Skip to main content

لدى إيران فريق وطني قوي في كرة الطائرة، لكن المشجعات لا يمكنهن حضور المباريات

نُشر في: Quartz

في سن الـ 13، كنت مشجعة كبيرة للفريق الإيراني لكرة القدم، وكنت عازمة على الهتاف باسمه خلال تصفيات كأس العالم في نوفمبر/تشرين الثاني 2002 في طهران.

مع العد التنازلي للمباراة مع الكويت، أتذكر تعديل شعري الطويل مرارا تحت قبعتي بينما كان يقودنا والدي إلى ملعب "آزادي". مع اقتراب النصر، تمنيت أن يسمح قناعي المؤقت لوالدي القبول بأن أنضم أيضا إلى أكثر من 90000 من الحشد الذي يشجع بقوة – ولكن للأسف، لم يكن ذلك ممكنا. كانت الحكومة الإيرانية قد قضت بأن تجعل النساء والفتيات - نصف سكان إيران - "خارج نطاق حدود" حضور الأحداث الرياضية، مثل مباريات كرة القدم، مع عواقب وخيمة للّواتي يتم توقيفهن وهن يتحدين الحظر.

بينما كنت أكبر في إيران، أطلقت النساء عددا من المبادرات الشعبية، مثل حملة "الحجاب الأبيض"، للطعن في هذا التمييز الصارخ، والمطالبة بحضور الفتيات والنساء مباريات كرة القدم للذكور في الملاعب الإيرانية. حتى الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد حاول رفع الحظر على حضور النساء المباريات. لم يدم هذا الحظر فحسب، بل امتد الآن إلى رياضة الكرة الطائرة المتزايدة الشعبية، إذ تم منع النساء من حضور مباريات الرجال منذ 2012.

  تُمنع النساء في إيران من حضور مباريات الرجال الرياضية في الملاعب (لقطة من فيديو). © هيومن رايتس ووتش

وفي الوقت نفسه، أصبحت الكرة الطائرة إحدى أكثر الرياضات شعبية في إيران. تأهل المنتخب الوطني للتو لدورة الألعاب الأولمبية في ريو دي جانيرو، في البرازيل، ضمن سلسلة من الانتصارات الكبيرة. وتابع الإيرانيون بقلق شديد المنتخب الوطني وذهبوا إلى الملاعب كلما كان ذلك ممكنا لتشجيعه. لكن بالنسبة للنساء، فإن الحظر لا يزال قائما، فاصلا النساء والفتيات عن عائلاتهن وأصدقائهن عندما يلعب الفريق في البلد.

قد لا يكون الاتحاد الدولي للكرة الطائرة اسما مألوفا مثل "الفيفا"، الاتحاد القوي لكرة القدم، لكنه يسيطر على الكرة الطائرة في جميع أنحاء العالم، ويشرف على بطولات هذه الرياضة. في البطولة الدولية في الصيف الماضي، مُنعت النساء الإيرانيات من الدخول بعدما تراجعت السلطات الإيرانية عن الوعود بالسماح للنساء بالحضور. حينها، حصرت بيع التذاكر للرجال فقط. اتخذت قوات الأمن مواقعها في جميع أنحاء الملعب، وفتشت السيارات، وأبعدت النساء. أظهرت صور من النشرات الإعلانية على وسائل التواصل الاجتماعي عناوين سياسية متشددة تهدد بمنع النساء من دخول الملاعب، وتقارن أي امرأة تحاول الحضور بـ "العاهرة".

كان هذا المناخ من الخوف والتخويف مُخيما منذ 2014 عندما ألقي القبض على غنتشه قوامي والعديد من النساء الإيرانيات الأخريات أثناء محاولتهن حضور مباراة للكرة الطائرة في آزادي. وفي حين أطلق سراح معظمهن بعد ذلك بوقت قصير، أعيد اعتقال قوامي بتهمة "الدعاية ضد الدولة"، وسجنت في سجن إيفين لما يقارب 5 أشهر.

السلطات الحكومية الإيرانية منقسمة حول هذه المسألة، في ظل استمرار الجدل حول الحظر. يقول المدافعون عن القيود إن الملاعب خطيرة جدا بالنسبة للنساء، أو (هو رأي خارج الموضوع كليا) إن وقت المرأة يفيد أكثر في القيام بالأعمال المنزلية بدلا من مشاهدة الكرة الطائرة.

