(لندن) - قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن اليائسين والضعفاء من السوريين بحاجة إلى حد كبير لزيادة الدول المانحة لمساعداتها، والعمل بالتزامن مع ذلك على إصلاحات هامة في سياسات البلدان المُضيفة. ستجتمع الدول المانحة بلندن في 4 فبراير/شباط 2016، في مؤتمر لدعم سوريا والمنطقة.
من المتوقع أن يركّز المؤتمر بشكل كبير على رفع مستوى التبرعات للاجئين السوريين والدول المُضيفة. أصدرت هيومن رايتس ووتش أيضا تقريرا من 14 صفحة اعتمد على أبحاث في البلدان التي تستضيف غالبية اللاجئين السوريين. يقول إنه على المانحين تأمين تعهدات من البلدان المضيفة بوقف منع السوريين من الفرار وعدم إعادتهم إلى منطقة الحرب، وإنهاء متطلبات التسجيل القاسية التي يتعذر على اللاجئين الإيفاء بها، وإزالة العقبات التي تحول دون حصول الأطفال اللاجئين على التعليم.
قال بيل فريليك، مدير برنامج اللاجئين في هيومن رايتس ووتش: "الدول المُضيفة التي يشكل اللاجئون فيها حوالي ربع السكان بحاجة الى مزيد من مساعدات المانحين إلى حد كبير، ولكن هذا المال لا يساعد السوريين الذين يُعادون أو يُدفعون إلى العوز بسبب السياسات القاسية... يجب وضع جدول أعمال بشأن اللاجئين السوريين في هذا المؤتمر، بما يجعل احترام حقوقهم الأساسية أولوية قصوى".
قالت هيومن رايتس ووتش إنه مع الاعتراف بالتأثير الكبير لاستضافة أكثر من 4.5 مليون لاجئ سوري، على الجهات المانحة في المؤتمر تأمين تعهدات من البلدان المُضيفة لوضع حد للممارسات التي تنتهك الحظر على الإعادة القسرية، أو إعادة الأشخاص إلى بلدان يتعرضون فيها لخطر ضرر جسيم. يُلزِم القانون الأردن ولبنان وتركيا بضمان أن الذين يفرّون من سوريا، بمن فيهم اللاجئين الفلسطينيين وغيرهم من المقيمين بصفة اعتيادية في سوريا، يستطيعون طلب اللجوء.
قيّدت هذه البلدان الثلاثة جميعها مؤخرا دخول اللاجئين من سوريا، وصدّت طالبي اللجوء، وأعادت لاجئين قسرا. في الأردن، الآلاف من الناس الذين دخلوا من سوريا عالقون منذ عدة أشهر في ظروف الصحراء دون مساعدة كافية في منطقة منزوعة السلاح على بعد بضع مئات من الأمتار إلى الجنوب من الحدود السورية الأردنية.
الدول المانحة خارج المنطقة التي تصدّ اللاجئين عند حدودها، وتستخدم تدابير قمعية أخرى لردع وتحويل طالبي اللجوء، ليست في وضع يسمح لها باتخاذ مكانة أخلاقية رفيعة أمام دول خط المواجهة. قالت هيومن رايتس ووتش إنه على الدول المانحة توفير الدعم الكافي لتلبية الاحتياجات الإنسانية للاجئين في المنطقة، وأيضا إظهار الالتزام بمعاملة عادلة لطالبي اللجوء عند حدودها.
على الاتحاد الأوروبي والحكومات الأخرى ضمان أنه يمكن للسوريين وغيرهم تقديم طلبات لجوء على الحدود البرية وضمان الوصول إلى اللجوء لأولئك الموجودين على أراضيها. على أعضاء الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وأستراليا وروسيا ودول الخليج أيضا زيادة عدد اللاجئين السوريين المستعدين لقبول إعادة توطينهم.
على الجهات المانحة في المؤتمر الطلب من البلدان المُضيفة إنهاء متطلبات التسجيل القاسية التي يتعذر على معظم اللاجئين الإيفاء بها. منعت الشروط اللبنانية المكلفة والمقيِّدة، على سبيل المثال، معظم اللاجئين من تجديد وضعهم القانوني في لبنان منذ يناير/كانون الثاني عام 2015، مما تسبب في ضرر شديد عليهم. أصبح اللاجئون دون الوضع القانوني عرضة للاعتقال وغالبا ما يحرمون من الحصول على سبل العيش، والرعاية الصحية، والتعليم. في مايو/أيار 2015، طلبت السلطات اللبنانية من وكالة الأمم المتحدة للاجئين وقف تسجيل اللاجئين السوريين في لبنان.
مع وجود مئات الآلاف من الأطفال السوريين خارج المدرسة، على الجهات المانحة زيادة تمويل التعليم والعمل أيضا مع البلدان المضيفة لرفع الحواجز من طريق الحصول على التعليم. على البلدان المضيفة تخفيف القيود الضارة على الالتحاق بالمدارس، مثل الطلب من الأطفال السوريين ثبوتيات الشهادات المدرسية الرسمية التي تركتها عائلات كثيرة عندما فرت من سوريا. على لبنان والأردن إعادة النظر في السياسات التي تُخضِع السوريين لعقوبات بما فيها الاعتقال، لافتقارهم إلى الإقامة أو العمل بدون تصاريح.
تساهم مثل هذه السياسات في عمالة الأطفال، والتسرب من المدارس، لأن الأسر الفقيرة ترى الأطفال أقل عرضة للخطر من البالغين إذا كانوا يعملون. على تركيا تنفيذ سياسة جديدة عادلة بسرعة للسماح لبعض السوريين التقدم بطلب للحصول على تصاريح عمل لإعالة أنفسهم، والتي يمكن أن يكون لها فوائد كبيرة للأطفال اللاجئين. على الجهات المانحة أن تحثّ لبنان والأردن على إجراء تغييرات مماثلة تأذن للاجئين بالعمل بشكل قانوني.
قال فريليك: "بينما تستعر المعارك في سوريا، لا يستطيع اللاجئون العودة، بغض النظر عن مدى صعوبة الحياة في البلدان المُضيفة أو الرحلة المحفوفة بالمخاطر إلى أوروبا... التعهدات المالية حاسمة، ولكن خطة الاستجابة الفعالة ضرورية لإجراء إصلاحات في السياسات الرديئة لحل محنة السوريين".