى مطار القاهرة قادما من إيطاليا، حيث يعيش ويدرس.
بعد 24 ساعة، أمرت النيابة باحتجاز زكي على ذمة التحقيق، مع نسب اتهامات إليه منها "الدعوة لمظاهرات دون تصريح" و"نشر أخبار كاذبة" والتحريض على العنف والإرهاب. قال المصدر في المبادرة المصرية إن أغلب التحقيق تركَّز على منشورات زكي على "فيسبوك" وإن التقرير الخاص باحتجازه، بحسب وكلاء زكي الذين اطلعوا على الملف، يدّعي كذبا أن العناصر أوقفوا زكي من المنصورة، محل إقامته، وليس من المطار.
المبادرة المصرية من أبرز منظمات حقوق الإنسان في البلاد. تعرضت المنظمة والعديد من العاملين الحاليين والسابقين فيها، ومنهم مؤسسها ومديرها السابق حسام بهجت، إلى الملاحقة القضائية ضمن تحقيقات القضية 173 لسنة 2011 المعروفة بـ قضية "التمويل الأجنبي". تستخدم السلطات المصرية هذه القضية في ملاحقة أبرز منظمات ونشطاء حقوق الإنسان على أداء عملهم، وبسبب تلقي التمويل من الخارج. أمر قاضي تحقيق ومحكمةٌ بفرض حظر السفر وتجميد الأموال على مدافعين ومدافعات عن حقوق الإنسان، وهي أوامر سارية منذ أكثر من أربع سنوات، لكن لم تبدأ المحاكمة بعد.
شهدت الأشهر الأخيرة تصعيدا في الهجمات والاعتقالات والملاحقات القضائية بحق المدافعين عن حقوق الإنسان.
اعتدى مسلحون مرتين على مدير المؤسسة المستقلة "الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان" جمال عيد في أكتوبر/تشرين الأول وديسمبر/كانون الأول 2019، فيما يبدو أنها كانت هجمات برعاية أو تنفيذ ضباط وأعوان الأمن الوطني.
تم الأمر باحتجاز إبراهيم عز الدين الباحث في حقوق السكن في "المفوضية المصرية للحقوق والحريات"، منذ نوفمبر/تشرين الثاني، وقد صدر الأمر من نيابة أمن الدولة. قبل مثوله أمام النيابة، أخفاه أعوان الأمن قسرا طيلة 167 يوما. قال محامون لـ هيومن رايتس ووتش إن أثناء فترة اختفاء عز الدين، عذّبه الأمن بدنيا ونفسيا، بما يشمل الصعق بالكهرباء، أثناء استجوابه حول نشاطه. لم تحقق النيابة في اختفائه ولا في تعذيبه، وأمرت باحتجازه بناء على اتهامات تستند حصرا إلى نشاطه السلمي.
قال ستورك: "يبدو من تصعيد العدوان على الحقوقيين، بما فيه الإخفاء والتعذيب والاعتداءات الجسدية في وضح النهار، أن مصر في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي أصبحت مكانا يعرّض فيه المدافعون عن الحقوق أنفسهم لخطر داهم".