قالت هيومن رايتس ووتش اليوم أنه ينبغي على وزيرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايس، أثناء زيارتها التاريخية إلى ليبيا هذا الأسبوع،أن تضغط على الحكومة الليبية والزعيم معمر القذافي من أجل إخلاء سبيل السجناء السياسيين وإلغاء القوانين المُستخدمة في حبس المعارضين السلميين ووضع حد لاستخدام التعذيب
وتعتزم رايس زيارة ليبيا في 5 سبتمبر/ أيلول ضمن جولة في شمال أفريقيا. وتُعد هذه أول زيارة لوزير خارجية أميركي للبلاد منذ عام 1953.
وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "من العوامل وراء تراجع حدة التوترات بين ليبيا والولايات المتحدة القضايا التجارية والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب، لكن يجب ألا يأتي تحقيق هذه المصالح على حساب حقوق الإنسان وسيادة القانون". وتابعت قائلة: "فما زال الكثير من الليبيين رهن الاحتجاز، وبعضهم اختفوا، لمجرد إبداء الانتقاد السلمي للحكومة وقادتها".
وفي رسالة إلى، دعتها هيومن رايتس ووتش إلى إثارة قضايا حقوق الإنسان على أعلى المستويات. وقالت هيومن رايتس ووتش إن على الولايات المتحدة أن تربط التقدم على مسار تطوير العلاقات الأميركية الليبية ببذل طرابلس مجهودات فعالة من أجل تفعيل الإصلاحات المطلوبة.
وفي ورقة خلفية مُحدّثة عن ليبيا صدرت اليوم أيضاً بعنوان "حقوق الإنسان في خطر"، توثق هيومن رايتس ووتش انتهاكات حقوق الإنسان الأساسية في البلاد.
ومما يثير القلق على الأخص، الحظر شبه الكامل على النشاط السياسي المستقل. فالقانون رقم 71 الليبي يُجرم أي نشاط جماعي يستند إلى عقيدة سياسية تخالف مبادئ ثورة الفاتح، التي جاءت بمعمر القذافي إلى السلطة في عام 1969. والمادة 3 من القانون تفرض عقوبة الإعدام على من يُنشئ مثل هذه الجماعات أو ينضم إليها أو يساندها. وعلى مدار السنوات، قامت السلطات الليبية بحبس مئات الأشخاص جراء مخالفة هذا القانون، وحكمت على بعضهم بالإعدام.
وتقيد الحكومة كثيراً من حرية الإعلام. ويعتمد الليبيون على الإنترنت والقنوات التلفزيونية الفضائية في الاطلاع على الأنباء غير الخاضعة للرقابة. ومن ينتقد القادة السياسيين الليبيين أو النظام يواجه عقوبات قاسية.
وفتحي الجهمي – " المعارض الشهير" – قيد الاحتجاز بصفة شبه مستمرة منذ عام 2002 جراء انتقاد القذافي والدعوة إلى حرية الصحافة وعقد انتخابات حرة. وتحفظت السلطات على الجهمي قيد الاحتجاز في مستشفى نفسي لمدة عام، حيث لم يتمكن من الاتصال بأسرته أو محاميه، وحُرم من تلقي الرعاية الطبية الملائمة. ويعاني الجهمي من مرض السكري وارتفاع ضغط الدم والقلب.
وفي مارس/آذار 2008 زارت هيومن رايتس ووتش وطبيب من منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان الجهمي في مركز طبي تديره الدولة في طرابلس، حيث كان تحت الحراسة. وسُمح لأطباء من أجل حقوق الإنسان أن تفحص الجهمي طبياً على انفراد. وخلص طبيب المنظمة إلى أن الجهمي يلقى علاجاً أفضل، لكن حالته المرضية أسوأ بكثير من حالته حين تم اعتقاله آخِر مرة في عام 2004. وما زالت السلطات لا تسمح للجهمي بالعودة إلى بيته أو بالحصول على الرعاية الطبية التي يختارها، سواء في ليبيا أو الخارج.
وفي يونيو/حزيران 2008، حكمت محكمة أمن الدولة على 11 رجلاً بالسجن لفترات تراوحت بين 6 إلى 25 عاماً جراء التخطيط لتنظيم مظاهرة سلمية في طرابلس ضد عنف الشرطة. ويعاني المُنظم الأساسي للمظاهرة، د. إدريس بوفايد، الذي تلقى حكماً بالسجن لمدة 25 عاماً، من مرض السرطان. وما زال أحد المُعتقلين الآخرين ضمن المجموعة، وهو عبد الرحمن القطيوي، مفقوداً، ومكانه غير معروف طيلة 18 شهراً، منذ اعتقال المجموعة في فبراير/شباط 2007.
وتم اتهام الجهمي وبوفايد في محاكمة كل منهما بالاتصال دون تصريح بمسؤول حكومي أجنبي. وحسب معلومات هيومن رايتس ووتش، كان المسؤول مبعوثاً دبلوماسياً من الولايات المتحدة.
ويعدّ تعذيب المحتجزين من بواعث القلق الجدية في ليبيا. وطبقاً لتقرير وزارة الخارجية الأميركية لعام 2007 عن ممارسات الدول بمجال حقوق الإنسان، فإن أساليب التعذيب في ليبيا تشمل: الضرب بالهراوات، والصعق بالكهرباء، وتكسير الأصابع والخنق بحقائب بلاستيكية.
وفي مايو/أيار 2008، أعادت الحكومة السويدية محمد عادل أبو علي إلى ليبيا بعد أن رفضت طلبه باللجوء. واحتجزته السلطات الليبية لدى وصوله، وبعد أسبوعين أخطرت السلطات أقاربه بأنه قد لاقى حتفه.
وينبغي على الوزيرة رايس أن تستخدم زيارتها في تشجيع السلطات الليبية على "وضع حد للممارسات المُسيئة" كما ورد في رسالة هيومن رايتس ووتش "وعبر إثارة بواعث قلقك على أعلى المستويات، سوف تُظهرين أن احترام حقوق الإنسان يقع في صميم العلاقات الأميركية الليبية، وأن أي تقدم على مسار العلاقات يستوجب أن تلتزم ليبيا في ممارسات حقوق الإنسان بالمعايير الدولية".
وتدعو هيومن رايتس ووتش رايس على الأخص إلى ربط توثيق العلاقات بإخلاء سبيل السجناء السياسيين، فتحي الجهمي ومجموعة بوفايد، وآخرين، وإلغاء كل القوانين والأنظمة التي تفرض عقوبات جراء النشاط السياسي السلمي، مثل القانون 71 وعدة مواد من القانون الجنائي.
والولايات المتحدة مهتمة بتوثيق العلاقات بليبيا بالأساس من أجل تنمية فرص العمل التجاري والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب. وورد في الرسالة: "إننا نُشدد على دعوتكم إلى استخدام زيارتكم القادمة لإظهار أن واشنطن لن تسعى لتحقيق هذه الأهداف على حساب حقوق الإنسان وسيادة القانون".
للاطلاع على رسالة هيومن رايتس ووتش إلى وزيرة الخارجية كونداليزا رايس، يُرجى زيارة:
https://www.hrw.org/english/docs/2008/09/02/libya19735.htm