(نيويورك) - قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على الادعاء العسكري بمحكمة أمن الدولة الأردنية أن يُفرج عن حاتم الشولي، الطالب الجامعي، وأن يبرئ ساحته من الاتهامات الموجهة إليه.
وكان قد تم توقيف الشولي في 25 يوليو/تموز 2010 ووُجه إليه الاتهام في 28 يوليو/تموز بإهانة الملك عبد الله (الذات الملكية) و"إثارة النعرات الوطنية"، على خلفية قصيدة تنتقد الملك، والتي أنكر كتابتها. الادعاء العسكري جدد أوامر احتجاز الشولي منذ توقيفه وحرمه من طلب الخروج بكفالة.
وقال كريستوف ويلكى، باحث أول في هيومن رايتس ووتش معني بشؤون الشرق الأوسط: "من المؤسف أن التوقيف بسبب أشياء مثل كتابة الشعر من الأمور المتكررة في الأردن. لقد حان الوقت كي يتخلص الأردن من القوانين التي تجرم الانتقاد السلمي لحُكامه".
وكان الأردن قد عدّل قانون العقوبات في يوليو/تموز، وفي أغسطس/آب صدر قانون جرائم أنظمة المعلومات، بحجة تنظيم الإنترنت. لكن القوانين المُراجَعَة تستمر في تجريم التعبير السلمي عن الرأي وتمد اختصاص أحكامها إلى التعبير على الإنترنت.
وفي يونيو/حزيران 2009، حكمت محكمة ابتداء على الشاعر الأردني إسلام سمحان بالسجن لمدة عام على ديوان شعر نشره بعنوان "رشاقة الظل"، ورأت المحكمة أنه خارج عن الدين، إثر شكاوى من جماعة الإخوان المسلمين.
وقال الشولي لمحاميه إن لا علاقة له بالقصيدة المُتهم بكتابتها، والتي لم يطّلع عليها المحامي بعد. وحصلت هيومن رايتس ووتش على قصيدتين سابقتين للشولي ويبدو فيها أنه يشيد بالملك. كما أن هيومن رايتس ووتش لم تر أية بادرة على أن توزيع القصيدة المعنية قد أدى إلى اضطرابات تهدد النظام العام الأردني، باستثناء مواجهة بين الشولي وثلاثة طلاب آخرين.
وقال كريستوف ويلكى: "القضية الأساسية هنا ليست إن كان حاتم الشولي قد كتب القصيدة أم لا. بل أن المسؤولين الأردنيين لا يرون أي خطأ في معاملة شخص يكتب الشعر كأنه تهديد للأمن الوطني".
وقال أصدقاء وأقارب للشولي - طالب الدراسات الإعلامية - لـ هيومن رايتس ووتش، إنه وصل إلى جامعة إربد من عمان صباح 25 يوليو/تموز لدخول اختبار. اتصل به صديق من الجامعة قبل وصوله ليخبره بأن هناك منشورات عليها قصيدة باسمه يتم توزيعها في الجامعة. وبعد الاختبار، واجه ثلاثة طلاب الشولي بشأن القصيدة.
وقال الشولي لأقاربه إنه بعد المواجهة اتصل بالشرطة التي نقلت الطلاب الأربعة إلى الاحتجاز ثم أفرجت فيما بعد عن الثلاثة الآخرين دون توجيه اتهامات إليهم. ثم قام ضباط من الأمن الوقائي، مركز أمن جنوب إربد، باصطحابه إلى شقته في إربد وصادروا معداته الإلكترونية. وفي وقت لاحق من اليوم نفسه، نقلوه إلى مديرية شرطة إربد.
وفي 26 يوليو/تموز، قام ضباط الاستخبارات المتواجدون في جامعة إربد - كما في الجامعات الأردنية الأخرى - باستجواب الشولي. وفي 27 يوليو/تموز أخطر الأمن الوقائي أبوي الشولي بأن قضيته سوف تُحال إلى محكمة أمن الدولة. لم يتمكن أبواه من التوصل لأي معلومات عن مكانه إلى أن تبين في 28 يوليو/تموز أنه في مركز شرطة ماركا، بالقرب من محكمة أمن الدولة في عمان.
اتصل أبواه بمحامٍ، ووكله الشولي بالدفاع عنه قبل أن يخطره الادعاء العسكري بالاتهامات المنسوبة إليه. وأنكر الشولي الاتهامات. ومنذ 29 يوليو/تموز وهو في سجن البلقاء غربي عمان.
قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني يقضي بأن يحيل المسؤولون المتهم إلى الادعاء في ظرف 24 ساعة من القبض عليه من أجل توجيه الاتهامات إليه. إلا أن في حالات أمن الدولة، تمتد هذه المهلة إلى سبعة أيام.
