نشطاء يحملون لافتات خلال مظاهرة تطالب بالزواج المدني في لبنان، في فبراير/شباط 2013. لا يوجد حاليا قانون مدني للأحوال الشخصية في لبنان

لا حماية ولا مساواة

حقوق المرأة في قوانين الأحوال الشخصية اللبنانية

نشطاء يحملون لافتات خلال مظاهرة تطالب بالزواج المدني في لبنان، في فبراير/شباط 2013. لا يوجد حاليا قانون مدني للأحوال الشخصية في لبنان © رويترز/جمال سعيدي

لا حماية ولا مساواة

حقوق المرأة في قوانين الأحوال الشخصية اللبنانية

المصطلحات
ملخص
انعدام المساواة في قوانين الطلاق
التبعات الاقتصادية لإنهاء الزواج
رعاية الأطفال (الحضانة)
سبيل للتقدم إلى الأمام
التوصيات
إلى الحكومة والبرلمان
إلى الطوائف الدينية
إلى الدول المانحة والهيئات الداعمة للمجتمع المدني وإصلاحات الدولة في لبنان
منهجية البحث
.I الخلفية: تعدّد قوانين الأحوال الشخصية
قوانين الأحوال الشخصية والنظام الدستوري للدولة
معركة القانون المدني للأحوال الشخصية
.II المحاكم الطائفية: غياب الرقابة ونقص التدريب القضائي
هيكلية المحاكم وتعيينات القضاة ومؤهلاتهم
غياب آليات الرقابة الملائمة
حدود رقابة محكمة التمييز على المحاكم الطائفية
الحواجز المالية الحائلة دون الولوج إلى المحاكم الطائفية ونقص في المساندة القانونية وقلّة المحامين المدربين
III. انعدام المساواة في قوانين الطلاق
الطوائف الشيعية والسنية: حق المرأة المشروط مقابل حق الرجل المطلق في الطلاق
العصمة: مباحة قانوناً ومرفوضة اجتماعياً
التفريق والخلع: حل باهظ الكلفة
قيود إضافية على حق النساء في إنهاء الزواج أمام المجاكم الجعفرية
آثار الطلاق بإرادة الزوج على وضعية المرأة القانونية
الطوائف المسيحية: حق المرأة المحدود في إنهاء الزواج في مقابل قدرة الرجل على الالتفاف على القيود
الإساءة والزنا غير كافيان للبطلان
إبدال الرجل لديانته بصورة أحادية
.IV معادلة غير متساوية: حضانة الأم وولاية الأب
تقييد حضانة الأم مقابل ولاية الأب شبه المطلقة
تجاوز القضاة السن القانوني لحضانة الأم
إسقاط حق الأم في الحضانة
بسبب "عدم الأهلية" في غياب معايير موضوعية خالية من التمييز
بسبب زواج الأم من رجل غير الأب
بسبب إهمال التنشئة الدينية للطفل
بسبب النشوز
.V هشاشة المرأة الاقتصادي وعدم ملاءمة آليات الحماية من العنف الأسري
تبعية المرأة الاقتصادية في الزواج
أحكام نفقة الزوجة غير الكافية والمنحازة والمتعسفة
سقوط الحق في النفقة بسبب النشوز
سقوط النفقة في قضايا التفريق والهجر التي ترفعها الزوجة
هشاشة وضع المرأة الاقتصادي بعد انتهاء الزواج
غياب التعويض وتخفيض أوانعدام الحقوق المهرية لدى الطائفتين السنية والشيعية
سلطة القضاة التقديرية في الحكم بالتعويض
الإخفاق في تعويض المرأة عن المساهمات الزوجية
أوجه قصور الحماية من العنف الأسري
آليات غير ملائمةلحماية المرأة من العنف الأسري
صعوبة الحصول على أحكام مستعجلة خلال إجراءات إنهاء الزواج
.VI الالتزامات الحقوقية الدولية
التحفظات على السيداو
الحق في المساواة أثناء الزواج وبعده
العنف الأسري كسبب للطلاق
رعاية الأطفال
الملكية الزوجية
نفقة الإعالة الزوجية والتعويض والنفقة
شكر وتنويه

المصطلحات

النفقة : موجب الزوج الميسور تأمين معيشة الزوج المعسور بعد انتهاء العلاقة الزوجية؛ ويعرف أيضاً بإعالة ما بعد الحل.

البطلان : اعتبار الزواج الكنسي وكأنّه لم يكن.

