(عمان) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم، في رسالة إلى رئيس الوزراء هاني الملقي، إن على الأردن الاستفادة من زخم الانتخابات البرلمانية الأخيرة لسن إصلاحات حقوقية. على الحكومة الجديدة التوقف عن تقييد الجماعات المستقلة، وضمان حرية الإعلام، وضمان حماية اللاجئين الضعفاء، ووضع حد للتمييز ضد النساء.
قالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "الانتخابات البرلمانية الجديدة السلمية في الأردن يجب أن تكون مصحوبة بإصلاحات حقوقية مهمة تحمي قدرة المواطنين على التعبير عن آرائهم وتدعو إلى التغيير. الخطوات لتقييد أنشطة الجماعات المستقلة والحد من قدرة وسائل الإعلام على العمل تلقي بظلالها على التقدم الذي أحرزه الأردن في قضايا مثل توسعة فرص حصول أطفال اللاجئين السوريين على التعليم".
في 20 سبتمبر/أيلول 2016، انتخب الأردن مجلس نواب في ظل نظام جديد يعتمد القائمة بهدف تشجيع تشكيل الائتلافات والتحالفات. حصلت المرأة على 20 مقعدا من أصل 130، أكثر بخمسة مقاعد من الحد الأدنى لعدد المقاعد المحدد للنساء. شارك أكبر أحزاب المعارضة في الأردن، "جبهة العمل الإسلامي" التابع لـ "الإخوان المسلمون"، للمرة الأولى منذ 2007، وفاز هو والمتحالفون معه بـ 15 مقعد.
في 25 سبتمبر/أيلول، أعاد الملك عبد الله تعيين رئيس الوزراء الملقي، الذي شغل المنصب منذ مايو/أيار، بتشكيل الحكومة الجديدة. طالب الملك عبد الله، في تعليماته إلى الملقي، بوجوب معالجة القضايا والتي من بينها ضرورة تحسين اقتصاد البلاد، وزيادة التعاون مع السلطة القضائية، وتعزيز سيادة القانون. دعت التعليمات أيضا الحكومة الجديدة إلى الوفاء بالتزاماتها في إطار الخطة الوطنية شاملة لحقوق الإنسان الصادرة في مارس/آذار وإنشاء شراكات مع المنظمات غير الحكومية.
حثت هيومن رايتس ووتش الملقي على رفض التعديلات الواسعة على قانون الجمعيات في البلاد لعام 2008، وهو قانون سيعيق قدرة المنظمات غير الحكومية على التكوّن والعمل. ستفرض هذه التعديلات قيودا شاقة على تكوين المجموعات المستقلة، وستعطي الدولة الحق بحل المجموعات من دون أسس واضحة أو منعها من الحصول على تمويل خارجي دون ترخيص حكومي، كما تنتهك القانون الدولي لحقوق الإنسان الذي يصون حرية تكوين الجمعيات.
دعت هيومن رايتس ووتش أيضا إلى إيلاء الانتباه للتطورات التي تهدد قدرة الصحفيين على الحديث عن القضايا والأحداث العامة، ما قد يؤدي إلى المزيد من الرقابة الذاتية. اعتمد الأردن بشكل متزايد خلال عام 2016 على أوامر منع نشر لإسكات وسائل الإعلام ولمنع اطّلاع الناس على مسائل حساسة. تضمنت الموضوعات التي شملتها أوامر منع النشر: شكوى أيتام ضد وزارة التنمية الاجتماعية؛ اعتداء على عامل مصري في الأردن؛ عملية أمنية في مدينة إربد شمال الأردن في مارس/آذار قُتل فيها 7 مسلحين وشرطي؛ هجوم على مكتب مديرية المخابرات العامة شمال عمان أدى إلى وفاة 4 أشخاص. قضيتي أمجد قورشة وناهض حتر، واللذين واجها تهما لتعبيرهم السلمي عن آرائهم. اغتال مسلح حتر يوم 25 سبتمبر/أيلول أثناء دخوله محكمة عمان.
أعربت هيومن رايتس ووتش أيضا عن قلقها إزاء تزايد العقبات التي يواجهها الفلسطينيون من قطاع غزة، منذ أغسطس/آب 2015، ممن يرغبون في عبور الأردن للذهاب إلى دولة ثالثة للعمل أو الرعاية الطبية أو التعليم أو لم الشمل.
قالت هيومن رايتس ووتش إن على الملقي العمل للقضاء على التمييز ضد النساء عبر اقتراح تغييرات على قانون الجنسية في البلاد ليسمح للمرأة الأردنية بمنح جنسيتها لأطفالها. كتدبير مؤقت، على الملقي تطبيق "الامتيازات" التي وعد بها بالكامل لأطفال الأردنيات غير المجنسين والتي أعلن عنها أواخر عام 2014. تشمل الامتيازات: التعليم المجاني والحصول على الخدمات الصحية في المؤسسات الحكومية بأسعار أقل، والحصول على بطاقة هوية ورخصة قيادة خاصة. تسمح الامتيازات أيضا لأبناء غير الأردنيين تملك العقارات والحصول على فرص عمل في القطاعات المحفوظة فقط للمواطن الأردني في حال عدم تقدم الأردنيين إليها.
أشادت هيومن رايتس ووتش بالجهود الأردنية لتحسين سبل عيش اللاجئين السوريين عبر منح فرص عمل قانونية جديدة إضافة إلى تعزيز النمو الاقتصادي في الأردن. أشادت هيومن رايتس ووتش أيضا بالخطوات المتخذة لتحسين فرص حصول للاجئين السوريين على التعليم عبر تخفيف الوثائق الثبوتية المطلوبة ومضاعفة عدد المدارس التي تعمل بفترات تدريس مزدوجة لاستضافة 50,000 طالب سوري جديد، وإقامة برنامج "الدروس التعويضية" للوصول إلى 25,000 طفل آخر تتراوح أعمارهم بين 8 و12 ممن حُرموا من الدراسة فترة 3 سنوات أو أكثر.
لا تزال هناك تحديات رغم هذه الجهود. هناك 70 ألف سوري محاصرون في مناطق نائية على طول ساتر رملي قرب الحدود الشمالية الشرقية للأردن مع سوريا. في 21 يونيو/حزيران، عندما هاجمت شاحنة مفخخة قاعدة عسكرية قرب الركبان وقتلت 7 جنود أردنيين، أعلنت السلطات الحدود الأردنية-السورية منطقة عسكرية مغلقة وأوقفت كل المساعدات بخلاف الماء للسوريين طوال 5 أشهر. قالت هيومن رايتس ووتش إن المساعدات استؤنفت في نقطة توزيع جديدة يوم 22 نوفمبر/تشرين الثاني، لكن على الأردن التأكد من وصول المساعدات إلى اللاجئين الأكثر ضعفا الذين تقطعت بهم السبل على طول الحدود. والأهم، على الأردن احترام مبدأ عدم الإعادة القسرية وعدم تعريض طالبي اللجوء لخطر جسيم عبر منعهم من عبور رفضهم في حدوده.
قالت ويتسن: "لدى الحكومة الأردنية الجديدة الضوء الأخضر لمواصلة الإصلاحات اللازمة على مدى السنوات القادمة. عليها ألا تضيّع هذه الفرصة الممتازة".