Skip to main content

"الاتحاد الأوروبي" يمعن في دفن رأسه في الرمال بشأن الفصل العنصري الإسرائيلي

نُشر في: EU Observer
رئيس السياسة الخارجية في "الاتحاد الأوروبي" جوزيب بوريل ينتظر بدء "مجلس جمعية الاتحاد الأوروبي وإسرائيل" في بروكسيل، بلجيكا. © 2022 فيرجينيا مايو/أسوشيتد برس

الارتفاع الأخير في عدد الهجمات القاتلة والقمع في الضفة الغربية المحتلة ليس مستغرَبا. في العام الماضي، قتلت القوات الإسرائيلية فلسطينيين في الضفة الغربية بما يفوق الأعداد السنوية منذ 2005، عندما بدأ "الاتحاد الأوروبي" تسجيل الوفيات بانتظام: 151، بينهم 35 طفلا. ومع مرور أكثر من شهر بقليل على بدء العام الجديد وحكومة أخرى برئاسة نتنياهو، ها هو الوضع يزداد سوءا.

إذ بدأت الحكومة الإسرائيلية، التي حددت مبدأ توجيهيا هو أن كامل الأرض بين نهر الأردن والبحر المتوسط تنتمي "حصرا" إلى الشعب اليهودي، بالفعل اتخاذ تدابير لتطبيق هذه الأجندة.

تتضمن هذه التدابير تسريع عمليات هدم منازل الفلسطينيين، بالإضافة إلى توسيع المستوطنات في الضفة الغربية، وهي غير قانونية بموجب القانون الدولي. كما ردت الحكومة على هجمات الفلسطينيين على الإسرائيليين بالعقاب الجماعي، وهي جريمة حرب في الأراضي المحتلة، بما في ذلك هدم منازل عائلات المهاجمين.

هذه الممارسات العدائية والتمييزية من قِبل السلطات الإسرائيلية ليست جديدة؛ بل إنها تعزز سياسة الإبقاء على هيمنة الإسرائيليين اليهود على الفلسطينيين في سياق قمع ممنهج للفلسطينيين، الأمر الذي يرقى إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية المتمثلة بالفصل العنصري والاضطهاد.

هذه النتيجة التي توصلت إليها "هيومن رايتس ووتش" ومنظمات حقوقية دولية، وإسرائيلية، وفلسطينية، وخبراء قانونيون وخبراء أمميون – وآخرون – ينبغي أن تجعل من المستحيل على الاتحاد الأوروبي أن يستمر في النظر إلى قمع الفلسطينيين وكأنه ظاهرة مؤقتة يُفضَّل معالجتها في إطار "عملية السلام". إلا أن هذا بالضبط ما يفعله الاتحاد الأوروبي؛ فهو يعيد تدوير شعارات فارغة وقديمة حول "حل الدولتين"، والحاجة إلى العودة إلى الهدوء، وضبط النفس، والحفاظ على الوضع القائم. وبينما يعرف جميع السياسيين الأوروبيين أن الحفاظ على "الوضع القائم" يعني استمرار ما يترافق يوميا مع العيش تحت نظام فصل عنصري من قمع، وإهانة، ومعاناة، يستمر الاتحاد الأوروبي في الرضوخ لوضع يزداد سوءا كل يوم.

في مايو/أيار 2021، وبعد جولة جديدة من الأعمال العدائية في غزة، تبنى "مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة" قرارا بإنشاء لجنة تحقيق للنظر في الأسباب الجذرية للنزاع. لكن لم تصوت حينها أي دولة من الاتحاد الأوروبي عضوة في المجلس مع هذا القرار، ما يتناقض بشدة مع دعمها المبدئي – بالأحرى ريادتها – لإنشاء آليات إشراف أو مساءلة في ما يخص معظم الدول الأخرى في مجلس حقوق الإنسان.

