(دبي) - قالت هيومن رايتس ووتش اليوم بمناسبة إصدارها الفصل الخاص بالإمارات العربية المُتحدة ضمن التقرير العالمي لعام 2011، إن على السلطات الإماراتية أن تكف عن مضايقة المدافعين عن حقوق الإنسان وخنق المعارضة.
تقرير هيومن رايتس ووتش العالمي الذي جاء في 649 صفحة، هو السجل السنوي الـ 21 للمنظمة، الذي يعرض ممارسات حقوق الإنسان في شتى أنحاء العالم، ويُلخص قضايا حقوق الإنسان الكبرى في أكثر من 90 دولة في شتى بقاع الأرض. طوال عام 2010 لجأت السلطات الإماراتية إلى الرقابة على ومضايقة المدافعين عن حقوق الإنسان والمحامين الحقوقيين، مع إعاقتها للرصد المستقل للانتهاكات الذي من شأنه أن يحدّ منها. في الوقت نفسه، على حد قول هيومن رايتس ووتش، فإن إعلان أنظمة جديدة للعمل في 15 يناير/كانون الثاني 2011 لتقليص الممارسات الاستغلالية لوكالات استقدام العمالة الوافدة، التي قد تفرض رسوماً استغلالية للاستقدام للعمل وتوّفر عقوداً مزيفة للعاملين، يعتبر بادرة حسنة على الالتزام الإيجابي بالتصدي لواحدة من أخطر مشكلات حقوق الإنسان في البلاد؛ وهي الإساءة إلى عمال البناء الوافدين.
وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "إن تحرك السلطات الإماراتية ضد المدافعين عن حقوق الإنسان لا يتسق مطلقاً مع رسالة الحكومة المتمثلة في أن الإمارات دولة مفتوحة ومتسامحة. على الحكومة الإماراتية أن تصادق على عمل الإماراتيين الذين يروجون للحوار السياسي السلمي، كونهم في نفس أهمية رجال البنوك والإنشاءات في الإمارات، فيما يخص التنمية والتقدم".
وكانت السلطات الإماراتية قد لجأت على مدار العام الماضي إلى فرض قيوداً متزايدة على جمعية الحقوقيين، وهي منظمة غير حكومية تم إنشاءها عام 1980 للترويج لسيادة القانون ولرفع معايير العمل المهني للحقوقيين. لم تسمح الحكومة لممثلي الجمعية بحضور اجتماعات في الخارج وألغت ورش عمل في الإمارات رأت أنها مثيرة للجدل. كما اشتكى أعضاء الجمعية من الضغوط الحكومية لدفعهم للانفصال عن الجمعية.
رغم هذه الضغوط، فقد أصر المواطنون الإماراتيون على حقهم في المجاهرة بالكلام. الرئيس السابق للجمعية، محمد المنصوري، الذي ضايقته السلطات على مدار سنوات، تم فصله من عمله بصفته مستشار قانوني لحكومة رأس الخيمة في يناير/كانون الثاني 2010 بعد أن أجرى مقابلة تلفزيونية انتقد فيها القيود على حرية التعبير في الإمارات. تحظر السلطات عليه السفر منذ أكتوبر/تشرين الأول 2007 وترفض تجديد جواز سفره منذ مارس/آذار 2008. لا يمكنه زيارة ابنيه المقيمين بالخارج. وهناك ابن ثالث في الإمارات لم يتمكن من الحصول على إخلاء الطرف الأمني المطلوب لأجل الحصول على وظيفة، بسبب مشكلة والده، على حد قول المنصوري.
وقال المنصوري لـ هيومن رايتس ووتش في يناير/كانون الثاني 2011: "عانت أسرتي كثيراً على مدار السنوات لأنني أجاهر بالتعبير عن آرائي بأن على الحكومة احترام حقوق الإنسان". وتابع: "أبنائي الأصغر [في الخارج] يسألوني دائماً: لماذا لا يمكنك أن تزورنا يا أبي؟ وليس عندي رد على سؤالهم".
طوال فترة الصيف، قبضت الشرطة الإماراتية على أربعة ناشطين شبان على الأقل، بعد أن حاولوا، في 15 يوليو/تموز، تنظيم مظاهرة سلمية بشأن ارتفاع أسعار الوقود. فصلت السلطات أحدهم من وظيفته الحكومية، واحتجزته شرطة دبي لمدة أسبوع بتهمة تأليب الشعب على الحكومة، حتى رغم إلغاء المظاهرة. وتم حبس آخر لأكثر من شهر وتم تجميده عن وظيفته.
بداية من نوفمبر/تشرين الثاني، زادت الحكومة الإماراتية من جهودها لأجل تهدئة المعارضة على الإنترنت. في البداية حجبت السلطات موقع: localnewsuae.com وهو منفذ إخباري على الإنترنت يعرض جملة من المقالات والتدوينات عن الشؤون المحلية والدولية. في يناير/كانون الثاني أضافت السلطات منتدى "حوار الإمارات" إلى قائمة المواقع المحظورة وحجبت صفحات المنتدى على الفيس بوك وتويتر. هذا الموقع الشهير كان يشجع على النقاش حول قضايا تتراوح بين حرية الرأي والحقوق السياسية.
