(نيويورك) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن على الدول الأعضاء في "المحكمة الجنائية الدولية" زيادة دعمها للمحكمة في مواجهة التحديات المتزايدة في إحقاق العدالة. اعتُمدت معاهدة تأسيس المحكمة وهي "نظام روما الأساسي"، منذ 20 عاما في 17 يوليو/تموز 1998.
أصدرت هيومن رايتس ووتش و"منظمة العفو الدولية" فيديو عن أهمية المحكمة اليوم بالنسبة لجيل جديد من طلاب القانون الذين يدرسون في مختلف أنحاء العالم.
قال ريتشارد ديكر، مدير برنامج العدالة الدولية في هيومن رايتس ووتش: "مهمة المحكمة الجنائية الدولية الصعبة، المتمثلة في تحقيق العدالة لضحايا الجرائم الدولية الخطيرة، مطلوبة أكثر من أي وقت مضى. على الدول الأعضاء في المحكمة أن تستخدم الذكرى الـ 20 لتبني نظام روما الأساسي لإظهار دعمها لهذه المحكمة المهمة للغاية، وهي محكمة الملاذ الأخير".
المحكمة الجنائية الدولية هي أول محكمة عالمية دائمة مكلفة بمقاضاة المسؤولين عن جرائم دولية خطيرة – منها جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية – عندما تكون المحاكم الوطنية غير قادرة أو غير راغبة في ذلك. تم التفاوض على معاهدة المحكمة على مدى عدة سنوات، بدءا من عام 1995، واختتمت بعد جلسة مضطربة في روما.
فتحت المحكمة تحقيقات في 10 بلدان، ولا يزال طلب المدعية العامة فتح تحقيق بشأن أفغانستان معلقا أمام قضاة المحكمة. ولكن حتى مع توسع عبء عمل المحكمة، فإن عملها مطلوب في العديد من الأماكن الأخرى. وقد أعاقه عدم كفاية الدعم المالي من البلدان الأعضاء التي تمول المحكمة، ومحدودية المساعدة من الحكومات لإجراء التحقيقات والاعتقالات. بالإضافة إلى ذلك، ارتكب مسؤولو المحكمة أخطاء في السياسات والممارسات، ويجب يتعين معالجتها. هناك 15 مذكرة اعتقال معلّقة.
وبدون اتخاذ إجراء سياسي من قبل الدول، بما يشمل "مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة"، فإن معاهدة المحكمة تقيد ولاية الادعاء العام في ما يتعلق بالتحقيق خارج الدول الأعضاء فيها. رفضت روسيا قرار مجلس الأمن الذي كان سيحيل جرائم مرتكبة في سوريا، والتي لم تنضم إلى المحكمة، إلى المدعية العامة للمحكمة للتحقيق فيها. واستخدم أعضاء آخرون في مجلس الأمن التهديد باستخدام حق النقض (الفيتو) لمنع أي عمل آخر على الفظائع.
قال ديكر: "بعض أسوأ الجرائم الدولية التي ترتكب اليوم تتجاوز نطاق المحكمة الجنائية الدولية، ولكن عبر اتخاذ إجراءات فعالة، توجه المحكمة إلى الضحايا ومن يرتكبون هذه الجرائم رسالة قوية مفادها أنه يمكن تحقيق العدالة في هذه الجرائم ومحاسبة المسؤولين. ولكن لكي يحدث هذا، سيحتاج مسؤولو المحكمة والدول الأعضاء إلى الارتقاء إلى مستوى التحدي".
17 يوليو/تموز هو أيضا "يوم العدالة الجنائية الدولية". ترتبط أعمال المحكمة ارتباطا وثيقا بجهود العدالة الأوسع نطاقا – في المحاكم الوطنية، من خلال هيئات التحقيق الدولية، ومن خلال التعاون الدولي والوطني في المؤسسات المختلطة – من أجل تلبية حق الضحايا في العدالة. أصدرت هيومن رايتس ووتش فيديو يسلط الضوء على الدور المهم للمحاكمات الجرائم الدولية بالنسبة إلى الضحايا وأحبائهم، الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش في مختلف أنحاء العالم.
قالت هيومن رايتس ووتش إن هناك مؤشرات إيجابية على التزام الدول الأعضاء في المحكمة بتعزيزها.
ومن المقرر تنظيم العديد من الفعاليات بمشاركة وزراء وغيرهم من كبار المسؤولين في الدول الأعضاء في المحكمة للاحتفال بالذكرى الـ 20. يشمل ذلك الفعاليات يوم 17 يوليو/تموز في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، ومقر المحكمة في لاهاي. وتجري طوال العام أحداث حكومية رفيعة المستوى في مدن أخرى، فضلا عن الجهود الرامية إلى تعزيز فهم الجمهور لولاية المحكمة بشكل أفضل.
من المتوقع أن يعتمد وزراء خارجية "الاتحاد الأوروبي" استنتاجات في 16 يوليو/تموز تعيد التأكيد على دعم المحكمة. قالت هيومن رايتس ووتش، إلى جانب منظمات غير حكومية أخرى، إن على الاتحاد الأوروبي أن يذهب أبعد من ذلك وينفذ دعوة قديمة من "البرلمان الأوروبي" لإنشاء منصب ممثل خاص للقانون الإنساني الدولي والعدالة الدولية، ما يؤدي إلى ترجمة التزامات السياسة إلى عمل فعال. على جميع الدول الأعضاء في لجنة التنسيق الدولية النظر في توقيع اتفاقيات مع المحكمة لنقل الشهود وحماية حقوق المدعى عليهم في الإفراج بكفالة.
قالت هيومن رايتس ووتش إنه، لتحسين آفاق العدالة، على مسؤولي المحكمة معالجة الثغرات في أدائها. توجد عدة عوامل تهدد بتقويض الثقة في المحكمة في المجتمعات المحلية المتضررة من الجرائم التي تقع ضمن ولايتها: التحقيقات الضعيفة في بعض قضاياها المبكرة، واتباع تحقيقات وإجراءات قضائية مطولة، وجهود محدودة للغاية لدعم وصول الضحايا إلى حقوقهم في المحكمة.
الدعم القوي من الدول الأعضاء هو المفتاح للتغلب على العرقلة السياسية لعمل المحكمة. غابت الولايات المتحدة عن نقاش غير رسمي في 6 يوليو/تموز في مجلس الأمن يهدف إلى تحسين دعم المجلس للمحكمة. لم تنضم الولايات المتحدة إلى المحكمة، ولكنها في السنوات الأخيرة دعمت تحقيقاتها على أساس كل حالة على حدة.
قال ديكر: "هناك خطر أن أولئك الذين يخشون المحاسبة قد يستغلون تدهور حقوق الإنسان عالميا بسهولة بالغة لتقويض المحكمة الجنائية الدولية. سيحتاج مؤيدو العدالة إلى بذل كل ما في وسعهم لضمان نجاح المحكمة في هذا المشهد الصعب، وأن يحصل الضحايا على فرصتهم أمام القضاء".