(جنيف، 31 أغسطس/آب 2017) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم، بمناسبة إصدار "تقرير مرصد الذخائر العنقودية لعام 2017"، إن أغلب الدول حققت تقدما في القضاء على الذخائر العنقودية، لكن يجب بذل جهود أكبر لردع الدول التي لم تنضم إلى المعاهدة الدولية لحظر هذه الأسلحة.
استمرت هجمات الذخائر العنقودية التي تشنها القوات الحكومية السورية على معاقل المعارضة بلا هوادة منذ 2012. تشارك روسيا في عملية عسكرية مشتركة مع القوات السورية منذ 30 سبتمبر/أيلول 2015. تشير الأدلة التي جمعها نشطاء محليون وصحفيون ومسعفون وعاملون بالمجال الطبي وآخرون إلى وقوع 238 هجوما منفصلا على الأقل باستخدام الذخائر العنقودية في سوريا بين أغسطس/آب 2016 ويوليو/تموز 2017. تُظهر مخلفات الذخائر العنقودية التي تم الوصول إليها أن 115 هجوما قد وقع باستخدام ذخائر صغيرة من طراز "أي أو – 2.5 أر تي" (AO-2.5RT) فضلا عن 65 هجوما باستخدام ذخائر صغيرة أخرى من طراز "ش أو أي بي – 0.5" (ShOAB-0.5) أطلقت في قنابل "أر كي بي" (RBK-series) سوفيتية/روسية الصنع مُلقاة جوا.
قالت ماري ويرهام، مديرة المرافعة في قسم الأسلحة في هيومن رايتس ووتش ومحررة التقرير: "استخدام الذخائر العنقودية في سوريا على مدار السنوات الخمس الماضية ساهم في زيادة التلوث المستمر في سوريا بالألغام ومخلفات الحرب المتفجرة. يبذل الفاعلون المحليون جهودا بطولية لتطهير المناطق من هذه الأسلحة التي تمثل عائقا أساسيا في طريق وصول المساعدات الإنسانية لشتى أنحاء سوريا".
تقرير مرصد الذخائر العنقودية لعام 2017 هو تقرير سنوي صادر عن "تحالف الذخائر العنقودية"، وهو ائتلاف عالمي لمنظمات غير حكومية شاركت في تأسيسه هيومن رايتس ووتش وتتولى رئاسته. يعمل التحالف على ضمان انضمام جميع الدول إلى "معاهدة حظر الذخائر العنقودية لعام 2008" والالتزام بها، وهي المعاهدة التي تتطلب أعمال تطهير ومساعدة للضحايا.
يمكن إطلاق الذخائر العنقودية من الأرض بمنظومات مدفعية وصواريخ أو إسقاطها من طائرات. تنفجر عادة في الجو وتتناثر منها قنيبلات أو ذخائر صغيرة، على مساحة واسعة. لا تنفجر العديد من الذخائر الصغيرة لدى ارتطامها، ما يخلّف ذخائر غير منفجرة تصبح بمثابة ألغام، وقد تبقى هكذا لسنوات ما لم يتم تطهير المناطق الملوثة بها وتدميرها. هناك 102 دولة طرف في اتفاقية الذخائر العنقودية، في حين وقعت عليها 17 دولة ولم تصدق عليها بعد.
سجل تحالف الذخائر العنقودية ما لا يقل عن 971 إصابة جديدة جراء الذخائر العنقودية في 2016، بما يشمل 860 حالة في سوريا و38 حالة في اليمن. أغلب الخسائر البشرية في سوريا واليمن وقعت أثناء هجمات بذخائر عنقودية، فيما وقعت بعض الخسائر البشرية جراء ذخائر صغيرة غير منفجرة، التي يعمل المسعفون المحليون والمعنيون بنزع الألغام على التخلص منها وتدميرها بشكل طارئ.
في ديسمبر/كانون الأول، أمد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف هيومن رايتس ووتش بورقة موقف حول الذخائر العنقودية في سوريا. لم تنكر المذكرة – ولم تعترف – صراحة بتورط روسيا في هجمات بالذخائر العنقودية، لكنها اشتملت على زعم عام بأنه تم استخدام ذخائر عنقودية بموجب القانون الدولي الإنساني وليس بشكل عشوائي.
في اليمن، ظهرت على مدار السنة الماضية تقارير أقل عن هجمات بذخائر عنقودية من قبل التحالف بقيادة السعودية الذي شن عملية عسكرية ضد قوات الحوثي-صالح في اليمن منذ مارس/آذار 2015. جاء هذا الانحسار إبان تنديد شعبي واسع النطاق وتغطيات إعلامية عالمية وإدانة موسعة.
