(بروكسل) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن على "الاتحاد الأوروبي" ودوله الأعضاء إدانة جريمتَي السلطات الإسرائيلية ضد الإنسانية المتمثلتين في الفصل العنصري والاضطهاد خلال اجتماع "مجلس الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل" (مجلس الشراكة) في 3 أكتوبر/تشرين الأول 2022. على الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء أيضا الضغط على السلطات الإسرائيلية لإنهاء قمعها للمجتمع المدني الفلسطيني.
قال عمر شاكر، مدير إسرائيل وفلسطين في هيومن رايتس ووتش: "على المسؤولين الأوروبيين أن يعلموا أنهم سيصافحون ممثلين عن حكومة ترتكب جرائم ضد الإنسانية، وتُجرّم منظمات بارزة في المجتمع المدني تتحدى هذه الانتهاكات. التظاهر بأن الأمور طبيعية بشأن إسرائيل وسط القمع المتصاعد هو رسالة مفادها أن إدانة الاتحاد الأوروبي بالكاد تساوي الورق الذي كُتبت عليه".
مجلس الشراكة هو منتدى يهدف إلى تيسير الحوار السياسي وتعزيز التعاون مع إسرائيل. عُقد آخر اجتماع للمجلس في العام 2012 ثم عُلّقت الاجتماعات بعد اعتراض السلطات الإسرائيلية على موقف الاتحاد بشأن مستوطنات الضفة الغربية.
أثارت العديد من المنظمات غير الحكومية الفلسطينية، والأوروبية والدولية، وكذلك 47 عضوا في "البرلمان الأوروبي"، مخاوف جدية حول اجتماع مجلس الشراكة.
يحدد الاتفاق الذي أنشأ مجلس الشراكة احترام حقوق الإنسان كعنصر أساسي. من المقرر انعقاد المجلس ثانيةً وسط إجماع متزايد داخل الحركة الدولية لحقوق الإنسان على أن القمع الشديد الذي تمارسه السلطات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين يرقى إلى الفصل العنصري.
يأتي الاجتماع أيضا بعد أسابيع فقط من مداهمة السلطات الإسرائيلية مكاتب سبع منظمات مجتمع مدني فلسطينية بارزة وإصدارها أوامر بإغلاق هذه المنظمات؛ بعضها يتلقى تمويلا من الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء. أغلقت السلطات الإسرائيلية المنظمات الحقوقية الفلسطينية رغم تصريحات الاتحاد وعدد من دوله الأعضاء رفضت المزاعم ضد المنظمات.
لسنوات، كان رد الاتحاد ودوله الأعضاء على الانتهاكات الجسيمة للسلطات الإسرائيلية تكرار عبارات جوفاء حول "عملية السلام" المحتضرة منذ أمد والحاجة إلى إحياء آفاق "حل الدولتين". قالت هيومن رايتس ووتش إن هذا النهج يتجاهل حقيقة الفصل العنصري والاضطهاد على الأرض، ويتسبب في عدم اتخاذ الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء التدابير الحقوقية التي يقتضيها وضع بهذه الخطورة.
في أغسطس/آب، قُتل 49 فلسطينيا في غزة، بينهم 17 طفلا، خلال جولة أخرى من الاشتباكات بين القوات الإسرائيلية والمجموعات الفلسطينية المسلحة. أدى الإغلاق الإسرائيلي لغزة المستمر منذ 15 عاما إلى حرمان أكثر من 2 مليون من سكانها من فرص تحسين حياتهم ودمر الاقتصاد، إذ يعتمد 80% من السكان الآن على المساعدات الإنسانية.
في الضفة الغربية المحتلة، وفقا لـ "مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية" (أوتشا)، قتلت السلطات الإسرائيلية أكثر من 80 فلسطينيا في 2022، وهو أكبر عدد منذ ست سنوات. من بين القتلى الصحفية شيرين أبو عاقلة. حتى 1 سبتمبر/أيلول، اعتقلت السلطات الإسرائيلية إداريا أكثر من 700 فلسطيني، بدون محاكمة أو تهمة، وهو أكبر عدد منذ العام 2008.
رغم هذه التطورات، لم يطالب الاتحاد الأوروبي على ما يبدو السلطات الإسرائيلية بأي تحرك لإنهاء الانتهاكات قبل انعقاد مجلس الشراكة، من قبيل تراجع السلطات الإسرائيلية عن قرارها حظر منظمات المجتمع المدني الفلسطينية البارزة، أو تخفيف الإغلاق عن غزة، أو إطلاق سراح الناشط الحقوقي الفلسطيني-الفرنسي صلاح حموري، المعتقل إداريا منذ أشهر.
في مقابلة إعلامية في أغسطس/آب 2022، قال المدير العام السابق لوزارة الخارجية الإسرائيلية ألون ليل: "طالما أن الأوروبيين لا يتخذون إجراءات ملموسة على المستوى الدبلوماسي والأمني والاقتصادي، لن تأبه إسرائيل بتاتا. وهي على ثقة تامة أن هذا السلوك المعادي لحقوق الإنسان لن يكون له أي تكلفة سياسية على الساحة الدولية".
عندما أطلق "مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة" تحقيقا في مايو/أيار 2021 للتحقيق في الانتهاكات وتحديد الأسباب الجذرية للنزاع، امتنعت جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي عن التصويت أو صوتت ضده، في تناقض صارخ مع سجل تصويتها الثابت لدعم آليات المساءلة في سياقات دول أخرى.
قال كلاوديو فرانكافيلا، مسؤول المناصرة في الاتحاد الأوروبي في هيومن رايتس ووتش: "تقاعس الاتحاد الأوروبي لعقود عن اتخاذ إجراءات بوجه الانتهاكات الحقوقية الجسيمة شجع السلطات الإسرائيلية على تصعيد سافر لقمعها ضد الفلسطينيين. بدل تلاوة العبارات الجوفاء، على المسؤولين الأوروبيين استخدام مجلس الشراكة لإدانة الفصل العنصري والاضطهاد الإسرائيلي، والقول بوضوح إنه ستكون ثمة عواقب حقيقية ما لم تعكس الحكومة الإسرائيلية مسارها".