Skip to main content
تبرعوا الآن

"الفيفا" تضلل العالم بشأن تعويض العمال الوافدين

يجب استخدام صندوق الإرث الجديد لضمان تعويض العمال

عمال بناء في الدوحة، قطر، 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2022.  © 2022 ddp images via AP Photo

(جنيف) – قالت "هيومن رايتس ووتش"، و"منظمة العفو الدولية"، و"فيرسكوير"، و"إكويديم" اليوم إن "الفيفا" لم تفِ بمسؤولياتها الحقوقية، إذ ترفض الالتزام بتعويض العمال الوافدين وعائلاتهم عن الانتهاكات أثناء التحضير لـ "كأس العالم 2022" في قطر وتقديم منشآت البطولة وخدماتها.

منذ يونيو/حزيران 2022، بعد دعوة تحالف من المنظمات إلى تعويض العمال الوافدين، أشارت الفيفا في سلسلة مراسلات إلى أنها ملتزمة بتحديد طرق لتعويض العمال الوافدين الذين ماتوا، أو أصيبوا، أو سُرقت أجورهم، وبدعم مركز مستقل للعمال الوافدين، كجزء من برنامج الإرث. لكن رغم بدء البطولة، لم تصدر الفيفا أي خطة للقيام بذلك، وأعلنت بدل ذلك عن "صندوق إرث" جديد لا يتضمن حاليا أي مخصصات لتعويضات العمال. كما أدلى رئيس الفيفا جياني إنفانتينو بتعليقات مضللة مفادها أن العمال يمكنهم ببساطة الحصول على تعويض من خلال آلية موجودة في قطر، رغم أن هذه الآلية غير مُعدة في الواقع لتقديم تعويضات على أي نطاق واسع يتعلق بالوفيات، والإصابات، والسرقة الهائلة للأجور.

مع دخول بطولة كأس العالم 2022 أسبوعها الأخير، دعت المنظمات الفيفا إلى استخدام صندوق الإرث لتمويل تعويضات العمال وعائلات من مات منهم.

قالت تيرانا حسن، القائمة بأعمال المديرة التنفيذية في هيومن رايتس ووتش: "ما تقوم به الفيفا من تلميع شنيع للانتهاكات الجسيمة ضد العمال الوافدين في قطر هو إحراج عالمي وتكتيك شرير للتهرب من مسؤوليتها الحقوقية لتعويض آلاف العمال الذين تعرضوا للانتهاكات وعائلات من مات منهم لجعل كأس العالم هذه ممكنة. تواصل الفيفا جني أرباح بمليارات الدولارات من العائدات لكنها ترفض تقديم ولو سنت واحد إلى عائلات العمال الوافدين الذين ماتوا أو العمال الذين تعرضوا للغش وحُرموا من أجورهم".

في الأشهر قبل افتتاح كأس العالم 2022، أشارت الفيفا في سلسلة بيانات وتصريحات إلى أنها تخطط لتعويض العمال. شمل ذلك سلسلة من البيانات العامة التي تشير إلى أن الفيفا منفتحة على تعويض العمال الوافدين ودعم مركز مستقل لهم. في جلسة استماع "مجلس أوروبا" في 13 أكتوبر/تشرين الأول بشأن حقوق العمال في قطر، صرح نائب الأمين العام للفيفا ألاسدير بيل أن التعويض "بالتأكيد مسألة نهتم بإحراز تقدم فيها"، وأنه "من المهم أن نحاول أن نرى أن أي شخص تعرض للإصابة نتيجة للعمل في كأس العالم يتم تعويضه بطريقة ما". كما أكدت الفيفا سابقا لـ "مجموعة العمل المعنية بحقوق العمال في قطر" التابعة لـ "الاتحاد الأوروبي لكرة القدم" (اليويفا) أنها "تبحث في آليات التعويض".

