(واشنطن) - قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن قطع الولايات المتحدة مع سياستها القديمة بعدم استخدام الذخائر العنقودية غير الموثوقة وتدمير مخزوناتها هو تجاهل مطلق للحظر الدولي على هذه الأسلحة.
الولايات المتحدة ليست ضمن الدول الأطراف الـ 102 في "اتفاقية الذخائر العنقودية" للعام 2008، التي تحظر هذه الأسلحة وتتطلب إزالة مخلفاتها المتفجرة، فضلا عن مساعدة الضحايا. لكن القرار يخالف التزام الولايات المتحدة بعدم استخدام الذخائر العنقودية التي تزيد نسبة عدم انفجارها على 1 بالمائة، فتترك ذخائر فتاكة غير منفجرة قد تقتل الناس لسنوات.
قالت ماري وارهام، مديرة برنامج المناصرة في قسم الأسلحة في هيومن رايتس ووتش، التي تترأس "تحالف الذخائر العنقودية": "بعد إنفاق مئات الملايين من الدولارات في البحث عن بدائل للذخائر العنقودية، خلُصت الولايات المتحدة إلى أنها لا تستطيع إنتاج ذخائر عنقودية 'آمنة'، ولذلك ستستمر بإنتاج ذخائر 'غير آمنة'. عادت إدارة ترامب إلى هذه الأسلحة البغيضة التي يرفضها المجتمع الدولي، وهي خطوة قد تشجع الآخرين على استخدام الذخائر العنقودية التي تسببت في معاناة إنسانية كثيرة".
يمكن إطلاق الذخائر العنقودية من الأرض بواسطة المدفعية والصواريخ أو إسقاطها من الطائرات. عادة ما تفتح في الهواء، وتنثر قنابل صغيرة أو ذخائر صغيرة على مساحة واسعة. العديد من الذخائر الصغيرة لا تنفجر عند ارتطامها بالأرض فتتحول إلى ألغام أرضية لسنوات مقبلة ما لم يتم تطهيرها وتدميرها.
مذكرة سياسة وزارة الدفاع التي وقعها نائب وزير الدفاع باتريك شانهان في 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، تؤخر إلى أجل غير مسمى تنفيذ حظر استخدام أنواع غير موثوقة من الذخائر العنقودية الذي كان من المقرر أن يصبح نافذا في 1 يناير/كانون الثاني 2019.
تحل هذه السياسة الجديدة محل التوجيه المتعلق بالسياسة العامة لوزارة الدفاع بشأن الذخائر العنقودية الصادر في يونيو/حزيران 2008، أثناء إدارة الرئيس جورج بوش، والقاضي بإزالة الولايات المتحدة لكل ذخائرها العنقودية من مخزونها، ما عدا جزء ضئيل، بحلول نهاية 2018، بهدف تدميرها بعد ذلك. طلبت سياسة 2008 من الولايات المتحدة عدم استخدام الذخائر العنقودية التي تترك وراءها 1 بالمائة من الذخائر غير المنفجرة من العام 2019 فصاعدا. قال مسؤولون كبار في البنتاغون لـ هيومن رايتس ووتش، بعد إعلان 30 نوفمبر/تشرين الثاني، إن الموعد النهائي لسياسة 2008 للتخلص من الذخائر العنقودية من المخزونات النشطة كان "هدفا حالما".
تسمح السياسة الجديدة للقادة العسكريين الأمريكيين بالموافقة على استخدام الذخائر العنقودية الحالية "حتى يتم تطوير كميات كافية" من طرازات "معززة وأكثر موثوقية". تيسر السياسة الجديدة أيضا اقتناء الولايات المتحدة للذخائر العنقودية من مصادر أجنبية لتجديد المخزونات.
لكنها حافظت على تقييد صادرات الولايات المتحدة من الذخائر العنقودية بموجب القانون الأمريكي الحالي، ما يسمح للولايات المتحدة بتصدير الذخيرة العنقودية التي لا تترك أكثر من 1٪ من الذخائر غير المنفجرة، وتطلب من الشاري الالتزام بعدم استخدام الذخائر العنقودية في المناطق المأهولة.