توجد أدلة على احتمال استخدام ذخائر عنقودية في العراق من قبل قوات تنظيم "الدولة الإسلامية" (يُعرف أيضا بـ "داعش") وفي ليبيا، منذ أواسط 2016، لكن لم يتيسر التحقق من هذا الاستخدام المزعوم. لم تظهر تقارير مؤكدة أو مزاعم عن قيام أي دولة طرف في اتفاقية الذخائر العنقودية منذ دخولها حيز النفاذ في 1 أغسطس/آب 2010 باستخدام أو إنتاج أو نقل أو حيازة ذخائر عنقودية. لا توجد أدلة تشير إلى أن الولايات المتحدة – التي لم تنضم إلى المعاهدة – أو شركائها في التحالف قد استخدموا ذخائر عنقودية في عملياتهم ضد داعش في سوريا والعراق.
قالت ويرهام: "يجب بذل جهود أكبر لردع أي استخدام جديد للذخائر العنقودية، ولا يوجد رد فعل أفضل من اعتماد المعاهدة الدولية والالتزام بها. على الدول الأطراف العمل بيقظة على تنفيذ البنود الأساسية للمعاهدة ومضاعفة جهودها لإقناع دول أخرى بالانضمام إلى هذا الحظر الدولي".
صدقت مدغشقر وبنين على اتفاقية الذخائر العنقودية في 2017، لكن لم تنضم إليها أي دولة منذ انضمام كوبا في أبريل/نيسان 2016. في ديسمبر/كانون الأول صوتت عشرات الدول غير الموقعة لصالح قرار بالجمعية العامة للأمم المتحدة يدعم الاتفاقية، فيما صوتت روسيا وزيمبابوي فحسب ضد القرار، وامتنعت عن التصويت 37 دولة غير موقعة، منها إسرائيل والسعودية وسوريا والولايات المتحدة واليمن. القرار غير المُلزم يطالب كافة الدول التي لم تدخل الاتفاقية بالانضمام إليها "في أسرع وقت ممكن".
بحسب تقرير مرصد الذخائر العنقودية لعام 2017 فإن 28 دولة طرف قد دمرت ما مجموعه 1.4 مليون ذخيرة عنقودية في ترساناتها، بها 175 مليون ذخيرة صغيرة، حتى نهاية 2016. يمثل هذا 97% من الذخائر العنقودية المبلغ بأنها في ترسانات الدول الأطراف بالمعاهدة، و98% من جميع الذخائر الصغيرة التابعة لها.
دمرت سلوفاكيا وإسبانيا وسويسرا مجتمعة 56171 ذخيرة عنقودية و2.8 مليون ذخيرة صغيرة في 2016، فيما لم تقم 10 دولة أطراف لديها مخزون من السلاح في 2016 بتدمير أية كميات، وأشارت عدة دول لأنها تحتاج الدعم المالي والفني للقيام بذلك.
في أغسطس/آب 2016، أعلنت شركة "تيكسترون سيستمز" الأمريكية ذات الملكية الخاصة عن أنها كفت عن إنتاج الذخائر العنقودية، ما يعني فعليا إنهاء تصنيع الولايات المتحدة لهذه الأسلحة، إذ كانت الشركة المذكورة آخر مُنتج لها في الولايات المتحدة. لكن ما زالت 16 دولة – وهي جميعا غير موقعة – تنتج الذخائر العنقودية. سوف يستمر المرصد في إدراج الولايات المتحدة بصفتها دولة منتجة حتى تتقدم الحكومة بتعهد رسمي بعدم إنتاج الذخائر العنقودية مستقبلا.
قالت ورهام: "مزاعم دول مثل السعودية وسوريا وروسيا بأن الذخائر العنقودية يمكن استخدامها بشكل غير عشوائي بموجب قوانين الحرب هي مسألة خاطئة من حيث الأصل. تشير الأدلة إلى الأثر الإيجابي لمعاهدة حظر الذخائر العنقودية، لكن على الدول التي لم توقع عليها أن تفعل هذا سريعا وأن تكف عن غض الطرف عن المعاناة الرهيبة التي تسببها هذه الأسلحة".
سوف يُعرض تقرير مرصد الذخائر العنقودية لعام 2017 في الاجتماع السابع للدول الأطراف باتفاقية الذخائر العنقودية، الذي تُفتتح أعماله بالأمم المتحدة في جنيف يوم 4 سبتمبر/أيلول.