Skip to main content

ذكرت منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" اليوم أن أشخاصاً يزعمون أنهم أعضاء في حزب الله اختطفوا 20 رجلاً من بيوتهم في قرية عيطرون بالمنطقة التي كانت تحتلها إسرائيل في جنوب لبنان ليلة 6-7 يونيو/حزيران.

وقد استوثقت المنظمة من أن ما لا يقل عن خمسة رجال، جميعهم من المدنيين، قد اقتيدوا إلى معتقل سري حيث جرى استجوابهم وهم معصوبو الأعين؛ ثم أُطلق سراحهم بعد أن ظلوا نحو أسبوع رهن الاعتقال دون السماح لهم بالاتصال بأحد خارج المعتقل. وثمة مختطفون آخرون لم يتلق ذووهم أي معلومات عن مكان وجودهم. كما نُقل إلى منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" أن حزب الله يبحث عن شقيق أحد المخطوفين، وهو الآن يخشى العودة إلى عيطرون.
ويقول هاني مجلي، المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط بمنظمة "مراقبة حقوق الإنسان": "لا يجب أن يُضطر أي مواطن في جنوب لبنان لأن يعيش في خوف من أي مجموعة تسعى للانتصاف لنفسها ضاربة بالقانون عرض الحائط".
ويعتبر الخطف من الجرائم الجنائية، وينبغي تحديد مرتكبي مثل هذه الجرائم وتقديمهم إلى ساحة العدالة. وقد حثت منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" الحكومة اللبنانية على شجب أعمال الاختطاف علناً، والتحقيق في هذه الحالات. ولدى استجوابهم لبعض المختطفين، ركز المحققون على ماضيهم الشخصي، بما في ذلك طبيعة العلاقة التي تربطهم بمسؤولين أمنيين محددين من "جيش لبنان الجنوبي" السابق، الذي كان يتألف من ميليشيات لبنانية تمولها إسرائيل، والذي سرعان ما انهار في أعقاب انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان في الشهر الماضي. فقد علمت منظمة "مراقبة حقوق الإنسان"، على سبيل المثال، أن المحققين حاولوا معرفة سبب استدعاء أحد المواطنين المقيمين في عيطرون إلى مكتب الأمن التابع "لجيش لبنان الجنوبي" في القرية أثناء الاحتلال الإسرائيلي، وما إذا كان رجل آخر قد التقى بضابط إسرائيلي.
وفي واحدة من الحالات على الأقل، حرص الخاطفون على منع تسرب أي معلومات عن أسباب الاختطاف؛ فقد علمت منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" من رجل أطلق سراحه بعد اختطافه، ورفض الإفصاح عن اسمه للمنظمة، أنه استجوب لمدة أربع أو خمس ساعات، ولكنه رفض الإدلاء بأي معلومات أخرى، قائلاً: "لقد قالوا لنا بأدب ألا نذكر شيئاً عن مضمون التحقيق".
وفي مقابلات منفصلة، تكهن العديد من سكان المنطقة بأن الرجال اختُطفوا واستجوبوا بناءً على ملفات استخبارية خلفها أفراد "جيش لبنان الجنوبي" في مكتب الأمن التابع للجيش في عيطرون؛ وأيدت صحةَ هذه الآراء أقوالُ مختطف أطلق سراحه بعد أسبوع؛ إذ ذكر لمنظمة "مراقبة حقوق الإنسان" أنه أُخضع للاستجواب ثلاث مرات وهو معصوب العينين، وقال إن أقوال المحقق وأسئلته بدت وكأنها تستند إلى معلومات كان يطالعها في ملف. كما شهدت زوجة أحد المختطَفين الآخرين بأنها توجهت إلى مكتب حزب الله في عيطرون، وقيل لها بشأن زوجها: "لا تقلقي؛ إنه معنا؛ إنهم يعاملونهم معاملة طيبة للغاية، ولا يتعرضون للضرب"؛ وذكرت المرأة أنهم قالوا لها أيضاً إن "كل شخص كان له ملف في مكتب الأمن التابع "للجنوبي" في عيطرون سوف تُوجَّه إليه بعض الأسئلة، ثم يعود".
ويقول هاني مجلي: "إن مثل هذا القضاء غير الرسمي لا مكان له في مجتمع متحضر؛ وإذا كان حزب الله هو المسؤول حقاً عن حوادث الاختطاف هذه، فمن الواجب عليه إطلاق سراح الضحايا على الفور".
وقد فزع السكان من الأسلوب الذي وقعت به حوادث الاختطاف، قبيل منتصف الليل أو بعده بقليل، حينما كان معظم الضحايا وذويهم نائمين.
ويبدو من الأقوال التي أدلى بها شهود العيان لمنظمة "مراقبة حقوق الإنسان" أن الرجال العشرين ربما يكونون قد اختُطفوا على أيدي جماعات منفصلة من الخاطفين؛ ففي إحدى الحالات، مثلاً، دخل أربعة رجال مسلحين أحد المنازل، ولم يقوموا بأي تفتيش، وإنما راقبوا الشخص المراد اختطافه وهو يرتدي ثيابه؛ وفي حالة أخرى، وصل إلى المنزل ثلاثة رجال مسلحين يرتدون ثياباً مدنية، ولكن لم يدخله منهم سوى واحد؛ ثم أمر الضحية بالذهاب معهم لمدة ساعة. وفي حالة ثالثة، أتى إلى أحد المنازل خمسة رجال في ثياب مدنية، قالوا إنهم من حزب الله؛ ولم يدخل المنزل إلا اثنان، بينما وقف ثالث على الباب حاملاً بندقية. ولم يتم تفتيش هذا المنزل، وإنما قال الخاطفون إنهم يريدون من الشخص المقصود أن يتوجه معهم "لمدة خمس دقائق".
وقدم شهود العيان تفاصيل إضافية لمنظمة "مراقبة حقوق الإنسان" بشأن اختطاف ثلاثة رجال لا يزالون في عداد المفقودين حتى 22 يونيو/حزيران، وهم:

