Skip to main content

السودان: يجب ضمان حقوق المواطنة في فترة ما بعد الاستفتاء

على الأطرافأن تحمي حقوق الأقليات، وأن تهدئ المخاوف من سوء المعاملة

(نيويورك، 16 ديسمبر/كانون الأول 2010) - قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إنه يجب على الأحزاب السياسية السودانية الحاكمة أن تضمن حماية الأقليات وأن تهدئ  مخاوف المواطنين من التمييز عقب استفتاء 9 يناير/كانون الثاني 2011 حول جنوب السودان.

وقد أشارت أبحاث هيومن رايتس ووتش في السودان خلال الشهر المنصرم إلى أن غياب اتفاقية واضحة حول المواطنة قد أسهم في إذكاء القلق من أن تعاني الأقليات في الشمال وال الجنوب على السواء من سوء المعاملة والاستهداف في حالة انفصال جنوب السودان. والخوف واضح بين الجنوبيين في الولايات الشمالية الذين يقدر عددهم بمليون ونصف. وقد وجدت هيومن  رايتس ووتش أن تصريحات الأحزاب السياسية العدائية والاتهامات المتبادلة بينها جعلت الوضع المتوتر أصلاً أكثر سوءاً.

 رونا بيليغال، مديرة قسم أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "على الأحزاب السياسية والسلطات الحكومية أن تؤكد للجمهور أنهم لن يطردوا أي شخص وأنهم سيوفون بواجبهم في حماية كل الأقليات الواقعة تحت ولايتيهما خلال وبعد الاستفتاء. هذا الاعتراف سيساعد على تعزيز بيئة اقتراع سلمي وحر ونزيه".

وحيث يناقش الحزبان الحاكمان، حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لتحرير السودان، شروط الإقامة والمواطنة مستقبلاً، فإن هيومن رايتس ووتش تدعوهما لأن يتبنيا إطاراً تقدمياً وشاملاً لمعالجة المواطنة في حالة الانفصال. وقالت هيومن رايتس ووتش إنه رغم أن الحزبين قد رفضا، فيما ورد، الجنسية المزدوجة، فعليهما أن يتفقا على ترتيب يتيح للمواطنين من الأقليات الذين يعيشون تحت ولاية الشمال والجنوب أن يختاروا العيش هناك متمتعين بحقوقهم المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية الأساسية على قدم المساواة بوصفهم مواطنين. وهناك ترتيب مشابه قائم بالفعل بين مصر والسودان.

وقالت رونا بيليغال: "عاش الكثير من الناس الذين نزحوا من جنوب السودان في الولايات الشمالية لعقود وعاش  الكثير من الشماليين في الجنوب لزمن طويل كذلك، وهم يحتاجون أن يعرفوا أنهم لن يتعرضوا للطرد". وأضافت: "قد يغير الاستفتاء الحدود الحالية للسودان، لكن لن يغير معايير حقوق الإنسان السارية".

إن القانون الدولي يمنع الطرد الجماعي، والترحيل القسري، وقواعد الجنسية القائمة على التمييز. وعلى السودان أن ينظر في الانضمام إلى اتفاقية 1961 بشأن تقليل حالات انعدام الجنسية، أو أن يعلن، على الأقل، الالتزام باحترام المعايير الواردة فيها. والسودان سلفاً عضو في اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، التي تكفل المساواة بين المواطنين وغير المواطنين في جميع الحقوق الإنسانية الأساسية المعترف بها في القانون الدولي. وهذه الضمانات ستظل موجودة بغض النظر عن نتيجة الاستفتاء.

التصريحات العدائية والتلاعب السياسي

وجدت هيومن رايتس ووتش أن الأحزاب السياسية قد لعبت، في غياب اتفاقية رسمية، على مخاوف الجمهور العام، خدمة لجداول أعمالهم ااسياسية. وقد أطلق مسئولون في حزب المؤتمر الوطني الحاكم، الذي يؤيد استمرار وحدة السودان، تصريحات عدائية تهدد بسلب الجنوبيين حقوقهم إذا ما صوّت الجنوب للانفصال.

فقد قال وزير الإعلام في سبتمبر/أيلول، على سببل المثال،  إن الجنوبيين لن يتلقوا العلاج في المستشفيات - "ولا ... حقنة" - إذا انفصل الجنوب. ولاحقاً كرر  مسؤولون حزبيون آخرون التهديد بأن الجنوبيين سيفقدون ممتلكاتهم، وحقوق الإقامة، ووظائف الخدمة المدنية، والمزايا والخدمات الاجتماعية. وفي 7 ديسمبر/كانون الأول قال مندور المهدي، نائب رئيس الحزب لولاية الخرطوم إن الجنوبيين من أعضاء المؤتمر الوطني الحاكم هم فقط من  سيحتفظون بحقوقهم في المواطنة إذا صوت الجنوب للانفصال.

