Skip to main content

الحصيلة البشعة للقنابل العنقودية المميتة في سوريا

نُشر في: CNN

كان الجو غائما خلال فترة ما بعد ظهر يوم الثالث من يناير/كانون الثاني حينما قال السكان إن القنابل العنقودية سقطت على بلدة اللطامنة السورية.

سقطت ثلاثة قذائف تحتوي على ذخائر عنقودية في الحقول المجاورة، ويبدو أنها لم تسفر عن أية أضرار، ولكن قذيفة رابعة سقطت في الشارع بين المباني السكنية وكان أثرها مدمرا.

وقال سكان إن رجلا كان يقود سيارته في الشارع عندما انفجرت ذخائر عنقودية من صواريخ، فأودت بحياته على الفور. وأصيب خمسة عشر مدنيا كانوا يسيرون في الشارع أو في منازلهم، بما في ذلك نساء وأطفال، وفقا لاثنين من السكان وأدلة فيديو. وقال سكان إنه بعد ساعة من الهجوم، قتلت قنبلة عنقودية لم تنفجر عند الارتطام رجلا حاول إزالتها من فناء منزله. لقد انفجرت بين يديه.

أفادت هيومن رايتس ووتش وغيرها عدة مرات، منذ منتصف عام 2012، سقوط ضحايا من المدنيين نتيجة استخدام سوريا للقنابل العنقودية المقذوفة جوا، ولكن الهجمات الأخيرة على اللطامنة  وغيرها من الحالات الأخيرة تعد من الحالات الأولى المعروفة عن استخدام سوريا للذخائر العنقودية الأرضية. ويبدو أن القذائف أطلقت من على مقربة من مطار حماة، الذي تسيطر عليه الحكومة.

تشير الأدلة التي رأيناها إلى أن قوات الحكومة السورية أطلقت قذائف قنابل عنقودية  من عيار 122 ملم تحتوي على ذخائر صغيرة باستخدام قاذفة صواريخ متعددة الفوهات من نوع غراد  BM-21،وهو نظام يتم تحميله على شاحنة وقادر على إطلاق 40 صاروخا في وقت واحد تقريبا بمدى يصل إلى ما بين 4 إلى 40 كيلومترا ( 2,5 إلى 25 ميلا). وقاذفات صواريخ غراد معروفة بعدم قدرتها على أن تستهدف بدقة نظرا لافتقارها لنظام توجيه. ويفاقم هذا من خطر تأثير الذخائر الصغيرة واسع المجال التي تحتوي عليها الصواريخ.

شهدت العديد من البلدان، بما في ذلك لبنان وكمبوديا، وقوع خسائر بين المدنيين بسبب مثل هذا النوع من الذخائر الصغيرة، سواء في وقت الهجوم أو بسبب الذخائر الصغيرة التي لم تنفجر لدى الارتطام الأولي. كل ذخيرة صغيرة بحجم بطارية من نوعية "دي"مع شريط أبيض مميز، ويجعل تصميم نظام الفتيل كل واحدة منها شديدة الحساسية وعرضة للانفجار إن تم تحريكها.

بعد سنوات من الضرر بالمدنيين جراء الذخائر العنقودية، ساعد استخدام إسرائيل الموسع لهذه الأسلحة في جنوب لبنان عام 2006 في دفع الحكومات إلى التحرك. وسعى تحالف واسع النطاق من الحكومات ذات التفكير المشترك، بالعمل مع جماعات المجتمع المدني مثل منظمة هيومن رايتس ووتش ومنظمات دولية، إلى القيام بشيء ما للحد من أضرار غير مقبولة ناجمة عن الذخائر العنقودية.

وتحظر اتفاقية الذخائر العنقودية الناتجة عن تلك المساعي والتي اعتمدت في 30 مايو/أيار 2008، تحظر بشكل شامل الذخائر العنقودية وتطالب بإزالتها وتقديم المساعدة للضحايا. وقد تبنى ما مجموعه 111 دولة، بما في ذلك العديد من المستخدمين السابقين والمنتجين والحائزين للأسلحة، وكذلك البلدان الملوثة بمخلفات الذخائر العنقودية، اتفاقية الحظر.

مع ذلك لا يزال هناك اهتمام محدود في مناطق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث هناك ثلاث دول فقط – العراق ولبنان وتونس – انضمت لمعاهدة حظر القنابل العنقودية. هناك بعض الدول، مثل الأردن، تقول بأنها بحاجة إلى مزيد من الوقت لدراسة مقتضيات المعاهدة، في حين أن دولا أخرى، بما في ذلك مصر وإيران وإسرائيل، أنتجت واستوردت وصدرت وخزنت ذخائر عنقودية.

صواريخ الذخائر العنقودية من عيار 122 ملم التي تستخدمها سوريا، تحمل علامات الهيئة العربية للتصنيع المملوكة للدولة المصرية وشركة مصرية تدعى مصنع صقر للصناعات المتطورة. يمكن أن تكون سوريا قد اشترت هذه الذخائر العنقودية من مصر، أو تلقتها في إطار التعاون العسكري، أو حازتها بوسيلة أخرى. وفي ظل انعدام الشفافية، فإنه من المستحيل القول كيف ومتى تم تصنيعها أو نقلها، على الرغم من أنه من المرجح أن تكون سوريا قد حصلت عليها منذ فترة طويلة.

إن استخدام سوريا المفرط للذخائر العنقودية، بما في ذلك في المناطق المأهولة بالسكان، هو علامة أخرى على استخفافها السافر بالقانون الدولي وحماية مدنيينها. واستخدام سوريا للذخائر العنقودية يتعارض مع المعايير الدولية الجديدة التي يجري إنشاؤها بموجب اتفاقية الذخائر العنقودية، التي ترفض أي استخدام لهذه الأسلحة.

يمكن بالفعل رؤية تأثير الاتفاقية الوقائي والمعايير التي هي بصدد إنشائها، مع قيام الدول التي انضمت إلى الحظر سريعا بتدمير مخزوناتها من الذخائر العنقودية.

في سوريا، وفي كل مرة تستخدم فيها الحكومة الذخائر العنقودية والأسلحة المتفجرة الأخرى، يتم إنشاء إرث قاتل من الذخائر غير المنفجرة. وبالنظر إلى تأثيرها الإنساني الرهيب، ينبغي على جميع الحكومات، بغض النظر عن موقفها من الانضمام إلى اتفاقية الحظر، الضغط على سوريا لوقف استخدام الذخائر العنقودية.

ماري ويرهام هي مديرة مناصرة حقوق الإنسان بقسم الأسلحة في هيومن رايتس ووتش ومحررة تقرير مراقبة الذخائر العنقودية 2012

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة