(ساو باولو) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن التحالف بقيادة السعودية أطلق ذخائر عنقودية برازيلية الصنع استهدف بها مزرعة شمال اليمن في أواخر فبراير/شباط 2017، ما أدى إلى إصابة طفلين.
قال ستيف غوز، مدير قسم الأسلحة في هيومن رايتس ووتش ورئيس "تحالف حظر القنابل العنقودية"، تحالف دولي لمنظمات تعمل على حظر الأسلحة العنقودية: "استمرار التحالف السعودي في استخدام الذخائر العنقودية المحظورة على نطاق واسع في اليمن يُظهر استخفافا كبيرا بأرواح المدنيين. على السعودية وشركائها في التحالف والبرازيل، كبلد منتج، التوقيع فورا على الاتفاقية الدولية لحظر الأسلحة العنقودية التي تحظى بدعم دولي واسع".
تُطلق الذخائر العنقودية أرضا بالمدفعية والصواريخ، أو جوا من الطائرات، وتحتوي على ذخائر متفجرة صغيرة، تنتشر عشوائيا على مساحات واسعة. الكثير من هذه الذخائر الصغيرة لا تنفجر، فتتحول إلى ألغام أرضية فعليّة،وتُشكل تهديدا يستمر حتى بعد انتهاء النزاع.
في 22 فبراير/شباط، حوالي الساعة 3 مساء، كان محمد ضيف الله (10 أعوام) وأحمد عبد الخالق (12 عاما) يعملان في مزرعة لأقاربهما في قحزة بمنطقة العلُابي شمالي محافظة صعدة عندما تعرضت للهجوم. أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات هاتفية مع رجلين كانا شاهدين على الهجوم. أطلعنا أحدهما على صور التقطها في موقع الهجوم بعد فترة وجيزة، تُظهر بقايا صاروخ عنقودي. قال كلا الشاهدين إنهما سمعا انفجارا كبيرا تلته انفجارات أخرى صغيرة، مما يدل على استخدام ذخائر عنقودية.
قال محمد حنيش حوزة (60 عاما) عم الطفلين، إنه كان في قحزة ذلك اليوم: "سمعنا انفجارات في الهواء، عشرات الانفجارات الصغيرة في نفس الوقت، ووقعت علينا القنابل الصغيرة".
قال أحد مالكي المزرعة، طارق أحمد صالح العويري (25 عاما)، إنه كان في المشتل مع الطفلين يقلمون نبتات الخيار والطماطم. سمعوا انفجارا فهرعوا إلى الخارج ورأوا قنبلة تنفجر على بعد 50 مترا. قال إنه أمر الطفلين الخائفين بالانبطاح أرضا.
قال: "إحدى القنابل وقعت على بعد 5 أمتار وانفجرت فوقنا، فأصابت الطفلين. وانفجرت قنبلتان أو ثلاث وسط المشاتل (و) انفجرت حوالي 60 قنبلة في المنطقة. كأنه يوم القيامة".
أصيب ضيف الله في ذراعه اليسرى، وأصيب عبد الخالق في فخده الأيمن وظهره. نقل أقاربٌ الطفلين إلى المستشفى الجمهوري لتلقي العلاج.
تظهر الصور التي أطلعنا عليها العويري جزءا من آلية تفجير صاروخ للذخائر العنقودية من طراز "أستروس 2" (ASTROS II) مُلقى في المكان الذي ذكره الشهود، قرب مشتل في المزرعة. تُظهر صور أخرى ألواحا شمسية لحقتها أضرار تدل على إصابتها بذخائر عنقودية صغيرة كالتي تخلفها الهجمات بالقنابل العنقودية. قال حوزة، عمّ الطفلين، إن الهجوم دمّر أكثر من 30 لوحا شمسيا.