وتصريح نائب الرئيس على عثمان محمد طه، الذي ألقاه في منافسة رياضية في أم درمان في 25 ديسمبر/كانون الأول، بأن الجنوبيين الذين يعيشون في الشمال سيجدون الحماية، بغض النظر عن نتيجة الاستفتاء هو مثال إيجابي للرسائل التي ينبغي أن توجهها الأحزاب السياسية. وتدعو هيومن رايتس ووتش الحزب الحاكم لأن يمضي قدماً وأن يصدر تصريحاً قاطعاً وأن يواصل تهدئة مخاوف الجمهور العام من العنف وسوء المعاملة.

وقالت رونا بيليغال: "على حزب المؤتمر الوطني أن يدين بصرامة وفوراً كل التهديدات التي أطلقها قادته، وأن يصدر رسائل قاطعة ومتسقة تعكس التزامات السودان في مجال حقوق الإنسان". وتابعت: "و على الحزبين الحاكمين الامتناع عن أي شكل من الإكراه للناخبين وأن يحترموا حقوقهم في المشاركة في هذه العملية التاريخية".

وقد اتهم الحزبان واحدهما الآخر بالتلاعب أثناء فترة تسجيل الناخبين بين 15 نوفمبر/تشرين الثاني و8 ديسمبر/كانون الأول، مما فاقم مناخ الشك والخوف. وقد تلقت هيومن رايتس ووتش تقارير موثوقة حول ما بدا اعتقالات ذات دوافع سياسية للعديد من أعضاء الأحزاب في المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لتحرير السودان. وبالإضافة إلى ذلك فقد ضغط  مسؤولون من الحزبين طالبي التسجيل. وقد دعا مسؤولون في الحركة الشعبية الجنوبيين الذين يعيشون في الشمال إلى عدم التسجيل، في حين قيل أن مسئولين مرتبطين بالمؤتمر الوطني قد أجبروا آلافاً من السجناء وعاملين في الشرطة والأمن من الجنوبيين على التسجيل للتصويت واحتفظوا ببطاقات تسجيلهم. ومثل هذه الخطوات توحي بمساعي للتحكم في أصواتهم.

المخاوف تدفع الجنوبيين للعودة

يبدو أن مخاوف الجنوبيين من ظروف ما بعد الاستفتاء في الشمال قد أثرت على قرار العديدين منهم في العودة جنوباً في الأسابيع الماضية، خاصة خلال فترة التسجيل.

قالت سيدة غادرت بعد سبع سنوات وقررت أن تعود إلى قريتها في ولاية الوحدة: "الوضع سيئ في الخرطوم. كنا نُضرب ليلاً، وكنا نؤخذ إلى السجن إذا صنعنا الخمور"، في إشارة إلى التفتيش والاعتقالات على يد محاكم النظام العام وهي محاكم تطبق قانوناً  تمييزياو فضفاضا أثر على النساء والجنوبيين أكثر من غيرهم. وقالت السيدة: "نحن أفضل حالاً الآن".

وقال زعيم محلي في إحدى محطات الطريق المخصصة لاستراحة العائدين في ملكال بأعالي النيل: "عشت لخمس وثلاثين سنة في الخرطوم ودائما كنت أقابل المشاكل هناك. الوضع لن يكون أحسن حالاً بالنسبة لنا".

بدأت حكومة الجنوب في أكتوبر/تشرين الأول برنامجاً لترحيل الجنوبيين من المدن الشمالية إلى مواقع مختلفة في جنوب السودان. وطبقاً لمصادر الأمم المتحدة، عاد أكثر من 55000 جنوبي إلى الجنوب في أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني.

وأشار العديد من العائدين إلى الخوف من العنف الإثني في الشمال إذا صوّت الجنوبيون للانفصال. قالت سيدة وصلت إلى أويل بجنوب السودان في أوائل نوفمبر/تشرين الثاني لـ هيومن رايتس ووتش أنها خافت من تكرار العنف الاثني الذي اندلع في الخرطوم عقب مقتل زعيم الحركة الشعبية في 2005. وقالت: "قتل أقاربي وجرحوا عقب وفاة جون قرنق. نحن أكثر أماناً هنا".

خلفية

تدعو اتفاقية السلام الشامل لاستفتاء تقرير مصير الجنوب في 9 يناير/كانون الثاني 2011 وتنص على فترة انتقالية لستة أشهر عقب التصويت. وقد اتفق الطرفان في نوفمبر/تشرين الثاني من حيث المبدأ على حل كل القضايا المتبقية بما في ذلك ترتيبات ما بعد الاستفتاء طبقاً لإطار اقترحه الاتحاد الأفريقي، لكن ما يزال عليهما الاتفاق على التفاصيل. بدأ تسجيل الناخبين في 15 نوفمبر/تشرين الثاني ثم  انتهى، عقب مده لأسبوع، في 8 ديسمبر/كانون الأول.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

المنطقة/البلد

الأكثر مشاهدة