التراجع عن التعويض

قبل بدء البطولة بيوم، في 19 نوفمبر/تشرين الثاني، استجاب رئيس الفيفا جياني إنفانتينو لدعوات ضمان إنصاف العمال، إذ قال إن "صندوق دعم وتأمين العمال" التابع لوزارة العمل القطرية سيتولى التعويضات. دعا إنفانتينو أي شخص يعتقد أنه يستحق تعويضا إلى "التواصل مع السلطات المعنية لنيل التعويضات المستحقة".

يستُخدم صندوق دعم وتأمين العمال، الذي تم تفعيله العام 2020، لتعويض العمال عن سرقة الأجور في حال عدم تسديد أصحاب المستحقات بعد أحكام محكمة العمل لصالح العمال. لكن الصندوق لا يقدم حاليا تعويضات على أي نطاق واسع يتعلق بالوفيات، والإصابات، وسرقة الأجور الهائلة التي حدثت في العقد السابق لتفعيل الصندوق.

كما تقاعست السلطات القطرية عن تقديم تفاصيل عن مبلغ 350 مليون دولار الذي أعلن عن تقديمه كتعويض إلى العمال الوافدين عن سرقة الأجور، رغم الطلبات المتكررة من هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية. بالإضافة إلى ذلك، أظهرت الأبحاث أن وصول الضحايا إلى آليات التعويض الحالية مليء بالعقبات، وأن المدفوعات محدودة، وأنه يكاد يكون مستحيلا على العمال أو العائلات تقديم الطلبات بعد عودتهم إلى بلدانهم الأصلية.

العقبة الأكبر هي أنه بالنسبة للغالبية العظمى من وفيات العمال الوافدين في قطر، لا تكون العائلات مؤهلة للحصول على تعويض لأن السلطات نسبتها إلى "أسباب طبيعية" أو "سكتة قلبية" دون إجراء تحقيق مناسب في السبب الأساسي للوفاة. بموجب قانون العمل القطري، الوفيات والإصابات المنسوبة إلى أسباب تتعلق بالعمل فقط هي التي تتطلب من أصحاب العمل دفع تعويضات.

في المؤتمر الصحفي نفسه، أعلنت الفيفا أيضا أنها ستنشئ "صندوق إرث كأس العالم فيفا قطر 2022" لاستخدامه في مشاريع التعليم في الدول النامية. مع أن حجم الصندوق غير معروف حتى الآن، لكن ميزانية "الإرث" السابقة حُددت بـ 100 مليون دولار. إلا أن الإعلان لا يشير إلى استخدام الصندوق لتمويل تعويض العمال الوافدين الذين تعرضوا لانتهاكات لإنجاز كأس العالم 2022، ولا لدعم مركز العمال الوافدين المستقل كما دعت النقابات العمالية.

قال ستيف كوكبيرن، مدير العدالة الاقتصادية والاجتماعية في منظمة العفو الدولية: "دفع آلاف العمال الوافدين رسوما غير قانونية، أو سُرقت أجورهم، أو حتى فقدوا حياتهم لجعل الحدث الرياضي الأكثر ربحا في العالم ممكنا. من المخزي ألا يعترف صندوق إرث الفيفا بمساهمتهم ولا يعوضهم عن خسائرهم".

أضاف كوكبيرن: "ما زال بإمكان الفيفا فعل الصواب من خلال توجيه صندوق الإرث نحو العمال وعائلاتهم، ودعم مركز عمال مستقل حقا، والعمل مع قطر لضمان حصول كل عامل على التعويض الذي يستحقه. من خلال تغيير مسارها، يمكن للفيفا أن تحدث فارقا دائما في حياة الأبطال الحقيقيين وراء كأس العالم هذه. سيكون رفض القيام بذلك إدانة فظيعة لعدم التزامها بحقوق العمال".

التعويض هو مسؤولية حقوقية

بالإضافة إلى ذلك، قالت الفيفا إنها، بالشراكة مع "منظمة العمل الدولية"، ستخصص تمويلا لدعم إنشاء "مركز تميّز للعمل" يكون أكثر شمولا. سيكون الهدف من الصندوق مشاركة "الممارسات الفضلى" في قضايا العمل ودعم الالتزام بـ "المبادئ التوجيهية للأعمال التجارية وحقوق الإنسان" في البطولات القادمة. إلا أن الحصول على التعويض هو مبدأ أساسي من مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية، الملزِمة للفيفا نفسها، بحسب المنظمات.

قال مصطفى قادري، الرئيس التنفيذي لإكويديم: "يتصل بنا عمال كأس العالم وأقاربهم للمطالبة بالتعويض عن الأجور غير المدفوعة، ورسوم التوظيف، وغيرها من الأضرار، بما فيها الوفيات. بدل التعامل المجحف، ينبغي للفيفا وقطر الاستجابة لهذه الدعوات. البطولة ملطخة بوفيات العمال، واستغلالهم، والقيود الكبيرة على حرية التعبير والتضامن مع مجتمع الميم. هذه فرصة للفيفا وقطر لإنهاء البطولة بإرث إيجابي للنساء والرجال الذين جعلوها ممكنة".

من المتوقع أن تجني الفيفا 7.5 مليار دولار من هذه البطولة، وكان ينبغي أن تفي بمسؤولياتها الحقوقية بموجب المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة، التي تنص بوضوح على أن مسؤولية الشركات عن احترام حقوق الإنسان "موجودة بغض النظر عن قدرات الدول و/أو رغبتها فيما يخص بالتزاماتها المتعلقة بحقوق الإنسان، وهي لا تقلص تلك الالتزامات". على الفيفا أيضا تقديم تفسير علني حول سبب تحولها من "النظر" في اقتراح التعويض إلى رفضه تماما.

تصاعدت دعوات التعويض منذ إطلاق حملة #فلتدفع_الفيفا في 19 مايو/أيار، عندما دعا تحالف عالمي من منظمات حقوق الإنسان، ومجموعات حقوق المهاجرين، والنقابات العمالية، وروابط المشجعين الرياضيين الفيفا إلى إنشاء برنامج شامل مع قطر لتوفير سبل الانتصاف في جميع الانتهاكات المتعلقة بكأس العالم 2022. لم تبذل الفيفا، الهيئة الناظمة لكرة القدم، العناية الحقوقية الواجبة عندما منحت كأس العالم لقطر عام 2010، ولم تتخذ منذئذ تدابير فعالة وسريعة لتخفيف الانتهاكات ومعالجتها.

رفضُ الفيفا حتى الآن تعويض العمال يتجاهل في نهاية المطاف دعوة العمال الوافدين وعائلاتهم إلى إنشاء صندوق تعويض ومركز مستقل للعمال الوافدين، رغم الدعم الواسع من الجمهور العالمي، واتحادات كرة القدم، والجهات الراعية، والقادة السياسيين، والرياضيين. الأسبوع الماضي، قدمت "آفاز" 720 ألف عريضة من الجمهور الداعم للحملة. ترافقت الهتافات لفرق كأس العالم مع خيبة الأمل المدويّة في صفوف الجمهور العالمي لكرة القدم العالمية تجاه التكاليف البشرية للحدث.

قال نيكولاس ماكغيهان، المدير المؤسس في منظمة فيرسكوير، التي تحقق في انتهاكات العمالة الوافدة: "بدل ضمان حماية العمال الوافدين الذين بنوا وسلّموا البنية التحتية لكأس العالم في قطر، استفادت الفيفا من استغلالهم ورددت كالببغاء التصريحات المُعدة من قبل السلطات القطرية، ما يدل على تواطئها في جميع الادعاءات المضللة وحرف النظر عن الانتهاكات ضد العمال الوافدين. أغفلت الفيفا مطالبات حقيقية بإنصاف العمال الوافدين، بما فيها مطالبات من مجتمع كرة القدم، وتجاهلت الأدلة على تفشي  الانتهاكات دون تعويض، وتقصير أنظمة التعويض الحالية في قطر".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة