(بيروت) - قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن قوات الأمن المصرية أخفت قسرا رجلا بعد هبوط غير مُجَدوَل لرحلته في الأقصر. على السلطات أن تكشف فورا عن مكانه والأساس القانوني لاعتقاله.
في 12 يناير/كانون الثاني 2022، كان حسام منوفي محمود سلّام (29 عاما)، وهو مصري الجنسية، مسافرا في رحلة مباشرة من الخرطوم إلى إسطنبول عندما هبطت طائرته بشكل مفاجئ في مطار الأقصر الدولي، بحسب ما قال أصدقاء منوفي وعائلته لـ هيومن رايتس ووتش. بعد نزول جميع الركاب إلى صالة العبور، استدعى عناصر الأمن منوفي ودققوا في جوازه ووثائق سفره. رآه الشهود آخر مرة في عهدة عناصر الأمن المصريين.
قال جو ستورك، نائب مدير الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "على الحكومة المصرية الكشف فورا عن مكان حسام منوفي والسماح لمحاميه وأسرته برؤيته. إخفاؤه قسرا جريمة خطيرة".
رفضت السلطات المصرية الرد على أسئلة حول مكانه. لكن وزارة الداخلية المصرية أعلنت في بيان أصدرته في 15 يناير/كانون الثاني "حبس الإخواني حسام منوفي في القضية المتهم فيها على ذمة التحقيقات".
أخفت قوات الأمن المصرية في السنوات الأخيرة مئات الأشخاص، الذين عادوا للظهور بعد أسابيع أو شهور أو حتى سنوات قبل توجيه التهم إليهم أو إطلاق سراحهم. نفذّت الأجهزة الأمنية المصرية الاعتقال التعسفي، والإخفاء القسري، والتعذيب بحق معارضين مزعومين، منهم العديد من الأعضاء المزعومين أو المتعاطفين مع "جماعة الإخوان المسلمين".
انتقل منوفي إلى السودان من مصر العام 2016 خوفا من اضطهاد السلطات. قال أحد أصدقائه لـ هيومن رايتس ووتش إنه كان من أنصار الإخوان، التي صنّفتها الحكومة منظمة إرهابية في 2013.
قالت شركة "بدر للطيران" في بيان إن هبوط طائرتها غير المُجَدوَل في الأقصر نتج عن خلل في جهاز إنذار الدخان. بعد نزول الركاب، استدعى الأمن المصري ثلاثة ركاب مصريين، بينهم سلام، للتدقيق في جوازاتهم ووثائق سفرهم.
قال شهود عيان لعائلة منوفي إن الأخير لم يعد إلى منطقة العبور مع المصريَّين الآخرَيْن. قال صديقه إن مسؤولي الأمن جعلوا حسام يوقع على وثيقة تفيد بأنه دخل الأراضي المصرية بمحض إرادته، وقال إن منوفي اتصل به قبل اعتقاله. عندما غادرت طائرة بديلة متوجهة إلى اسطنبول بعد ساعات قليلة، لم يكن منوفي على متنها.
الباحثون عن منوفي لم يروه في أي سجن أو مركز احتجاز منذ 12 يناير/كانون الثاني. قال محاميه لـ هيومن رايتس ووتش: "حتى الآن، لم نسمع أي شيء [جديد] عن حسام. لم يفصحوا عن أي معلومات حول القضية".
قال أصدقاؤه وعائلته إنه قبل السماح لمنوفي بالصعود على متن رحلة بدر للطيران رقم J4690 في الخرطوم، أوقفه عناصر شرطة الجوازات السودانيون واستجوبوه لساعة تقريبا في مطار الخرطوم الدولي. قال اثنان من أصدقاء منوفي إن الأخير سمع من معارف سودانيين قبل نحو خمسة أشهر أن الحكومة المصرية طلبت من الحكومة السودانية إعادته إلى مصر.
أفاد بيان لشركة بدر للطيران أنه "صدر إنذار من نظام الكشف عن الدخان في كابينة البضائع حجرة رقم (1) [على الرحلة J4690] وكإجراء تقتضيه لوائح وقوانين الطيران بالهبوط في أقرب مطار تمت عملية الهبوط". وقالت الشركة إن الإنذار انطلق نتيجة "إشارة خاطئة من نظام الكشف". أُرسلت طائرة أخرى لإكمال الرحلة إلى اسطنبول.
وقالت بدر للطيران إن ضرورة اصطحاب الركاب على متن طائرة جديدة جعلت "السلطات المصرية جزء من إجراءات السفر" و"هذا ما أدى إلى توقيف المسافر المذكور".
أفادت منظمة حقوق الإنسان "نحن نسجل"، ومقرها تركيا، أن ركاب الطائرة قالوا إنهم لم يسمعوا أي إنذار في مقصورة الركاب. قال خبراء طيران لـ هيومن رايتس ووتش إن نوع الإنذار الموصوف من شأنه على الأرجح تنبيه الطيارين في قمرة القيادة فقط.
زعمت وسائل إعلام مصرية رسمية أن منوفي مؤسس وعضو بارز في "حركة حسم" المسلحة وأن الأجهزة الأمنية تتهمه بالتورط في تفجيرات واغتيالات عدة. في مارس/آذار 2020، حُكم على منوفي غيابيا بالسجن 25 عاما في محاكمة عسكرية جماعية على صلة بالقضية 64 لعام 2017، والتي تتعلق بمحاولة اغتيال النائب العام المساعد زكريا عبد العزيز في سبتمبر/أيلول 2016، وتهم أخرى. وثّقت "الجبهة المصرية لحقوق الإنسان" انتهاكات واسعة للمحاكمات العادلة والإجراءات القانونية الواجبة في المحاكمة.
نفت عائلة وأصدقاء منوفي مزاعم تورطه مع حسم. يقولون إنه كان من المؤيدين المعروفين للإخوان. قال أحد أصدقائه إنه اعترض على حركة حسم ولم يتواصل مع أعضائها.
سبق لمنوفي أن سافر إلى إسطنبول قادما من الخرطوم دون حوادث في سبتمبر/أيلول 2020.
في مارس/آذار 2021، بعد انتفاضة شعبية أطاحت بالرئيس السوداني عمر البشير العام 2019، وقّع السودان ومصر اتفاقية تعاون عسكري. في أغسطس/آب، أفادت وكالة الأنباء السودانية الرسمية أن الشرطة السودانية أرسلت "105 أفراد من منسوبيها للتدريب المتقدم بجمهورية مصر العربية".
في سبتمبر/أيلول، حجبت إدارة بايدن 130 مليون دولار أمريكي من التمويل العسكري الأجنبي لمصر في انتظار تلبية الحكومة المصرية لشروط حقوق الإنسان بحلول 30 يناير/كانون الثاني 2022. فرنسا أيضا مصدّر رئيسي للأسلحة إلى مصر وأصبحت مزودها الأكبر بالأسلحة بين 2013 و2017 .
قال ستورك: "يتفشى الإخفاء القسري والتعذيب في ظل هذه الحكومة المصرية. إخفاء حسام منوفي سبب آخر، إن كان يجب أن يكون هنا سبب، ليوقف حلفاء مصر في واشنطن والعواصم الأوروبية جميع المساعدات العسكرية والأمنية لمصر".