في يوليو/تموز، نشرت وكالات أنباء كبرى صورة لمحمد زكريا أيوب المطوق، وهو طفل فلسطيني عمره 18 شهرا. يظهر محمد هزيلا لدرجة أن عظامه تبرز من ظهره، بينما تحمله أمه بين ذراعيها. وبدلا من الحفاض، كان يرتدي كيسا بلاستيكيا أسود.
سعى بعض المعلقين على الإنترنت إلى التقليل من تأثير الصورة بالإشارة إلى وضع صحي سابق لدى محمد. لكن محمد يتضور جوعا نتيجة استخدام إسرائيل تجويع المدنيين سلاحَ حرب. هذه جريمة حرب تؤثر على جميع السكان، وتسبب، وفقا لأبحاثي، معاناة شديدة للأطفال ذوي الإعاقة مثل محمد.
أخبرني عمال الإغاثة الإنسانية أن القيود على المساعدات تمنعهم من إحضار الأغذية الخاصة التي يحتاج إليها بعض الأطفال ذوي الإعاقة أو الذين لديهم وضع صحي، بينما حذر موظفون طبيون من أن الأطفال ذوي الإعاقة أقل حظا في الحصول على الرعاية بسبب الاعتداءات المنهجية التي تشنها الحكومة الإسرائيلية على البنية التحتية للرعاية الصحية في غزة.
في منتصف أغسطس/آب، انضممتُ في جنيف إلى "لجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة" في دورتها التي ركزت على الأراضي الفلسطينية المحتلة. وبموجب اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، يتعين على الحكومات حماية الأشخاص ذوي الإعاقة في حالات الخطر، بما في ذلك النزاعات المسلحة. وكانت الرسالة التي وجهتهامنظمات الإعاقة واضحة: على الحكومات الضغط على السلطات الإسرائيلية للسماح بوصول المساعدات الإنسانية دون عوائق وبشكل شامل للأشخاص ذوي الإعاقة، وألا تترك أطفالا مثل محمد يعانون عواقب التجويع المتعمد.
وهناك أمثلة لا حصر لها على أطفال فلسطينيين من ذوي الإعاقة ينعمون بحياة مزدهرة بفضل التغذية والرعاية الصحية الكافية. ومن هذه الأمثلة فادي الزنت (6 سنوات)، الذي لديه تليف كيسي وسوء غذية حاد، والذي تم إجلاؤه من غزة إلى الولايات المتحدة العام الماضي ونجا. عثمان شاهين، وهو فتى عمره 16 عاما لديه شلل دماغي وفقد 7 كيلوغرامات من وزنه، استعاد وزنه بعد أن غادرت أسرته غزة إلى البوسنة.
لكن محمد وغيره من الأطفال في غزة لا يتمتعون بهذه الفرصة. ففي الفترة ما بين أبريل/نيسان ومنتصف يوليو/تموز وحدها، أُدخل أكثر من 20 ألف طفل في غزة إلى المستشفيات بسبب سوء التغذية الحاد، 3 آلاف منهم في حالة حرجة. تجويع المدنيين ليس حادثا عرضيا في الحرب، بل سياسة متعمدة.
يجب أن تحرك صورة محمد قادة العالم لاستخدام كل نفوذهم مع إسرائيل، بما يشمل حظر الأسلحة وفرض عقوبات محددة الأهداف، لوقف سياسة التجويع الجماعي التي تنتهجها السلطات الإسرائيلية. إعاقة محمد لا تقلل قسوة تجويعه أو طابعه غير القانوني، بل تجعل من الملحّ أن تتحرك الدول الآن.