توفي جو ستورك، المرشد والصديق المحبوب لنشطاء حقوق الإنسان في جميع أنحاء الشرق الأوسط والزميل العزيز الذي امتدت مسيرته المهنية في "هيومن رايتس ووتش" لأكثر من ثلاثة عقود. وافته المنية بشكل مفاجئ في 23 أكتوبر/تشرين الأول 2024، في منزله في واشنطن، عن عمر يناهز الـ 81.
لعب ستورك، الذي انضم إلى هيومن رايتس ووتش في 1996 مديرا للمناصرة في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ثم فيما بعد نائبا لمديرة القسم، دورا محوريا في تشكيل القسم على ما هو عليه اليوم. تمثلت إحدى أولى مهامه مع هيومن رايتس ووتش في توثيق الانتهاكات المتفشية في البحرين، الدولة التي استمر في إجراء البحوث والمناصرة بشأنها لعقود.
قالت تيرانا حسن، المديرة التنفيذية لـ هيومن رايتس ووتش: "سيتذكر أي شخص تشرّف بلقاء جو ذكاءه الفذ ومناصرته الحكيمة، وسيتذكره كذلك زميلا وصديقا متواضعا وودودا وداعما ولطيفا. بالنسبة للعديد منا، بمن فيهم أنا، لم يكن جو مجرد زميل، بل كان مرشدا أيضا".
خلال فترة عمله في هيومن رايتس ووتش، ساهم ستورك على نطاق واسع في إعداد تقارير رائدة عن إسرائيل/فلسطين، ومصر، والعراق، ودول الخليج.
كان طوال حياته مدافعا عن حقوق الفلسطينيين، ومن مساهماته العديدة تقرير رئيسي في العام 2002 عن الهجمات الانتحارية ضد المدنيين الإسرائيليين. كان ستورك أيضا الخبير النادر في شؤون الشرق الأوسط الذي اهتم إلى حد بعيد بكل دولة في المنطقة عبر قيامه برحلات عمل عديدة إلى تلك الدول أثناء سنوات خدمته في هيومن رايتس ووتش وبعدها.
كان ستورك محققا عنيدا يتمتع بفهم عميق للمنطقة وقضاياها. كما كان توقيته ملفتا، إذ صادف وصوله القاهرة يوم 25 يناير/كانون الثاني 2011 مع اندلاع انتفاضات الربيع العربي وقتها. كان التدقيق التحريري الذي مارسه ستورك دقيقا ومستنيرا بمعرفته بالموضوع والجدل المحيط به.
كان على استعداد لمساعدة الزملاء أينما ومتى احتاجوا إليه، وتعامل بفعالية وحكمة بالغة مع العديد من الأزمات المتنوعة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
كان جو ستورك يحمل الماجستير في الشؤون الدولية/دراسات الشرق الأوسط من "جامعة كولومبيا".
قبل انضمامه إلى هيومن رايتس ووتش، عمل متطوعا في "هيئة السلام" في تركيا، ثم شارك في تأسيس "مشروع أبحاث ومعلومات الشرق الأوسط" ("ميريب")، ثم تولى رئاسة تحرير مجلة المشروع "ميدل إيست ريبورت" التي تصدر كل شهرين، بين 1971 و1995. انضم لاحقا إلى المجلس الاستشاري لـ"مركز الخليج لحقوق الإنسان" في العام 2011 وشغل منصب رئيس المجلس بين 2019 و2022.
قدّم ستورك شهادته مرات عديدة أمام لجان "الكونغرس" بشأن مواضيع شملت الأوضاع الحقوقية في البحرين أثناء قمع الحكومة الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية والمناهضة للحكومة في الشوارع في العام 2011. ولكن كما أشار ستورك نفسه، كان تواجده في الميدان يُشعره "بقوّة بقيمة العمل الذي نقوم به"، لقدرته على العمل "يدا بيد" مع النشطاء المحليين، الذين أصبح العديد منهم أصدقاء مقربين على مر السنين.
قال جوست هيلترمان، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "مجموعة الأزمات الدولية" والصديق مقرب لستورك طيلة 40 عاما: "كان جو شهما ومرشدا وشخصية فكرية أساسية في مجال التقارير والتحليل في الشرق الأوسط. أسس مؤسسة ميريب/تقرير الشرق الأوسط، وعلّم عددا لا يحصى من الباحثين والنشطاء من خلال شخصيته وعمله، كما فتح هو وزوجته الراحلة بريسيلا نوريس منزلهما لأي شخص مستعد لمحادثة حيوية ووجبة شهية".
ومع انتشار خبر وفاته، بدأت التعازي تتدفق من جميع أنحاء الشرق الأوسط.
قال نبيل رجب، رئيس "مركز البحرين لحقوق الإنسان"، "هذا يوم حزين للغاية، أنعي فيه مرشدا ومعلما وصديقا عظيما. كان جو أيضا صديقا مقربا للعائلة حيث ظل على اتصال بعائلتي خلال السنوات السبع التي قضيتها في السجن، وقدم إليهم الراحة والدعم. لقد أعطاني وجوده، حتى من بعيد، الأمل والقوة في تلك الأوقات الصعبة".
قال سيد الوداعي، مدير المناصرة في "معهد البحرين للحقوق والديمقراطية" ومقره المملكة المتحدة، إن العمل مع ستورك كان له تأثير كبير عليه: "بالنسبة إلي، لم يكن جو مجرد مرشد، بل كان خبيرا حقيقيا بالشرق الأوسط، وأستاذا كبيرا في هذه الحرفة. لقد علمني التدقيق في التفاصيل للتأكد من دقة التقارير، وتذكُّر واجبي تجاه الضحايا بمنحهم الأولوية دائما. لقد فقد الشعب البحريني صديقا حقيقيا ومدافعا متفانيا".
قال إريك غولدستين، الذي عمل عن كثب مع ستورك لسنوات عدة في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش، إن ستورك وزوجته لطالما استضافا أشخاصا من المنطقة في منزلهما.
قال غولدستين: "اغتنم جو كل فرصة للسفر لتكوين صداقات وعلاقات مبنية على الاحترام تدوم مدى الحياة. كانت مائدة العشاء الحافلة في منزله مع بريسيلا مأدبة عامرة بالأشخاص من بلدان الشرق الأوسط، وزملاء وأصدقاء يتناقشون في أمور المنطقة أثناء تناول الطعام المميز المقدّم على أطباق فلسطينية بنقوش مرسومة باليد".
حاول ستورك التقاعد في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، فوجه رسالة إلكترونية وِداعية إلى زملائه في هيومن رايتس ووتش مع صورة له وهو يسترخي على كرسي بجانب بحيرة، مسدلا قبعة على عينيه، لكنّ تقاعده الهادئ لم يدم طويلا، إذ عاد إلى هيومن رايتس ووتش نائبا للمديرة بالإنابة ثم محررا أولا يركز على العمل في الخليج لغاية يناير/كانون الثاني 2024.
قالت سارة ليا ويتسن، المديرة السابقة لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش، والمعيّنة أصلا على يد ستورك: "خلال الوقت الذي قضيناه معا في هيومن رايتس ووتش، كان جو حقا شريكي ومعلمي ومرشدي وسندي في الأوقات الصعبة، وكما كنت أقول له دائما، لم أكن لأتمكن من النجاح في هذه الوظيفة بدونه. لقد حاول التقاعد مرارا، لكننا واصلنا إعادته للعمل معنا لأننا لم نرغب في رؤيته يغادر".
بعد مغادرته هيومن رايتس ووتش، واصل ستورك متابعة وضع نشطاء حقوق الإنسان، الذين دعم عملهم وكانت سلامتهم مصدر قلق عميق له.
ترك ستورك خلفه بناته نورا ستورك سيفو، وزافرا ستورك، وليلى رايت، وأحفاده جيسون سيفو، ونيلا، وسيكاي، وأديرا رايت.