في مؤتمر عُقد في 2 مايو/أيار بعنوان "إدارة اللعبة الجميلة"، قلّل رئيس "الفيفا" جياني إنفانتينو بشكل صادم من شأن وفيات ومصاعب العمال الوافدين في قطر الذين شيّدوا، بكل ما للكلمة من معنى، كأس العالم لكرة القدم 2022. جاء ذلك ليُذكّر العالم بأن الوفيات والانتهاكات، التي كان يُمكِن تفاديها، بحق العمال الوافدين في قطر هي وصمة عار تاريخية تتطلب التعاطي معها قبل إطلاق صافرة البداية في نوفمبر/تشرين الثاني.
سأل مدير المناقشة إنفانتينو: "هل تقدمون أي نوع من الالتزامات لمساعدة ودعم آلاف العائلات التي فقدت أفرادا ماتوا وهم يبنون هذه الملاعب؟"
رغم أنه كان قد ذكر للتو عائدات بمليارات الدولارات ستحققها الفيفا من تنظيم البطولة، رفض إنفانتينو الالتزام بتعويض أسر العمال الذين فقدوا رواتبهم – أو حياتهم – جراء إنجاز كأس العالم.
أمعن إنفانتينو بإهانة هؤلاء العمال بقوله: "عندما تمنح شخصا ما عملا، فأنت تمنحه الكرامة والفخر، حتى لو كانت الظروف صعبة". أضاف لاحقا: "ربما توفي 6 آلاف شخص في أعمال أخرى... [لكن] الفيفا ليست شرطة العالم."
يقع على عاتق الفيفا التزامات بموجب قواعد المنظمة نفسها، ومسؤوليات بموجب "مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان" لضمان امتثال البلدان المضيفة للقواعد الحقوقية الأساسية.
ملايين العمال الذين وفدوا إلى قطر سعيا وراء الفرص الاقتصادية الموعودة لم يجدوا "الكرامة والفخر"، بل خضعوا لانتهاكات جسيمة، والتي قد يرقى بعضها إلى مستوى العبودية الحديثة. عندما منحت الفيفا قطر في العام 2010 حق تنظيم كأس العالم، كان سبق أن تم توثيق هذه الانتهاكات التي تحدث في ظل نظام الكفالة التقييدي.
تتحقق الكرامة والفخر في العمل عبر الأجور العادلة، وبيئة العمل والمعيشة الآمنة، والعقود التي تُحترَم، على عكس ما حل بالعمال الوافدين في قطر والذين عانوا من رسوم الاستقدام الباهظة التي يتطلب تسديدها سنوات، وأشهر من الأجور المتأخرة أو غير المدفوعة مقابل العمل الذي أكملوه، وأماكن العمل غير الآمنة وأماكن الإقامة غير الملائمة التي أدت إلى وفاة 6 آلاف شخص بدون تفسير، وخسارة العائلات أحبائها وسبل عيشها.
في حين لم يبقَ بالكاد سوى ستة أشهر على موعد كأس العالم، على الفيفا تكثيف جهودها والوفاء بمسؤولياتها الحقوقية بدل إخفاء انتهاكات العمل القبيحة وراء "اللعبة الجميلة".