بعد خمس سنوات تقريبا من التحقيقات، أعلن المدعون الإيطاليون يوم 11 ديسمبر/كانون الأول أنهم جمعوا أدلة كافية لتوجيه الاتهام إلى أربعة ضباط أمن مصريين، منهم ضباط كبار في "قطاع الأمن الوطني" المنتهِك، باختطاف وتعذيب وقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني في 2016 في القاهرة.
أمهلت النيابة العامة اللواء طارق صابر، والعقيد آسر كامل محمد إبراهيم، والنقيب حسام حلمي، والرائد مجدي إبراهيم عبدالعال شريف 20 يوما لتقديم بينات الدفاع وطلب جلسة استماع. لكن من غير المتوقع تعاون الرجال الموجودين جميعا في مصر تحت حماية السلطات المصرية.
بعد اجتماع آخر غير مثمر بين مدعين إيطاليين ومصريين في 30 نوفمبر/تشرين الثاني، لم يتم التوصل إلى اتفاق. تشكك السلطات المصرية في مصداقية الأدلة التي جمعها نظراؤهم الإيطاليون، وتزعم أن مرتكب قتل الطالب الإيطالي ما يزال مجهولا.
لا توجد معاهدة لتسليم المطلوبين بين إيطاليا ومصر. ما لم يتم القبض على المشتبه بهم الأربعة في مصر – أو أي مكان آخر، بموجب نظام النشرة الحمراء لـ"الإنتربول" – وتسليمهم إلى السلطات الإيطالية، فستتم محاكمتهم غيابيا.
ما حدث لـ جوليو لا يزال يمثل الواقع المأساوي للكثيرين في مصر. تمتلئ السجون ومراكز الاعتقال غير الرسمية المصرية الشديدة الاكتظاظ بعشرات آلاف السجناء السياسيين، وغالبا ما يتعرضون للتعذيب أو غيره من المعاملة اللاإنسانية أو المهينة. تقيَّد الحريات الأساسية بشدة، ونادرا ما يحقق القضاة في الانتهاكات، بل إن الكثيرين منهم يعملون في الواقع لخدمة القمع.
سُلِّط الضوء على مصر مؤخرا بعد الاعتقالات المشينة بحق ثلاثة من كبار موظفي "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية"، إحدى المنظمات الحقوقية المستقلة القليلة المتبقية في مصر. وقد أُفرج عنهم جميعا لاحقا وسط ضغوط دولية متزايدة ونادرة.
بدل اتخاذ تدابير لإقناع الحكومة بإنهاء الانتهاكات الحقوقية وتطبيق المساءلة، تواصل الحكومات الأوروبية، منها إيطاليا، بيع الأسلحة لمصر وتتجاهل عن طيب خاطر انتهاكاتها – وهو موقف شجع بطش الرئيس السيسي ومكنّه من تصور نفسه كشريك أساسي جيوسياسي وفي مكافحة الإرهاب. خلال زيارة السيسي الأخيرة إلى باريس، منحه الرئيس الفرنسي ماكرون أعلى وسام فرنسي.
قد توفر المحاكمة المقبلة بتهمة قتل ريجيني فرصة نادرة لكسر حلقة الإفلات من العقاب الذي تتمتع به أجهزة الأمن المصرية. لضمان العدالة، على إيطاليا والاتحاد الأوروبي وغيرهما من الشركاء المتشابهين في التفكير ألا يدخروا أي جهد لإقناع الحكومة المصرية بتسليم المتهمين لمحاكمة عادلة في روما.