(لندن، 27 أكتوبر/تشرين الأول 2014) ـ قالت هيومن رايتس ووتش في تقرير أصدرته اليوم إن النساء والفتيات اللاتي تعرّضن إلى الاختطاف على يد جماعة بوكو حرام الإسلامية أجبرن على الزواج واعتناق دين آخر، وتعرّضن إلى انتهاكات جسدية ونفسية، وإلى العمل القسري والاغتصاب أثناء الاحتجاز. وكانت هذه الجماعة قد اختطفت أكثر من 500 امرأة وفتاة منذ 2009، وضاعفت من عمليات الاختطاف منذ مايو/أيار 2013 عندما فرضت نيجيريا حالة طوارئ في المناطق التي يكثر فيها نشاطها.
اعتمد تقرير "أسابيع الرعب في معسكراتهم: العنف الذي مارسته بوكو حرام ضدّ النساء والفتيات شمال شرق نيجيريا"، والذي امتدّ على 63 صفحة، اعتمد على مقابلات أجريت مع أكثر من 46 شاهدة وضحية لعمليات الاختطاف التي نفذتها بوكو حرام في محافظات بورنو ويوبي، في منطقة أداماوا، ومن بينهن فتيات تمكنّ من الفرار بعد عملية اختطاف استهدفت 276 فتاة من مدرسة شيبوك الثانوية في أبريل/نيسان 2014. وأبرزت الروايات أن الحكومة النيجيرية أخفقت في توفير حماية كافية للنساء والفتيات من عديد الانتهاكات، ولم تقدم لهنّ دعمًا فعالا، ولا رعاية ذهنية أو صحية بعد تعرضهن إلى الاختطاف، ولم تضمن لهنّ عودة آمنة إلى المدارس، ولم تفتح تحقيقًا، ولم تحاسب المسؤولين عن الانتهاكات التي تعرضن لها.
قال دانييل بيكيلي، مدير قسم أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "لقد جلبت مأساة مدرسة شيبوك وحملة ’أعيدوا لنا بناتنا على تويتر‘ اهتماما دوليًا هاما بالوضع الخطير الذي تواجهه الفتيات في شمال شرق نيجيريا. أما الآن، فيتعين على الحكومة النيجيرية وحلفائها مضاعفة جهودهم لوضع حدّ لعمليات الاختطاف، والاستجابة للحاجيات الطبية والنفسية والاجتماعية للنساء والفتيات اللاتي تمكن من الفرار".
إضافة إلى المقابلات مع النساء والفتيات اللاتي تعرضن إلى الاختطاف، أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات أخرى مع موظفين في المجال الاجتماعي، وأعضاء من منظمات غير حكومية نيجيرية ودولية، ودبلوماسيين، وصحفيين، وزعماء دينيين، ومسؤولين حكوميين على مستوى المحافظات وعلى المستوى الفدرالي.
تُعتبر عملية الاختطاف التي جدّت في 14 أبريل/نيسان والتي استهدفت 276 طالبة من شيبوك، وهي بلدة ريفية في محافظة بورنو، أكبر عملية اختطاف نفذتها بوكو حرام. ولكن الجماعة نفسها نفذت عمليات اختطاف لعديد الأشخاص الآخرين قبل عملية شيبوك وبعدها. ويبدو أن السهولة النسبية التي لاقتها بوكو حرام أثناء تنفيذ عملية شيبوك شجعتها على مضاعفة عملياتها في مناطق أخرى.
وأعلن رئيس هيئة أركان الجيش النيجيري، أليكس باديه، في 17 أكتوبر/تشرين الأول، عن اتفاق هدنة بين نيجيريا وبوكو حرام. وأفاد حسن توكور، وهو أحد مساعدي الرئيس غودلاك جوناثان، أن هناك اتفاق أيضا بشأن الإفراج عن الفتيات اللاتي كان قد تم اختطافهن من شيبوك. ومع هذا، فقد قال منسق مركز المعلومات الوطني، مايك أوميري، في وقت لاحق إن الإفراج عن التلميذات مازال رهن التفاوض.
