(نيويورك) - قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن على الحكومة الإيرانية إطلاق سراح النساء المحتجزات بتهمة ارتداء ملابس للرجال للتحايل على الحظر المفروض على حضور النساء مباريات كرة القدم في الملاعب. من بين النساء اللاتي أفادت التقارير باعتقالهن في 13 أغسطس/آب 2019، زهرا خوشنواز، ناشطة بارزة تناضل من أجل إنهاء الحظر المفروض على حضور النساء والفتيات الفعاليات الرياضية العامة، والمصوّرة الصحفية البارزة فروغ علايى.
تمنع إيران النساء من حضور مباريات كرة القدم وغيرها. هذا الحظر ليس مدونا في قانون أو لائحة تنظيمية، لكن سلطات البلاد تطبقه. هذا الحظر انتهاك واضح للقواعد في دستور "الاتحاد الدولي لكرة القدم" (الفيفا) ونظامه الأساسي وسياسته في مجال حقوق الإنسان. تنص المادة 4 من النظام الأساسي على أن التمييز ضد المرأة "محظور تماما ويعاقَب عليه بالتعليق أو الطرد". في يونيو/حزيران، حذر رئيس الفيفا جياني إنفانتينو الاتحاد الإيراني لكرة القدم قائلا إن عليه اتخاذ خطوات ملموسة للسماح للنساء بدخول الملاعب وإلا واجه عقوبات.
قالت مينكي ووردن، مديرة المبادرات العالمية في هيومن رايتس ووتش: "ينبغي ألا تقضي النساء الإيرانيات ثانية واحدة في السجن لأن السلطات تتهمهن بمحاولة سلمية لتحدي حظر مثير للسخرية يحرم النساء والفتيات من حقوق متساوية في حضور مباراة كرة قدم. على إيران إطلاق سراحهن فورا دون قيد أو شرط ورفع الحظر التمييزي على حضور النساء المباريات الرياضية".
كانت النساء والفتيات اللاتي يرغبن في حضور كبرى مباريات كرة القدم في إيران مضطرات منذ زمن للتنكر كرجال وفتيان لممارسة هذا الحق بسلام والتحايل على الحظر. نشرت العديد منهن مقاطع فيديو على وسائط التواصل الاجتماعي لإظهار تحديهن للحظر.
ذكر موقع "إيران واير" الإخباري في 16 أغسطس/آب أن السلطات في إيران اعتقلت ست نساء لا يُعرف اسماء اثنتين منهن. ومن بين الأخريات ليلى مالكي وهديه مارفاستي، وذكر أن كلتيهما في سجن قرتشك قرب طهران.
جميع النساء الأربع اللاتي تم تأكيد هوياتهن ناشطات معروفات سبق لهن المطالبة برفع الحظر. حظيت دعوة خوشنواز لإلغاء الحظر بتغطية واسعة في وسائل الإعلام الإيرانية والعالمية، التي عرضت صورا لها متنكرة لدخول الملاعب.
قال مصدر مطلع على قضية الاعتقالات لهيومن رايتس ووتش إنه في 13 أغسطس/آب، استُدعِيَت الناشطات لاستجوابهن في مكتب شرطة الأمن بطهران، حيث احتُجزن طوال الليل. في 14 أغسطس/آب، أخذت السلطات الناشطات إلى مكتب المدعي العام في فوزارا، حيث أصدر القاضي سندا للإفراج عنهن. مع ذلك، لم يُطلَق سراحهن، وفي وقت لاحق من ذلك اليوم، نُقِلن إلى سجن قرتشك. سبق وأبلغت ناشطات عن انعدام شروط النظافة والسلامة في سجن قرتشك.
قالت خوشنواز في مقابلة مع "يورونيوز": "تجاهُل رغبة شريحة كبيرة من المجتمع لمجرد احتمال وقوع بعض المشاكل مستقبلا والقول إن البنية التحتية ليست جاهزة قسوة كبيرة للغاية وظلم".
فازت المصورة الصحفية علايى بالجائزة الأولى في مسابقة "وورلد بريس فوتو 2019" عن عملها الذي يوثّق الاستبعاد الغاشم للنساء من الملاعب في إيران. الدفاع عن حرية الإعلام مبدأ أساسي في سياسة الفيفا لحقوق الإنسان.
خاطرت النساء الإيرانيات بأنفسهن لعقود لتوثيق استبعادهن من الملاعب، وهو إنكار لحق المرأة في التواجد في الأماكن العامة وحياة البلد. يصوّر فيلم "أوف سايد" (تسلل) للمخرج جعفر پناهی الحائز على جائزة في 2006، نساء وفتيات قُبض عليهن لمحاولتهن تشجيع فِرقهن.
إضافة إلى النساء اللاتي يتحدّين الحظر بالتنكر في ملابس للرجال، راسل مدافعون عن حقوق المرأة من @OpenStadiums و#NoBanForWomen الفيفا و"الاتحاد الآسيوي لكرة القدم" لسنوات مع أدلة على التمييز الذي تمارسه البلاد وذلك للمطالبة بأن يُطبق الاتحادان قواعدهما.
حضر رئيس الفيفا إنفانتينو مباراة في ملعب "أزادي" (الحرية) الإيراني في مارس/آذار 2018، قُبض خلالها على 35 امرأة لمحاولتهن الحضور. وأثناء حضوره مباراة في نوفمبر/تشرين الثاني 2018 في نفس الملعب، أثنى على الحكومة الإيرانية، بدون مبرر حقيقي، لوجود نساء على أنه "إنجاز حقيقي"، رغم أنه لم يُسمح إلا لمجموعة مختارة من النساء بالحضور.
في أعقاب هذه الأحداث واحتجاز المزيد من الناشطات في يونيو/حزيران 2019، كتب إنفانتينو رسالة إلى مهدي تاج، رئيس "اتحاد كرة القدم في جمهورية إيران الإسلامية". حددت رسالة الفيفا المفتوحة يوم 15 يوليو/تموز مهلة نهائية ليُبلغه تاج عن "الخطوات الملموسة" التي تنوي الحكومة الإيرانية اتخاذها لرفع الحظر حتى يُسمح للنساء بحضور تصفيات كأس العالم 2022. عبّر إنفانتينو عن خيبة أمله في الرسالة قائلا إن إيران تخلت عن التزاماتها بفتح الملاعب أمام النساء.
قالت الفيفا إن الضغط على إيران أدى على ما يبدو إلى خطوات للتغيير. وبحسب الاتحاد، قرر "المجلس التنفيذي للاتحاد الإيراني" في يوليو/تموز السماح للنساء بدخول الملاعب لحضور مباريات تصفيات كأس العالم للرجال في 10 أكتوبر/تشرين الأول 2019، وبدأ يناقش مع السلطات كيفية تنفيذ ذلك، من قبيل إصدار التذاكر وتخصيص المقاعد.
قالت ووردن: "لدى الفيفا قواعد واضحة تطالب الأعضاء بالسماح للنساء بحضور المباريات وحماية حرية الصحافة، لكن الفيفا لم يتخذ أي إجراء مفيد لتطبيق لوائحه التنظيمية. تُظهر الاعتقالات الأخيرة أن الفيفا بحاجة إلى اتخاذ إجراء أقوى بكثير من التحذير اللفظي، وأن عليه فرض عقوبات على مثل هذا التمييز الصارخ بين الجنسين والذي يستمر منذ فترة طويلة".
تحديث مع بيان من الفيفا: في 17 أغسطس/أب، أطلقت السلطات سراح علايى، خوشنواز، مالكي ومارفاستي بعد أن دفعت عائلاتهن كفالة قدرها 500 مليون ريال (11 ألف دولار أمريكي).
في 19 أغسطس/آب، أصدر الفيفا البيان التالي بخصوص التوقيفات:
"اطلع الفيفا على تقارير تفيد بأن عدة نساء ناشطات من أجل إنهاء حظر دخول الإيرانيات إلى الملاعب قد أوقفن ومن ثم أُطلق سراحهن لاحقا. نتابع هذه المسألة عن كثب. يدعو الفيفا بشكل عام السلطات الإيرانية إلى ضمان حرية وسلامة النساء المشاركات في هذا الكفاح المشروع لوقف الحظر".