(بروكسل) – قالت هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية اليوم إن على اجتماع وزراء العدل والشؤون الداخلية للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في لوكسمبورغ أن يمضي قدماً من أجل استجابة شاملة وجماعية لاحتياجات البحث والإنقاذ في وسط البحر الأبيض المتوسط من أجل إنقاذ الأرواح على وجه السرعة.
قال نيكولاس جيه. بيجر مدير مكتب المؤسسات الأوربية في منظمة العفو الدولية: "بينما يزيد الاتحاد الأوربي من ارتفاع أسواره أكثر وأكثر، ترتفع أعداد المهاجرين واللاجئين الذين يُبحرون في مياه البحر الأبيض المتوسط على نحو مُتزايد، في مُحاولة يائسة منهم للوصول إلى بر الأمان والعثور على ملاذ في أوروبا. ومن المُفجع أنهم يدفعون ثمناً باهظاً على نحو مُتزايد، حيث يفقدون أرواحهم في البحر".
بعد عام واحد من غرق السفن في أكتوبر/تشرين الأول 2013، في عرض البحر الأبيض المتوسط، ووفاة أكثر من 500 شخص، تبدو الجهود الجماعية للاتحاد الأوروبي من أجل إنقاذ الأرواح في هذه المياه أكثر قليلاً من مُشينة، بحسب المنظمتين. وتُعد إيطاليا هي الدولة الوحيدة من بين الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي التي استجابت، بعملية ماري نستروم، عن طريق نشر جزء كبير من قواتها البحرية للقيام بعمليات البحث والإنقاذ.
ومع ذلك، لم تكن حتى الجهود الإيطالية الحثيثة كافية لمنع الخسائر المأساوية في الأرواح في ذلك العام، مع ظهور مؤشرات تدل على عدم قدرة إيطاليا على تحمل أعباء العملية على المدى الطويل.
وقد وصل إلى أوروبا في عام 2014، وحتى الآن ما يربو على 165 ألف لاجئ ومهاجر عن طريق البحر الأبيض المتوسط. وللأسف، يقدر عدد من لقوا حتفهم في البحر حتى الآن بأكثر من 3 آلاف شخصاً، رغم صعوبة إحصاء الأرقام الفعلية. ويأتي نصف من يصلون إلى أوروبا من إريتريا ذات النظام القمعي، ومن سوريا التي مزقتها الحرب، مع ارتفاع في أعداد النساء والأطفال على نحو مُتزايد.
ويعتبر إعلان المفوضية الأوروبية في نهاية أغسطس/آب عن إطلاق عملية جديدة تقوم بها وكالة الرقابة على الحدود الأوروبية "فرونتيكس"، وتحمل اسم عملية تريتون، بهدف دعم جهود إيطاليا، يعتبر بمثابة البادرة الأولى لاستجابة جماعية لدول الاتحاد الأوروبي بشأن الأحداث المأساوية المستمرة في عرض البحر الأبيض المتوسط.
ويتضح على نحو مُتزايد، مع ذلك، أن من غير المُرجح أن تفي عملية تريتون بالاحتياجات الفعلية لعمليات البحث والإنقاذ من أجل إنقاذ الأرواح.
قالت جوديث ساندرلاند، الباحثة الأولى بقسم أوروبا: "إن النطاق الضيق، وصلاحيات الإنفاذ المحدودة لعملية تريتون لا يجعلان منها بديلاً لعملية ماري نستروم. وإذا كان الاتحاد الأوروبي جاداً بشأن منع هذه الأحداث المأساوية في المستقبل، فعليه أن يمنح عملية تريتون الصلاحيات والموارد اللازمة لإنقاذ القوارب في جميع أنحاء البحر الأبيض المتوسط".
وكان ينبغي لعملية تريتون، التي ستنطلق في نوفمبر/تشرين الثاني برعاية فرونتيكس أن تتوافق، على الأقل، مع عملية ماري نستروم، من ناحية مجال الحركة، والصلاحيات، والتمويل. وكما هو الحال، خصصت فرونتيكس ميزانية مقدارها ثلاثة ملايين يورو شهرياً للعملية، في مقابل 9 ملايين يورو تنفقها إيطاليا على عملية ماري نستروم شهرياً. ومن أجل إنقاذ الأرواح، يجب أن تعمل عملية تريتون في المياه الدولية، كما يحدث في إطار عملية ماري نستروم، وأن تغطي مناطق البحث الإيطالية والمالطية بالكامل.
وتحث منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش أيضاً وزراء العدل والشؤون الداخلية بالاتحاد الأوربي على تبني نهج طويل الأمد وشامل في التعامل مع موجات الهجرة إلى أوروبا، بما أن الارتفاع الحاد في عدد من يعبرون البحر الأبيض المتوسط لا يرجع فقط للاضطرابات المتزايدة في الشرق الوسط، والنزاعات الأوسع نطاقاً، وتردي الأوضاع في ليبيا.
قال نيكولاس جي. بيجر: "بكل بساطة، يضطر الناس على أن يتخذوا سبيلهم في البحر على متن قوارب مُتهالكة وخطرة نظراً لموقف الاتحاد الأوربي من الهجرة، المبني على أساس أمني. ويشمل هذا الموقف إغلاق الحدود البرية لدول الاتحاد على نحو مُتصاعد، وغياب الطرق الآمنة والشرعية لطالبي اللجوء حتى يصلوا إلى دول الاتحاد الأوروبي".
ويمكن أن تشمل الطرق الآمنة والشرعية زيادة حصص إعادة التوطين، والتوسع في منح التأشيرات لأسباب إنسانية، وتسهيل لم شمل الأسرة. وتحث منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش أيضاً الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على ضمان تقاسم المسؤولية بشأن من تم إنقاذهم، ووصلوا إلى الشاطئ، مما يقلص الحاجة إلى تحركات تالية غير مُنتظمة داخل دول الاتحاد. ويُمكن تحقيق هذا من جانب الدول الأعضاء عبر جمع الأقارب معاً بدلاً من تطبيق القاعدة العامة بموجب لائحة دبلن الخاصة بالاتحاد الأوروبي والتي تنص على مسؤولية دولة الوصول الأول في الاتحاد الأوروبي عن مُعالجة طلبات اللجوء.
قالت جوديث ساندرلاند: "سيكون اجتماع مجلس العدل والشؤون الداخلية اختباراً كاشفاً لالتزامات وتعهدات الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء بموجب القانون الدولي بإنقاذ الأرواح من الغرق في البحر. ويجب أن ينصب تركيز الاتحاد الأوروبي، أولاً وقبل أي شيء، على اتخاذ تدابير جماعية وشاملة للبحث والإنقاذ، من شانها أن تحمي وتنقذ، على نحو فعال وعلى وجه السرعة، أرواح المُهاجرين واللاجئين في أخطر طريق بحري في العالم".