ورغم أن بوكو حرام قامت باختطاف بعض الضحايا بشكل تعسفي، إلا أن عملياتها تستهدف على ما يبدو الطلاب والمسيحيين على وجه خاص. وتهدد هذه الجماعة ضحاياها بالجلد، والضرب، والقتل ما لم يعتنقوا الإسلام، وينقطعوا عن المدرسة، ويلبسوا الحجاب. يُذكر أن تسمية "بوكو حرام" تعني في لغة الهاوسا "التعليم الغربي حرام" دينيًا.
قالت طالبة تبلغ من العمر 19 سنة من كندوغا في محافظة بورنو، لـ هيومن رايتس ووتش، إنها كانت مسافرة مع خمس طالبات أخريات من منازلهن إلى المدرسة في يناير/كانون الثاني، فقام متمردون تابعون لـ بوكو حرام بتوقيف السيارة، وصرخ أحدهم فيهن: "أنتم الأشخاص الذين نبحث عنهم. أنتم تعاندون وتحرصون على الذهاب إلى المدارس رغم أننا قلنا إن ’التعليم حرام‘. سوف نقتلكم هنا اليوم".
وتعرضت الطالبات إلى الاحتجاز لمدة يومين في معسكر للمتمردين وسط غابة سامبيزا الشاسعة الممتدة على مساحة 518 كلم مربع. وبعد ذلك، أطلق سراحهن بعد أن زعمن أنهن مسلمات، والتزمن عدم الذهاب إلى المدرسة مجددا. وقررت الشابات فعلا عدم العودة إلى المدرسة، والتحقن بعدد كبير من الطالبات الأخريات اللاتي غادرن المدارس الثانوية شمال شرق نيجيريا. وتعرضت نساء وفتيات أخريات إلى الاختطاف من منازلهن وبلداتهن، أو بينما كن يعملن في مزارعهن، أو بصدد نقل الماء، أو بيع بعض الأغراض على قارعة الطريق.
وعقب عملية الاختطاف الكبيرة التي حصلت في شيبوك، خصصت السلطات المحلية والحكومة الفدرالية مساعدات مادية لـ 57 طالبة تمكنّ من الإفلات من بوكو حرام، بعضها متأت من وكالات دولية وحكومات أجنبية. ولكن يبدو أن الضحايا الأخريات اللاتي تعرضن أيضا إلى الانتهاك على يد بوكو حرام لم يستفدن من هذه الأموال. وأكدت جميع النساء والفتيات اللاتي أجرت معهن هيومن رايتس ووتش مقابلات أنهن لم يحصلن على أي مساعدات أو أي رعاية نفسية أو صحية من قبل الحكومة. وعبرت العديد منهن عن عدم رغبتهن في التحدث عن الصدمة التي تعرضن لها.
قال دانييل بيكيلي: "لا ينبغي أن تشعر الناجيات من بوكو حرام بالخجل أو يتعرضن للتخويف فيلزمن السكوت عما حصل. بل إن بوكو حرام هي من يجب أن تخجل من الانتهاكات التي ارتكبتها بحق النساء والفتيات بسبب تأويل متطرف للنص الديني".
قبل منتصف 2013، قامت بوكو حرام باختطاف عدد صغير من النساء والفتيات من منازلهن أو من شوارع مدينة مايدجوري الخاضعة لسيطرة الجماعة، وهي عاصمة محافظة بورنو، ومن مدينة داماتورو، عاصمة محافظة يوبي. وفي الحالات التي قامت بتوثيقها هيومن رايتس ووتش، قامت بوكو حرام باختطاف نساء متزوجات لمعاقبتهن على عدم تبني إيديولوجيا الجماعة، وزوجت غير المتزوجات بعد أن سارع المتمردون إلى دفع مهور لعائلاتهن، ولم تعارض العائلات ذلك خوفا من الانتقام.
