(تونس) – على السلطات المغربية إسقاط التهم الموجهة إلى مؤرخ ونشطاء آخرين متهمين باستخدام التمويل الأجنبي للمس بالأمن الداخلي.
تنطوي القضية الجنائية المرفوعة ضد المعطي منجب، وهو أستاذ في جامعة محمد الخامس بالرباط، و4 آخرين يعملون معه في منظمات غير حكومية، على عقوبة بالسجن لمدة تصل إلى 5 سنوات. نشر منجب العديد من المقالات المنتتقدة للحكومة، وشارك في جهود ترمي إلى تعزيز الحوار بين الإسلاميين واليساريين في المغرب لبناء جبهة معارضة. رفضت الحكومة سابقا الاعتراف القانوني بالجمعية التي شارك في تأسيسها، وحظرت الاجتماعات التي نظمها مركز أبحاث يترأسه، وسجنت زميلا له بتهمة الخيانة الزوجية على أساس أدلة مشكوك فيها.
قالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "أخذ المال بهدف "المس بالأمن الداخلي" هو تهمة سياسية واضحة توجت نمطا من المضايقات طيلة سنتين ضد المعطي منجب وزملائه من النشطاء. إنه دليل آخر على أن مساحة التفكير النقدي والتعبير في المغرب تتقلص".
تم إخطار منجب والرجال الآخرين، في 29 و30 أكتوبر/تشرين الأول 2015، بأنهم أُحيلوا على المحاكمة في 19 نوفمبر/تشرين الثاني. وتنص تهمة أمن الدولة التي يواجهونها، بموجب الفصل 206 من القانون الجنائي، على أنه: "يؤاخذ بجريمة المس بالسلامة الداخلية للدولة من تسلم، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، من شخص أو جماعة أجنبية، بأي صورة من الصور هبات أو هدايا أو قروض أو أي فوائد أخرى مخصصة، أو مستخدمة كليا أو جزئيا لتسيير أو تمويل أو دعاية أو نشاط من شأنه المساس بوحدة المملكة المغربية أو سيادتها، أو استقلالها، أو زعزعة ولاء المواطنين للدولة المغربية ولمؤسسات الشعب المغربي".
قالت هيومن رايتس ووتش إن على المغرب إلغاء الفصل 206 من القانون الجنائي أو تعديله لجعله متوافقا مع التزام المغرب في مجال حماية الحق في حرية تكوين الجمعيات والتعبير المنصوص عليها في "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، الذي صادق عليه المغرب عام 1979. وقالت هيومن رايتس ووتش إن تجريم التعبير السلمي وأنشطة أخرى معرّفة بشكل فضفاض، وتستفيد من التمويل الأجنبي، يتعارض مع حق المغاربة في الحصول على هذا التمويل، وهو جزء لا يتجزأ من ممارسة حرية تكوين الجمعيات.
كتب مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات ماينا كياي في تقرير 2013: "إن القدرة على التماس وتأمين واستخدام الموارد أساسية بالنسبة لبقاء وفعالية العمليات التي تقوم بها أي جمعيات وإن صغر حجمها. والحق في تكوين الجمعيات لا يقتصر على تمكّن الأفراد أو الكيانات القانونية من تشكيل الجمعيات والانضمام إليها بل هو يشمل التماس وتلقي واستخدام الموارد - البشرية والمادية والمالية - من مصادر محلية وأجنبية ودولية".
في مايو/أيار، زار مدققو الحسابات الضريبية منجب لفحص الوثائق المالية لمركز ابن رشد للدراسات والتواصل، ومقره الرباط، الذي أسسه. قرّر منجب بعد ذلك إغلاقه في نهاية عام 2014، مُشيرا إلى جهود السلطات لمنع أنشطته. في 31 أغسطس/آب 2015، علم منجب أن الشرطة تحقق معه عندما احتجزته لفترة وجيزة للاستجواب في مطار محمد الخامس بالدار البيضاء، لدى عودته من رحلة إلى الخارج.
استجوبت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية منجب في 14 سبتمبر/أيلول، وأيضا في 19 أكتوبر/تشرين الأول، حول مركز ابن رشد واتهمته بـ "المس بمصداقية مؤسسات الدولة"، وفقا لـ منجب. كما منعته سلطات المطار من السفر إلى برشلونة يوم 16 سبتمبر/أيلول، وإلى النرويج يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول.
بدأ منجب إضرابا عن الطعام في 6 أكتوبر/تشرين الأول، احتجاجا منع السفر والمضايقات. لم تبلغ السلطات منجب رسميا بالتهم الموجهة إليه أو منع السفر، ولكن وسائل إعلام مغربية أوضحت، نقلا عن مسؤولين، أن السلطات القضائية فرضت منع السفر على أساس تحقيق في مزاعم بـ "اختلالات مالية" في مركز ابن رشد.
حققت السلطات أيضا مع عبد الصمد عياش، متهم آخر، في 15 أغسطس/آب، بشأن عمله في مركز ابن رشد و"الجمعية المغربية لصحافة التحقيق"، وهي جمعية أخرى ترأسها منجب. أُعيد عياش من مطار محمد الخامس في 25 أغسطس/آب، بينما كان يحاول السفر إلى تونس.
في 29 أكتوبر/تشرين الأول، رفضت المحكمة الإدارية بالرباط طلب منجب بالحكم بعدم قانونية منع السفر، وقالت إنه من السابق لأوانه بالنسبة للمحكمة الفصل في القضية حتى تنقضي مدة 3 أشهر على سريان المنع. لكن في اليوم نفسه، أبلغ مكتب وكيل الملك محامي منجب بأن قرار منع السفر تم رفعه، وأن منجب أُحيل على المحاكمة يوم 19 نوفمبر/تشرين الثاني. أوقف منجب في ذلك التاريخ إضرابه عن الطعام.
واتُهم منجب أيضا بالنصب على الآخرين بموجب الفصل 540، والذي يُقر عقوبة بالسجن تصل إلى 5 سنوات.
من بين المتهمين مع منجب، هشام منصوري، مدير المشاريع في الجمعية المغربية لصحافة التحقيق؛ هشام خريبيش، المعروف باسم هشام الميرات؛ ومحمد الصبر. الميرات هو الرئيس السابق لـ "جمعية الحقوق الرقمية"؛ والصبر هو رئيس "الجمعية المغربية لتربية الشبيبة" (تربية الشبيبة). يقضي منصوري بالفعل حكما بالسجن لمدة 10 أشهر بسبب مزاعم "المشاركة في الخيانة الزوجية".
قال كل من عياش ومنصوري والميرات إن الشرطة استجوبتهم بخصوص برنامج للصحفيين، والصحفيين المواطنين، والمدونين أقامته المنظمة غير الحكومية الهولندية "فري برس أنليميتد". في يونيو/حزيران، عرقلت الشرطة دورة تدريبية لمدة 4 أيام أقامتها المنظمة بالتعاون مع "تربية الشبيبة" في مراكش، وصادرت الهواتف الذكية التي وزعها المنظمون على المشاركين. وقالت الجمعية إن الدورة التدريبية تهدف إلى تعليم المهارات المهنية ذات الصلة بصناعة القصص باستعمال تقنيات التصوير والصوت والفيديو والحماية. كما استجوبت الشرطة الصبر عن دور "تربية الشبيبة" في التدريب.
عام 2013، شارك منجب في تأسيس جمعية "الحرية الآن" وأصبح رئيسها، وهي جميعة لحرية الإعلام حرمتها السلطات من الاعتراف القانوني. من بين المؤسسين رضا بن عثمان، وعلي أنوزلا. سجنت السلطات أنوزلا، وهو صحفي مستقل رائد، لمدة 38 يوما عام 2013، لاتهامات بتبرير الإرهاب ودعهم ماديا بسبب مقال حول "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" نشره في موقعه على الانترنت "لاكوم"، وهو حاليا معطل. قضى بن عثمان 4 سنوات في السجن بسبب تعليقات نشرها على الإنترنت، حكمت المحكمة بأنها تُشكل "إهانة موجهة إلى شخص الملك" و"إشادة بالإرهاب".
منعت الشرطة اجتماعا عموميا لـ الحرية الآن في نادي هيئة المحامين في الرباط في يوليو/تموز 2014، ما اضطر الجمعية إلى تغيير مكان النشاط.
قالت سارة ليا ويتسن: "قد يكون المعطي منجب العامل المشترك الذي يربط بين سلسلة من الإجراءات القمعية التي اتُخذت على مدى العامين الماضيين. لكن هذا لا يتعلق فقط بناشط واحد، بل بعدم تسامح المغرب المتزايد مع الجمعيات المنتقدة والجريئة، والتمويل الأجنبي الشرعي الذي يدعم بعضها".