(عمّان) – قالت "هيومن رايتس ووتش'' اليوم إنه ينبغي للأردن أن يلتزم بالإنهاء الكامل لحبس المدين قبل يونيو/حزيران 2022، تاريخ انتهاء تجميد حبس المدين. أقر "مجلس الأعيان" تعديلات على القانون الأساسي الذي يفرض عقوبة حبس المدين في الأردن. في حين أن التعديلات تشكل تحسنا، إلا أنها لا ترقى إلى مستوى الإنهاء الكلي لحبس المدين، وهو أمر محظور بموجب القانون الدولي.
الأردن هو أحد البلدان القليلة في العالم التي ما زالت تسمح بحبس الأشخاص بسبب تعذر سداد الديون. لغاية 1 أبريل/نيسان، كان 148 ألف شخص على الأقل مطلوبين لقضاء عقوبات سجنية بسبب تعذر دفع الديون، وفقا لوزارة العدل. وثّقت هيومن رايتس ووتش كيف يقترض عشرات آلاف الأردنيين، في ظل غياب شبكة حماية اجتماعية كافية، لتغطية المتطلبات الأساسية، لينتهي بهم الأمر في السجن أو يصبحوا مطلوبين لعدم السداد.
قالت سارة الكيالي، باحثة أولى في شؤون الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "مع استمرار السماح بحبس المدين، يعرّض الأردن عشرات الآلاف لخطر السجن ليس بسبب جريمة ارتكبوها، بل لحصولهم على قروض لتغطية المتطلبات الأساسية مثل الإيجار أو الطعام أو العلاج الطبي. ينبغي للأردن إنهاء حبس المدين دون تأخير".
فاقم تفشي فيروس "كورونا" التحديات الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية التي يواجهها الأردن. في 28 مارس/آذار 2021، واستجابة لضغوط إنهاء حبس المدين، أصدر رئيس الوزراء بشر الخصاونة قرارا بتجميد توقيف الأشخاص لعدم سداد الديون. ينتهي التجميد في يونيو/حزيران.
يمكن أن تؤدي العديد من الأدوات التشريعية إلى أحكام سجنية بسبب الديون، منها قانون العقوبات وقانون التنفيذ. في خطوة إيجابية، وافق مجلس النواب في 26 أبريل/نيسان على تعديل قانون العقوبات الذي ألغى عقوبة الحبس بسبب الشيكات دون رصيد، والذي سيدخل حيز التنفيذ بعد ثلاث سنوات من إقراره.
في أكتوبر/تشرين الأول 2021، قدمت وزارة العدل مسودة تعديل لما يعرف بقانون التنفيذ، وهو النص التشريعي الأساسي الذي يفرض عقوبة السجن لعدم سداد الديون. في 28 أبريل/نيسان، وافق مجلس النواب الأردني على تعديل قانون التنفيذ المقترح لسنة 2021.
تحظر التعديلات المقترحة على قانون التنفيذ عقوبة السجن على الدين لأي مبلغ يقل عن 5 آلاف دينار (7,052 دولار) ويحدد مدة الحبس بـ 60 يوما لكل دين، ولا تتجاوز 120 يوما في المجموع. كما تحدد الشروط التي لا يُسمح فيها بحبس المدين، منها إذا كان الشخص مفلسا أو معسرا، أو لديه أموال كافية لسداد الدين يمكن للسلطات مصادرتها.
إذا عولجت المخاوف المتعلقة بالإجراءات القانونية الواجبة، بحيث لا تصادر السلطات هذه الأموال بشكل تعسفي، فقد يكون ذلك تطورا إيجابيا. كما يقر القانون بالمخاطر التي يشكلها حبس المدين على العائلات، حيث يحظر على سبيل المثال حبس كلا الزوجين في نفس الوقت.
في حين أن التعديلات المقترحة هي تحسين كبير وتعكس قدرا أكبر من التوازن في معالجة التخلف عن سداد الديون، إلا أنها لا تنهي حبس المدين دون قيد أو شرط. قالت هيومن رايتس ووتش إن الحبس بسبب الديون انتهاك واضح للالتزامات الدولية لحقوق الإنسان، وينبغي للأردن إنهاء هذه الممارسة على الفور.
بموجب المادة 11 من "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، الذي صادق عليه الأردن ونشره في الجريدة الرسمية، "لا يجوز سجن أي إنسان لمجرد عجزه عن الوفاء بالتزام تعاقدي"، والذي يتضمن حظر الحرمان من الحرية الشخصية إما من قبل الدائن أو من قبل الدولة لعدم سداد الدين.
يثير حبس المدين الكثير من الجدل في أوساط الجمهور الأردني. يزعم الدائنون ومحاموهم أنه بدون التهديد بالسجن لن تكون هناك طريقة لاسترداد القروض. لكن أبحاث هيومن رايتس ووتش في الأردن تُظهر، على العكس من ذلك، أن حبس المدين هو أحد أقل الطرق فعالية لاسترداد الديون، لا سيما من الأفراد المعوزين. بدلا من ذلك، يساهم حبس المدين في خلق حلقات من الديون لا نهاية لها ويمنع الشخص من كسب دخل أو إيجاد وسيلة لسداد الدين.
ألغت معظم البلدان عقوبة السجن بسبب تعذر سداد الديون، ليس فقط لأنها تنتهك القانون الدولي لحقوق الإنسان، بل أيضا لأنها لا تسهّل سداد الديون. وكبديل لها، وضعت البلدان قوانين للإفلاس والإعسار الشخصي تنص على بدائل للاحتجاز ووضعت خططا محسوبة لسداد القروض.
ينبغي للأردن أن ينهي حبس المدين كليا ويضمن تقديم بدائل تحترم الحقوق. ينبغي لمجلس الأعيان إعادة مشروع قانون التنفيذ إلى مجلس النواب ومطالبة المشرعين بالمزيد من التعديلات لإلغاء عقوبة حبس المدين بالكامل.
على المانحين والمؤسسات المالية الدولية، مثل "البنك الدولي" و"البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية"، دعم الأردن في إنهاء حبس المدين. كما عليهم التأكد من أن المؤسسات التي يمولونها تلتزم علنا بعدم محاولة إرسال أشخاص عاجزين عن سداد قروضهم إلى السجن، وإعادة تقييم ممارساتها لضمان الامتثال لهذا الالتزام.
قالت الكيالي: "بدلا من اتخاذ هذا النهج المجزّأ الذي لا يخدم أحدا، أمام الحكومة فرصة لوضع الأمور في نصابها من خلال إلغاء عقوبة حبس المدين تماما، والتبني الكامل لبدائل مجرَّبة وحقيقية".