حسين حبيب خريزات، البالغ من العمر 35 عاماً؛ وقد اختُطف من بيته في حوالي الساعة 11:30 مساءً من يوم 6 يونيو/حزيران؛ فقد طرق باب داره رجالٌ ادعوا أنهم من حزب الله، وطالبوا بالسماح لهم بالدخول؛ ودخل أربعة منهم البيت، وقاموا بتفتيش الحجرات والخزائن، ولكنهم لم يأخذوا معهم أي شيء.وكانت هناك سيارتان واقفتان خارج البيت، واقتيد حسين إلى إحداهما وهو يرتدي سروال بيجامته وقميصاً خفيفاً. وقال الرجال إنه سيعود بعد خمس دقائق؛ ومنذ ذلك الحين، لم تتلق أسرته أي معلومات عن مكان احتجازه. وتفيد الأنباء الواردة بأن حسين لم يخدم في صفوف ميليشيا "جيش لبنان الجنوبي"، ولكن أحد المصادر ذكر أن عملاء هذا الجيش مارسوا ضغوطاً عليه لحمله على العمل مخبراً لهم؛ ولما رفض، مزقوا التصريح الذين كان يسمح له بالسفر إلى بيروت من المنطقة المحتلة.

محمد خريزات، وهو في الثلاثينيات من عمره؛ اختُطف في حوالي الساعة 11:45 يوم 6 يونيو/حزيران؛ إذ طرق باب بيته رجالٌ ادعوا أنهم من حزب الله، وسألوا أهله إن كان في البيت. ثم فتشوا البيت، ولكنهم لم يستولوا على شيء. وسمحوا لمحمد بتغيير ثياب نومه، ثم اقتادوه معهم قائلين إنه سيعود بعد خمس دقائق. واستفسرت الأسرة عما حدث لمحمد لدى جهاز الأمن في حزب الله ولدى الجيش اللبناني، ولكن قيل لهم إن أحداً لا يعرف شيئاً عن قضيته. وقد تعذر على منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" التثبت مما إذا كانت لمحمد صلات من أي نوع بميليشيا "جيش لبنان الجنوبي"، غير أن هذه الميليشيا حاولت عام 1993 تجنيد أخيه حسن في صفوفها قسراً؛ ولما لاذ حسن بالفرار، اعتُقل أباه لمدة ثلاثة أيام في مكتب الأمن التابع "لجيش لبنان الجنوبي" في عيطرون.

شوقي شيخ حسين، البالغ من العمر 25 عاماً؛ اختُطف من بيته في حوالي الساعة 2:45 صباحاً يوم 7 يونيو/حزيران. ويقول شهود العيان إن أسرته استيقظت على صوت طرق على الباب؛ ثم دخل أربعة رجال البيت بينما انتظر اثنان آخران في الخارج؛ وادعى الرجال، الذين كانوا يرتدون ثياباً عسكرية ونظارات سوداء، أنهم من حزب الله؛ وسألوا عن شوقي، ثم قاموا بتفتيش المنزل. وكانت هناك سيارتان تنتظران أمام المنزل، وسيارتان أخريان في الطريق.
واقتيد شوقي إلى إحدى هذه السيارات، وغُطِّي رأسه بكيس. ومنذ وقوع حادث الاختطاف، ورد أن المسؤولين في نقطة الجيش اللبناني في تبنين المجاورة ومكتب أمن الدولة في بنت جبيل قد ذكروا أنهم ليست لديهم أي معلومات عن مكانه وجوده. وبعد يومين من حادث الاختطاف، ورد أن العديد من أفراد الشرطة المحلية اعترفوا بأنهم على علم بهذه القضية، ولكن في اليوم التالي أنكر مركز الشرطة المحلي أن تكون لديه أي معلومات بهذا الشأن.
وكان نبيل، شقيق شوقي، في المنزل عند اختطافه؛ وفي اليوم التالي عاد أفراد حزب الله إلى المنزل، فيما ورد، باحثين عن نبيل؛ وترددوا على منزله عدة مرات لنفس السبب، كان آخرها في 16 يونيو/حزيران؛ ويخشى نبيل العودة إلى عيطرون.
ولم يتضح لماذا استُهدف شوقي؛ فقد أكمل الخدمة العسكرية الإجبارية في الجيش اللبناني، ولكنه قبل ذلك، وتحديداً في عام 1994، جُنِّد قسراً في صفوف "جيش لبناني الجنوبي". ووصف والده البالغ من العمر سبعة وستين عاما لمنظمة "مراقبة حقوق الإنسان" كيف طرحه أفراد الميليشيا أرضاً، وأصابوه بجراح، عندما حاول منعهم من أخذ ابنه. وقالت والدة شوقي إنها حاولت أن تتعقب السيارة الجيب، ولكنهم دفعوها وطرحوها أرضاً. ويقول والدا شوقي إنه احتُجز لمدة شهر واحد في مركز تدريب تابع "لجيش لبنان الجنوبي" في المجيدية، حيث تعرض للضرب الوحشي بسبب امتناعه عن ارتداء الزي العسكري للجيش. وقالا إنه لا يزال يحمل ندوباً على ذراعيه خلَّفها الحرق بلفافات التبع المشتعلة التي أطفئت في جلده. أما شقيقه بلال فقد استجوبه أفراد "جيش لبنان الجنوبي" لمدة ساعتين عام 1994، ثم طردوه من المنطقة المحتلة في العام التالي، وهو في الثامنة عشرة من العمر. وأدى الخدمة العسكرية في الجيش اللبناني، ولم يعد إلى عيطرون حتى اكتمال الانسحاب الإسرائيلي في مايو/أيار. ولا يزال بلال هو الآخر خائفاً من العودة إلى عيطرون منذ اختطاف شقيقه.

هذا، وقد وثَّقت منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" الممارسات المنافية للقانون الإنسان الدولي التي اقترفها "جيش لبنان الجنوبي" في المنطقة المحتلة، بما في ذلك التجنيد القسري للرجال والأطفال في صفوف الميليشيا، وطرد أفراد وأسر بأكملها من المنطقة، وتعذيب السجناء المعتقلين بدون توجيه أي تهمة إليهم في سجن الخيام؛ ومن المعروف أن اتفاقيات جنيف تعتبر عمليات الطرد والتعذيب من جرائم الحرب.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.