حمزة
قضى حمزة عيد ميلاده الـ 15 واقفا على طرفي قدميه، بعدما وُضعت مسامير حادة تحت كعبيه. كان قد تحدث إلى شخص آخر في زنزانته - وهو أمر كان قد منعه الحراس.
قال أحد أقارب حمزة لـ هيومن رايتس ووتش: هو يكره عيد ميلاده الآن، ولا يريد الاحتفال به ثانية".
كان حمزة نائما عندما دخلت قوات الأمن منزله ذات ليلة في 2016، واعتقلته وعمره 14 عاما لمشاركته في مظاهرة خارج فندق "الأهرامات الثلاثة" بالجيزة.
حاول والده مرافقته، لكنهم هددوه، ورفضوا إخبار العائلة إلى أي قسم شرطة يأخذونه. لم يُسمَع عن حمزة أي خبر لأكثر من شهر.
في النهاية، صادف حمزة في جلسة استماع عسكري تعاطف معه، واتصل بأسرته ليخبرها أن حمزة سيُنقل إلى معسكر لـ "قوات الأمن المركزي" في القاهرة.
أنكر المسؤولون في البداية احتجاز الصبي، لكنهم اعترفوا عندما عادت العائلة بعد خمسة أيام. بعد تسعة أيام، سُمح لهم برؤيته، وعرفوا ما حدث له.
قال القريب: "أثناء اليومين الأولين من استجوابه، صعقه العساكر بالكهرباء في عضوه الذكري وفي رأسه ولسانه. وفي اليوم الثالث علقوه من ذراعيه فأصيب بخلع في الكتفين. تركوه في ممر لثلاثة أيام، وكان الوقت شتاء، وكان يجلس على الأرض دون غطاء".
تُرك حمزة ملقى على الأرض بممرّ لثلاثة أيام في فصل الشتاء. في نهاية المطاف، اقتيد إلى زنزانة تحت الأرض حيث تمكن معتقل آخر، وهو طبيب، من إعادة تثبيت كتفيه المخلوعتين.
حتى بعد ظهور حمزة من جديد، لم يُسمح له بالتحدث إلى محام حتى جلسة الاستماع الثانية، بعد حوالي 48 يوما من اعتقاله. في نهاية محاكمته، حُكم على الصبي بالسجن عشر سنوات لمشاركته في احتجاجات مناهضة للحكومة في 2016.
يقبع حمزة في معتقل معسكر قوات الأمن المركزي، حيث تزوره أسرته مرة في الأسبوع لخمس دقائق. اجتاز حمزة امتحاناته المدرسية في السجن واحتل المرتبة الثانية في مستواه الدراسي، لأن سجناء سياسيين ساعدوه في الدراسة.
عمرو
قاست أسرةُ عمرو ثلاثة أشهر من المكالمات الهاتفية التي تحمل تهديدات من مجهولين بعد اعتقال ابنهم الذي كان يبلغ من العمر 17 عاما واختفائه.
يقول المتحدث المجهول: "تعالوا خذوا جثته من القاهرة" أو "تعالوا إلى المستشفى". لم يكن لديهم أدنى فكرة عما إذا كان عمرو حيا أو ميتا.
قُبِض على عمرو في أغسطس/آب 2016 وهو في طريقه للقاء أستاذه. لم يُبرز له الرجال الذين أخذوه مذكرة توقيف. بعد أكثر من ثلاثة أشهر، في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، أُخبِرت عائلة عمرو بأنه مثل أمام نيابة أمن الدولة في القاهرة بتهمة المشاركة في مظاهرة ألحقت أضرارا بمبنى عام. ثم نُقل من الاحتجاز لدى الأمن الوطني إلى مؤسسة لاحتجاز الأحداث.
"لم تكد عائلته تعرفه. قال قريب له لـ هيومن رايتس ووتش: "كان يرتدي نفس الثياب منذ ثلاثة أشهر، لا حمام، لا ماء، لا شيء".
لم يخبر عمرو عائلته بما تعرض له خلال الأشهر الثلاثة، لكنهم أدركوا أن عناصر الأمن الوطني الذين احتجزوه انتظروا اختفاء علامات التعذيب قبل تقديمه للمحاكمة رسميا.
بدأ عمرو يتعافى ببطء في مرفق احتجاز الأطفال، لكنه عندما بلغ الـ 18، نُقل إلى قسم شرطة آخر. كانت الشرطة إما تسرق ما تجلب له عائلته من طعام ودواء أو لا توصله إليه بالمرة.
دخل عمرو في إضراب عن الطعام مع آخرين مطالبا بتحسين ظروفه، لكنه بدلا من ذلك نُقل إلى "سجن العقرب" الشديد الحراسة. منذ ذلك الحين، لم تره عائلته إلا خلال جلسات المحكمة، حيث كان يقف في قفص عازل للصوت.
قال قريب عمرو: "كنت أحاول التواصل معه بالإشارة لكننا لم نفهم شيئا". في 6 مارس/آذار، برّأت محكمة عسكرية عمرو من كل التهم.
عبد الله
كان عبد الله في الـ 12 من عمره عندما اقتيد من منزل والدته ليلا. لم تره بعدها لأكثر من ستة أشهر.
في السجن، تعرض لتعذيب مروع، تعرض خلال للضرب والصعق بالكهرباء والإيهام بالغرق. في إحدى المرات، كُبّل الصبي وعُلّق من يده اليمنى التي بها إعاقة، ما سبّب له ألما شديد.
قال إنه رأى والده يتعرض للتعذيب، لكنه لم يتمكن من التحدث إليه. اعتُقل الوالد وابنه بفارق أسابيع، لأن شقيق عبد الله، حسب اعتقاد الأسرة، كان عضوا في جماعة مرتبطة بتنظيم "داعش" قبل قتله في أبريل/نيسان 2019. لا تعلم الأسرة بعد ما إذا كان والد عبد الله على قيد الحياة.
قال عبد الله إنه احتُجز في عدة مُعتقلات في شمال سيناء.
ظهر مجددا في مركز شرطة في القاهرة في يوليو/تموز 2018، ثم استمرت محنته. استُجوب في غياب محام، واتُّهم بجرائم الإرهاب رغم غياب الأدلة، وزُجّ به في الحبس الانفرادي 100 يوم. حرمته الشرطة من الزيارات العائلية والرعاية الطبية والاستحمام، ما تسبب في بثور على جلده، بحسب محاميه.
بعد 14 يوما من تلقي أمر محكمة صدر في ديسمبر/كانون الأول 2018 بالإفراج عنه، نقلت السلطات الصبي إلى قسم للشرطة في العريش. في يناير/كانون الثاني، أمر رجل شرطة في القسم شقيقة عبد الله بالتوقيع على وثيقة تؤكد أنها استلمت أخاها الأصغر، ووعدها بتسليمها إياه في اليوم التالي.
عندما جاءت لأخذ شقيقها، قال رجال الشرطة إنهم لا يعرفون مكانه. واليوم، لا تعرف عائلته ما الذي حدث له.
يحيى
عندما مثل يحيى (17 عاما) أمام القاضي، كانت ملابسه مخضّبة بالدماء وكتفاه مخلوعتين، ولم يكن يستطيع المشي.
عندما قال إنه تعرض للتعذيب، ردّ وكيل النيابة: "أنت تتفرج على أفلام أكشن كثيرا، أليس كذلك؟" وهدد بإعادته إلى نفس الشخص الذي عذّبه ما لم يعترف بتهمة الانضمام إلى منظمة إرهابية والمشاركة في هجوم و"نشر المناخ التشاؤمي" في البلاد.
كان يحيى يشتري الآيس كريم عندما اختُطف في الشارع وأُلقي في شاحنة صغيرة في شتاء 2015. كانت الشرطة تتصدى لاحتجاج قريب لم يكن يحيى حتى يعلم به.
في قسم الشرطة، سُحب من شعره، وعُصبت عيناه، وضُرب على رأسه بهراوة جلدية، وصُعق بالكهرباء، وعُلِّق حتى انخلعت كتفاه. بعد سبعة أيام من التعذيب وتكبيل يديه بأيدي مجموعة من ثمانية رجال، وإرغامهم على النوم في غرفة غير مدفأة بنافذة مفتوحة، أدلى الصبي باعتراف زائف.
رُفضت مزاعم التعذيب في المحكمة، ثم أمضى يحيى 30 يوما في زنزانة مع 80 شخصا آخرين، معظمهم رجال بالغون.
في النهاية، أُرسل إلى مؤسسة لاحتجاز الأحداث، لكنه أعيد إلى قسم للشرطة عندما بلغ 18 عاما، حيث استحال عليه مواصلة دراسته.
أضرب يحيى عن الطعام لمدة 11 يوما، ونقل في النهاية إلى سجن. لكن بعد ذلك، استلمت ملفَّه محكمةٌ عسكرية تبعد عن سجنه 12 ساعة. قال يحيى إنه نُقل مع آخرين من جلسات الاستماع وإليها في شاحنة مكتظة، وإن مسؤولي السجن أرسلوه إلى المحكمة في الشاحنة، ولو لم تكن لديه جلسات استماع، عقابا له.
في أواخر 2016، بعد قرابة عامين من الاحتجاز، حُكم عليه بالسجن ثلاث سنوات، بما فيها المدة التي قضاها، ثم أُفرِج عنه.