اندلعت الأسبوع الماضي مظاهرات عفوية مناهضة للحكومة في أنحاء لبنان بسبب الإعلان عن عدد كبير من الضرائب الجديدة. خرج الآلاف إلى الشوارع معبرين عن غضبهم حيال المؤسسة السياسية بأكملها، وملقين باللوم عليها جرّاء تدهور الوضع الاقتصادي واستشراء الفساد في البلاد.
اتخذت الاحتجاجات السلمية إلى حد كبير منعطفا خطيرا في 18 أكتوبر/تشرين الأول عندما استخدم الجيش القوة المفرطة لإخلاء مناطق في بيروت بينما أطلقت شرطة مكافحة الشغب التابعة لـ "قوى الأمن الداخلي" الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي على المتظاهرين الهاربين. تحدثت تقارير عن اعتقال قوات الأمن لأكثر من 100 متظاهر.
استجابة لمطالب المحتجين، حدد رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري مهلة 72 ساعة لكي تضع الحكومة خطة اقتصادية للاستجابة لهذه المطالب. أعلن اليوم عن الخطة بينما كان المتظاهرون يتجمعون في مدن في مختلف أنحاء البلاد.
تتضمن الخطة إصلاحات لإعادة تأهيل قطاع الكهرباء المتعثر، وميزانية لعام 2020 لا تتضمن فرض ضرائب جديدة على الأفراد، وتخفيض رواتب المسؤولين الحكوميين من وزراء ونواب، وضرائب أعلى على المصارف، وإصلاحات أخرى. تتجاهل الإصلاحات الدعوات لمحاسبة السياسيين الفاسدين رغم ادعائها معالجتها بعض مظالم المحتجين.
نقص الثقة والمساءلة في لبنان هو نتيجة لتقاعس الحكومة المزمن عن مساءلة المسؤولين وباقي الجناة رغم المزاعم الموثوقة عن سوء المعاملة وسوء السلوك. عانى الناس مرارا وتكرار من عواقب الإفلات من العقاب على سوء السلوك؛ من 17 ألف لبناني خطفوا أو "اختفوا" خلال الحرب الأهلية بين 1975 و1990، إلى حوادث التعذيب والوفاة تحت الاحتجاز المستمرة، مرورا بإساءة معاملة الأطفال في المدارس، وحرق النفايات بصورة غير قانونية، وإساءة معاملة عاملات المنازل المهاجرات، وإساءة المعاملة والتمييز ضد النساء والمثليين/ات، مزدوجي/ات التوجه الجنسي، ومتغيري/ات النوع الاجتماعي(مجتمع الميم) في لبنان.
ردا على اقتراح الحريري، عبّر المتظاهرون في الشوارع فورا عن عدم ثقتهم وغضبهم من المؤسسة السياسية، قائلين إنهم سيتابعون مطالباتهم بالمساءلة. لو هناك أي عبرة من التاريخ، فإنهم محقون في التشكيك بأنه سيكون للإصلاحات الموعودة تأثير حقيقي؛ إلا إذا كان هناك التزام حقيقي بالمساءلة عن الانتهاكات.