الملكية المشتركة : هو النظام القانوني الذي يفترض بأن أية ممتلكات تم اقتناؤها أثناء الزواج هي ملك مشترك للزوجين. وعادة ما تعترف أنظمة الملكية المشتركة ببقاء الممتلكات السابقة على الزواج، أو الموروثة أو التي تم الاستحصل عليها عن طريق الهبة، كملكية منفصلة.

التعويض : وفق قوانين الأحوال الشخصية المسيحية والدرزية، يعد الطرف الذي يعتبره القاضي مسؤولاً عن البطلان أو الفسخ أو الطلاق مسؤولاً أيضاً عن تعويض الطرف الآخر عن الأضرار الناجمة عن إنهاء الزواج.

الحضانة : تنطوي الحضانة بحسب تعريفها في السياق اللبناني على الحفاظ على الأطفال ورعايتهم والاهتمام بتنشئتهم لحين استغنائهم عنها. وفترة الحضانة بطبيعتها محدودة المدة وتنتهي حينما لا يعود الطفل محتاجاً إلى الرعاية. وطالما قامت الرابطة الزوجية فإن الحضانة واجب على الأبوين، وفي حال انتهت، تميل معظم القوانين الطائفية إلى إيلاء الأم حضانة الأطفال الصغار (ويختلف سن الحضانة باختلاف القوانين الطائفية).

الهجر : بموجب قوانين الأحوال الشخصية المسيحية، يعرف الهجر بأنه الفصل بين الزوجين، ويعتبر لاغياً بالمصالحة. عندما يقع الهجر ينفصل الزوجان ولكن الرابطة الزوجية تستمر بحيث لا يستطيع أحدهما عقد زواج جديد. هناك نوعان من الهجر: الدائم والذي يُبرر بالزنا تعترف به الكنيسة الكاثوليكية فقط؛ والمؤقت، والذي يكون لفترة محددة أو غير محددة وهو متروك لتقدير المحكمة، ويستمر حتى تزول أسباب الهجر، وهو المعترف به من الطوائف المسيحية كافة.

فسخ الزواج والطلاق عند الطوائف المسيحية : فسخ الزواج والطلاق بمفهوم قوانين الأحوال الشخصية المسيحية يتمثلان بحل عقدة زيجة قانونية لأسباب يحددها ويحصيها القانون. أما الطوائف الكاثوليكية فلا تعترف بها.

الطلاق عند الشيعة والسنة والدروز : الطلاق بمفهوم قوانين الأحوال الشخصية السنية والشيعية هو حق الزوج الدائم والمطلق بإنهاء العلاقة الزوجية بإرادته المنفردة ودون سبب وخارج المحكمة. وبموجب القانون الدرزي، للرجل أن يطلق زوجته شرط ذلك أمام المحكمة، وفي حال ارتأى القاضي أن الزوج الدرزي أوقع الطلاق دون سبب مشروع فبإمكانه أن يحكم بالتعويض لصالح الزوجة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للرجال والنساء من الدروز فسخ زواجهما أمام المحكمة الدرزية بالتراضي. وبموجب قوانين الأحوال الشخصية السنية الشيعة، يجوز للزوج الرجوع عن طلاقه خلال فترة العدّة (أنظر أدناه) دون رضى الزوجة ودون الحاجة الى عقد زواج جديد. بعد انقضاء هذه الفترة أو في حال طلق الزوج زوجته ثلاثاً يصبح الطلاق بائنا ًبينونة كبرى أي يحلّ الرابطة الزوجية بشكل نهائي.

الولاية : يتضمن مفهوم الولاية في قوانين الأحوال الشخصية الحفاظ على الأطفال وتنشئتهم ورعاية مصالحهم المالية لحين بلوغهم سن الرشد. وحق الولاية بموجب معظم قوانين الأحوال الشخصية اللبنانية هو حق أولى للأب، المعترف له بالولاية المعنوية والمالية المطلقة على أطفاله لحين بلوغهم سن الرشد.

العصمة أو تفويض المرأة الطلاق بموجب قوانين الأحوال الشخصية السنية والشيعية : العصمة هي حق المرأة في الطلاق بموجب قوانين الأحوال الشخصية السنية يرادفه تفويض المرأة ذلك بالنسبة للطائفة الشيعية. وفي كلا الحالين، يقتضي أن يتضمن العقد بنداً صريحاً بذلك.

المهر : هو مبلغ من المال، المنقول أو غير المنقول، يلتزم بدفعه الزوج لقاء زواجه ومساكنته للزوجة، وتحدّد قيمته في عقد الزواج. ويوفي الزوج قسماً منه عند عقد الزواج، أي قبل إقامة أي علاقة جنسية بينهما، وهو ما يعرف بالمهر المعجّل. أمّا القسم الآخر، فهو يستحق عادة لأحد الأجلين، وذلك عند وفاة الرجل أو إنهاء العلاقة الزوجية بينهما على مسؤولية الزوج، وهو ما يعرف بالمهر المؤجّل. وتقتضي الإشارة الى أنّ المهر هو اختياري في الزواج المسيحي، بينما يشكّل شرطا" من شروط صحة الزواج عند السنة والشيعة والدروز.

قضايا الطاعة والمساكنة : هي دعوى يرفعها الزوج ضد زوجته التي هجرته أومنعت نفسها عنه، طالباً عودتها الى طاعته أو إرغامها على مساكنته، وإلاّ تكون بحكم الناشز (انظر أدناه).

الخُلع : وهو من سبل حل عقدة الزواج بموجب قوانين الأحوال الشخصية الإسلامية، حيث تتحرر الزوجة من الزيجة مقابل تعويض مالي للزوج. وفي هذه الحالات تتنازل الزوجة تقليدياً عن بعض أو كل حقوقها المالية في المهر ونفقة العدّة (انظر أدناه) لقاء أن يخلعها الزوج عن ذمته. وفي بعض الحالات تدفع الزوجة مبلغاً مالياً إضافياً للزوج.

النشوز : تعد الزوجة ناشزاً بحكم القانون بموجب قوانين الأحوال الشخصية كافة في لبنان إذا غادرت منزل الزوجية ورفضت مساكنة زوجها دونما سبب تعتبره المحكمة الطائفية شرعياً. ولا تحق النفقة للزوجة الناشز، كما أن حكم النشوز أمام بعض المحاكم الطائفية قد يحجب حقها في حضانة أطفالها.

التفريق : بموجب قوانين الأحوال الشخصية السنية والدرزية، يقع التفريق عند حل عقدة الزواج بحكم قضائي بناءً على طلب أحد الزوجين ولأسباب يحددها ويحصيها القانون. ولا يعترف قانون الأحوال الشخصية الشيعي بالتفريق.

الطلاق الحاكم : الطلاق الحاكم هو أمر يصدره مرجع ديني شيعي يمكن أن يكون خارج المحكمة بتطليق زوجة من زوجها، إما للامتناع عن دفع نفقتها أو للأذى وسوء المعاملة أو للهجر.

نفقة الزوجة : بموجب قوانين الأحوال الشخصية الشيعية والسنية والدرزية والمسيحية، تشير نفقة الزوجة إلى التزام الزوج بتلبية حاجات زوجته من غذاء وكساء ومأوى وغيرها من تكاليف المعيشة أثناء الزواج. وتنتهي هذه المسؤولية بانتهاء الزيجة، مع استثناء الحالات التالية: أ) بموجب قوانين الأحوال الشخصية السنية والشيعية يتعين على الزوج الاستمرار في دفع نفقة زوجته خلال فترة العدة (انظر أدناه) التي يظل إيقاع الطلاق أثناءها معلقاً، وب) بموجب قوانين الأحوال الشخصية المسيحية الأرثوذكسية، يظل دفع النفقة واجباً في حالات الهجر المؤقت. وتتميز نفقة الزوجة عن نفقة الأطفال. ويلتزم الزوج بدفع الأخيرة ليد زوجته طوال فترة حضانتها للأطفال.

فترة العدة: بموجب قوانين الأحوال الشخصية السنية والشيعية، هي فترة منصوص عليها في القانون ولا يجوز للمرأة المطلقة أو المترملة حديثاً أن تتزوج خلالها، وفي حالة الطلاق يجوز التراجع عنه خلالها. وتتحدد المدة بثلاث دورات متتالية من الحيض أو ثلاثة شهور.

ملخص

يفتقد لبنان لقانون مدني ينظّم الأحوال الشخصية ، هناك 15 قانون طائفي للأحوال الشخصية خاص بكل طائفة دينية معترف بها، بما فيها اثنتا عشرة طائفة مسيحية وخمس طوائف محمدية وطائفة يهودية؛ تشرف محاكم طائفية مستقلّة (باستثناء الأخيرة) على تطبيقها.