يشدد منتقدو الحظر على أنه لا يمكن إنكار حقوق نصف السكان دون أي أساس قانوني واضح. قالت شهيندخت مولاوردي، نائبة رئيس الجمهورية لشؤون المرأة والأسرة، العام الماضي، إن مجلس الأمن الوطني قرر أن حضور النساء في الملاعب الرياضية ليس ضد الشريعة الإسلامية، وينبغي خلق إطار لحضورهن.

المشكلة الرئيسية هي أن الاتحاد الدولي للكرة الطائرة أذعن للمتشددين في إقصاء النساء - العناصر الأكثر رجعية في الحكومة الإيرانية – عوض دعم المطالب الشعبية للمواطنين الإيرانيين. ورغم فشله في السماح للنساء بدخول الملاعب في 2015، منح الاتحاد الدولي للكرة الطائرة إيران حق استضافة المباريات الدولية، بما في ذلك البطولة الدولية للكرة الطائرة الشاطئية التي نُظمت في فبراير/شباط الماضي، ومباريات بطولة العالم التي ستنطلق في 1 يوليو/تموز.

بالنسبة لمباريات فبراير/شباط 2016، أعلن الاتحاد أنه حصل على ضمانات من منظمي البطولة الإيرانيين بأن بطولة جزيرة كيش للكرة الطائرة الشاطئية "ستكون مفتوحة أمام الجماهير من جميع الفئات العمرية ولكلا الجنسين"، وأن هذا من شأنه أن "يشمل الأسر والنساء". ولكن (مرة أخرى) أُرجعت الغالبية العظمى من النساء من قبل أشخاص يبدو أنهم من قوات الأمن. فيما قدم حساب اتحاد الكرة الطائرة الإيراني على تويتر، وبعض وسائل الإعلام المحلية، صورا لعدد قليل ومختار من النساء اللواتي سُمح لهن بحضور المباريات، تحولت النساء اللواتي منعن إلى وسائل التواصل الاجتماعي. نشرت هؤلاء النساء صورا لهن وهن يشاهدن المباريات في مقهى قبالة الملعب. ظهر الاتحاد الدولي للكرة الطائرة مرة أخرى واقفا إلى جنب المتشددين من خلال تعليقه على استبعاد النساء بأنه "سوء تفاهم بسيط".

اليوم، 3 أيام قبل مباراة إيران وصربيا، تُباع التذاكر على موقع الاتحاد الإيراني للكرة الطائرة (الرابط باللغة الفارسية)، لكن ليس للنساء. ويقول الموقع "إن النساء لن يستطعن شراء التذاكر لأن حصتهن بيعت فعلا بالكامل".

تُولد كناية جديدة للتمييز بين الجنسين كل يوم في إيران، على ما يبدو، ولم يعثر الاتحاد الدولي بعد على صوته للدفاع عن حق المرأة في حضور بطولاتهن.

خلافا للاتحاد الدولي للكرة الطائرة، لم تُوقف المرأة الإيرانية جهودها لتحدي الحظر. اصطف مشجعون رجال فريقا واحدا معهن لدعم القضية، من خلال رفع لافتات في الملاعب تضامنا معهن – وأحيانا برفض حضور المباريات.

بعد 13 عاما تقريبا من تلويحي لوداع والدي ونحن نفترق خارج ملعب آزادي، ذكرت وسائل الإعلام الإيرانية أن فتاة أخرى تبلغ من العمر 15 عاما حاولت الدخول إلى ملعب كرة القدم بارتدائها لملابس الصبيان واعتقلت.

أفهم لماذا تخاطر الفتيات والنساء لمشاهدة الرياضة التي يحبونها. لكن ما يصعب فهمه هو لماذا تواصل إيران، مع فريق الكرة الطائرة الذي تأهل للتو لدورة الألعاب الأولمبية للمرة الأولى في التاريخ، ممارسة الحظر. هذا الحظر ليس تمييزيا فقط، ولكن أيضا يولّد موجات من التغطية الإعلامية السلبية ضد الحكومة وفرقها الرياضية الوطنية. الآن هي لحظة إلغاء الحظر، قبل أن يشهد العالم مرة أخرى عرضا قبيحا في 1 يوليو/تموز.

إلغاء الحظر على حضور النساء في الملاعب سيكون فوزا كبيرا للنساء وللتقدم في إيران. سيُظهر أن القوانين في الرياضة، كما هو الحال في حقوق الإنسان، مهمة حقا.

 

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.