وفي ديسمبر/كانون الأول الأخير، رفضت جميع دول الاتحاد الأوروبي، باستثناء بلجيكا، وإيرلندا، ولوكسمبورغ، ومالطا، وبولندا، والبرتغال، وسلوفينيا، قرارا للجمعية العامة للأمم المتحدة يطلب رأي "محكمة العدل الدولية" حول التبعات القانونية للاحتلال الإسرائيلي المطوّل وتبنّي قرارات وإجراءات تمييزية، وغيرها من القضايا.

وبينما تستمر حكومات الاتحاد الأوروبي بإظهار معايير مزدوجة جلية في الأمم المتحدة، أجابت "المفوضية الأوروبية" عن سلسلة من الأسئلة البرلمانية حول تعريف نظام الفصل العنصري. وأتت الإجابات، التي وقّعها مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، نيابة عن المفوضية: "تعتبر المفوضية أن من غير الملائم ربط مصطلح الفصل العنصري بدولة إسرائيل".

وبالطبع تؤدي الصياغة الغامضة إلى مغالطة تتجنب صلب الموضوع. إذ لا وجود لدولة فصل عنصري، بالنسبة إلى القانون الدولي، تماما كما أنه لا توجد دولة تعذيب أو دولة جرائم حرب. الفصل العنصري والاضطهاد جريمتان دوليتان ضد الإنسانية محددتان بوضوح – وهما جريمتان ترتكبهما السلطات الإسرائيلية.

علاوة على ذلك، تكلمت المفوضية الأوروبية باسمها هي: لم تعبر، ولا يمكنها أن تعبر، عن موقف السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي من هذه القضية، فهذا يتطلب قرارا بالإجماع يشمل حكومات الدول الـ 27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. مع ذلك، قد تكون خفة اليد كافية للبعض كي يزعموا، بشكل غير دقيق، "رفض الاتحاد الأوروبي" تعريف الفصل العنصري. من شأن ذلك أن يضع الاتحاد في تناقض مع الإجماع في حركة حقوق الإنسان والذي يتنامى أيضا خارج الحركة. في نهاية المطاف، فإن الردود الغامضة توفر بشكل ماكر غطاءً واهيا للحكومة الإسرائيلية الجديدة للإصرار على الفصل العنصري وتكثيف قمعها الوحشي للفلسطينيين.

والأكثر إزعاجا أن الاتحاد الأوروبي يتخذ هذه الخطوات وفي الوقت نفسه يحشد العالم للدفاع عن النظام الدولي وحقوق الإنسان القائمة على القواعد، وهو محق بذلك، في حالة روسيا وأوكرانيا. الاتحاد الأوروبي نفسه ودوله الأعضاء نفسها قد بذلت مساعٍ غير مسبوقة لضمان الدعم قبل تصويت الأمم المتحدة على إدانة الاجتياح الروسي لأوكرانيا. وقد تبنت مجموعة هائلة من العقوبات، ودأبت على شجب جرائم الحرب وانتهاكات أخرى، ودعمت المساعي الجدية لتوثيقها، مع السعي إلى ضمان المحاسبة.

التباين مع الصمت المخجل للاتحاد ودوله الأعضاء وتقاعسها، وإنكارها إزاء ضحايا جرائم الفصل العنصري والاضطهاد التي ترتكبها السلطات الإسرائيلية صارخ ويستحيل نفيُه. وهذا الوضع لا يغذي العنف والقمع المتصاعدين في إسرائيل وفلسطين فحسب، بل يقوّض أيضا مصداقية الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء كأطراف في السياسة الخارجية تحترم المبادئ.  

ينبغي للاتحاد الأوروبي إخراج رأسه من الرمال والاعتراف بواقع الفصل العنصري، وأن يتخذ التدابير الحقوقية التي يتطلبها وضع بهذا الثقل، بما في ذلك دعم المساعي لضمان محاسبة الانتهاكات الخطيرة وإنهاء جميع أشكال التواطؤ معها.

 

 

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة