Skip to main content

3 أحداث ينتظرون الإعدام في السعودية

تجاهل مزاعم التعذيب في محاكمات جائرة

(بيروت) –  3 رجال سعوديين ينتظرون تنفيذ حُكم الإعدام جراء جرائم على صلة باحتجاجات يُزعم أنهم ارتكبوها حين كانوا أطفالا. أسند القضاة السعوديون الإدانة بالإعدام بالأساس إلى اعترافات تراجع عنها المدعى عليهم الثلاثة في المحكمة وقالوا إنها انتزعت بالإكراه. لم تحقق المحاكم في ادعاءات انتزاع الاعترافات بالتعذيب. إعلان السعودية في 11 مارس/آذار 2016 أنها ستعدم 4 رجال آخرين في جرائم تتصل بالإرهاب يثير المخاوف من إمكانية تنفيذ الأحكام على أحد المذكورين أو ثلاثتهم.

حلّلت هيومن رايتس ووتش الأحكام الصادرة عن المحكمة الجزائية المتخصصة، وهي محكمة جرائم الإرهاب السعودية، التي أنزلتها في 2014 بحق أحد الرجال، علي النمر، وبحق داود المرهون وعبد الله الزاهر في قضية منفصلة. تكشف الأحكام عن انتهاكات بيّنة لسلامة الإجراءات القانونية، بما يشمل الحرمان من الاتصال بمحامين فور التوقيف، وأثناء فترات الاحتجاز المطولة، وهي الفترة التي انتزع فيها المحققون الاعترافات.

قالت سارة ليا ويتسن المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "الحُكم على الأحداث المزعوم مخالفتهم للقانون هو مثال صارخ على ظُلم نظام القضاء السعودي. لم يقتصر الأمر على الحُكم على 3 شُبان بالإعدام في جرائم يُزعم ارتكابهم لها وهم أطفال، بل إن المحاكم لم تحقق أيضا في قولهم بأنهم أُكرهوا على الاعتراف".

الحُكم على الأحداث المزعوم مخالفتهم للقانون هو مثال صارخ على ظُلم نظام القضاء السعودي. لم يقتصر الأمر على الحُكم على 3 شُبان بالإعدام في جرائم يُزعم ارتكابهم لها وهم أطفال، بل إن المحاكم لم تحقق أيضا في قولهم بأنهم أُكرهوا على الاعتراف
سارة ليا ويتسن

المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط


تم توقيف الثلاثة جراء مشاركتهم المزعومة في مظاهرات للأقلية الشيعية عاميّ 2011 و2012. قال نشطاء محليون لـ هيومن رايتس ووتش إن أكثر من 200 شخص من البلدات ذات الأغلبية الشيعية بالمنطقة الشرقية أحيلوا للمحاكمة منذ عام 2011 بسبب مزاعم بجرائم على صلة بالتظاهر.

أغلب سكان البلدات ذات الأغلبية الشيعية بالمنطقة الشرقية، مثل القطيف والعوامية والهفوف، نظموا مظاهرات عديدة ضد تمييز الحكومة بحقهم منذ 2011. يواجه المواطنون الشيعة في السعودية تمييزا ممنهجا في التعليم الحكومي والوظيفة العامة وفي استصدار تصاريح بناء دور العبادة في المملكة ذات الأغلبية السنية.

حوكم النمر في قضية تخصه وحده وحُكم عليه في مايو/أيار 2014. حوكم الآخران ضمن مجموعة وصدر الحكم ضدهما في أكتوبر/تشرين الأول 2014. كان عُمر النمر ومرهون 17 عاما وقت توقيفهما، في حين كان عُمر الزاهر 15 عاما.

تناقلت وسائل الإعلام المحلية إن المحكمة العليا السعودية أيدت حُكم إعدام النمر في سبتمبر/أيلول 2015، وأن المحكمة العليا أخطرت قريب لمرهون بأن حُكم إعدامه هو والزاهر تأكد في أكتوبر/تشرين الأول 2015.

نفذت المملكة في 2 يناير/كانون الثاني 2016 حُكم إعدام جماعي بحق 47 رجلا أدينوا في اتهامات تتصل بالإرهاب، وكان 4 منهم شيعة، بينهم رجل الدين البارز نمر النمر، عم علي النمر. الحُكم الصادر ضد علي سعيد الربح، أحد الرجال الشيعة الآخرين الذين أُعدموا في 2 يناير/كانون الثاني، يشير إلى أنه كان تحت 18 عاما وقت ارتكابه لبعض الجرائم المتصلة بالتظاهر المزعومة، التي حُكم عليه بسببها بالإعدام في 2014.

في 2015 أعدمت إيران وباكستان دون غيرهما من الدول أشخاصا جراء جرائم ارتكبوها تحت سن 18 عاما، بحسب تقدير "منظمة العفو الدولية". الدولتان – فضلا عن بنغلادش والمالديف – حكمتا أيضا على أحداث بالإعدام العام الماضي، فيما يبقى أحداث بالسجون بانتظار الإعدام في كل من إندونيسيا وإيران وبابوا غينيا الجديدة والسعودية.

منذ بداية 2016 أعدمت السعودية 84 شخصا. أعدمت السعودية 158 شخصا في 2015، وأغلب الأحكام كانت تتصل بالقتل وتهريب المخدرات.

تكفل المادة 13 من "الميثاق العربي لحقوق الإنسان" – الذي صدقت عليه السعودية في 2009 – الحق في المحاكمة العادلة. المادة 15 من "اتفاقية مناهضة التعذيب" – التي انضمت إليها السعودية في 1997 – تُلزم المملكة بأن "تضمن... عدم الاستشهاد بأية أقوال يثبت أنه تم الإدلاء بها نتيجة للتعذيب، كدليل في أية إجراءات...".

أما اتفاقية حقوق الطفل – التي صدقت عليها السعودية في 1996 – فتنص على عدد من الحقوق المهمة للأطفال المتهمين بارتكاب جرائم. تشمل الحق في "المساعدة الملائمة لإعداد وتقديم دفاعه" (المادة 40.2)، والحق في "قيام سلطة أو هيئة قضائية مختصة ومستقلة ونزيهة بالفصل في دعواه دون تأخير في محاكمة عادلة وفقا للقانون، بحضور مستشار قانوني أو بمساعدة مناسبة أخرى وبحضور والديه أو الأوصياء القانونيين عليه" (المادة 40.3) والحق في "عدم إكراهه على الإدلاء بالشهادة أو الاعتراف بالذنب" (المادة 40.4). المادة 37 (أ) تحظر إعدام الأطفال في جميع الحالات. قالت هيومن رايتس ووتش إن السلطات السعودية يظهر انتهاكها لهذه الالتزامات في قضايا النمر والمرهون والزاهر.

قالت ويتسن: "المحاكمات الجائرة للمواطنين الشيعة هي أداة أخرى تستخدمها المملكة لإسكات مطالب مواطنيها بإنهاء التمييز القائم منذ زمن طويل. على السلطات ألا تستمر في قمعها بقتل هؤلاء الأحداث".
 

أحكام الإعدام بحق المتظاهرين الأطفال
الاتهامات الموجهة إلى الشُبان تتصل بدورهم المزعوم في مظاهرات المنطقة الشرقية. ورد في حُكم النمر أنه أدين في جرائم منها "الافتيات على ولي الأمر والخروج من طاعته" و"الخروج في المسيرات والمظاهرات والتجمعات المناوئة للدولة وترديد بعض الشعارات المناوئة للدولة" وإنشاء موقع على هاتفه البلاكبيري للتحريض على التظاهر. كما أنه أدين بالاعتداء على الشرطة بالزجاجات الحارقة والحجارة وبإخفاء رجال مطلوبين لدى الشرطة وبمساعدة رجال مطلوبين على الإفلات من مداهمات الشرطة. لم يقدم الادعاء أية تفاصيل عن إصابات ألمت برجال شرطة.

قُبض على الزاهر والمرهون في مارس/آذار ومايو/أيار 2012 على التوالي، ويواجهان عدة اتهامات منها "المشاركة في مسيرات وتجمعات... وترديد شعارات مناوئة للدولة" وكذلك إلقاء زجاجات حارقة على دوريات للشرطة. كما اتُهم المرهون بالاعتداء على مركز شرطة العوامية، ونهب صيدلية لسرقة إمدادات طبية لعلاج المتظاهرين المصابين، وبدعم المتظاهرين عن طريق "شراؤه الماء وتوزيعها عليهم". اتُهم الزاهر بشكل منفصل بإخفاء رجال تبحث عنهم قوات الأمن. أدانت المحكمة الزاهر والمرهون بجميع هذه التهم.