محكمة أمن الدولة هي محكمة استثناء، يرأسها قاضيان عسكريان وقاضٍ مدني، بتعيين رئيس الوزراء، واختصاصها يشمل المس بالذات الملكية والجرائم الخاصة بأسرار الدولة والأمن الداخلي والخارجي والأسلحة والمتفجرات والمخدرات وأمور أخرى.
ويسمح القانون العقوبات الأردني بالاحتجاز قبل المحاكمة في حالة الجرائم العادية الصغيرة، فقط في حالات السرقة والاعتداء والمعاونة في الاعتداء. ورغم أن المس بالذات الملكية و"إثارة النعرات الوطنية" تعتبر جرائم صغيرة، فإن الاحتجاز السابق على المحاكمة مسموح به في قضايا أمن الدولة جميعاً. وفي الأردن، فإن الادعاء، غير المحايد أو المستقل، يصدر أوامر التوقيف والاحتجاز، ولا توجد مراجعات قضائية لهذه الأوامر. والادعاء العسكري مسؤول أمام سلسلة القيادة العسكرية، وليس وزارة العدل المدنية.
وقال كريستوف ويلكى: "لا يمكن تبرير احتجاز الشولي من واقع أي قوانين. احتجازه القائم يبدو وكأنه عقاب قبل أن تثبت المحكمة أي جرم".
المادة 150 من القانون العقوبات الأردني تنص على أنه "كل كتابة وكل خطاب أو عمل يقصد منه أو ينتج عنه إثارة النعرات المذهبية أو العنصرية أو الحض على النزاع ومختلف عناصر الأمة يعاقب بين الطوائف عليه بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد عن ثلاث سنوات وبغرامة لا تزيد على خمسمائة دينار".
المادة 195 تنص على أنه "يُعاقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات كل من تثبت جرأته بإطالة اللسان على جلالة الملك".
وفي 29 أغسطس/آب أصدر مجلس الوزراء قانون جرائم أنظمة المعلومات، والذي يسعى ظاهرياً لحماية مواقع الإنترنت ونظم الكمبيوتر من القرصنة. كما يُعرِّض القانون التعبير عن الآراء على الإنترنت لعقوبات جنائية بتهمة الذم والقدح، والموجودة بالفعل في القانون العقوبات، مثل:
- المادة 122، التي تعاقب بالسجن بحد أقصى عامين من يقدح أو يذم أو يحقر علانية من رئيس دولة أجنبية.
- المواد 188 إلى 199، تعاقب بالسجن بحد أقصى عامين أي شخص يذم مجلس الأمة أو أحد أعضائه، أو الهيئات الرسمية أو المحاكم أو الإدارات العامة أو الجيش أو أفراد الجيش أثناء أداء عمله (مادة 191)، والسجن بحد أقصى ثلاث سنوات لمن ثبتت جرأته بإطالة اللسان على الملك، أو الملكة، أو ولي العهد، أو أحد أوصياء العرش (مادة 195)، والحبس بحد أقصى ثلاثة أشهر لمن يهين شخصاً، وبحد أقصى عام إذا كان الشخص مسؤول عام، وعامين إذا كان الشخص قاضٍ (مواد 193 و196)، وثلاث سنوات على إهانة العلم أو الشعار الوطني أو علم جامعة الدول العربية (مادة 197).
الأردن دولة طرف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. المادة 19 من العهد تطالب الدول الأطراف في العهد باحترام حق جميع الأفراد في حرية التعبير. المادة 9 من العهد تطالب بأن أي شخص يتعرض للاحتجاز يجب أن يمثل سريعاً أمام قاض أو مسؤول قضائي آخر. لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان المسؤولة عن تفسير العهد ذكرت أن الحق في المحاكمة العادلة يعني أن المحاكم العسكرية يجب بالأساس ألا تقاضي أي مدنيين، وحتى إن فعلت، فهذا لا يجوز إلا في حالات استثنائية للغاية.
وقال كريستوف ويلكى: "لقد أهدر الأردن فرصة جعل قوانينه الخاصة بحرية التعبير متفقة مع المعايير الدولية. للجميع الحق في انتقاد حُكامهم بحرية".
وكان الملك عبد الله قد حل مجلس الأمة في نوفمبر/تشرين الثاني 2009، وتُصدِر الحكومة قوانين "مؤقتة" دون موافقة المجلس منذ ذلك التوقيت. وجميع القوانين المؤقتة يجب أن تُعرض على البرلمان ما إن يُعاد انعقاده، إثر انتخابات مقرر عقدها في نوفمبر/تشرين الثاني 2010.