Skip to main content

قضية "الفتنة" الأردنية هي ضربة أخرى لسيادة القانون

ظلال أشخاص على علم الأردن في عمان، الأردن، 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2016.  © 2020 محمود حنون/أسوشيتد برس

في 12 يوليو/تموز، أدانت محكمة أمن الدولة الأردنية سيئة السمعة، والتي تنتهك بشكل روتيني حقوق المتهمين في الإجراءات القانونية الواجبة، مسؤولًا سابقًا رفيع المستوى وعضوًا في العائلة المالكة يُعرف عنه القليل بتهمة "إثارة الفتنة" و"التحريض على معارضة النظام السياسي"، حيث تم الحكم عليهما بالسجن 15 عامًا.

ربما تكون هذه المحاكمة السريعة القاسية، والتي عُقدت بسبع جلسات على مدى ثلاثة أسابيع فقط، قد أنهت تهديدًا متصورًا للنظام الملكي الأردني، لكنها لن تفعل شيئًا يذكر لطمأنة الأردنيين بأن سيادة القانون تُحترم وتُطبق على قدم المساواة في المملكة الهاشمية.

ادعى المدعي العام لمحكمة أمن الدولة أن الرجلين المدانين، باسم عوض الله والشريف حسن بن زيد، تآمرا مع الأمير حمزة بن الحسين، الأخ الأصغر غير الشقيق للملك عبد الله الثاني، لتنفيذ مخطط مفصل بشكل غامض "لتعبئة الرأي العام ضد النظام الحاكم في المملكة واقتراح الأمير حمزة كبديل لتولي الحكم"، بحسب وثائق المحكمة.

لم يتهم المدعي العام الأمير حمزة أبدًا، ولم ترد أنباء عن أوضاعه منذ أن شوهد آخر مرة في الصور ومقاطع الفيديو الرسمية في 11 أبريل/نيسان وهو يرافق أفراد عائلته إلى الأضرحة الملكية في عمّان. وبدلًا من ذلك، أصدر الديوان الملكي الأردني رسالة "إلى الشعب الأردني" من الملك عبد الله في 7 أبريل/نيسان، تفيد بأن حمزة "كان مع عائلته في قصره برعايتي".

لقد حضرتُ العديد من المحاكمات في محكمة أمن الدولة منذ عام 2013، والتي تستخدم أساسًا في جرائم الإرهاب والمخدرات. وقابلتُ العديد من مسؤولي المحاكم وراجعت العشرات من وثائق المحكمة. المحكمة نفسها هي مؤسسة عسكرية بها مزيج من القضاة العسكريين والمدنيين، لكن قادة المحاكم والمدعين العامين جميعهم مسؤولون عسكريون، في حين أن جميع المتهمين مدنيون. غالبًا ما تكون المحاكمات غير عادلة، وهذه المحاكمة لم تكن استثناءً.

عوض الله—الذي شغل منصب رئيس الديوان الملكي الأردني من 2007 إلى 2008 ثم المبعوث الخاص للملك الأردني عبد الله إلى المملكة العربية السعودية، ثم أصبح مستشارًا اقتصاديًا لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان—هو شخصية مثيرة للجدل في الأردن. يحمل عوض الله الجنسية الأمريكية والأردنية والسعودية.

إنه لأمر مخيّب ولكنه غير مفاجئ أن النيابة اتهمت عوض الله وبن زيد بنفس التهم الغامضة والمسيئة التي يستخدمها الأردن لإسكات النشطاء السياسيين—وهي اتهامات انتقدتها منظمة هيومن رايتس ووتش لسنوات. تعتبر الاتهامات المتعلقة بـ "زرع الفتنة" و "وقيام المعارضة بتخريب النظام السياسي أو التحريض على معارضته" اتهامات متصلة بالإرهاب، لكن نادرًا ما يتم تطبيقها على الأفعال التي يمكن أن يُنظر إليها على أنها "إرهابية". في الواقع، التهمتان غامضتان لدرجة أنه يمكن تطبيقهما على أي خطاب أو سلوك سياسي تقريبًا لا ترغب به السلطات، وغالبًا ما يكون الوضع كذلك.

عندما أدخلت السلطات الأردنية هذه اللغة في قانون منع الإرهاب في المملكة في 2014، حذرت منظمة هيومن رايتس ووتش من أنه إذا لم تحدد السلطات هذه الجرائم الغامضة، فيمكن استخدام القانون لمقاضاة التعبير أو التجمع السلمي على أنه إرهاب. كان هذا هو الحال مرارًا وتكرارًا خلال السنوات السبع الماضية.

وأثناء المحاكمة السريعة التي استغرقت ثلاثة أسابيع، رفضت محكمة أمن الدولة بإجراءات موجزة الاستماع إلى شهادات جميع الشهود الذين طلبهم الدفاع، بمن فيهم الأمير حمزة. وقال محامي الدفاع لإحدى وسائل الإعلام أن المحكمة قررت أن الشهود "لا صلة لهم بالقضية".

وبخلاف إجراءات المحكمة، لم تبذل السلطات أي محاولة تقريبًا للتظاهر بأن المحاكمة تمت بصورة مشروعة. فقد سربوا تفاصيل انتقائية لوسائل الإعلام المحلية، بما في ذلك مقاطع فيديو مهينة وصور للمتهمين وهم يدخلون مقيّدي الأيدي من الباب الخلفي للمحكمة في شرق عمّان ويرتدون ملابس السجن، وكذلك نسخة من "اعتراف" عوض الله المكتوب، والذي اعترف فيه استضافته لاجتماعات مع الأمير حمزة وحسن بن زيد لمناقشة المؤامرة المزعومة.

لكن في غضون ذلك، لم تفعل الحكومة شيئًا لمعالجة الظروف الاقتصادية والسياسية التي أدت إلى ظهور هذه "المؤامرة"، وهي الظروف ذاتها التي يقول المدعون الأردنيون بأن "المتآمرين" كانوا يحاولون استغلالها.

لقد ضربت جائحة كورونا الاقتصاد الأردني. ذكر البنك الدولي في أبريل/نيسان أن "المؤشرات الاقتصادية الرئيسية للبلاد تستمر في التدهور"، بما في ذلك زيادة العجز والبطالة المتزايدة. ينتهي المطاف بآلاف الأردنيين في السجن كل عام لمجرد إخفاقهم في سداد قروضهم، لدرجة أن السلطات وجدت نفسها مجبرة على تعليق ممارسة سجن المديونين حتى نهاية عام 2021.

في الوقت نفسه، يواجه الأردنيون مزيدًا من التدهور في الحقوق الأساسية الأخرى، بما في ذلك حرية التعبير والتجمع. قلّصت الحكومة الحريات الإعلامية والنشاط السياسي المستقل. كان الحدث الأكثر دراماتيكية خلال العام الماضي هو إغلاق نقابة المعلمين التي ينتمي لها 130 ألف عضو، والتي كانت أكبر نقابة عمالية مستقلة في الأردن، في منتصف عام 2020 وما تلاه من محاكمة غير عادلة لقادة سابقين في النقابة.

استندت المحاكمة بالكامل، التي أسفرت عن حكم بالسجن لمدة عام على أعضاء مجلس إدارة النقابة السابقين، إلى نشر النقابة لخطة للضغط على الحكومة لعدم التراجع عن الاتفاق الذي تم التوصل إليه في عام 2019 بشأن زيادة رواتب المعلمين بعد شهر كامل من إضراب المعلمين.

على عكس "المؤامرة" المزعومة من قبل عوض الله وبن زيد والأمير حمزة، لا تستطيع السلطات الأردنية معالجة أوجه القصور الاقتصادية وحقوق الإنسان الأخرى من خلال الاعتقالات والمحاكمات الصورية. لمواجهة تحديات الأردن، يجب على السلطات التخلي عن الأدوات الاستبدادية التي تعتمد عليها في كثير من الأحيان، وتعزيز الحريات الأساسية واحترام سيادة القانون من خلال النظام القضائي العادل ومؤسسات الدولة بشكل عام. لسوء الحظ، فإن قضية "الفتنة" لم تفعل شيئًا من هذا القبيل. لقد كان الأمر استمرارًا لنفس التكتيكات المتشددة الفاشلة التي خلقت فرصة أخرى لعدم الاستقرار في المملكة.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة