Skip to main content

الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: أوقفوا العقاب العنيف للأطفال

"هيومن رايتس ووتش" تُطلق مؤشرا يُصنّف دول المنطقة بناء على قوانينها وسياساتها

© 2020 دادو شين لهيومن رايتس واتش

(بيروت) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إنّ على الحكومات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حظر التأديب العنيف للأطفال. جاء ذلك بمناسبة إطلاقها مؤشر يصنف دول المنطقة بناءً على قوانينها وسياساتها ذات الصلة.

تسجّل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بعض أعلى معدّلات العقاب البدني في العالم. وجدت استبيانات أنّ أكثر من 90% من الأطفال يتعرضون لعقاب بدني على الأقلّ مرّة في الشهر في بلدان مثل مصر، والمغرب، وتونس، بينما تسجّل قطر أدنى نسبة – 50%. حلّلت هيومن رايتس ووتش الوضع في 19 بلدا، فوجدت أنّ أغلبها يفتقر إلى القوانين اللازمة للقضاء على العقاب التأديبي العنيف، بينما لدى بعضها قوانين تسمح به صراحة. تضمّن التحليل معلومات عن التأديب العنيف في المدارس، حيث تحظر عشر دول هذه الممارسة في سياساتها لكن ليس في قوانينها، ما يفضي إلى حظر سيئ التنفيذ.

قال أحمد بن شمسي، مدير التواصل والمرافعة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لـ "هيومن رايتس ووتش": "مع أن الاعتداء على الراشدين يُعتبر جريمة في العديد من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلا أنه يُحلَّل لدواعٍ ’تعليمية‘ إذا كانت الضحية طفلا. سيعود إلغاء العقاب البدني بمنفعة كبيرة على الأطفال ومجتمعاتهم، وينبغي وقفه حالا".

قالت هيومن رايتس ووتش إنّ العقاب العنيف للأطفال يتسبب لهم في ألم ومعاناة لا داعٍ لهما، كما أنّه مهين ومُضرّ بنموّ الطفل، ونجاحه المدرسي، وصحته النفسية. يحظر القانون الدولي جميع أشكال العقاب البدني، ويحقّ لجميع الأطفال التعليم في بيئة خالية من العنف.

وجدت دراسات أنّ الخطوة الرئيسية للقضاء على العقاب البدني هي تجريمه كممارسة، وتطبيق القانون بصرامة. عالميا، فعّلت 62 دولة حظرها للعقاب البدني في جميع الظروف، وتعهدت 27 دولة أخرى بتطبيق ذلك.

بناءً على قوانين وسياسات دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشأن العنف البدني، يُصنّف مؤشر "هيومن رايتس ووتش" هذه الدول إلى ثلاثة ألوان: أخضر، وأصفر، وأحمر. تشمل الفئة الخضراء الدول التي لديها قوانين جنائية تحظر العقاب البدني بوضوح وفي جميع الحالات، بما يشمل المدرسة والمنزل. من بين الدول الـ19 التي شملها التقييم في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لا تحظر العقاب البدني في جميع الظروف سوى تونس وإسرائيل. اقتداء بهذه الأمثلة، على باقي الحكومات إجراء التغييرات القانونية اللازمة لحماية الأطفال.

تشمل الفئة الصفراء البلدان التي لديها سياسات تحظر العقاب البدني في المدارس، لكن قوانينها لا تحظره بوضوح كممارسة، مثل قطر. أما الفئة الحمراء، فتشمل الدول التي تستثني قوانينها الجنائية صراحة ما يُسمى بالعنف "التأديبي" بحقّ الأطفال من أي عقوبات، سواء في المدرسة أو المنزل، مثل المغرب.

تضمّ الإجراءات الهامة الأخرى التي على الحكومات اتخاذها تنظيم حملات إعلامية عامة حول الأضرار الناجمة عن التأديب العنيف، وتدريب المعلمين، والوالدَيْن، ومقدّمي الرعاية على أساليب التأديب الإيجابي وغير العنيف. ساعدت هذه الخطوات في الحد كثيرا من العقاب البدني في مناطق أخرى حيث كانت هذه الممارسة مقبولة على نطاق واسع، بما فيها أوروبا، كما هو جليّ في عبارة " اللحم لكم والعظم لنا". في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تضمّ العبارات التقليدية الشائعة من الوالدَيْن إلى المعلّمين "اللّحم لكُم والعظم لنا"، و"أعطيتك إياه لحما وأنت أعده لي عظما" و"أنت اقتله، وأنا أدفنه".

ربطت دراسات على امتداد عقود بين التأديب العنيف وتزايد الأفكار الانتحارية، والقلق، والعنف الأسري، والجريمة، والتسرّب المدرسي. يخرج التأديب العنيف من قبل الوالدَيْن، ومقدّمي الرعاية، والمعلّمين بسهولة عن السيطرة، ويقتل الضرب آلاف الأطفال سنويا.

بدلا من تحسين سلوك الأطفال، يؤدي العقاب البدني إلى نتائج تعليمية أسوأ، حتى لدى الأطفال الذين لا يتسرّبون من المدارس، وإلى ارتفاع العدوانية والعنف.

قد يؤدي إنهاء العقاب البدني في المدارس إلى زيادة الحضور، وانخفاض نسب التسرّب المدرسي، وتحسين نتائج التعلّم، وارتفاع معدلات الانتقال إلى مستويات تعليمية أعلى. وفقا لـ "البنك الدولي" و"برنامج الأمم المتحدة الإنمائينصف سكان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هم دون سن 24 عاما، لكن المنطقة تتخلّف عن المعدّلات العالمية في التحصيل العلمي والمساواة في فرص الحصول على التعليم. قالت هيومن رايتس ووتش إنّ عدّة حكومات في المنطقة حدّدت التعليم كأولويّة وطنية، لكنها تقاعست عن حظر العقاب البدني في المدارس.

راسلت هيومن رايتس ووتش 25 سُلطة في المنطقة، فجاءتها ردود من ستّ وزارات للتربية. في الدول العشرة التي لديها لوائح خاصة بوزارة التربية تحظر التأديب العنيف، يفتقر الحظر إلى قوّة القانون، أو لا يُفرض من خلال عقوبات. تسمح القوانين في 13 دولة صراحة بالتأديب العنيف للأطفال في المنزل.

ستُدخل هيومن رايتس ووتش تحديثات ومراجعات على  تصنيف الدول في المؤشر فور توفر معلومات جديدة. يستشهد التحليل ببيانات عن انتشار التأديب العنيف في المدارس والمنازل، لكن لا يمكن إخضاع جميع البيانات للمقارنة بين البلدان. يُظهر نقص البيانات أيضا أنّ التأديب العنيف لا يخضع لمراقبة كافية.

قال بن شمسي: "يعيق العقاب البدني النموّ السعيد والصحّي للأطفال ليحقّقوا كامل إمكاناتهم، وهو عدوّ لتعليمهم. يستحقّ أطفال الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حماية أكبر من الاعتداءات، ومدارس آمنة للتعلّم".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الموضوع