وغالباً ما يُروج بأنّ هذا التعدّد ضروري لحماية التنوع الديني في لبنان، لكن واقع الأمر أن تعدّد القوانين والمحاكم يؤدي إلى عدم المساواة بين المواطنين في لبنان حينما يتعلق الأمر بجوانب محورية من حياتهم بما فيها الزواج والطلاق وحضانة الأطفال.

وقد دفع هذا التباين نشطاء وحقوقيين إلى المطالبة بقانون مدني للأحوال الشخصية من شأنه أن يضمن للمواطنين المساواة ويكفل حرية المعتقد.

ويركّز التقرير الحاضرعلى إشكالية جوهرية تبرز في النظام الحالي لقوانين الأحوال الشخصية المتمثلة بممارسات وأشكال تمييزية ضدّ المرأة.

يكشف البحث ـ المستند إلى مراجعة لقوانين الأحوال الشخصية في لبنان ولـ447 من الأحكام القضائية الحديثة الصادرة عن مختلف المحاكم الطائفية وحضور جلساتها وإلى أكثر من 70 مقابلة مع نساء ومحامين وقضاة وأخصائيين اجتماعيين ونشطاء مدافعين عن حقوق المرأة ـ عن نمط واضح من معاملة النساء من مختلف الطوائف على نحو أسوأ من الرجال حينما يتعلق الأمربإمكانية إنهاء العلاقة الزوجية وحضانة الأطفال.

تصطدم النساء المنتميات إلى مختلف الطوائفب عقبات قانونية وغير قانونية لدى مبادرتها على إنهاء زيجات تعيسة أو مسيئة، كما تواجه قيوداً على حقوقهن المالية، فضلاً عن هاجس فقدان أطفالهن في حال تزوجن مجدداً أو انقضت ما يعرف بفترة حضانة الأم (التي يحدّدها عمر الطفل). كما تم حرمان السيدات على نحو ممنهج من النفقة الكافية أثناء الزواج أو بعده ـ حيث يجوز للمحاكم الطائفية على خلاف ما تقتضيه العدالة رفض الحكم بها أو تخفيضها أو من حجبها عنها بسبب "نشوزها" -أي مغادرة منزل الزوجية ورفض مساكنة زوجها- أو إذا طلبت التفريق.

كما يواجه الأطفال انتهاكات لحقوقهم، ومن أهمها الحق في إيلاء الاعتبار الأول لمصالحهم الفضلى في جميع القرارات القضائية المتعلقة بمصيرهم، بما فيها الأحكام الخاصة بتحديد من سيرعاهم؛ مع الإشارة غلى أنّ هذه الانتهاكات تخرج عن نطاق التقرير الحاضر.

ولا يشكّل التشريع المصدر الوحيد لأوجه التمييز ضد المرأة بل تقع نتيجة الإجراءات أمام المحاكم الطائفية على حد سواء. وقد أفادت جميع السيدات اللواتي أجرت معهن هيومن رايتس ووتش المقابلات أنّ العديد من العقبات الإجرائية، ومنها ارتفاع الرسوم وطول أمد القضايا وغياب المساعدات القانونية والمادية أثناء إجراءات الدعاوى، شكّلت عوامل أساسية منعتهن من الالتجاء إلى المحاكم الطائفية وتحصيل حقوقهن المحدودة أصلاً. علاوة على هذا، وبالرغم من وجوب التزام المحاكم والقوانين الطائفية بالدستور اللبناني، يتبين أن محكمة التمييز، وهي أرفع المحاكم المدنية في لبنان، تمارس رقابة جد محدودة على إجراءات المحاكم الطائفية وأحكامها؛ مع الإشارة إلى أنّ المحاكم الروحية مستقلة إدارياً ومالياً عن الدولة، والمحاكم الشرعية والمذهبية، وبالرغم من ارتباطها التاريخي بتنظيمات الدولة القضائية، تتمتع بهامش واسع من الاستقلالية عن مؤسسات الدولة المدنية على الصعيد العملي.

فضلاً عن أنّ المؤسسات الدينية لا توفر الدعم القانوني أو الاجتماعي المستديم والمناسب والكافي للنساء المتقاضيات أمام المحاكم الطائفية، وهي حاجة عجزت المنظمات غير الحكومية المحلية عن تلبيتها بسبب قلة الموارد المادية والبشرية. علاوةً عن ذلك، غالباً ما تتشتّت المرأة أمام مراجع قضائية متعدّدةـ الجنائية والمدنية والطائفية ـ في محاولة لحل النزاعات المتعلقة بالأحوال الشخصية ولتحصيل حقوقها، نظراً لتعدّد الصلاحيات وتشعّب القضايا.

صدّق لبنان على عدد من المواثيق الحقوقية الدولية التي تعزّز وتصون مساواة المرأة أثناء الزواج وبعده، بما فيها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (السيداو) واتفاقية حقوق الطفل، كما تعهد بتنفيذ عدد آخر من المعايير المعترف بها دولياُ في مجال المساواة بين الجنسين، ومنها منهاج عمل بيجين، وأهداف الألفية التنموية؛ علماً أنّ معظم هذه الحقوق مكرّسة أصلاً في الدستور اللبناني.

إلاّ أن تعدّد قوانين الأحوال الشخصية ومصادرها وكيفية تطبيقها من قبل المحاكم الطائفية أدّى ولا يزال إلى انتهاك مبدأ المساواة بين المرأة والرجل في قضايا الزواج والطلاق، فضلاً عن تكريس ممارسات تمييزية ضدها وانتهاكات لحقوقها الإنسانية ـ بما فيها الحق في عدم التمييز وفي المساواة داخل الأسرة وفي السلامة البدنية وفي الصحةـ؛ وفي ذلك مخالفات جوهرية لعدد من التزامات لبنان الدولية.

انعدام المساواة في قوانين الطلاق

وجدت هيومن رايتس ووتش أن قوانين الأحوال الشخصية لدى جميع الطوائف وأمام محاكمها تعطي المرأة حقوقاً محصورة ومقيّدة لجهة إمكانية إنهاء الزواج مقارنةً مع ما للرجل من وسائل متاحة لتحقيق ذلك.

فالقوانين السنية والشيعية في لبنان تكفل للرجل حقاً مطلقاً في الطلاق بينما لا تحصل المرأة على هذا الحق إلا مشروطاً، وذلك في حال كان لديها العصمة أو إذا فوض إليها ذلك بموجب عقد الزواج؛ أمرُ يبقى نادراً ومرفوضاً من المجتمع إلى حد بعيد. ومن بين 14 امرأة مسلمة أجريت معهن المقابلات، لم تدون أي واحدة هذا البند في عقد زواجها؛ ومن أصل أصل 150 حكماً راجعناها في قضايا الطلاق أمام المحاكم الجعفرية والسنية، 3 أحكام فقط صدرت بناءً على ممارسة الزوجة لحقها. وقال أحد العاملين في محكمة شرعية:

بسبب التغيرات الهرمونية المصاحبة للدورة الشهرية، يتعذر عليهن [أي النساء] القيام بالاختيار الصحيح. فكيف يمكن إذن منحهن الحق بالطلاق؟

وفي حال لم يكن لديهن العصمة، يتعذر على النساء من السُنة إنهاء العلاقة الزوجية إلا بموجب التقدم بطلب التفريق أمام المحكمةـ وهو حل عقدة الزواج بحكم قضائي لأسباب يحصيها ويحددها القانون.

  • ولا يصدر حكم التفريق إلا بعد قيام القاضي بتحديد نسبة المسؤولية الواقعة على الزوجين في التسبّب في التفريق على أساس أحد الأسباب المحدّدة حصراً في القانون – كغياب الزوج أو عدم إنفاقه (ما يلتزم الزوج بإنفاقه أثناء الزواج لتلبية احتياجات الزوجة من غذاء وكساء ومأوى وغير ذلك من تكاليف المعيشة) أو سوء معاشرته لزوجته أو عجزه عن إتمام العلاقة الزوجية أو المرض المعدي أو الجنون.
  • وبمراجعة 65 من أحكام التفريق الصادرة عن المحاكم السنية التي نجحت المتقاضيات استصدار حكم فيها، يتضح أن المحاكم السنية كثيراً ما تجد الزوجات مسؤولات جزئياً عن فشل الزواج ـ حتى في الحالة التي ثبت فيها تعنيف الزوج لزوجته ـ ما يستتبع ذلك من إنتقاص من حقوق الزوجة المالية. ونتيجة ذلك، تتخلّى الكثيرات عن متابعة إجراءات التفريق من خلال تنازلهن عن حقوقهن المالية من نفقة مهر مؤجل -وهو المبلغ الذي يدفعه الزوج للزوجة عند انتهاء الزواج- حتى يبادر الزوج على الخلع.

    وبموجب القانون الدرزي، يتمتع الرجل أيضاً بالحق بالطلاق على أن يتم ذلك أمام المحكمة، وفي حال ارتأى القاضي أن الزوج الدرزي أوقع الطلاق دون سبب مشروع فبإمكانه أن يحكم بالتعويض لصالح الزوجة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للرجال والنساء من الدروز فسخ زواجهما أمام المحكمة الدرزية بالتراضي. فضلاً عن أنّ المحاكم الدرزية تنظر أيضاً في دعاوى التفريق.

    في المقابل، لا يعترف قانون الأحوال الشخصية الشيعي بالتفريق، ولا سبيل للنساء الشيعيات إلاّ التقدّم بطلب "الطلاق الحاكم" أمام مرجع ديني جعفري قد يكون من خارج المحكمة، يجوز له إيقاع الطلاق نيابة عن زوجها. وهي عملية طويلة الأجل نتيجتها غير مضمونة، وفق ما أفاده محاميان تحدثا مع هيومن رايتس ووتش، قد تستغرق ما يصل إلى عامين للحصول على قرار الطلاق، بدون ضمان إثباته أمام المحكمة.

    ورغم أن القيود التي تفرضها الطوائف المسيحية لجهة إنهاء الرابطة الزوجية تنطبق على الرجال والنساء على حدّ السواء، إلاّ أن المرأة تصطدم بعقبتين إضافيتين تميزان ضدها. من جهة أولى، وبالرغم من أن العنف الزوجي يشكّل سبباً للهجر (وهو مفهوم معتمد في قوانين الأحوال الشخصية المسيحية يتيح انفصال الزوجين) إلاّ أن العنف الزوجي لا يكفي بذاته لإنهاء الزواج على وجه السرعة. أمّا التمييز الثاني يتمثل في إمكانية الزوج المسيحي في لبنان أن يبدّل دينه ويعتنق الإسلام والزواج مجدداً دون إنهاء زواجه السابق، وهو أمر غير متاح بالنسبة للنساء (يجوز للرجال السنة والشيعة شرعاً تعدّد الزوجات). ففي هذه الحالة، يبقى الزواج الأول ومفاعيله خاضعاً للسلطة الذي عُقد في ظلّها إنّما تنتقص نتيجة ذلك حقوق الزوجة والأطفال لاسيما الإرثية منها نتيجة تقاسمها مع الزوجة الثانية. وغالباً ما تتنازل العديد من النساء عن حقوقهن في النفقة والتعويض مقابل موافقة الزوج على إنهاء الزواج، وذلك من خلال إبدال الدين وبالتالي الخضوع إلى قوانين مسيحية أكثر تساهلاً لجهة إمكانية إنهاء الزواج.

    وتعاني النساء من جميع الطوائف نتيجة تعذّر أو امتناع المحاكما لطائفية من التصدي بوجه العنف الأسري. بالنسبة للطائفة الكاثوليكية، لا يشكّل العنف الزوجي سبباً كافياً لبطلان الزواج، وهوالسبيل الوحيد لإنهاء زيجة كاثوليكية فيلبنان، إلاّ في حال إثبات أنّ سبب عنف زوجها يكمن في عدم مقدرة نفسية لدى هذا الأخير، وجدت عنده قبل انعقاد الزواج وأدّت إلى عدم مقدرته لتحمل موجبات الزواج الأساسية.

    وبموجب القوانين الأرثوذكسية والإنجيلية، يمكن لأي من الزوجين التماس حل الزيجة إذا أثبت أن الطرف الآخر حاول قتله. كما يجوز للزوجين حل الزيجة في حال انقطعت المساكنة لفترة معينة. أما الإساءة الزوجية فهي بذاتها لا تكفي لحل الزيجة، بل للهجر المؤقت فقط (الذي قد يمثل سبباً للحل فيما بعد إذا لم يتصالح الزوجان خلال فترة 3 سنوات عند الطوائف الأرثوذكسية وسنتين عند الطائفة الإنجيلية).

    كما يتمتع الرجال السنة والشيعة في لبنان بحق تأديب زوجاتهم ومعاشرتهن. ومن شأن هذه الحقوق، فضلاً عن موجب المرأة مساكنة زوجها لدى جميع الطوائف، تعريض سلامتها للخطر.

    فضلاً عن ذلك، لا يوفّر القانون المدني والجنائي الآليات الملائمة لتمكين الزوجة من مواجهة العنف الأسري.

    في الأول من أبريل/نيسان 2014، أقرّ البرلمان اللبناني قانون حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري. ورغم أن القانون يرسي تدابير حماية أساسية وإصلاحات جوهرية أمام الضابطة العدلية والقضاء المدني، إلا أنّ قانون العقوبات في لبنان لا يزال يشترط لحهة تجريم الاغتصاب وقوعه خارج الإطار الزوجي، ويقصر قانون العنف الأسري دون إرشادات الأمم المتحدة الخاصة بالحماية من العنف الأسري عن طريق اعتماده تعريف ضيق لمفهوم العنف.

    • علاوة على ذلك، فقد نص القانون الجديد أنه في حال تضارب أحكامه مع قوانين الأحوال الشخصية فإن الأولوية لتلك الأخيرة، وفي ذلك تغاض عن إشكالية الاعتراف ببعض أشكال العنف ضد الزوجة بمفهوم القوانين الطائفية؛ مع الإشارة إلى أن قانون حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري جاء خالياً من أي بند يتناول صراحة كيفية حل التنازع الذي قد ينشأ بين أحكام المحاكم المدنية في قضايا العنف الأسري وأحكام محاكم الأحوال الشخصية.
    • وفي ذلك تناقض مع توصيات إطار الأمم المتحدة لتشريع نموذجي بشأن العنف ضد المرأة، الذي يقرر أنه "حيثما نشأ تضارب بين القانون العرفي و/أو الديني ونظام العدالة الرسمي فمن الواجب أن تحل المسألة بمراعاة الحقوق الإنسانية للناجية ووفق معايير المساواة بين الجنسين". وإعفاء المسائل المحكومة بقوانين الأحوال الشخصية من قانون العنف الأسري يقوض أمن المرأة داخل المنزل.

    بالرغم من ذلك، وكخطوة إيجابية وبالغة الأهمية، بادر قاضيان على الأقل منذ صدور قانون الحماية من العنف الأسري إلى توسيع تعريف أعمال العنف التي يحظّرها القانون.

    التبعات الاقتصادية لإنهاء الزواج

    أيا كان انتماء المرأة الطائفي، فهي تواجه التهميش الاقتصادي خلال الزواج وعند حلّه. ويساهم في ذلك إخفاق قوانين الأحوال الشخصية والقوانين المدنية في الاعتراف بمساهمات الزوجة الاقتصادية وغير الاقتصادية خلال الزواج ـ بما في ذلك رعاية المنزل والأسرة- والفرص الاقتصادية الضائعة، ومساهمتها في المسيرة المهنية لزوجها.

    علاوة على هذا، ولأن القانون اللبناني لا يعترف بالمفهوم القانوني للملكية الزوجية، فإن الأملاك تعود إلى الطرف الذي سجلت باسمه (وهو الزوج تقليدياً) بغض النظر عمن ساهم في تحصيلها. وفي ثماني حالات قالت سيدات أجرت معهن هيومن رايتس ووتش المقابلات إنهن لم تحصلن على تعويض عن مساهماتهن المالية في منزل الزوجية أو غير ذلك من المصاريف المشتركة عند انتهاء الزيجة،كما أنّ الممتلكات كانت مسجلة باسم الزوج.

    ويضاف إلى ذلك أنه بموجب قوانين الأحوال الشخصية كلها، فإن التزام الزوج بإعالة الزوجة ينتهي بمجرد حل عقدة الزواج بحكم محكمة نهائي (بما أن واجب الزوج في الإنفاق على زوجته مشروط بواجبها في العيش معه). وأثناء إجراءات المحكمة في قضايا الانفصال، لا يحكم بنفقة للزوجة لكل الطوائف، عدا قضايا الهجر أمام الطوائف الروحية، إلا كإجراء مؤقت عندما يخفق الزوج في إعالة زوجته.

    وحتى في تلك الحالات، قد لا يحكم بالنفقة للزوجة التي يعتبرها القاضي ناشزاً. وفي جميع القضايا التي تكون النفقة المؤقتة محل نظر فيها، يستند قرار الحكم بها إلى تقدير القاضي، وكثيراً ما تأتي النفقة أقل مما يكفي لتغطية تكاليف المعيشة الأساسية. أما عند الطوائف الإسلامية فإن قرارات المحكمة التي تلزم الزوج بدفع النفقة كثيراً ما تكون ضئيلة القيمة ولا تعكس حاجات الزوجة الفعلية أو قدرات الزوج المالية.

    وبموجب قوانين الأحوال الشخصية السنية والشيعية، لا يحق للزوجة عند انتهاء الزيجة سوى مهرها المؤجل ونفقة عدّتها على الأكثرـ والمؤجل هو المبلغ المنصوص عليه في عقد الزواج بحيث تستحقه الزوجة عند الطلاق أو الوفاة. وإذا وجد القاضي أن الزوجة مسؤولة عن التفريق يتم تخفيض قيمة المؤخر بنسبة مسؤوليتها؛ ممّا يؤدي في بعض الحالات من تجريد الزوجة السابقة من أي موارد مالية بعد ترك الزوج.