قال العويري إن المزرعة تقع على بعد 3 أو 5 كم إلى الشمال من معسكر الصيفي التابع لقوات الحوثي-صالح التي تحارب التحالف. قال كلا الشاهدين إنها المرة الثانية التي تستهدف فيها هجمات التحالف المزرعة منذ بدء الحملة الجوية لدعم حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي ضدّ قوات الحوثي-صالح في اليمن في مارس/أذار 2015.
إستُخدمت صواريخ أستروس للذخائر العنقودية من قبل 3 مرات على الأقل منذ بدء تدخل التحالف بقيادة السعودية في اليمن، ما أدى إلى مقتل مدنيين وإصابة 10 آخرين على الأقل.
تُطلق صواريخ أستروس 2 أرض-أرض بواسطة راجمة متعددة البراميل مثبّتة على شاحنة. يحتوي كل صاروخ على حوالي 65 ذخيرة صغيرة. اشترت البحرين والسعودية صواريخ أستروس للذخائر العنقودية من البرازيل حيث تصنعها شركة "أفيبراس للصناعات الفضائية".
في 9 مارس أذار 2017، ذكرت شركة صنع الأسلحة البرازيلية أفيبراس إنها لا تستطيع تأكيد ما إذا كانت أسلحتها استخدمت في اليمن، لكنها قالت إنه منذ 2001، تم تجهيز صواريخها العنقودية من طراز أستروس 2 بـ"آلية موثوقة للتفجير الذاتي، تتماشى مع المبادئ والقوانين الإنسانية" لاتفاقية حظر الذخائر العنقودية.
الذخائر العنقودية محظورة بموجب اتفاقية عام 2008 التي انضمّت إليها 100 دولة وصادقت عليها 19 دولة أخرى، رغم أن اليمن والبرازيل والسعودية وحلفاءها البحرين ومصر والأردن والكويت والمغرب وقطر والسودان والإمارات لم يصادقوا عليها.
تحظر الاتفاقية كل الذخائر العنقودية ولا تستثني الأنواع "ذاتية التدمير"، التي تخلّف بقايا متفجرة يجب اعتبارها خطيرة وعدم لمسها أو الاقتراب منها إلا إذا كان الشخص تقنيا مُدرّبا. دمّرت 14 دولة على الأقل من التي صادقت على اتفاقية حظر الدخائر العنقودية ذخائرها المجهزة بآلية التفجير الذاتي، بما في ذلك الشيلي وفرنسا وألمانيا واليابان والنرويج واسبانيا والسويد وسويسرا والمملكة المتحدة.
قالت هيومن رايتس ووتش إن على حلفاء السعودية وأطراف النزاع الأخرى، بما في ذلك الولايات المتحدة، الانضمام بسرعة إلى اتفاقية حظر الذخائر العنقودية والالتزام ببنودها. على البرازيل الكف عن انتاج ونقل الذخائر العنقودية. في فبراير/شباط 2017، قالت وزارة حقوق الإنسان اليمنية لـ هيومن رايتس ووتش، خلال زيارة إلى عدن، إن اليمن مستعد لتوقيع الاتفاقية عندما يجتمع البرلمان مجددا.
قال غوس: "صمت الحكومة البرازيلية رد غير مناسب تماما على القلق المتزايد بشأن الضحايا المدنيين بسبب استخدام التحالف بقيادة السعودية الذخائر العنقودية البرازيلية في اليمن. على البرازيل أن تقر بأن الذخائر العنقودية أسلحة محظورة لا ينبغي أبدا تصنيعها أو تصديرها أو استخدامها بسبب الضرر التي تلحقه بالمدنيين".
استخدام التحالف للذخائر العنقودية
منذ مارس/أذار 2015، نفذ تحالف من 9 بلدان عربية بقيادة السعودية عمليات عسكرية في اليمن ضد الحوثيين الذين يعرفون أيضا باسم "أنصار الله"، وقوات موالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح. وثقت هيومن راتس ووتش ومنظمة "العفو الدولية" استخدام 7 أنواع من الذخائر العنقودية التي تُلقى أرضا وجوا مصنوعة في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والبرازيل.
