(نيويورك) – إن حكم المحكمة العليا في إيران بمنع شخصية قضائية سابقة من شغل مناصب حكومية على خلفية صلته بقتل المتظاهرين في أعقاب انتخابات 2009 الرئاسية المُتنازع على نتيجها، هو بمثابة خطوة نحو تحقيق العدالة، ولكنها غير كافية إلى حد بعيد. وكانت لجنة برلمانية قد خلصت عام 2010 إلى أن مرتضوي مسؤول عن مقتل 3 أشخاص جراء أوامره بنقلهم إلى مركز احتجاز كهريزاك الذي شهد عمليات تعذيب على نطاق واسع بحسب تقارير.
أفادت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الرسمية (إرنا) في 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2014، أن المحكمة أيدت قرار إحدى محاكم طهران الجنائية بمنع المُدعي العام لطهران السابق والقاضي السابق من تولي أي منصب قضائي مرة أخرى، ومن شغل أي منصب حكومي لمدة 5 سنوات. وكانت قد تمت إقالته من منصبه جراء تورطه المزعوم عام 2009 في "الاحتجاز غير القانوني" للمُحتجين الذين مات العديد منهم. وأوردت وكالة أنباء تسنيم الإيرانية في 16 نوفمبر/تشرين الثاني أن مرتضوي يعتزم الطعن على حُكم المحكمة العليا، زاعماً أنه صدر بغير سند قانوني.
قالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "يُعد قرار المحكمة العليا بحق مرتضوي بمثابة اعتراف مُتأخر بضرورة خضوع المسؤولين رفيعي المستوى المتورطين في انتهاكات ضد المُحتجزين للمُحاسبة. ولكن ليس كافيا أن يتم منعه من تقلد منصب فقط ، أوأن يتم السماح بأن يفلت من العقاب المسؤولون المتورطون في إصدار أوامر بالاحتجاز غير القانوني للمُحتجين أفضت إلى جرحهم أوموتهم".
نجم عن أوامر الاحتجاز التي أصدرها مرتضوي، بحسب مزاعم، مقتل أمير جواديفار، ومحمد كامراني، ومحسن روح الأماني. ولقد دأب مرتضوي وسلطات قضائية أخرى على إنكار الصلة بين موت المُحتجزين وبين وقوع إصابات في كهريزاك، الذي تم إغلاقه في أواخر 2009 بأوامر من المرشد الأعلى للثورة الإيرانية. وبعد إغلاق مركز احتجاز كهريزاك، قامت السلطات بمقاضاة وإدانة عدد من المسؤولين أغلبهم من ذوي الرتب الصغيرة جراء الانتهاكات التي وقعت في كهريزاك. غير أنه لم تتم إدانة وحبس أي مسؤول أمني أو قضائي رفيع المستوى في ما يتعلق بتعذيب ومقتل المُحتجزين في كهريزاك.
وفي يوليو/تموز 2009، قام البرلمان الإيراني بتشكيل لجنة برلمانية خاصة للتحقيق في أوضاع المُحتجزين بعد الانتخابات كي تتحقق من المزاعم بشأن التعذيب وغيره من الانتهاكات لحقوق المُحتجزين؛ الذين تم إلقاء القبض عليهم ضمن الحملة القمعية التي أعقبت الانتخابات. قال تقرير اللجنة في يناير/كانون الثاني إن مرتضوي ادعى أنه أصدر أوامره بإرسال المُحتجزين إلى كهريزاك بسبب نقص الإمكانيات في سجن إيفن المركزي بطهران. إلا أن سلطات سجن إيفن نفت هذا الأمر، وقالت إنها كانت على استعداد لاستقبال المُحتجزين.
خلصت اللجنة إلى أن قرار مرتضوي بنقل المًحتجين إلى كهريزاك كان "غير مُبرر، حتى وإن لم يكن سجن إيفن جاهزاً" لاستقبالهم، وقضت بمسؤولية مرتضوي عن مقتل جواديفار، وكامراني، وروح الأماني. وقد أورد التحقيق اسم كل من علي أكبر حيدريفارد وحسن حداد دهنوي، وهما اثنان من نواب مرتضوي، كمُشتبه بهما في القضية.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2009، وجهت محكمة عسكرية التهم بقتل المحتجزين في سجن كهريزاك إلى 11 من ضباط الشرطة، وفرد مدني يزعم أنه كان يتعاون مع الشرطة، بسبب حالات الوفاة التي وقعت في كهريزاك. وفي 30 يونيو/حزيران، أشارت تقارير وسائل الإعلام الإيرانية إلى أن المحكمة العسكرية أدانت اثنين من المتهمين، وأصدرت أحكاماً ضدهما بالإعدام والجلد والغرامة المالية لتعويض عائلات الضحايا. كما أصدرت أحكاماً غير معلومة بالسجن والغرامة المالية بحق تسعة آخرين لدورهم في الانتهاكات التي تم ارتكابها في المعتقل، حسب ما جاء في التقارير الإعلامية. لكن المحكمة برأت المتهم الأعلى رتبة وهو الجنرال عزيز الله رجب زاده، قائد قوات شرطة طهران وقت حملة 2009، من كافة التهم المنسوبة إليه.
أجرت المحكمة العسكرية المُحاكمة في إطار من السرية، وأخفقت في التحقيق مع مسؤولين رفيعي المستوى من الشرطة والقضاء؛ مثل مرتضوي، وهنوي، وحيدريفارد، وإسماعيل أحمدي مقدم، وأحمد رضا رادان؛ وهما قائد قوات إنفاذ القانون ونائبه، وهي القوات التي أدارت مركز احتجاز كهريزاك وقت مقتل المُحتجزين.
وفور صدور حُكم المحكمة العسكرية، أعلن أهالي الضحايا أنهم صفحوا عن الضابطين المحكوم عليهما بالإعدام؛ وذلك لكي "يشهدوا عقاب الجناة الحقيقيين". وتابعت العائلات قضيتهم منذ ذلك الحين ضد مرتضوي ودهنوي وحيدريفارد، الذين حملوهم مسؤولية مقتل أبنائهم.
فقد مرتضوي ونائباه السابقان مناصبهم في السلطة القضائية -وبالتالي سقطت عنهم الحصانة ضد المُلاحقة القضائية- في 2010، جراء التحقيقات في تورطهم بحالات القتل في كهريزاك. ورغم الأدلة التي تربط بين مرتضوي وبين انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، فقد قام الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد بتعيينه في مناصب حكومية، في البداية كرئيس لقوات مكافحة التهريب ثم كرئيس لمؤسسة الضمان الاجتماعي.
طالبت هيومن رايتس ووتش السلطات الإيرانية مراراً بتوفير معلومات علنية بخصوص عدد ووضع التحقيقات الجنائية الرسمية بشأن دور مرتضوي وغيره من المسؤولين رفيعي المستوى في الانتهاكات التي تم ارتكابها في كهريزاك، وأن يتم التحقيق مع مرتضوي وملاحقته قضائياً لتورطه المزعوم في انتهاكات أخرى خطيرة لحقوق الإنسان.
قالت سارة ليا ويتسن: "إذا كان لدى السلطات الإيرانية أدلة على مسؤولية شخصيات بارزة عن التعذيب والقتل أثناء الاحتجاز، فإن عليها القيام بما هو أكثر من مجرد تقليص فرصهم في الحصول على وظائف. وعليها البرهنة على إمكانية تقديم المسؤولين عن مثل هذه الجرائم إلى العدالة، إذا كانت تعتزم إثبات أن إيران في سبيلها لإجراء إصلاح حقيقي في مجال حقوق الإنسان، ناهيك عن إقناع عائلات الضحايا بأن العدالة تأخذ مجراها".