(بيروت) - قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن السلطات المصرية اعتقلت المئات في حملة قمع عمت البلاد عقب دعوات إلى احتجاجات مناهضة للحكومة، بحسب تقارير.
من بين المعتقلين صحفيون، ومحامٍ بارز، وعضو في حزب سياسي معارض، ونشطاء، وآخرون. القمع المستمر، المتزامن مع استضافة مصر مؤتمر "كوب27" للمناخ، يزيد المخاوف من أنه، بمجرد انتهاء المؤتمر، يُحتَمل أن تنتقم السلطات من النشطاء والمعارضين المصريين الذين انتقدوا سجل الحكومة البيئي والحقوقي.
قالت لما فقيه، مديرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "من المراقبة إلى الترهيب ووصولا إلى حد الاعتقالات، فإن سلوك السلطات المصرية أثناء تسليط الضوء عليها يدق ناقوس الخطر بشأن ما قد يحدث بعد انتهاء كوب27. ينبغي لشركاء مصر الدوليين الضغط على السلطات المصرية في الاجتماعات الخاصة وعلنا لاحترام حق المواطنين في التعبير عن الانتقادات بشأن حقوق الإنسان وإنهاء الأزمة الحقوقية في البلاد".
قدمت "المفوضية المصرية للحقوق والحريات" وثائق إلى هيومن رايتس ووتش بشأن احتجاز قرابة 700 شخص في 18 محافظة بين 1 أكتوبر/تشرين الأول و14 نوفمبر/تشرين الثاني 2022. بحسب المفوضية، يبدو أن السلطات استهدفت المصريين لمجرد استجابتهم للدعوات إلى احتجاجات مناهضة للحكومة نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي في 11 نوفمبر/تشرين الثاني، التي جاءت وسط أزمة اقتصادية ناجمة عن انخفاض كبير في قيمة العملة. وبحسب بيانات المفوضية، أمرت السلطات باحتجاز معظم هؤلاء المعتقلين 15 يوما على ذمة التحقيق بتهم تتعلق بالإرهاب.
أشارت المفوضية أيضا إلى عدم مثول حوالي 40 محتجزا أمام النيابة، وعدم معرفة مكانهم بعد أيام من اعتقالهم. بموجب القانون الدولي، تنتهك الحكومة الحظر المفروض على الاختفاء القسري عندما يحتجز عناصرها شخصا ما ثم ينكرون احتجازه من قبل الحكومة أو لا يكشفون عن مكانه. ثمة احتمال شديد بتعرض الأشخاص "المخفيين" لخطر التعذيب.
أدت الدعوات إلى الاحتجاج إلى إغلاق أمني مشدد عمّ البلاد، حيث أرجأت السلطات العديد من الحفلات الموسيقية والفعاليات الرياضية التي كان من المقرر عقدها في 11 نوفمبر/تشرين الثاني. في اليوم نفسه، أفادت وسائل إعلام محلية عن وجود أمني مكثف في القاهرة والجيزة لتفريق أي تجمعات.
وسط حملة القمع، استهدفت السلطات صحفيين عدة. في 7 نوفمبر/تشرين الثاني، أفادت وسائل إعلام محلية أن السلطات احتجزت الصحفي المحلي محمد موسى، واعتقلته من منزله، واتهمته بالدعوة إلى الاحتجاج. في 10 نوفمبر/تشرين الثاني، أفادت وسائل إعلام محلية أن السلطات المصرية احتجزت صحفيا محليا آخر هو أحمد فايز، الذي ألمح عبر "فيسبوك" إلى أن الناشط السياسي المضرب عن الطعام علاء عبد الفتاح، والذي حظيت قضيته باهتمام في مؤتمر الأطراف، كان يُجبر على تناول الطعام من قبل سلطات السجن.
امتدت حملة القمع لتشمل آخرين غير أولئك الذين يُزعم أنهم يدعمون الاحتجاجات. قال محام لـ هيومن رايتس ووتش إنه في 7 نوفمبر/تشرين الثاني، قُبض على أحمد نظير الحلو، المحامي المعروف بتمثيله المعارضين السياسيين، ثم اتُهم في 13 نوفمبر/تشرين الثاني بـ"الانضمام إلى جماعة إرهابية".
قال حزب "الخبز والحرية"، وهو حزب جديد قيد التشكل، إنه في 14 نوفمبر/تشرين الثاني، مَثَل عضو الحزب زياد أبو الفضل أمام نيابة أمن الدولة العليا بتهم متصلة بالإرهاب، منها التحريض على الاحتجاج. يشارك الحزب في عملية الحوار الوطني التي أعلنها الرئيس عبد الفتاح السيسي في أبريل/نيسان، والتي زرعت في البداية الآمال في أن تخفف السلطات قمعها للمعارضة.
قالت هيومن رايتس ووتش إن سجل مصر الحقوقي يلقي بظلاله على كوب27. حث عدد من قادة العالم في المؤتمر مصر على الإفراج عن عبد الفتاح، الذي أعلن عبر رسالة إلى أسرته أنه بدأ بشرب الماء ثانيةً في 12 نوفمبر/تشرين الثاني. منذ 10 نوفمبر/تشرين الثاني، رفضت سلطات السجن لثلاثة أيام متتالية من محاولات محاميه لزيارته، رغم إذن كتابي بالزيارة صادر عن النيابة العامة.
في 13 نوفمبر/تشرين الثاني، قدمت السفارة الألمانية في القاهرة شكوى إلى الحكومة المصرية بشأن عمليات مراقبة أجراها عناصر الأمن والحكومة المصرية في كوب27. جاء في الشكوى أن عناصر الأمن راقبوا وصوّروا الأحداث التي أقيمت في الجناح الألماني. أعلنت "الأمم المتحدة" أنها تحقق في هذه الادعاءات، بينما رفض رئيس الوفد المصري في مؤتمر الأطراف هذه المزاعم، واصفا إياها بـ"السخيفة".
في 9 نوفمبر/تشرين الثاني، نشر عضو برلماني مؤيد للحكومة حضر مؤتمر الأطراف على حسابه على فيسبوك صورا لشاشات هواتف محمولة يبدو أنها تعود إلى نشطاء حضروا المؤتمر، وعلق تحتها بالقول: "تصوير التعليمات القادمه إليهم [أي النشطاء] على هواتفهم".
ذكرت تقارير أن "الاتحاد الأوروبي" ووفودا أخرى أثارت مخاوفها مع الحكومة المصرية بشأن سلامة مندوبيها الشباب بعد أن أيقظ رجال مجهولون العديد منهم ليلا في غرفهم بالفندق وطلبوا وثائقهم.
خلص تقرير للأمين العام للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول إلى أن المصريين يمكن أن يواجهوا "أعمالا انتقامية" و"الترهيب" لتعاونهم مع الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك الاحتجاز والمراقبة على الإنترنت وخارجها.
قالت فقيه: "تحدّث النشطاء المصريون بجرأة في مؤتمر كوب27 عن تصاعد انتهاكات حقوق الإنسان في البلاد. ينبغي للسلطات التعامل بشكل بنّاء مع المجتمع المدني بدل الانتقام منه لممارسته حقوقه الأساسية".