(بيروت) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن السلطات البحرينية احتجزت مهندس اتصالات بمعزل عن العالم الخارجي لمدة 5 أسابيع، ومنعته من الاتصال بمحام أو بعائلته. لم تقدّم السلطات معلومات دقيقة عن مكان تواجد المهندس سيّد علوي منذ اعتقاله في 24 أكتوبر/تشرين الأول حتى 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2016.
انكار احتجاز شخص ما، أو رفض الكشف عن معلومات عن مكان احتجازه، يجعله خارج حماية القانون، ويُعدّ إخفاء قسريا، ويستوجب تحقيقا سريعا ومحاسبة المسؤولين عنه.
قال جو ستورك، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "الانتهاكات الخطيرة للحقوق والضمانات الأساسية التي شابت هذه القضية تجعل من الصعب تصديق مزاعم البحرين بحماية حقوق المحتجزين. مهما كانت التهم التي سيواجهها علوي، فإن حظوظه في محاكمة عادلة تبدو ضعيفة جدا، ومخاوف عائلته بشأن سلامته لها ما يُبرّرها".
قالت ماجدة ناصر، زوجة علوي، لـ هيومن رايتس ووتش إن العائلة حاولت مرارا معرفة مكانه، ولكنها قوبلت بإنكار أو بأجوبة تبدو متضاربة وغير دقيقة. في نهاية المطاف، علمت العائلة بمكان علوي لما اتصل بهم في 27 نوفمبر/تشرين الثاني. قال إنه محتجز في المقر الرئيسي لـ "إدارة المباحث الجنائية" التابعة لوزارة الداخلية، مركز الاستجواب الرئيسي في البحرين. راجت مزاعم ذات مصداقية باستمرار ممارسة التعذيب في هذه الإدارة.
في 29 نوفمبر/تشرين الثاني، أصدرت "الأمانة العامة للتظلمات" التابعة لوزارة الداخلية بيانا قالت فيه إن احتجاز علوي كان على خلفيّة انتهاكات مزعومة لقانون مكافحة الإرهاب البحريني.
يعمل علوي (43 عاما) في شركة "باتلكو" للاتصالات. قالت زوجته إن العائلة علمت باعتقاله في 24 أكتوبر/تشرين الأول من تقارير انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، نقلت أن مجموعة كبيرة من قوات الأمن، منهم عناصر شرطة مسلحين، اعتقلوه في مكان عمله في المحرق.
في وقت لاحق من مساء نفس اليوم، وردت على العائلة مكالمة هاتفية من عناصر مركز شرطة البُديع يُعلمونهم أن السلطات تحتجز علوي في المقرّ الرئيسي للإدارة في المنامة. ولكن لما ذهبت العائلة إلى هناك في 26 أكتوبر/تشرين الأول، لم يؤكد العناصر احتجاز علوي لديهم. وفي 3 نوفمبر/تشرين الثاني، استلمت عائلة علوي مكالمة هاتفية من ضابط في إدارة المباحث الجنائية يُعلمونهم فيها بأن علوي في مركز احتجاز "الحوض الجاف". ولكن لما حاولت شقيقته زيارته في 6 نوفمبر/تشرين الثاني، أنكر العناصر هناك أن علوي محتجز لديهم.
قالت ناصر إن العائلة اتصلت عدة مرات هاتفيا بالمركزين في الأيام والأسابيع التالية، ولكن العناصر كانوا لا يردّون أو يُنكرون احتجاز علوي لديهم.
قالت إن علوي – لما اتصل بالعائلة هاتفيا في 27 نوفمبر/تشرين الثاني – بدا "مُرهقا"، وقال إنه محتجز في إدارة المباحث الجنائية. اتصل علوي ثانية بعائلته في 14 ديسمبر/كانون الأول.
قالت ناصر إن العائلة علمت بمزاعم التعذيب في المنشآت التابعة لإدارة المباحث الجنائية، وعبّرت عن مخاوف بشأن سلامة زوجها. لم يُسمح بعد للمحامي محمد التاجر، الذي عيّنته العائلة، بالاتصال بموكّله، وقال إن النيابة العامة لم تردّ على طلبه بالحضور أثناء استجوابه في 31 أكتوبر/تشرين الأول.
قالت ناصر إنها قدّمت شكاوى عديدة لهيئات رسمية مختلفة، بعضها تتمتع بولاية محددة لحماية حقوق المحتجزين. من هذه الشكاوى تظلّمان كتابيان لأمانة التظلمات التابعة لوزارة الداخلية في 25 أكتوبر/تشرين الأول و1 ديسمبر/كانون الأول؛ تظلّم كتابي آخر لـ "وحدة التحقيقات الخاصة" التابعة لوزارة الداخلية في 3 ديسمبر/كانون الأول؛ تظلم كتابي آخر للنيابة العامة في 10 نوفمبر/تشرين الثاني؛ وتظلم شفوي لـ "المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان" في 17 نوفمبر/تشرين الثاني.
أنشئت كلّ من الأمانة العامة للتظلمات، ومهمتها استلام وإحالة الشكاوى المتعلقة بسوء معاملة المحتجزين، ووحدة التحقيقات الخاصة، ومهمتها القانونية التحقيق في مزاعم التعذيب، استجابةً لتوصيات "اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق" التي عينها الملك حمد في 2011. كُلفت اللجنة بالتحقيق في مزاعم الانتهاكات الحقوقية المرتبطة بالاحتجاجات المناوئة للحكومة، التي حصلت في وقت سابق من ذلك العام.
في نوفمبر/تشرين الثاني 2011، أصدرت اللجنة تقريرا من 500 صفحة تقريبا عرضت فيه نتائجها، ومنهاا أن "جهاز الأمن الوطني" ووزارة الداخلية مارستا منهجيا سوء المعاملة البدنية والنفسية، والتي وصلت إلى التعذيب في عدة حالات، بحق عدد كبير من المحتجزين في مراكز التوقيف.
في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، نشرت هيومن رايتس ووتش تقريرا يوثق استمرار تعذيب المحتجزين من قبل قوات الأمن البحرينية، لا سيما العناصر العاملين في إدارة المباحث الجنائية، باستخدام أساليب وثقتها لجنة تقصي الحقائق في تقريرها. قال 9 محتجزين سابقين في إدارة المباحث لـ هيومن رايتس ووتش إن أيديهم كانت مشدودة بالأغلال وأعينهم معصوبة طيلة فترة احتجازهم هناك – غالبا لفترة تدوم أياما – باستثناء الأوقات التي يتم فيها تصوير اعترافاتهم، التي قالوا إنها انتزعت منهم قسرا. قالوا أيضا إن الانتهاكات شملت الضرب والصعق بالكهرباء والاعتداءات الجنسية.
في فبراير/شباط 2014، قدّمت مجموعة من 97 محاميا بحرينيا مذكّرة لنائب رئيس "المجلس الأعلى للقضاء" للتأكيد على عديد من العقبات الكبيرة التي يواجهها المحامون، وتمنعهم من الدفاع عن موكليهم. يبدو أن بعض هذه العقبات لها تأثير سلبي على الضمانات المتعلقة بمناهضة التعذيب في البحرين.
يحظر القانون الدولي الاخفاء القسري والتعذيب بشكل مطلق، ولا يُسمح بهما في أي ظرف كان. على السلطات البحرينية إثبات أنها لا تتسامح أبدا مع هاتين الممارستين، وفتح تحقيقات شاملة ومحايدة في المزاعم المتعلقة بهما. عليها كذلك وضمان محاسبة كل من يثبت تورطه في التعذيب، وحصول الضحايا على الجبر اللازم.