وقالت سارة ليا ويتسن: "على الإمارات أن تلقي نظرة طويلة متمعنة فيما يحدث للحكومات التي تقمع حقوق مواطنيها في المجاهرة بالكلام أو تلك التي تعتقد أنها قادرة على السيطرة على المعلومات التي يتناقلها الشعب". وأضافت: "التونسيون ليسوا الشعب الوحيد في العالم العربي الذي سيُصرّ على ألا تمس الحكومة حقوقه".
وفيما ظل وضع العمالة الوافدة في الإمارات صعباً خلال العام الماضي، فقد أعلنت الحكومة عن إصلاحات عمالية إيجابية، أهمها الأنظمة الجديدة الصادرة في يناير/كانون الثاني 2011 لضمان عدم دفع العُمّال لأي رسوم، سواء في الإمارات أو في الخارج، لأجل الحصول على الوظائف. حتى في حالة فرض رسوم عليهم، تلتزم وكالات التوظيف بتعويض العمال.
كما أن هذا النظام سوف يُحمّل وكالات التوظيف مسؤولية جزئية إذا لم تقم الشركة التي سيعمل فيها العمال بتعويض العمال، مع منع وكالات التوظيف من إرسال العمال إلى الشركات المتورطة في منازعات عمالية جماعية. ووكالات التوظيف التي تُرسل عمالاً للعمل لدى أطراف ثالثة (الغير) عليها أن تضع إيداعاً مبدئياً بمبلغ مليون درهم (270 ألف دولار)، ثم 2000 درهم (540 دولاراً) عن كل عامل، وتتوفر هذه الإيداعات لأجل دفع رواتب العمال إذا لم تدفع لهم الشركة المُرسَلين إليها رواتبهم.
فضلاً عن ذلك، فقد أعلنت وزارة العمل في مارس/آذار عن تشكيل وحدة جديدة للتعرف على القضايا المحتملة للإتجار بالبشر والتحقيق فيها. في مايو/أيار قامت وزارة العمل بمد فترة راحة وسط النهار الخاصة بفصل الصيف، لمدة شهر آخر، لتصبح ثلاثة شهور، ويستحق فترة الراحة هذه العُمال الذين يعملون خارج المكاتب في درجات الحرارة العالية.
لكن على مدار العام عَلَق المئات من العمال الوافدين الذين تم تسريحهم في مخيمات العمال دون كهرباء أو مياه جارية، لمدة شهور، بعد أن أقفلت مكاتب أصحاب عملهم في دبي، وبعضهم اضطر لطرد الفئران بيده أثناء النوم وسط أكوام القمامة. وقال عمال آخرون لـ هيومن رايتس ووتش إن بعض أصحاب العمل أجبروهم على قبول رواتب ومستحقات أقل وإلا تعرضوا للفصل من العمل.
في مايو/أيار خرج مئات العمال من مخيمهم العمالي في الشارقة إلى مقر وزارة العمل في دبي مطالبين بتلقي أجورهم المتأخرة وأن يعودوا لبلادهم. وقال العمال إنهم يعيشون في ظروف مؤسفة وأن أصحاب عملهم لم يدفعوا لهم أجورهم المتأخرة منذ ستة أشهر. قامت الوزارة بتسييل أصول الشركة كي تدفع أجور العمال واشترت لهم تذاكر الطيران. إلا أن العديد منهم عادوا إلى بلادهم بجزء من أجورهم، فيما لم يتلق آخرون أي أجر بالمرة.
وقابلت هيومن رايتس ووتش خلال عام 2010 بعض عاملات منازل في الإمارات، أفدن بمعاناتهن من عدم تلقي الأجور والحرمان من الطعام وساعات العمل المطولة وتحديد الإقامة الجبري والإساءات البدنية والجنسية. بغض النظر عن الإصلاحات التشريعية الأخيرة التي أجرتها الحكومة، فهي لم تتحرك بالشكل الكافي لتنظيم حقوق العمالة المنزلية الوافدة.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن طريق الإصلاحات العمالية ما زال ممتداً، وإلغاء نظام الكفالة مكوّن هام ضمن التغييرات المطلوبة. لكن في أكتوبر/تشرين الأول، بعد أسبوعين من إعلان الكويت أنها تعتزم إلغاء نظام الكفالة، قالت وزارة العمل الإماراتية إن الإمارات لن تحذو حذو الكويت.
وقالت سارة ليا ويتسن: "أنظمة الإمارات الجديدة الخاصة بوكالات التوظيف تعتبر خطوة بالغة الأهمية ومفصلية في الإقرار بالأضرار والمعاناة اللاحقة بالعمال المُجبرين على دفع رسوم استقدامهم للعمل، وأجور سنوات من العمل يضطرون لإنفاقها على تسديد تلك الرسوم". وتابعت: "في الإمارات قوانين كثيرة جيدة على الورق، الاختبار الحقيقي في عام 2011 هو تنفيذها".