وبعد أن فرضت الحكومة النيجيرية حالة الطوارئ في مايو/أيار 2013 في أداماوا في محافظتي بورنو ويوبي، ضاعفت بوكو حرام من استهداف المجموعات المستضعفة، بما في ذلك النساء والأطفال والطالبات وسكان المناطق الريفية. وحذر أبوبكر شيكاو، زعيم الجماعة، أن مقاتليه سوف ينتقمون من عائلات عناصر قوات الأمن النيجيرية لأنها قامت باعتقال واحتجاز زوجات المتمردين وأطفالهن. وعلى سبيل المثال، اختطف متمردون في 7 مايو/أيار 2013 أربعة نساء وثمانية أطفال من ثكنة للشرطة في باما في محافظة بورنو.
تقدّر هيومن رايتس ووتش عدد المدنيين الذين قتلوا منذ 2009 في مئات الهجمات التي شنتها بوكو حرام على شمال شرق نيجيريا وعلى العاصمة الفدرالية أبوجا بسبعة آلاف ضحية. وقتل ما لا يقل عن أربعة آلاف من هؤلاء بين مايو/أيار 2013 وسبتمبر/أيلول 2014. وتبرز الأدلة التي قامت بجمعها هيومن رايتس ووتش إلى أن الوضع في محافظتي بورنو ويوبي في منطقة أداماوا، وخاصة في محافظة بورنو، يمثل نزاعا مسلحا ينطبق عليه القانون الإنساني الدولي، المعروف أيضًا بقوانين الحرب.
وكانت هيومن رايتس ووتش قد وثقت في السابق انتهاكات نفذتها قوات الأمن النيجيرية على نطاق واسع أثناء ردّها على هجمات بوكو حرام. ومنذ 2009، قامت قوات الأمن باستخدام القوة المفرطة، وأحرقت المنازل، واعتدت على السكان جسديًا، و"أخفت" الضحايا بشكل قسري، وأعدمت ميدانيا أشخاصا للاشتباه في مساندتهم لـ بوكو حرام.
وقال شهود لـ هيومن رايتس ووتش إنه كان بإمكان الحكومة النيجيرية تفادي بعض الضرر الذي تسببت فيه بوكو حرام إذا اعتمدت قوات الأمن على معلومات قدمها السكان حول هجمات حديثة أو وشيكة ارتكبتها الجماعة. كما قال الشهود إن قوات الأمن بدت منهكة، إما بسبب عدم وجود عدد كاف من الأعوان، أو بسبب نقص في المعدات والذخيرة.
وقالت هيومن رايتس ووتش إنه يتعين على السلطات النيجيرية اتخاذ خطوات عاجلة وكافية لحماية المجموعات المستضعفة، بما في ذلك ضمان الأمن في المدارس والحق في التعليم، وتقديم خدمات الرعاية الصحية والنفسية اللازمة لضحايا الاختطاف، وغيره من أعمال العنف.
كما يتعين على السلطات النيجيرية، اعتمادًا على المعايير الدولية للمحاكمة العادلة، محاكمة كل من تورط في ارتكاب جرائم خطيرة أثناء النزاع، بما في ذلك بوكو حرام، وعناصر قوات الأمن، وفرق المراقبة المساندة للحكومة.
قال دانييل بيكيلي: "لقد تسببت الانتهاكات التي ارتكبتها بوكو حرام، وعدم تدخل الدولة بشكل كاف، في تغذية مشاعر الخوف والألم لدى العديد من الناس في شمال نيجيريا. ويتعين على الحكومة وحلفائها مضاعفة جهودهم في توفير الحماية، وتقديم خدمات المساندة، ومحاكمة الانتهاكات التي يرتكبها كل طرف مشارك في دوامة الترويع هذه".