احتُجز الثلاثة دون اتهامات لمدة 22 شهرا ومُنعوا من مقابلة محامين، قبل المحاكمات وخلالها. قال أقارب لـ هيومن رايتس ووتش إن بعد توقيف النمر في فبراير/شباط 2012 لم تسمح الشرطة لهم بزيارته لمدة 4 شهور. أحالته السلطات للمثول أمام قاض لأول مرة في ديسمبر/كانون الأول 2013 دون إخبار أسرته، أو السماح له بتعيين محام أو مده بنسخة من لائحة اتهامه. عقدت المحكمة 3 جلسات أخرى قبل أن تسمح السلطات للنمر بتعيين محامي. لكن كما يظهر من سجلات القضية، فرغم أوامر المحكمة بزيارة المحامي للنمر في السجن، لم تسمح سلطات سجن مباحث الدمام له بالزيارة، لتمكينه من تحضير الدفاع قبل أو أثناء المحاكمة.

قال أحد أقارب المرهون لـ هيومن رايتس ووتش إن السلطات احتجزته دون اتهامات منذ توقيفه في 21 مايو/أيار 2012 وحتى أواخر 2013 قبل أن تتهمه وتحيله للمحكمة. قال القريب إن السلطات احتجزته بمعزل عن العالم بمنشأة احتجاز للأحداث لمدة أسبوعين، ثم تم حبسه بمعزل عن العالم مرة أخرى لشهر قبل نقله إلى سجن مباحث الدمام. قال المحامون الممثلون للمرهون والزاهر للمحكمة إنه لم يُسمح لكليهما بتواجد أحد الأبوين أو المحامي أثناء الاستجواب.

خلصت المحكمة لأن النمر مُذنب بناء على اعتراف وقعه أثناء استجوابه، رغم أقواله بأن أحد المحققين كتب الاعتراف وأنه وقعه تحت الإكراه دون الاطلاع عليه. ذكر الحُكم أنه رغم كتابة المحقق للاعتراف، فهو مقبول لأن النمر وقعه. قال الأقارب إن النمر وافق على التوقيع على الأقوال بعد أن أخبره المحققون بأنهم سيفرجون عنه.

كما قضت المحكمة بأن المرهون والزاهر مذنبين بناء على اعترافات كل منهما. قال محامو الزاهر والمرهون إن الصبيين تعرضا للضرب والتهديدي بمزيد من الضرب إذا لم يوقعا على الاعترافات التي كتبها المحققون. قال قريب للمرهون إن المحققين أجبروه على أن يبصم بإصبعه على الاعتراف الذي لم يقرأه، وأنه كان يعاني من صعوبة في الكلام وتناول الطعام بسبب ما تعرض له من ضرب.

لم يعرض الادعاء أية أدلة مادية تربط المرهون بجرائمه المزعومة باستثناء الاعتراف. بالنسبة لزاهر، فقد عرض الادعاء اعترافه وتقرير توقيفه فحسب. ورد في هذا التقرير أن الشرطة " شاهدت "أشخاص معهم قنابل [مولوتوف] وتم ملاحقة أحدهم حتى تم القبض عليه وبعد مسح الموقع الذي كانوا فيه وجد عدد ثلاثة وثلاثين علبة زجاج مليئة بالبنزين..."

رفض القضاة سريعا مزاعم المدعى عليهم بأن المحققين أكرهوهم على الاعتراف، دون التحقيق في ادعاءات انتزاع الأدلة تحت وطأة التعذيب. مع رفض ادعاءات النمر بالتعذيب، قضى القاضي بأن "ما قرره الفقهاء من أن الرجوع عن الإقرار الذي موجبه التعزير لا يقبل ... وبذلك فإن ما رجع عنه المدعى عليه مما ورد في إقراره المصدق شرعا لا يقبل وما دفع به المدعى عليه من الإكراه لم يثبت قضاء".

طلب محامو الرجال الثلاثة من المحكمة استدعاء من حققوا معهم لاستيضاح ظروف استخلاص الاعترافات، لكن تجاهل القضاة هذه الطلبات.

تحتجز السلطات الثلاثة في سجن مباحث الدمام.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.