تؤكد الولايات المتحدة أن الذخائر العنقودية لها فائدة عسكرية، إلا أنها لم تستخدمها إلا في ضربة واحدة في اليمن عام 2009، بعد استخدامها في العراق في 2003.
بحسب رسالة لوزارة الدفاع بتاريخ 25 أغسطس/آب، اطلعت عليها هيومن رايتس ووتش، تم تدمير قرابة 3.7 مليون ذخيرة عنقودية، تحتوي على 406.7 مليون ذخيرة صغيرة، من المخزونات منذ 2008. كما تمت إزالة حوالي 3.7 مليون "ذخيرة عنقودية من المخزون الفائض والمتقادم"، تحتوي على 324.3 مليون من الذخائر الصغيرة، من المخزونات النشطة.
على سبيل المقارنة، انتهت 29 دولة طرفا في اتفاقية الذخائر العنقودية من تدمير مخزوناتها، ما يشكل 1،4 مليون من الذخائر العنقودية وأكثر من 175 مليون من الذخائر الصغيرة. احتفظت ألمانيا بأكبر مخزونات بين الدول الأطراف، حيث انتهت في نوفمبر/تشرين الثاني 2015 من تدمير 573 ألف ذخيرة عنقودية و62 مليون ذخيرة صغيرة.
تحالف الذخيرة العنقودية هو ائتلاف عالمي لمنظمات غير حكومية شاركت في تأسيسه هيومن رايتس ووتش وترأسه حاليا. يعمل التحالف على ضمان انضمام جميع الدول إلى اتفاقية الذخائر العنقودية لعام 2008 والالتزام بها.
قالت وارهام: "السماح للولايات المتحدة باستخدام ذخائر عنقودية غير موثوق بها مرة أخرى يعد خطوة كبيرة إلى الوراء بحق الجهود الرامية إلى حماية المدنيين من الضرر الذى تسببه هذه الأسلحة. إنها إهانة لضحايا الأسلحة العنقودية، لا سيما الذين ناضلوا من أجل حظرها".
للمزيد من المعلومات حول المخزون الأمريكي من الذخائر العنقودية وكيف تطورت سياسة الولايات المتحدة، يرجى الاطلاع أدناه.
إنتاج وتخزين الولايات المتحدة للذخائر العنقودية
العديد من الذخائر العنقودية التي صنعتها الولايات المتحدة لها تاريخ في ترك أعداد كبيرة من الذخائر الصغيرة غير المنفجرة عند الارتطام. تم توثيق معدلات قنابل غير منفجرة بين 14-23 بالمائة لدى اختبار ذخائر تقليدية مطورة مزدوجة الغرض من نوع م77، م42، وم46 الموضوعة في صواريخ وقذائف مدفعية. ترك نوعان من الذخائر العنقودية التي تُلقى جوا - قنابل روكي (سي بي يو 99/سي بي يو 100) والذخائر مشتركة الأثر (سي بي يو 87) – أعدادا كبيرة من الذخائر الصغيرة غير المنفجرة عندما استخدمتها الولايات المتحدة في عمليات قتالية في العراق، الكويت، يوغوسلافيا سابقا، وأفغانستان.
وفقا لشهادة أمام الكونغرس عام 2016، ينفق الجيش 1.3 مليار دولار على رأس حربي بديل ليحل محل مخزوناته من صواريخ م26 العنقودية. يخصص الجيش أيضا مبلغا آخر قدره 118 مليون دولار أمريكي للبحوث التطبيقية وتطوير تكنولوجيا استبدال الذخائر العنقودية في السنوات المالية 2017 إلى 2021.
كانت الولايات المتحدة قد خصصت في الميزانيات السابقة أموالا لإنتاج ذخائر عنقودية جديدة عام 2007، ومنذ ذلك الحين لم تصنع سوى ذخائر عنقودية للمبيعات الأجنبية. الذخائر العنقودية من نوع سي بي يو 105 هي الذخائر الوحيدة التي تزعم الولايات المتحدة أنها تفي بمعيار 1 بالمائة من الذخائر غير المنفجرة، حيث تُنقل بشرط أن يوافق المتلقون على عدم استخدامها في المناطق المدنية.
