(بيروت) - قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن قوات الأمن المصرية اعتقلت مؤخرا امرأتين وأخفتهما قسرا، ثم وجهت إلى إحداهما اتهامات غامضة ويبدو أنها تنطوي على انتهاكات. ينبغي للسلطات الكشف عن مكانهما بالكامل وإطلاق سراحهما، أو تقديم أدلة على ارتكابهما مخالفات جنائية إلى القضاء.
اعتقل عناصر الأمن مروة عرفة )27 عاما(، وخلود سعيد )35 عاما(، في 20 و21 أبريل/نيسان 2020 على التوالي. قالت أسرتاهما ومحامياهما إن السلطات لم تجب على استفساراتهم بشأنهما. مثلت سعيد في 28 أبريل/نيسان أمام نيابة أمن الدولة في القاهرة، التي أمرت باحتجازها 15 يوما على ذمة التحقيق، بلا مراجعة قضائية، بتهم شملت الانضمام إلى جماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة. يبدو أن التهم الموجهة إليها تنتهك حقوق الإنسان، بما فيها حرية التعبير. لم تُخطر النيابة المحامين بمكان وجودها.
قال عمرو مجدي، الباحث في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "أُخذت مروة عرفة وخلود سعيد من منزليهما وأُخفيتا قسرا، بينما وقفت أسرتاهما عاجزتين. لا أوامر اعتقال مكتوبة ولا تفسير، هذا تصرف مؤسسة أمنية منفلتة بلا حدود".
قال أحد معارف عرفة، وهو ذو معرفة مباشرة بحادثة اعتقالها، لـ هيومن رايتس ووتش إن عنصرين بملابس مدنية وأربعة رجال ملثمين ومسلحين يرتدون زي الشرطة توجهوا إلى شقتها في مدينة نصر، شرق القاهرة، حوالي الساعة 11:30 ليلا يوم 20 أبريل/نيسان. عرّف أحد الرجال بالثياب المدنية عن نفسه بأنه ضابط في الأمن الوطني لكنه لم يقدم أوامر توقيف أو تفتيش. فتشوا الشقة وحبسوا ابن عرفة )21 شهرا( وأختها) 19 عاما( والمربية في غرفة، بينما استجوب الضابط الرئيسي عرفة في غرفة ثانية.
في النهاية، غادر عناصر الأمن المكان مصطحبين عرفة معهم بعد مصادرة هاتفها ومبلغ كبير من المال. قال الشخص نفسه المقرب من عرفة إن والدَي عرفة، اللذين تمكنا من الوصول إلى شقتها قبل مغادرة قوات الأمن، حاولا اللحاق بسيارة الأمن التي انطلقت إلى وجهة غير معلومة، ولكن لم يتمكنا من ذلك.
في 21 أبريل/نيسان، قدم محامو عرفة وأسرتها طعونا إلى وزارة الداخلية والنيابة العامة للاستفسار عن مكانها، لكنهم لم يتلقوا ردا. جاب المحامون وأفراد أسرتها أقسام الشرطة محاولين تحديد مكانها، لكن الشرطة أنكرت احتجازها.
ليس لدى عرفة، وهي مترجمة ومستشارة إدارية، أي انتماء سياسي ولم تكن ناشطة سياسيا في السنوات الأربع أو الخمس الماضية، وفقا للشخص الذي يعرفها، الذي أضاف: "شاركت فقط في بعض الأنشطة الخيرية مثل تلك المتعلقة بالأطفال ذوي الإعاقة".
ذكر بيان نشره أصدقاء سعيد على "فيسبوك" أن قوات الأمن اعتقلتها من منزل عائلتها بالإسكندرية قبل منتصف ليلة 21 أبريل/نيسان. قال صديق للعائلة لـ هيومن رايتس ووتش إن عناصر وضباط الأمن، بعضهم في ثياب مدنية وآخرون بالزي الرسمي ومسلحون، اعتقلوها دون إظهار أمر اعتقال. قال الصديق إنه بعد أن فتحت والدة سعيد الباب لهم، طلبوا من سعيد "ارتداء ملابسها ومرافقتهم". فتشوا غرفة سعيد وصادروا هاتفها، وحاسوبها المحمول، وبعض الوثائق. قالوا إنهم أخذوها إلى قسم المنتزه أول، لكن أنكر الضباط هناك احتجازها عندما استفسرت العائلة.
في 22 أبريل/نيسان، تلقى شقيق سعيد مكالمة هاتفية من مصدر مجهول يطلب منه إحضار شاحن حاسوبها المحمول إلى مقر جهاز الأمن الوطني في الإسكندرية، ففعل ذلك. لكن لم يعطه الضباط هناك أي معلومات إضافية بشأنها. لم تردّ السلطات على استفسارات الأسرة حول مكانها.
في 28 أبريل/نيسان، شاهد المحامون سعيد بالصدفة في مبنى نيابة أمن الدولة في إحدى ضواحي شرق القاهرة، حيث ينتظر المحامون بشكل روتيني ظهور المحتجزين المختفين قسريا.
قال المحامون لـ هيومن رايتس ووتش إن النيابة استجوبتها بتهمة "الانضمام إلى جماعة إرهابية" و"نشر أخبار كاذبة" في القضية – التي يبدو أنها تنطوي على انتهاكات – رقم 558 لعام 2020، والمعروفة باسم "قضية كورونا" والتي تضم عددا غير محدد من النشطاء.
قُبض في هذه القضية مؤخرا على نشطاء سياسيين من بينهم آية كمال، ونهى كمال أحمد (كلاهما من الإسكندرية)، ومحامين مثل محسن بهنسي، ومستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي، ووجهت إليهم اتهامات، في الغالب بسبب انتقادهم استجابة الحكومة لتفشي فيروس كورونا. شملت القضية سبعة أطفال أُطلق سراحهم لاحقا بشروط.
قال صديق سعيد إنه سُمح للمحامي بحضور استجواب سعيد، وإن أعضاء النيابة ركزوا أسئلتهم على منشورات شاركتها سعيد على فيسبوك لمقالات صحفية تنتقد الحكومة. لم يُخطر أعضاء النيابة المحامين بمكان احتجاز سعيد.
سعيد، وهي رئيسة قسم الترجمة بإدارة النشر في "مكتبة الإسكندرية"، كانت نشطة في الأنشطة الثقافية والأنثروبولوجية في مدينتها، ولكن بلا أي انتماءات سياسي، بحسب الصديق.
قالت هيومن رايتس ووتش إن على السلطات إما عرضها على قاضٍ فورا لمراجعة احتجازها وتقديم أدلة على ارتكابها مخالفات جنائية، أو إطلاق سراحها.
يُعرَّف القانون الدولي الاختفاء القسري على أنه "اعتقال أو احتجاز أو اختطاف أو أي شكل آخر من أشكال الحرمان من الحرية من قبل عملاء الدولة أو أشخاص أو مجموعات أشخاص يتصرفون بتفويض أو دعم أو إقرار من الدولة، مع رفض الاعتراف باعتقال الشخص أو الكشف عن مصيره أو مكانه".
لا يحظر القانون المصري صراحةً الاختفاء القسري، لكنه يفرض على السلطات إبلاغ المعتقلين بأسباب اعتقالهم، وتقديمهم إلى النيابة العامة في غضون 24 ساعة، والسماح لهم بالتواصل مع محامٍ وعائلاتهم. يتمتع أعضاء النيابة في مصر في معظم القضايا السياسية بسلطة إصدار أوامر الحبس الاحتياطي )السابق للمحاكمة( لمدة تصل إلى خمسة أشهر، بينما يشترط القانون الدولي أن يراجع القاضي بسرعة (في غضون 48 ساعة) أي احتجاز.
نفى مسؤولون مصريون، بمن فيهم الرئيس عبد الفتاح السيسي، مرارا إخفاء قوات الأمن للمحتجزين. لكن قوات الأمن، ولا سيما الأمن الوطني، أخفت تحت حكم السيسي مئات الأشخاص قسرا في السنوات الأخيرة، وكثير منهم لم يظهروا إلا بعد أسابيع أو أشهر، أو سنوات في بعض الحالات، قبل أن يوجه إليهم أعضاء النيابة اتهامات بارتكاب جرائم جنائية، غالبا على أساس ادعاءات أمنية بلا أي دليل ملموس.
قال مجدي: "الإخفاء القسري جريمة مستمرة. إنه يترك الناس يعيشون في عذاب بسبب عدم معرفة مصير أحبتهم".