(نيويورك) – قالت 12 منظمة حقوقية، منها "هيومن رايتس ووتش"، في بيان أصدرته اليوم إن السلطات الإيرانية تستمر في قمعها الوحشي بحق النساء خلال العامين اللذين مرّا منذ وفاة مهسا (جينا) أميني في عهدة شرطة الآداب، التي أشعلت الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد.
تستمر السلطات الإيرانية في قمعها الوحشي بحق المعارضين السلميين، والمجتمع المدني، والنساء، والأقليات الدينية والإثنية، في حين تتقاعس عن محاسبة المسؤولين عن التعذيب، والاغتصاب، والقتل غير المشروع. على السلطات الإيرانية أن تفرج عن جميع الناشطات الحقوقيات السجينات في إيران فورا وبدون شرط، وأن تُنهي العنف والتمييز المنهجيَّيْن ضد النساء.
قالت ناهيد نقشبندي، باحثة إيران بالإنابة في هيومن رايتس ووتش: "لم تُحاسَب السلطات الإيرانية على مقتل مئات الأشخاص واعتقال الآلاف، وهي تستمر بقمعها الممنهج بحق خصومها، والمجتمع المدني، والمدافعين عن حقوق الإنسان. لم يؤدِّ التعديل الحكومي ومجيء رئيس جديد إلى أي تغيير في ممارسات السلطات القمعية ضد معارضيها".
صعّدت السلطات الإيرانية قمعها بحق النساء في الأماكن العامة، عبر عودة شرطة الآداب تحت مظلة ما يسمى "خطة نور"، واتخذت خطوات عقابية، مثل حجز سيارات النساء غير المحجبات. ويوشك البرلمان الإيراني على إقرار "مشروع قانون حماية ثقافة العفة والحجاب". في حال إقراره، سيؤدي هذا القانون إلى مأسسة قمع النساء والفتيات اللواتي يتحدين الحجاب الإلزامي، ما يوسّع الهوة الجندرية بشكل كبير.
تسعى السلطات أيضا إلى ترهيب النساء وإسكاتهن عبر إصدار أحكام سجن قاسية بحق مدافعات عن حقوق الإنسان. رغم ذلك، تستمر النساء في مقاومتهن قوانين اللباس المنتهِكة التي تفرضها الدولة، في حين تواصل الناشطات والمدافعات عن حقوق الإنسان المسجونات هذا التحدي من داخل السجون في جميع أنحاء إيران.
منذ أوائل سبتمبر/أيلول 2024، زادت السلطات الإيرانية تدابيرها الأمنية بحسب تقارير، لا سيما في المناطق الكردية، مثل سقز، مسقط رأس أميني. تشير تقارير من منظمات حقوقية محلية إلى أن قوات الأمن تسيطر بإحكام على الطرقات المحيطة بمقبرة آيتشي، حيث دُفنت أميني. وقد استدعت الأجهزة الأمنية العديد من النشطاء السياسيين، والمدنيين، والحقوقيين. قالت "شبكة حقوق الإنسان في كردستان" في تقرير لها إن "النيابة العامة والثورية" في سنندج رفعت قضايا ضد 14 ناشطا في اتحاد المعلمين من كردستان. تتهم الاستدعاءات النشطاء بـ "الاجتماع والتآمر بنيّة النيل من الأمن القومي"، و"الدعاية ضد الدولة"، و"الإخلال بالنظام والسلم الأهليَّين".
النساء المسجونات في إيران يُعِدن إحياء حركة "المرأة، الحياة، الحرية"، من خلال الإضراب عن الطعام، ورسائل الاحتجاج، والاعتصامات، ومواصلة نشاطهن رغم الأحكام القاسية. وقد فضحن أوضاع السجون المزرية وناضلن من أجل معايير عيش أفضل لجميع السجينات. العشرات على الأقل من النساء المدافعات عن حقوق الإنسان محتجزات، وأكثر منهن يُحاكَمنَ. ويواجهن خطر النسيان مع تراجع الاهتمام الدولي بإيران.
قالت نرجس محمدي، وهي حقوقية سجينة حائزة على "جائزة نوبل"، في بيان نشر على حسابها على "إنستغرام" إن 34 سجينة سياسية أعلنَّ في 15 سبتمبر/أيلول الإضراب عن الطعام، في الذكرى السنوية الثانية لحركة "المرأة، الحياة، الحرية" ومقتل مهسا أميني.
بحسب وكالة "نشطاء حقوق الإنسان في إيران" الإخبارية، ستُعاد محاكمة 15 امرأة بهائية في الفرع الأول للمحكمة الثورية في أصفهان، في 25 سبتمبر/أيلول. حُكم عليهن أول مرة في مايو/أيار، بتهم "نشاطات تربوية وتوعوية ضد القانون الإسلامي"، بالسَّجن خمس سنوات، وغرامات، وقيود على الحياة الاجتماعية والسفر.
رغم زيادة الضغط، بما فيها الاعتقالات والتهديدات والترهيب، فإن عائلات الذين قُتلوا خلال المظاهرات تستمر في المطالبة بالعدالة لأحبائهم. في الأيام الأخيرة، أصدر العديد من هذه العائلات بيانات. طالب مصطفى قيصري، شقيق محسن قيصري الذي قتلته قوات الأمن، بالشفافية بشأن تفاصيل مقتل شقيقه وتحديد هوية المسؤولين عن قتله.
وبحسب "شبكة نشطاء حقوق الإنسان في كردستان"، في 15 سبتمبر/أيلول، احتجزت قوات الأمن في مدينة بوكان أحمد حسن زاده، والد محمد حسن زاده، الذي أطلقت قوات الأمن الرصاص عليه وقتلته في بوكان في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، ونقلته إلى مكان جهول.
قالت نقشبندي: "يجب أن يستمر الضغط الدولي على الحكومة الإيرانية لمحاسبتها على ممارساتها خلال تظاهرات 2022 وبعدها. على جميع الدول أن تطالب برد إيراني على حالات القتل، والإصابات، والاعتقالات بحق عدد لا يُحصى من المحتجين، وضمان العدالة للضحايا".