(جنيف) – على "مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة" (مجلس حقوق الإنسان) البدء فورا بإجراء تحقيق دولي في الانتهاكات في اليمن. دعا مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان إلى وقف تسليح أطراف النزاع في تقرير صدر بجنيف في 25 أغسطس/آب 2016، وصف فيه آثار النزاع على المدنيين في اليمن بـ "المدمرة".
قُتل 3799 مدنيا على الأقل وجُرح 6711 منذ بدأ التحالف الذي تقوده السعودية حملته العسكرية ضد قوات الحوثيين باليمن في 26 مارس/آذار 2015، وفقا لمكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان. تعزّز التوصيات الواردة في التقرير الدعوات التي وجهتها منظمات غير حكومية، منها هيومن رايتس ووتش، إلى مجلس حقوق الإنسان لإجراء تحقيق دولي مستقل في الانتهاكات المزعومة من قبل الجانبين، وإلى دول بعينها لوقف تسليح أطراف النزاع التي عُرف انتهاكها المتكرر لقوانين الحرب.
قال جون فيشر، مدير مكتب جنيف في هيومن رايتس ووتش: "يعاني المدنيون اليمنيون انتهاكات خطيرة لقوانين الحرب، ترتكبها جميع أطراف النزاع، منذ أكثر من عام. لا ينبغي أن ينتظروا ولو لحظة أكثر ليتم تحقيق فعال وذو مصداقية في هذه الانتهاكات".
قدّم تقرير المفوض السامي تفاصيل انتهاكات عديدة للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان بين 1 يوليو/تموز 2015 و30 يونيو/حزيران 2016 من قبل طرفيّ النزاع.
أفاد المفوض السامي أن "اللجان الشعبية" التابعة للحوثيين، والمعروفة أيضا باسم "أنصار الله"، بالإضافة إلى وحدات في الجيش موالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح، هاجمت المناطق السكنية، وهاجمت المدنيين بنيران القناصة وجنّدت الأطفال واستخدموهم في القتال، وفرضت الحصار على مدينة تعز، ما أدى إلى "شبه انهيار النظام الصحي". وثّقت هيومن رايتس ووتش أيضا انتهاكات الحوثيين والقوات المتحالفة معها، بما في ذلك استخدام الألغام الأرضية المضادة للأفراد، واستخدام الجنود الأطفال، والقصف العشوائي للمناطق المدنية، وفرض قيود على المساعدات إلى المدنيين في تعز.
قال المفوض السامي أيضا إن غارات جوية للتحالف الذي تقوده السعودية أصابت المدارس والمستشفيات والأسواق وحفلات الزفاف والمباني السكنية والبنية التحتية العامة والخاصة، وفرض التحالف حصارا وقيودا جوية وبرية وبحرية ساهمت في تفاقم الأزمة الإنسانية، وقد يكون استخدم الذخائر العنقودية. وثّقت هيومن رايتس ووتش و"منظمة العفو الدولية" وحدهما أكثر من 70 غارة غير قانونية للتحالف قد يرقى بعضها إلى جرائم الحرب، وقتلت أكثر من 900 مدنيا، بالإضافة إلى 19 هجمة بالقنابل العنقودية المحرمة دوليا.
انهارت محادثات السلام بين حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي والحوثيين وحزب الرئيس السابق صالح أوائل أغسطس/آب، واستمر القتال مع سقوط ضحايا من المدنيين. قُتل 1259 مدنيا وأصيب 1360 نتيجة ضربات التحالف الجوية بين 1 يوليو/تموز 2015 و30 يونيو/حزيران 2016، كما قُتل 475 وأصيب 1121 نتيجة قصف "اللجان الشعبية" ووحدات الجيش الموالية للرئيس السابق صالح، وفقا لأرقام مكتب المفوض السامي. وجد التقرير أيضا أن مجموعات أخرى، بما فيها تنظيمي "القاعدة" و"الدولة الإسلامية" المعروف أيضا بـ "داعش"، تسببت في سقوط ضحايا من المدنيين، وأن هجمات الطائرات بدون طيار التي يُزعم أن الولايات المتحدة نفذتها قد تكون قتلت مدنيين
.كررت منظمات غير حكومية، منها هيومن رايتس ووتش، دعوة مجلس حقوق الإنسان إلى إنشاء آلية دولية للتحقيق في الانتهاكات الخطيرة المزعومة للقانون الإنساني الدولي وانتهاكات وتجاوزات القانون الدولي لحقوق الإنسان من قبل جميع أطراف النزاع في اليمن.
قالت هيومن ريتس ووتش إن مجلس حقوق الإنسان أضاع فرصا حاسمة للتصدي للانتهاكات المزعومة في اليمن منذ بداية النزاع. تبنى المجلس في 2 أكتوبر/تشرين الأول 2015 بالإجماع قرارا تشوبه عيوب كبيرة، تجاهل دعوات سابقة لإجراء تحقيق دولي في الانتهاكات المتصاعدة في البلاد، منها دعوات المندوب السامي. بدل ذلك، أيّد المجلس لجنة وطنية يمنية، أنشأها الرئيس هادي في سبتمبر/أيلول 2015.
وجد تقرير المفوض السامي أن "اللجنة لا تتمتع بتعاون جميع الأطراف المعنية، ولا يمكن لها العمل في جميع أنحاء اليمن. وبالتالي فأنها غير قادرة على تنفيذ ولايتها وفقا للمعايير الدولية".
كررت منظمات غير حكومية أيضا دعوتها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا إلى وقف مبيعات السلاح للسعودية إلى أن تحد من غاراتها الجوية غير القانونية في اليمن وتحقق بمصداقية في الانتهاكات المزعومة. يعزز هذه الدعوات بيان المفوض السامي بأن على المجتمع الدولي "استخدام نفوذه لمنع وإنهاء الانتهاكات، والامتناع عن تشجيع أو تسليح أطراف النزاع".
قال فيشر: "على مجلس حقوق الإنسان الأممي، الهيئة الحقوقية الرائدة في العالم، ألا يدير ظهره للمدنيين اليمنيين، وأن يحقق العدالة التي يستحقونها. عليه ضمان أن الانتهاكات الفظيعة في اليمن لن تمر دون محاسبة".