Skip to main content
تبرعوا الآن

كردستان العراق: القوات الكردية تطرد العرب من كركوك

يجب وقف التهجير والهدم، وتعويض الضحايا

(أربيل) – السلطات الكردية في كركوك طردت سكانا ونازحين عربا في أحدث حملة تهجير، بعد أن هاجم تنظيم "الدولة الإسلامية" (المعروف بـ "داعش") المدينة في 21 أكتوبر/تشرين الأول 2016.

لا تعلم هيومن رايتس ووتش بأي عمليات تهجير مماثلة شملت السكان الأكراد للمدينة. وبما أن ضحايا عمليات الهدم والطرد هم من العرب فقط على ما يبدو، وفي غياب أي تفسير من السلطات لأسباب استهدافهم، فإن الأعمال التي تقوم بها حكومة إقليم كردستان تبدو تمييزية.

لقطة من فيديو  صُور في 26 أكتوبر/تشرين الأول تظهر بيوت طرد منها أصحابها العرب في حي واحد حزيران في كركوك، هُدمت بين 23 و25 أكتوبر/تشرين الأول 2016. © 2016 خاص

قالت لمى فقيه، نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط: "بما أن قوات الأمن التابعة لحكومة إقليم كردستان تعمل على حماية المدنيين من داعش، فعليها ضمان أنّ تدابيرها الأمنية لا تُهدّد المدنيين ولا تقوّض حقوقهم. طرد العائلات من منازلها وتركها في الشوارع أو طردها إلى مناطق غير آمنة في البلاد يُعدّ انتهاكا لحقوقها، ولا يُساعد أبدا على تحقيق التماسك السياسي في العراق".

في 17 أكتوبر/تشرين الأول، بدأت حكومة العراق المركزية وحكومة إقليم كردستان، بدعم من تحالف دولي، عمليات عسكرية لاسترجاع الموصل، ثاني أكبر مدن العراق، بعد أن سيطر عليها داعش في يونيو/حزيران 2014. كما حاصرت القوات المحاربة لداعش مدينة الحويجة، على مسافة 120 كلم جنوب شرق الموصل، التي سيطر عليها داعش في يونيو/حزيران 2014، وبدأت عمليات لاسترجاعها. ردّ مقاتلو داعش بمهاجمة مراكز ومباني الشرطة في كركوك، 150 كلم جنوب شرق الموصل، في 21 أكتوبر/تشرين الأول، فقتلوا حوالي 100 شخص، بين أعوان أمن ومدنيين. احتاجت القوات الكردية المسلحة إلى 24 ساعة تقريبا لصدّ هجوم داعش.

في صباح 23 أكتوبر/تشرين الأول، أصدرت "اللجنة الأمنية في محافظة كركوك" أمرا لجميع النازحين الذين يعيشون في كركوك، خارج المخيمات، بإخلاء مساكنهم قبل الساعة 8 من صباح اليوم التالي. ذكر الأمر، الذي نُشر على الانترنت، أن على النازحين الراغبين في البقاء في كركوك الانتقال إلى أحد مخيمات النازحين، وأن كل من يُخالف ذلك سيُطرد، وسيتعرض منزله للهدم – معظم المنازل مبنيةّ من الطوب وشُيّدت بشكل ذاتي. رغم أن هذا البيان سُحب بعد ساعات، إلا أن السلطات استمرت في تنفيذه على ما يبدو.

قال نشطاء حقوقيون في كركوك لـ هيومن رايتس ووتش إن السلطات أجبرت 250 عائلة على الأقل على النزوح في 23 أكتوبر/تشرين الأول، و75 عائلة أخرى على الأقل في اليوم التالي، أغلبها من حي واحد حزيران جنوب كركوك. كما قالوا إن السلطات هدمت 100 منزل على الأقل في نفس الفترة. أعطى ساكنان محليان شهدا عمليات الهدم تقديرات مماثلة لـ هيومن رايتس ووتش.

في 25 أكتوبر/تشرين الأول، قال 4 سكان عرب من حي واحد حزيران لـ هيومن رايتس ووتش هاتفيا إن قوات "الأسايش" و"البشمركة" الكردية وصلت إلى الحي الساعة 9 صباحا ذلك اليوم، ومعها جرافة واحدة و3 حفارات على الأقل، وبدأت في هدم المنازل. قال أحدهم (56 عاما) إنه وُلد في بغداد وعاش في كركوك لأكثر من 40 سنة. وقال آخر (53 عاما) إنه من قرة تبه، 14 كلم غرب كركوك، وعاش في كركوك لأكثر من 20 سنة. قالا إنهما كانا يتوقعان ذلك لأنهما شهدا عمليات هدم في اليومين السابقين، ولكن لم يصلهما إشعار رسمي بضرورة المغادرة.

قال مواطن عربي آخر عاش في كركوك منذ مدة طويلة إنه سمع قوات الأمن تأمر عائلات نازحة من الحويجة وتعيش في 5 منازل بمغادرة كركوك، ولكنه لا يعلم بوجهتهم بعد أن هُدمت منازلهم.

راجعت هيومن رايتس ووتش 3 مقاطع فيديو صوّرها أحد سكان الحي – منزله لم يُهدم – في 25 أكتوبر/تشرين الأول تُظهر ما بدت أنها عشرات المنازل وقد تحولت إلى أنقاض. لا تعلم هيومن رايتس ووتش بوقوع أي إصابات أو وفيات بسبب عمليات الهدم هذه. يبعد الحي أكثر من 25 كلم عن خط المواجهة في عملية استرجاع الموصل والحويجة الدائرة الآن، ولم يتضرر من هجوم داعش على كركوك في 21 أكتوبر/تشرين الأول. قال سكان من كركوك وباحثو هيومن رايتس ووتش الذين زاروا الحي في وقت سابق من 2016 إنه لم تكن توجد أي مبان عسكرية، وإن الحي كان في معظمه منطقة سكنية.

لم يُفصح أي مسؤول في حكومة إقليم كردستان علنا عن أي أسباب عسكرية حتمية تبرّر تهجير سكان حي واحد حزيران وتدمير المنازل فيه. ورغم أن مسؤولين في حكومة إقليم كردستان زعموا أن عمليات الهدم كانت تستهدف منازل بُنيت بطريقة غير قانونية، إلا أن جميع المنازل التي شملها الهدم – بحسب ما توفر لـ هيومن رايتس ووتش من معلومات – هي لسكان عرب، ولم تحصل أي عمليات هدم مماثلة في مناطق كركوك التي يسكنها الأكراد، رغم وجود مزاعم بأن الكثير منها شُيدت بشكل غير قانوني. قال شيخ من الحي إن حوالي ثلث المنازل في حي واحد حزيران بُنيت بشكل غير قانوني.

في 25 أكتوبر/تشرين الأول، عبّر "مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان" عن "قلقه من التدابير القاسية التي تتخذها السلطات في كركوك ضدّ المشردين الذين يعيشون في المدينة".

العميد شيرزاد مارف، عضو "اللجنة الأمنية في محافظة كركوك"، نفى وجود عمليات تهجير قسري، وكذا فعل محافظ كركوك. قال راكان سعيد الجبوري، نائب المحافظ، لـ هيومن رايتس ووتش إنه زار الحي ورأى مئات المنازل التي هدمتها قوات البشمركة والأسايش.

على سلطات إقليم كردستان أن تلتزم فورا بوقف عمليات التهجير القسري والهدم التي تنتهك القانون الدولي، والسماح للعائلات بالعودة كلما كان ذلك ممكنا، وتعويض ضحايا الطرد القسري الذين لا يستطيعون العودة إلى منازلهم، وتوفير سكن بديل لهم. يجب أن يشمل هذا وضع قواعد قانونية واضحة لهدم المنازل، وألا يحصل أي هدم إلا لسبب مشروع، وكحل أخير بعد استيفاء جميع الخيارات الأخرى، وألا يؤثر سلبا على الناس الذين يعيشون فيها، ودون أي تمييز في القانون أو الممارسة، مع تمكين المتضررين من فرصة حقيقية للطعن في قرار الطرد أو الهدم قبل تنفيذه.

قالت فقيه: "طرد العائلات العربية من منازلها مع مهلة يوم واحد، ثم تسويتها بالأرض هو حتما طريقة خاطئة لمواجهة الخطر الأمني الذي يُشكله داعش".

عمليات طرد جديدة في كركوك

مئات العائلات التي خسرت منازلها شملت عربا نازحين من مناطق عراقية أخرى، كانوا قد انتقلوا إلى كركوك بسبب القتال ضدّ داعش، وسكان عرب آخرين عاشوا في كركوك منذ فترة طويلة. لا يوجد في الحي أي سكان أكراد، بحسب سكان محليين. لا تعلم هيومن رايتس ووتش بأي عمليات هدم مماثلة لمنازل أكراد في كركوك بعد هجوم داعش.

قال 3 سكان عرب في كركوك لـ هيومن رايتس ووتش إنهم سمعوا في 24 أكتوبر/تشرين الأول سيارة "تويوتا" واحدة على الأقل تابعة للأسايش تُعلن عبر مكبرات الصوت أن عمليات هدم ستتم في اليوم التالي. سمير، الذي شاهد عمليات هدم في اليوم السابق، قال:

عرفت أنه حان دوري، فجمعنا أغراضنا ووضعناها خارج المنزل. في اليوم التالي، الساعة 10 صباحا، جاؤوا إلى منزلي، وكنا في انتظارهم في الخارج. كانت سياراتهم وجرافتهم وحفاراتهم تحمل علم إقليم كردستان.

قال إن قوات الأمن لم تصادر بطاقة هويته لما قرؤوا أنه ينحدر من كركوك، ولكنهم أعلموه أن عليه المغادرة دون أن يشرحوا له السبب أو يحددوا له وجهة معينة. مازال سمير إلى الآن في كركوك، يبحث عن منزل يستأجره في حي آخر.

قال سمير إنه تحدث مع أفراد من 10 عائلات كانوا جيران له بعد أن فروا من الحويجة منذ سيطرة داعش عليها في 2014. هدمت القوات المسلحة منازلهم الجديدة، التي شيدوها بأنفسهم، وأمروهم بالانتقال إلى مخيم جديد للنازحين في داقوق، 30 كلم جنوب كركوك. قالت العائلات لسمير عبر الهاتف إنها انتقلت إلى المخيم وبقيت هناك.

قال ساكن عربي آخر عاش في كركوك لفترة طويلة إنه سمع قوات الأمن تأمر عائلات جاءت من الحويجة وتعيش في 5 منازل بمغادرة كركوك، ولكنه لا يعلم بوجهتهم بعد أن دُمرت منازلهم. أمرته قوات الأمن هو وعائلته بالمغادرة أيضا، وهدمت له منزله.

قال الرجال الأربعة الذين قابلناهم إنهم لم يحصلوا على سكن بديل أو أي تعويض آخر. قال 3 منهم إنهم الآن يبحثون عن مكان جديد يعيشون فيه في كركوك. أما الرابع، وكان جالسا في الشارع لما قابلته هيومن رايتس ووتش، فقال إنه لا يعرف أين سيمشي.

تهجير معتاد للعرب من كركوك

قالت هيومن رايتس ووتش إن هذا النمط من التهجير القسري من المناطق المجاورة لكركوك والخاضعة لقوات إقليم كردستان ليس جديدا. لم توثق هيومن رايتس ووتش أي تهجير قسري في حق السكان الأكراد في المنطقة.

وثقت هيومن رايتس ووتش منذ 2015 عمليات هدم وتهجير قسري نفذتها قوات إقليم كردستان في حق سكان ونازحين عرب، شملت سكان قرى مجاورة لكركوك وآخرين من مدينة كركوك ذاتها وعائلات نازحة تعيش في مخيم ليلان، 25 كلم جنوب شرق كركوك. قدّمت سلطات الإقليم أسباب مختلفة لعمليات الهدم والتهجير، منها أن المنازل يملكها مقاتلون في داعش، وأنها تحتوي على قنابل، أو أنها بُنيت دون تراخيص. فيما يخص مخيم ليلان، قالت السلطات إنّ على السكان المغادرة لتوفير أماكن للنازحين من مناطق أخرى في العراق.

لكن الطريقة التي تمت بها عمليات التهجير والهدم، والظروف الحافة بها، تُبرز أنها لم تحدث للأسباب المذكورة، وإنما لنقل العرب بطريقة غير مشروعة من المناطق المتنازع عليها، وأحيانا لمعاقبة السكان بسبب علاقاتهم – أو الاشتباه في علاقاتهم – بـ داعش.

في أغلب الحالات، قال سكان لـ هيومن رايتس ووتش إنهم لم يستلموا اشعارات مسبقة، ولم يحصلوا على أي تعويض. وفي الكثير من الحالات لم يُمنح السكان سكنا بديلا، وقال بعضهم إنهم اضطروا للعيش في ظروف غير آمنة.

بحسب عمال إغاثة، طردت قوات الأمن أكثر من 12 ألف نازح من محافظة كركوك في سبتمبر/أيلول 2016 فقط.

بحسب عامل إغاثة في كركوك، أصدر محافظ كركوك إعلانا في 2005 قال فيه إنه لا يحق لغير سكان كركوك امتلاك مبان أو تشييدها، وعرّف سكان كركوك بالعائلات المسجلة في تعداد 1957. قال العامل لـ هيومن رايتس ووتش إن هذا الإعلان استخدم لاحقا لتبرير هدم منازل العرب، بحجة أنها بُنيت بشكل غير قانوني من قبل أشخاص ليسوا من السكان.

القانون الدولي الخاص بالتهجير القسري وهدم المنازل

تحظر قوانين الحرب تشريد المدنيين قسرا إلا لأسباب تتعلق بأمنهم أو لأسباب عسكرية مُلزمة. يجوز لأحد أطراف النزاع أمر المدنيين بمغادرة منطقة ما لما يكون المدنيون عُرضة لخطر داهم، أو لأسباب عسكرية قاهرة. يجوز لطرف النزاع أيضا – في ظل استمرار هذا الخطر الداهم أو الأسباب العسكرية القاهرة – منع المدنيين من العودة إلى ديارهم.

لم تتوصل هيومن رايتس ووتش إلى أي أسباب عسكرية قاهرة لتهجير السكان من حي واحد حزيران. لم تحاول السلطات تبرير هدم المنازل وتهجير السكان بأسباب تتعلق بالنزاع، واكتفت بالسبب المتعلق بالبناء "غير المشروع" في كركوك.

إضافة إلى ذلك، ورغم أن مسؤولي إقليم كردستان زعموا أن المنازل هُدمت في إطار إزالة البنايات غير القانونية، إلا أن عمليات الهدم هذه أعلنت من قبل قوات الأمن وتمت تحت إشرافها. بحسب ما توفر لـ هيومن رايتس ووتش من معلومات، فإنه لم تحصل أي عمليات هدم مماثلة في مناطق كركوك التي يسكنها أكراد. قال أحد سكان كركوك لـ هيومن رايتس ووتش إنه يعرف الكثير من الأكراد الذين شيدوا منازلهم بطريقة غير قانونية في هذه المنازل.

بموجب قوانين الحرب، يُعتبر هدم الممتلكات المدنية عمدا، أو باستهتار، غير قانوني ما لم تُستخدم هذه الممتلكات لهدف عسكري، مثل نشر قوات معارضة فيها. ولكن يُمكن هدم الممتلكات المدنية إن كان يُتوقع استخدامها مستقبلا من قبل قوات معارضة، للاعداد لهجوم مثلا، وفقط لما يكون الضرر المتوقع بالمدنيين والممتلكات المدنية متناسبا وله ميزة عسكرية مرجوّة. تدمير الممتلكات فقط لمعاقبة السكان محظور بشكل دائم.

ينصّ القانون الدولي لحقوق الإنسان على أن تكون عمليات الهدم مسبوقة بمهلة كافية، وأن تخضع لتشاور، وأن تترتب عنها تعويضات للمتضررين.

يجب أن تكون عمليات الطرد مبررة بالقانون، وألا تُنفذ إلا لسبب مشروع، وأن تكون متناسبة وغير تمييزية. كما يجب ألا تؤثر سلبا على الضعفاء، وأن لا تتسبب في انتهاك حقوقهم، بما يشمل حقهم في المأوى. على السلطات أن تمنح الناس إمكانية الطعن في قرارات الطرد قبل تنفيذها، مع ضمان تعويض المتضررين منها إن نُفذت بطريقة غير مشروعة، وتعويض أي ممتلكات فُقدت أو تضررت. يحظر القانون الدولي بشكل مطلق عمليات الطرد والهدم التي تتم كإجراء عقابي.

عمليات طرد سابقة

حي واحد حزيران، كركوك، 22 سبتمبر/أيلول 2016

ذكر عمال إغاثة أن سلطات كركوك هجّرت 64 عائلة عربية قسرا من حي واحد حزيران في 22 سبتمبر/أيلول، وأجبرتهم على العودة إلى قرية البوحنيحن في ديالى. قالت قوات الأمن للعائلات إن عمليات الطرد وعمليات الهدم التي لحقتها سببها أن المنازل بُنيت دون تراخيص. لكن 3 من الأشخاص المطرودين قالوا لـ هيومن رايتس ووتش إنهم يعتقدون أنهم طُردوا في إطار حملة لإخراج العرب من المنطقة. قالوا إن عمليات الهدم استهدفت العرب دون سواهم، وإنهم سمعوا قوات الأمن تستخدم عبارات مهينة لما نفذتها.

قالوا إنهم انتقلوا مع عائلاتهم إلى حي واحد حزيران لما هربوا من ديالى بسبب داعش.

قال "كريم" إنه لما قدم داعش إلى البوحنيحن، انتقلت عائلته إلى كركوك. استقروا في حي واحد حزيران وشيدوا بيتا مؤقتا على أرض حكومية مع عائلات أخرى نزحت من ديالى وتكريت. قال إنه منذ أن قدموا وشيدوا بيتهم في الحي، بدأت الأسايش وشرطة كركوك تأتي بشكل منتظم لهدم بعض المنازل بالحفارات. ولما سألهم عن سبب هدم المنازل، قال له شرطي لأنها بُنيت دون تراخيص. وفي 22 سبتمبر/أيول، حوالي الساعة 4 مساء، جاءت مجموعة أكبر من قوات الأسايش دون إعلام مسبق، وطلبت منهم تسليم بطاقات هويتهم، وهددتهم بهدم المنازل على رؤوسهم إن لم يغادروا. لم يحددوا للعائلات وجهة محددة، واكتفوا بأمرها بمغادرة كركوك.

قال "أحمد"، وهو أيضا من قرية البوحنيحن في ديالى، إن عائلته توسلت للأسايش منحها بضعة أيام لتجمع أغراضها، ولكنها رفضت. قال إنهم شاهدوا – أثناء المغادرة – قوات الأمن تهدم 30 منزلا على الأقل لعائلات من البوحنيحن. لم تحصل أي عائلة على تعويض أو سكن بديل.

قال الرجال الثلاثة من البوحنيحن إنهم عادوا إلى قريتهم لأنه ليس لهم أي مكان آخر يذهبون إليه، ولأن داعش اُخرج من هناك في نوفمبر/تشرين الثاني 2014. قالوا إن العائلات التي عادت إلى البوحنيحن لا تحصل على أي خدمات أساسية، بما في ذلك الطعام والماء والمأوى المناسب والرعاية الطبية والمرافق الصحية. أكد عمال إغاثة زاروا القرية هذه الظروف، وقالوا إن معظم العائلات استقرت في منازل مهجورة أو مدمرة لأن أغلب البنية التحتية ومنازل القرية تضررت بسبب القتال، ومنازلهم لم تكن صالحة للسكن. قالت بعض العائلات لعمال الإغاثة إنها لم تكن تشعر بالأمن بسبب عدم وجود مأوى مناسب، وبسبب مخاوف بشأن سلامتها الجسدية.

مخيّم ليلان، مدينة كركوك، 22 سبتمبر/أيلول 2016

قال عمال إغاثة إن قوات الأسايش هجّرت في 22 سبتمبر/أيلول 115 عائلة عربية قسرا من مخيم ليلان في كركوك، دون إشعار مسبق ودون توفير سكن بديل آمن. جاءت العائلات إلى هناك بين 2014 و2016 بعد أن فرّت من بيجي في محافظة صلاح الدين لما هاجمها داعش.

قال شيخ عربي من المنطقة: "هذا القرار صدر عن الحكومة العراقية المركزية لأن مدنهم حُرّرت، وليس للحكومة قدرات كافية لرعاية كل هذه العائلات، ولأن الكثير من النازحين سيأتون إلى هناك من الحويجة قريبا. الحكومة تُعدّ هذه المخيمات لاستقبال النازحين من الحويجة والموصل".

فرّ "محمد" مع عائلته من بيجي في مطلع 2015 بسبب الغارات الجوية المكثفة على المنطقة لاستهداف داعش. استقرت العائلة لدى أصدقاء في الشرقاط، حوالي 140 كلم غرب كركوك، التي كانت أيضا تحت سيطرة داعش آنذاك. في يونيو/حزيران، قرر الفرار مع ابنته (عامين) وابنه (10 أعوام) وزوجته. مات ثلاثتهم أثناء الرحلة ولكن محمد نجح في الوصول إلى مخيم ليلان. وفي 22 سبتمبر/أيلول، الساعة 9:30 صباحا، جاءت قوات الأسايش الموجودة في المخيم إلى الخيمة التي كان يتقاسمها مع شقيقه وعائلته، وطلبت منهم جمع أغراضهم ومغادرة المكان، ففعلوا كما طُلب منهم:

 طردوا العديد من العائلات الأخرى في نفس اليوم، لا أعرف بالضبط كم، ولكنهم وضعونا في 10 حافلات. لم يسمح لثلاث نساء من جيراني بغسل وجوههن وجمع أغراضهن. جلبونا إلى نقطة تفتيش داقوق، واضطررنا إلى الصعود في سيارات أجرة خاصة لنعود إلى ديارنا.

ذهب محمد وشقيقه وعائلت شقيقه إلى تكريت، أقرب منطقة حضرية لـ بيجي، التي تعرضت في معظمها للتدمير أثناء القتال ضدّ داعش. قال عمال إغاثة كانوا حاضرين أثناء عملية التهجير إن قوات الأمن مارست عنفا جسديا ضدّ النساء والأطفال والرجال أثناء نقلهم في حافلات إلى خارج محافظة كركوك. قال عمال إغاثة كانوا قد زاروا المجتمع المحلي حيث يعيش محمد إن العائلات استقرت في منازل غير مكتملة وفي محلات تجارية في حي القادسية في تكريت الذي يفتقر للخدمات الأساسية، وبعضهم مازل يفتقد لبطاقة هويته. قال محمد:

في المخيم، كنا نحصل على مساعدات من منظمات مختلفة. أما الآن، فأعيش في منزل نصف جاهز، دون شبابيك أو أبواب. لست خائفا الآن، ولكن حيثما سرت في هذه البلد، فأنت لا تشعر حقا بالأمان. كيف سأشعر بالأمان وأنا أنام في منزل بلا أبواب أو شبابيك؟ كل ليلة أتوقع حدوث خطب ما.

بموجب "مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية بشأن التشرد الداخلي"، تتحمل السلطات العراقية، بما في ذلك حكومة إقليم كردستان، المسؤولية الأولى عن توفير الظروف والوسائل الكفيلة بعودة النازحين طوعا، في كنف الأمان والكرامة، إلى منازلهم، أو إعادة توطينهم طوعا في منطقة أخرى من البلاد. على السلطات بذل ما في وسعها لتسهيل إعادة إدماج المشردين العائدين أو الذي أعيد توطينهم. عليها أيضا بذل جهود خاصة لضمان المشاركة الكاملة للنازحين داخليا في تخطيط وإدارة العودة أو إعادة التوطين أو إعادة الادماج.

 

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الموضوع

الأكثر مشاهدة