وثقت هيومن رايتس ووتش استخدام التحالف لذخائر عنقودية في 18 هجوما غير قانوني في اليمن، ما أدى إلى مقتل 21 مدنيا على الأقل وإصابة 74 آخرين، وأصابت مناطق مدنية في بعض الحالات.
أقر التحالف باستخدام ذخائر عنقودية أمريكية وبريطانية الصنع في اليمن، لكنه زعم أنه فعل ذلك في إطار الالتزام بقوانين الحرب. في مقابلة بتاريخ 11 يناير/كانون الثاني 2016 مع قناة "سي إن إن"، قال المتحدث العسكري باسم التحالف إن التحالف استخدم أسلحة من طراز "سي بي يو 105" المجهزة بصمامات استشعارية في حجة في أبريل نيسان 2015 "ضد تجمع لمعسكر في المنطقة، لكنه لم يستخدمها عشوائيا". وقال إن الذخائر العنقودية الأمريكية استُخدمت "ضد عربات".
في مايو/أيار 2016، علّقت الولايات المتحدة تسليم ذخائر عنقودية للسعودية. في ديسمبر كانون الأول، أعلن التحالف أنه سيكف عن استخدام ذخائر عنقودية بريطانية الصنع من نوع "بي إل 755"، لكنه ترك المجال مفتوحا أمام استخدام أنواع أخرى من الذخائر العنقودية في اليمن.
سبق ووثقت هيومن رايتس ووتش استخدام السعودية للذخائر العنقودية من طراز أستروس 2 في الخفجي بالسعودية خلال حرب الخليج الأولى عام 1991. خلفت الذخائر عددا كبيرا من الذخائر الصغيرة التي لم تنفجر.
الهجمات الثلاث السابقة التي استخدم فيها التحالف ذخائر عنقودية برازيلية الصنع في الصراع الحالي:
- وثقت العفو الدولية هجوما بواسطة صاروخ للذخائر العنقودية من نوع أستروس في 15 فبراير/شباط أصاب أحياء قحزة والضباط والروضة السكنية، مما أدى إلى إصابة مدنين.
- وثقت هيومن رايتس ووتش هجوما للتحالف بقيادة السعودية باستخدام صاروخ أستروس للذخائر العنقودية قرب مدرستين في حي الضباط قرب المدينة القديمة في صعدة في 6 ديسمبر/كانون الأول، ما أدى إلى مقتل مدنيين وإصابة 6 على الأقل، من بينهم طفل.
- وجدت العفو الدولية بقايا صواريخ أستروس للذخائر العنقودية بعد هجوم في منطقة أحمى بصعدة في 27 أكتوبر تشرين الأول 2015، ما أدى إلى إصابة 4 أشخاص على الأقل.
حظيت الأضرار المدنية من استخدام التحالف للذخائر العنقودية باليمن بتغطية إعلامية دولية واسعة، وأدت إلى غضب عارم، وأدانتها عشرات الدول وقرار للبرلمان الأوروبي. في سبتمبر/أيلول 2015، عبّر مؤتمر المراجعة الأول لاتفاقية الذخائر العنقودية عن قلق عميق من استخدام الذخائر العنقودية في اليمن وأصدر إعلانا يدين "أي استخدام للذخائر العنقودية من أي طرف".
في ديسمبر/كانون الأول 2016، صوتت 141 دولة لصالح قرار للجمعية العامة للأمم المتحدة حول الذخائر العنقودية يدعو الدول التي لم تنضم بعد إلى اتفاقية الحظر إلى فعل ذلك. صوتت روسيا وزمبابوي ضدها، بينما امتنعت 39 دولة عن التصويت، منها اليمن والبرازيل والسعودية.
هيومن رايتس ووتش عضو مؤسس في التحالف الدولي لحظر الذخائر العنقودية. سيترأس السفير الألماني ميكايل بيونتينو الاجتماع السنوي المقبل لاتفاقية حظر الذخائر العنقودية في جنيف بين 4 و6 سبتمبر/أيلول 2017.