في أغسطس/آب 2016، أعلنت شركة "تكسترون سيستمز" الأمريكية الخاصة أنها أوقفت إنتاج سي بي يو 105، مما أنهى التصنيع الأمريكي للذخائر العنقودية، حيث كانت الشركة آخر منتِج لها في البلاد. أكد متحدث باسم الشركة أن شركة تكسترون لا تعتزم إعادة تصنيع الذخائر العنقودية، وفقا لصحيفة "نيويورك تايمز".
استخدام وسياسة الذخائر العنقودية في الولايات المتحدة سابقا
لم تُعدل إدارة أوباما توجيهات السياسة العامة للعام 2008 بشأن الذخائر العنقودية أو تعلق علنا على موقفها بشأن الذخائر العنقودية أو على الانضمام إلى الحظر الدولي. أوقفت الولايات المتحدة شحنات ذخائر عنقودية إلى السعودية في مايو/أيار 2016 بعد ثبوت وقوع أضرار بين المدنيين إثر عملية للتحالف بقيادة السعودية في اليمن.
في سبتمبر/أيلول 2016، قال متحدث باسم القوات الجوية الأمريكية، إن الولايات المتحدة وغيرها من أعضاء التحالف الدولي لم يستخدموا ذخائر عنقودية في الحرب الجوية ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (المعروف أيضا باسم "داعش") في العراق وليبيا وسوريا. استخدم التحالف الذي تقوده السعودية ذخائر عنقودية أمريكية في اليمن منذ أبريل/نيسان 2015.
أعرب مسؤولون أمريكيون عن قلقهم إزاء الأضرار المدنية الناجمة عن استمرار استخدام الذخائر العنقودية في سوريا. على سبيل المثال، أدان وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون استخدام الحكومة السورية "للقنابل العنقودية والأنواع الأخرى من الأسلحة التي تهدف إلى التشويه والقتل بأشد الطرق ترويعا" خلال مؤتمر صحفي عقد في 12 أبريل/نيسان 2017 في موسكو مع وزير الخارجية الروسي .
لكن الولايات المتحدة استخدمت الذخائر العنقودية في عدة بلدان في الماضي: كمبوديا وجمهورية لاو الديمقراطية الشعبية وفيتنام (في الستينات والسبعينات)؛ غرينادا ولبنان (1983)؛ ليبيا (1986)؛ إيران (1988)؛ العراق، الكويت، والسعودية (1991)؛ البوسنة والهرسك (1995)؛ صربيا، الجبل الأسود، وكوسوفو (1999)؛ أفغانستان (2001 و2002)؛ والعراق (2003).
لم تشارك الولايات المتحدة في المفاوضات حول اتفاقية الذخائر العنقودية في 2007-2008 ولم يشارك المسؤولون الأمريكيون أبدا في اجتماع لمعاهدة الحظر. في أكتوبر/تشرين الأول 2017، امتنعت الولايات المتحدة عن التصويت على قرار سنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة يدعم معاهدة الحظر الدولي، كما فعلت في السنوات السابقة.
انتقد السيناتوران الديمقراطيان ديان فينشتاين وباتريك ليهي بشدة سياسة الذخائر العنقودية الجديدة. في 7 أبريل/نيسان، أدخلا "قانون حماية المدنيين من الذخائر العنقودية"، إس 897، لحظر استخدام الولايات المتحدة للذخيرة العنقودية التي تترك أكثر من 1٪ من الذخائر غير المنفجرة. يعكس التشريع السياسة الأمريكية التي كان من المفترض أن تدخل حيز التنفيذ في نهاية العام 2018، لكنه ذهب أبعد من ذلك بحظر استخدامها في المناطق التي يُعرف وجود مدنيين فيها، ودعا الولايات المتحدة إلى "اتخاذ جميع الخطوات اللازمة لتمكينها من الانضمام إلى اتفاقية الذخائر العنقودية في أقرب وقت ممكن". أحيل التشريع إلى لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ.