Skip to main content
تبرعوا الآن

العراق: هجمات إيرانية تقتل مدنيين في إقليم كردستان

إصابة، وقتل، وتهجير مدنيين ولاجئين

عضو في حزب إيراني معارض مقره إقليم كردستان العراق ممد على سرير مستشفى بعد تعرضه لجروح إثر هجمات جوية إيرانية، 28 سبتمبر/أيلول 2022.    © 2022 Ismael Adnan/picture-alliance/dpa/AP Images

(لندن) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم، وفقا لسكان محليين، إن بعض هجمات "الحرس الثوري الإيراني" (الحرس الثوري) على مقرات حزبين من المعارضة الإيرانية في إقليم كردستان العراق أواخر سبتمبر/أيلول استهدفت بلدات وقرى لم يكن للحزبين فيها أي نشاط عسكري. وفقا لتقارير إعلامية، قتلت الهجمات 16 شخصا على الأقل، وأصابت العشرات، وهجّرت مئات العائلات.

أعلن الحرس الثوري مسؤوليته عن الهجمات التي استهدفت مقرات الحزبين المعارضين الإيرانيَّين، مشيرا إلى الأهداف على أنها "قواعد إرهابية". لكن السكان والشهود قالوا لـ هيومن رايتس ووتش إن بعض الهجمات استهدفت بلدات وقرى لا تمارس فيها أحزاب المعارضة أي نشاط عسكري. لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من التحقق مما إذا كان الحزبان المعارضَان المستهدفان يجريان أنشطة تدريب عسكرية في المواقع المقصوفة في المناطق الجبلية، كما زعمت السلطات الإيرانية.

قال آدم كوغل، نائب مديرة الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "هجمات قوات الحرس الثوري الإيراني على المناطق السكنية في إقليم كردستان العراق جزء من تاريخ طويل من الهجمات القاتلة على المدنيين، بما في ذلك أثناء الحرب في سوريا. ينبغي للدول الساعية إلى محاسبة إيران على قمعها القاسي في الأيام الأخيرة أن تضمن أيضا محاسبة المسؤولين عن قتل المدنيين عشوائيا في الخارج".

تزامنت الهجمات على جماعات المعارضة في إقليم كردستان العراق مع احتجاجات واسعة في إيران بدأت في 16 سبتمبر/أيلول، عقب وفاة مهسا (جينا) أميني أثناء احتجازها لدى "شرطة الآداب" الإيرانية بعد اعتقالها بسبب ارتداء الحجاب "بشكل غير لائق". ردت السلطات الإيرانية على أسابيع من الاحتجاجات بعنف قاسٍ،  فقتلت وأصابت مئات المحتجين.

في 24 سبتمبر/أيلول، قصف الحرس الثوري مكاتب حزبين معارضين إيرانيين في ناحية سيدكان إلى الشمال الشرقي من مدينة إربيل. استهدفت الهجمات "الحزب الديمقراطي الكردستاني" و"حزب كومله الكردستاني الإيراني"، ولم تسفر عن سقوط ضحايا. لكن تقارير إعلامية تشير إلى أن السكان العراقيين واللاجئين الإيرانيين قد هَجَروا منذ ذلك الحين ست قرى مجاورة.

تأسس الحزب الديمقراطي الكردستاني في 1945 وحزب كومله في 1969، كحزبين ديمقراطيَّين اجتماعيين. سبق للحزبين الانخراط في نزاع مسلح في إيران، وتشير تقارير إلى أنهما ما يزالان يحتفظان بأجنحة مسلحة.

في 28 سبتمبر/أيلول، كرر الجيش الإيراني قصف مقرات حزبَيْ الديمقراطي الكردستاني وكومله في قضاء كويه (المعروف أيضا بـ كويسنجق) بمحافظة إربيل ومجمع زركويز السكني في محافظة السليمانية.

قال فؤاد خاكي بايجي، عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني، لـ هيومن رايتس ووتش: "نحن حزب سياسي، ولسنا جماعة عسكرية. تحاول السلطات الإيرانية صرف الانتباه عن الاحتجاجات في إيران، لذلك لجأت إلى القصف العشوائي على المناطق المأهولة بالمدنيين في إقليم كردستان العراق".

وفقا لـ "يونيسف"، أصابت الهجمات في كويه مدرسة في مخيم للاجئين، فجرحت طفلين وقتلت امرأة حاملا. حددت هيومن رايتس ووتش هوية المرأة على أنها ريحانة (شيما) كنعاني.

قال زانيار رحماني، زوج كنعاني، والذي يعمل في مقرات الحزب الديمقراطي الكردستاني التي قُصفت: "يبعد منزلنا كيلومتر ونصف عن مقر الحزب. نعيش في مخيم للاجئين، ومعظم الذين يعيشون هناك نساء وأطفال. المنطقة التي نعيش فيها أنا وزوجتي ليست مكانا عسكريا، بل منطقة سكنية للمدنيين".

قال رحماني إن زوجته كانت حاملا في الأسبوع 36 بابنهما الذي أسموه وانيار. عقب الهجوم، أجرى الأطباء ولادة الطفل ثم أجروا عملية جراحية لكنعاني، التي أصيبت بجروح في مؤخرة رأسها ونزيف داخلي، لكنها توفيت متأثرة بجراحها. عانى وانيار من تلف في الدماغ وتوفي أيضا. قال رحماني: "كان ابني بصحة جيدة [قبل الهجوم]، أظهرت جميع الصور الصوتية حتى تلك اللحظة أنه كان بصحة جيدة".

قابلت هيومن رايتس ووتش شرطيا عراقيا يعمل في مستشفى كويه ولا ينتمي إلى الحزبين المعارضين المستهدفَين. قال: "في 28 سبتمبر/أيلول، كنت أعمل في المستشفى. رأيت امرأة حاملا أصيبت [جراء الهجوم]، وسمعت أنها ماتت لاحقا. كما رأيت أطفالا مصابين، وبعض حراس الأمن الذين كانوا يعملون في مقر الحزب".

قال الشرطي إن مقرات الحزب موجودة في منطقة سكنية يعيش فيها العديد من اللاجئين الإيرانيين. أضاف: "لم نرَهم قَط يقومون بأي نشاط عسكري في المقر لأنه يقع في منطقة سكنية. أعلم أن لديهم بعض الأنشطة العسكرية، لكن في الجبال، وليس في المدن".

قال أحد سكان كويه والذي لا ينتمي إلى الأحزاب السياسية المستهدفة لـ هيومن رايتس ووتش إن المقرات المستهدفة هي مكاتب سياسية فقط ولا تجري فيها أنشطة عسكرية.

في محافظة السليمانية، قصفت طائرات مسيّرة وصواريخ إيرانية المكاتب السياسية لحزبَيْ كومله والكردستاني الإيراني الواقعة في مجمع زركويز السكني. قال محمد حكيمي، عضو كومله: "يقع مكتبنا في منطقة سكنية. ليس لدينا أي أنشطة عسكرية. سكان المجمع جميعهم لاجئون إيرانيون فارون". قال إن الحزب لا يُجري أنشطة عسكرية خارج المكتب المقصوف.

قال أنور قبادي، عضو آخر في كومله: "كنت في مكتب كومله في زركويز عندما قصفت طائرة مسيّرة خلفنا مباشرة". قبادي لاجئ أيضا، قال لـ هيومن رايتس ووتش إنه غادر إيران في 2010 بعد تعرضه لانتهاكات حقوقية على أيدي السلطات الإيرانية. قال إن الجميع في مجمّع زركويز السكني لاجئون.

بعدما قصفت أول طائرة مسيّرة خلف مكتبهم، فر قبادي وزميلاه من المبنى. قال: "بعد دقيقة قصف صاروخ وطائرة مسيّرة أخرى المكتب، وأصابتني شظايا في ظهري. أصيب زميلاي أيضا ودُمر المبنى. لم يُقتل أحد".

هاجمت إيران سابقا المكاتب السياسية لأحزاب المعارضة الإيرانية المتمركزة في العراق. في سبتمبر/أيلول 2018، قصفت صواريخ إيرانية مقرات حزبين كرديين إيرانيين في كويه، فقتلت 14 شخصا على الأقل، وفقا لتقارير الإعلام المحلي حينها.

في 8 يناير/كانون الثاني 2020، أسقط الحرس الثوري طائرة الرحلة 752 على "الخطوط الجوية الدولية الأوكرانية"، ما أسفر عن مقتل جميع ركابها وطاقمها البالغ عددهم 176. بعد نفيها عدة مرات، اعترفت "هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية" في 11 يناير/كانون الثاني بأن الحرس الثوري أسقط طائرة الركاب "بالخطأ". شرعت السلطات الإيرانية لاحقا في حملة مضايقات وانتهاكات ضد عائلات ضحايا الرحلة 752 لمكافحة جهود المساءلة. في 6 أبريل/نيسان 2021، أعلنت السلطات الإيرانية أنها أصدرت لوائح اتهام بحق عشرة أشخاص لدورهم في الحادث دون إعلان أي معلومات عن هوياتهم، أو رتبهم، أو التهم الموجهة إليهم. لم تُجر السلطات الإيرانية أي تحقيقات موثوقة وشفافة في الانتهاكات الجسيمة من جانب قوات الأمن. خلص تحقيق جنائي أجرته الحكومة الكندية في إسقاط طائرة الرحلة 752 إلى أن "إيران لم تقدم تفسيرا موثوقا لملابسات وسبب إسقاط الحرس الثوري الطائرة PS752".

 

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.