(أربيل) – إن رجال ميليشيات وقوات أمن ومدنيين عراقيين سحلوا وشوهوا جثث 5 مقاتلين على الأقل يتبعون تنظيم "الدولة الإسلامية" (المعروف أيضا بـ "داعش") في بلدة القيارة العراقية يوم 3 أكتوبر/تشرين الأول 2016. أُعدم أيضا مقاتل من داعش بعد استسلامه.
قالت لمى فقيه، نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "على الحكومة العراقية السيطرة على قواتها ومحاسبتها إذا كانت تأمل في التفوق أخلاقيا في حربها ضد داعش. عدم محاسبة القادة والمسيئين جيدا سينعكس سلبا على المعركة الوشيكة داخل الموصل. تشويه الجثث جريمة حرب، مثل قتل المقاتلين الأسرى أو المدنيين".
استعادت الحكومة العراقية بلدة القيارة، 60 كم جنوب الموصل، من داعش يوم 25 أغسطس/آب. أخبر 3 سكان هيومن رايتس ووتش أنه يوم 3 أكتوبر/تشرين الأول، قام مقاتلو داعش بمحاولة فاشلة لاستعادة المدينة عبر الهجوم شمالا من الصحراء، حيث قُتل وأُسر بعضهم. قال السكان إن القوات العراقية ومقاتلي ميليشيا "الحشد العشائري" من عشيرة مرعيد، المنحدرة من القيارة، كانوا متواجدين وقت الهجوم ونجحوا في صده. كما تواجد فرع من عشيرة الجبوري، إحدى أكبر العشائر العربية السنية في العراق.
قدّم أحد السكان المحليين لهيومن رايتس ووتش 13 شريط فيديو قال إن شابا من مقاتلي عشيرة مرعيد، 24 عاما، صورها ذاك اليوم. شاهد السكان الثلاثة الذين تحدثوا إلى هيومن رايتس ووتش اللقطات، وأكدوا أنها ملتقطة في القيارة وتوثق أحداث يوم 3 أكتوبر/تشرين الأول. تمكنت هيومن رايتس ووتش أيضا من التحقق من موقع الفيديو واللقطات عبر معالم محددة في المدينة ومن سحابة الدخان الأسود الناتجة عن حرائق النفط المستمرة هناك .
يُظهر الفيديو الأول 10 مقاتلين على الأقل في اشتباك مسلح مع قوات داعش في الصحراء خارج المدينة. اعتمادا على زيهم الموحد والمعلومات المقدمة من مصور الفيديوهات، حددت هيومن رايتس ووتش المقاتلين على أنهم من عشيرة مرعيد وجنود عراقيين. في الفيديو، يجذب مقاتل جثة أحد قتلى داعش، ويركله في وجهه ويبصق عليه. يقوم آخر بالدوس على الجثة ويقف لالتقاط صورة. يلتقط المصور لقطات لجثتين إضافيتين على الأرض. ومع اقتراب المصور من الجثة الرابعة، يطلب رجل في زي عسكري ويضع شارة القوات الخاصة شفرة، قائلا إنه يريد رأس المقاتل الميت. يحثه المصور على التوقف.
يطوق مقاتلون أحد مقاتلي داعش في الفيديو. يطلب منه المصور رفع يديه والاستسلام، ثم يصرخ مطالبا القوات المناهضة لداعش، التي ترتدي أزياء عسكرية، بعدم قتل الرجل، لكنها تطلق النار عليه من مسافة قريبة. يندفع مقاتل آخر في لباس مدني ليطلق النار على المقاتل الذي قُتل للتو. بعدها يخطو أحدهم على الجثة بينما يسحبها آخر ثم يُوقعها. ينضم مقاتل يرتدي زيا عسكريا ويضع شارة القوات الخاصة إلى المجموعة.
قال 3 سكان محليين إن الشريط الثاني صُور بعد المعركة التي جرت على الطريق الرئيسي في القيارة خلال موكب مركبات عسكرية ومدنية. يعرض الشريط أطفالا يسحبون المقاتل القتيل نفسه بحبل حول كاحله. يركل الأطفال ويضربون جثته بغصن شجرة بينما يقوم رجل يرتدي زيا عسكريا ويضع شارة القوات الخاصة بركل رأس الجثة عدة مرات.
يُظهر فيديو ثالث، يبدو أنه لنفس الموكب، رجالا يرتدي بعضهم زيا عسكريا وآخرون ملابس مدنية، في مؤخرة سيارة "بيك آب" بيضاء تحمل لوحة عسكرية خضراء. يسحبون الجثة من كاحلها بواسطة حبل بينما تهتف الحشود. قال سكان القيارة الذين تحدثوا إلى هيومن رايتس ووتش إن من يُجرّ قُتل أيضا في المعركة.
يُظهر الفيديو الرابع سيارة "بيك آب" بيضاء أخرى مليئة بالرجال، معظمهم بالزي العسكري، يسحبون جثتين ببطء على طول الطريق الرئيسي. يقف مدني على إحدى الجثتين أثناء سحبهما. يمشي الناس وراء السيارة، ومنهم رجل في زي الشرطة الاتحادية العراقية يصور المشهد. تلي المجموعة مباشرةً مركبة عسكرية تابعة للفرقة 15 مشاة في الجيش العراقي، بحسب الشعار على بابها، تحمل مقاتلين بزي عسكري وكذلك رجل يضع شارة "الحشد الشعبي"، وتحتها شارة القوات الخاصة. يضع آخر ما يبدو أنها شارة "فيلق بدر"، وهي مجموعة بارزة في الحشد الشعبي.
قال السكان المحليون الثلاثة إن أحد سكان قرية الهود المجاورة جاء إلى طريق القيارة الرئيسي أثناء الموكب، لأنه سمع أن أحد قتلى داعش هو نفسه من قتل والده و3 من أعمامه. قالوا إنه شوهد في فيديو خامس يقطع رأس جثة مقاتل داعش ويقتلع قلبه. قال السكان إنه قدم القلب لوالدته.
عاينت هيومن رايتس ووتش صورا ملتقطة أيضا يوم 3 أكتوبر/تشرين الأول في القيارة. يبدو في الصور 4 جثث، أحشاء إحداها خارجة من جسده ومغطاة بالدماء، بينما آخر مجرد من ملابسه ويركله أطفال. عُلق ثالث من ساقه قرب مدخل ملعب لكرة القدم في القيارة تحول إلى ركام بسبب الغارات الجوية.
تُظهر مقاطع فيديو أخرى، لنفس المصور وفي نفس التاريخ، دبابات الجيش العراقي في المدينة.
قالت هيومن رايتس ووتش إن على السلطات العراقية منع الجماعات المسلحة، التي لديها سجل انتهاكات خطير، من المشاركة في العمليات العسكرية المخطط لها في مدينة الموصل. يجب أن يشمل المنع ميليشيات الحشد العشائري وأعضاء الحشد الشعبي المسؤولين عن انتهاكات حقوقية خطيرة الذين لم يخضعوا للمحاسبة.
وثّقت هيومن رايتس ووتش سابقا انتهاكات فيلق بدر و"كتائب حزب الله" من الحشد الشعبي، خلال عملية استعادة السيطرة على الفلوجة. في 12 نوفمبر/تشرين الثاني، شاهدت هيومن رايتس ووتش أعلام ومقاتلي كلا الكتيبتين في منطقة القيارة إضافة إلى "كتائب الإمام علي".
على سلطات العدالة الجنائية العراقية التحقيق في جميع الجرائم المزعومة، بما فيها القتل غير الشرعي والتمثيل بالجثث، من قبل أي طرف خلال الصراع بسرعة وشفافية وفعالية، وصولا إلى أعلى المستويات المسؤولة. أولئك الذين تثبت مسؤوليتهم الجنائية تجب محاكمتهم بشكل مناسب.
على أولئك الذين يجرون مثل هذه التحقيقات الجنائية ويتخذون القرارات حول الملاحقات القضائية أن يكونوا مستقلين عمّن يُحقَّق معهم. يجب أن يكونوا من خارج السلسلة العسكرية النظامية ولا يخضعون للتدخل السياسي. على السلطات ضمان سلامة جميع الشهود.
قالت فقيه: "على الحكومة ألا تقف مكتوفة الأيدي بينما يرتكب المقاتلون الفظائع باسمها. على مسؤولي الأمن والقضاء والسياسيين العمل معا بشفافية لإثبات الحقيقة حول الانتهاكات المرتكبة خلال هذه المعركة."