اتهمت هيومن رايتس ووتش في تقرير جديد القوات الحكومية، ومنها قوات الحرس الرئاسي النخبوية، بالقيام بمئات من عمليات القتل غير المشروع وإحراق آلاف البيوت المدنية منذ أواسط عام 2005 في حملتها المضادة للتمرد في المنطقة الشمالية من جمهورية أفريقيا الوسطى.
وتقرير "حالة الفوضى: التمرد والإساءات ضد المدنيين" الذي جاء في 108 صفحات والذي صدر اليوم، يستند إلى ثلاثة أسابيع من البحث الميداني. ويوثق التقرير حالات انتهاك حقوق الإنسان والقانون التي تم ارتكابها في شمال جمهورية أفريقيا الوسطى من قبل كل من الجماعات المتمردة والقوات الحكومية، ويوثق كذلك للهجمات التي شنتها جماعات العصابات في الشمال الغربي والمعروفة باسم "زاراغويناس"، والتي تكرر اختطافها للأطفال طلباً للفدية.
وقال بيتر تاكيرامبودي مدير قسم أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "قبالة الحدود مع دارفور، قام جيش جمهورية أفريقيا الوسطى بقتل مئات المدنيين الأبرياء وأجبر عشرات الآلاف على الفرار من قراهم"، وتابع قائلاً: "والإحراق المتفشي للبيوت من قبل قوات الأمن الحكومية هو العلامة المشيرة إلى ما ينطوي عليه النزاع من إساءات".
ومنذ نشوب النزاع أواسط عام 2005، وقوات الأمن بجمهورية أفريقيا الوسطى مسؤولة عن معظم الانتهاكات الأكثر خطورة في النزاع، ومنها الإعدام دون محاكمات والقتل غير المشروع للكثيرين، والإحراق واسع النطاق لبيوت المدنيين، والتشريد التعسفي لمئات الآلاف من المدنيين. وقد أثبتت أبحاث هيومن رايتس ووتش أن وحدة واحدة من قوات حرس الرئاسة النخبوية، ومقرها بلدة بوسانغوا، مسؤولة عن عدة حوادث قتل وإحراق للقرى. وكثيراً ما قتلت قوات الأمن عشرات المدنيين في يوم واحد، وبعض حوادث القتل تمت بقسوة مروعة. وفي 11 فبراير/شباط 2006 على سبيل المثال، قتلت قوات الحرس الرئاسي 30 مدنياً على الأقل. ونفس وحدة الحرس الرئاسي هذه قامت بذبح مُعلم مدرسي في 22 مارس/آذار 2006 في بيمال. واستمرت عمليات القتل حتى الشهر الماضي، وصاحبها نهب الجنود وقتلهم لأربعة مواطنين تشاديين وإصابتهم لأربعة آخرين، ومنهم امرأتين، على بلدة كابو الحدودية في أغسطس/أب 2007.
كما هاجمت قوات جيش جمهورية أفريقيا الوسطى وأحرقت مئات القرى المدنية شمالي البلاد، ودمرت ما يقدر بعشرة آلاف بيت وتسببت في كارثة إنسانية واسعة النطاق. وفي منطقة صغيرة تأثرت بحوادث إحراق القرى هي منطقة "باتانغافو-كابو-أوانداغو-كاغا باندورو"، أحصى باحثو هيومن رايتس ووتش إجمالي 2923 بيتاً محترقاً، ومنها أكثر من 1000 بيت في بلدة تجارية كبيرة في أوانداغو. ويمكن العثور على مثل هذا الدمار على امتداد المنطقة الشمالية الغربية من جمهورية أفريقيا الوسطى، وهي منطقة تبلغ مساحتها مئات الكيلومترات.
وطبقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، تم إخراج 102 ألف مدني على الأقل من بيوتهم بهجمات على قراهم في عملية التصدي للتمرد.
وقالت هيومن رايتس ووتش إنه لم تتم محاسبة جندي واحد أو مسؤول واحد عن الفظائع التي تم ارتكابها في جمهورية أفريقيا الوسطى، ودعت جمهورية أفريقيا الوسطى إلى اتخاذ خطوات فورية لإنهاء حالة الإفلات من العقاب ووضع آليات فعالة لحماية المدنيين في الشمال.
وقال بيتر تاكيرامبودي: "الحقيقة المؤسفة تتمثل في أن مرتكبي أعمال العنف والإساءة، وهم في معظمهم من الجنود الحكوميين، قد تمتعوا بإفلات كامل من العقاب إلى الآن، وهذا الإفلات من أعمال تتضمن جرائم الحرب".
كما ارتكبت قوات التمرد أيضاً إساءات خطيرة، لكن على نطاق أصغر بكثير من نطاق إساءات القوات الحكومية. فقد قام الجيش الشعبي لاستعادة الجمهورية والديمقراطية المتمرد، والذي يدين معظم أعضائه بالولاء للرئيس المخلوع فيليكس باتاسى وتشكيلات محلية للدفاع عن النفس، قام، وعلى نطاق واسع، بالتورط في الابتزاز وفرض الضرائب بالقوة، ونهب الماشية والاختطاف للحصول على فدية وضرب المدنيين، كما يتحمل أيضاً اللوم على مقتل مدني وعامل بجهود الإغاثة الإنسانية الدولية.
أما متمردو اتحاد القوات الديمقراطية من أجل الوحدة، وهو ائتلاف من قبائل الغولا المحلية والمتمردين السابقين ممن على صلة بالرئيس الحالي بوزيزيه الذين تحولوا ضد حكمه، فقد قاموا أيضاً بارتكاب إساءات خطيرة، منها الهجمات العشوائية ضد المدنيين، والقتل غير المشروع والإعدام دون محاكمة، والنهب واسع النطاق للسكان المدنيين. كما ظهرت مزاعم بحوادث اغتصاب ارتكبها متمردو اتحاد القوات الديمقراطية من أجل الوحدة، إلا أن هيومن رايتس ووتش لم تتمكن من التثبت من حالة اغتصاب واحدة. وتضم قوات الجيش الشعبي واتحاد القوات الديمقراطية أعداد كبيرة من الجنود الأطفال في صفوفها، لكنها تجري حالياً حواراً مع اليونيسيف بشأن تسريح هؤلاء الأطفال.
كما نادت هيومن رايتس ووتش الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، التي تنظر حالياً في مسألة نشر قوات حماية مدنية في كل من جمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد، بأن تضمن أن القوات لديها السلطة والقدرة على توفير حماية فعالة للمدنيين في جمهورية أفريقيا الوسطى.
ودعت هيومن رايتس ووتش فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة للمنطقة، والمستمرة في توفير المساعدة العسكرية لجمهورية أفريقيا الوسطى والتي نشرت قواتها لمساعدة الحكومة على قتال قوات المتمردين، إلى الإشارة علناً إلى إساءات الجيش والمطالبة بالمحاسبة على هذه الجرائم.
وقال بيتر تاكيرامبودي: "يمكن لفرنسا، الداعم الأساسي لحكومة جمهورية أفريقيا الوسطى والتي لها قوات هناك، أن تفعل المزيد للضغط على السلطات الحكومية لكي توقف عمليات القتل والإحراق".
للاطلاع على تقرير هيومن رايتس ووتش: "حالة الفوضى: التمرد والإساءات ضد المدنيين"، يرجى زيارة:
https://www.hrw.org/reports/2007/car0907