  • وتتسم شروط التعويض على أثر حلّ الرابطة الزوجية في قوانين الأحوال الشخصية المسيحية بالمحدودية والتباين فيما بين الطوائف والمحاكم، وغالباً ما تكون قيمة المبلغ المحكوم به على سبيل التعويض غير كافية لتمكين المرأة استقلالها الاقتصادي.
  • رعاية الأطفال (الحضانة)

    • كقاعدة عامة، تعتمد القوانين الطائفية الشيعية والسنية والدرزية عمر الطفل وليس مصلحته العليا معياراً يُحدّد بموجبه الجهة التي سيقيم معها إثر انحلال الرابطة الزوجية. وقد سجّلت الطائفة السنية تطوراً حديثاً في هذا المجال حيث بات بمقدور القضاة، بموجب سلطتهم التقديرية، اعتبار مصلحة الطفل العليا في قضايا الحضانة. وفي الاتجاه نفسه، تعتمد المحاكم الروحية سن الطفل عند تحديد الحضانة(الحراسة)، إنّما للقضاة سلطة تقديرية واسعة تخوّلهم الفصل في مسائل الحضانة على أساس مصلحة الطفل العليا.
    • وبموازاة مفهوم الحضانة، تكرّس المحاكم الطائفية أيضاً مفهوم الولاية المتمثل بتربية الأطفال وحفظ حقوقهم المالية لحين بلوغهم سن الرشد. وباستثناء قانون الأحوال الشخصية للأرمن الأرثوذكس، أولت قوانين الطوائف الولاية أثناء الزواج وبعد انتهائه إلى الأب، باعتباره الولي الجبري الأولى على أطفاله معنوياً ومالياً.

    وتخالف هذه الممارسات المعايير المكرّسة في اتفاقية حقوق الطفل التي تُلزم الدول الأطراف ضرورة "[أن] يولى الاعتبار الأول لمصالح الطفل الفضلى".

    وغالباً ما تؤدي هذه إشكالية إلى امتناع المرأة عن طلب إنهاء الرابطة الزوجية بسبب تخوفها فقدان حضانة أطفالها.

    بل إن مراجعة هيومن رايتس ووتش لقضايا الحضانة كشفت أن المحاكم الطائفية، في بعض الحالات التي حاولت فيها سيدات الاحتفاظ بأطفالهن بعد سن الحضانة القانوني أو حاول الأب انتزاع حضانة الأم، منحت الحضانة للأب لأسباب بطبيعتها تمييزة ضد المرأة وأشد صرامة لجهة تطبيقها على الرجال وبدون اعتبار مصلحة الطفل الفضلى.

    فقد اعتبرت السيدات اللواتي تحدثن مع هيومن رايتس ووتش "غير أمينات أو مؤهلات" وخسرن الحق في الحضانة لجملة من الأسباب التي لا علاقة لها بقدرتهن على رعاية الطفل. وتشمل تلك الأسباب انتماءهن الديني (المختلف) أو غياب "التنشئة الدينية السليمة" للأطفال أو طول ساعات العمل أو الزواج مرة أخرى أو السلوكيات الاجتماعية "المشبوهة". فحق الأب خلافاً للأم في حضانة أطفاله لا يسقط في حال تزوج مجدداً، واحتمالات الحكم عليه بعدم الأهلية أقل بكثير، إلا ي حالات قصوى التي يعجز فيها عن رعاية الأطفال بسبب إدمان الكحوليات أو المخدرات مثلاً.

    وقد أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع سيدات بقين في زيجات مسيئة وتنازلن عن حقوقهن المالية وامتنعن عن الزواج مرة أخرى للاحتفاظ بحضانة أطفالهن في قضايا لم ينظر القضاة فيها إلى مصلحة الطفل الفضلى، أو قاموا بتقييم تلك المصلحة باستخدام معايير تميّز ضد المرأة.

    عام 2002، أقرّ البرلمان اللبناني القانون رقم 422 الآيل إلى حماية الأحداث المخالفين للقانون أو المعرضين للخطر، ليمنح قضاة الأحداث المدنيين مسوغات قانونية تسمح للقاضي المدني اتخاذ تدابير حماية في حال ارتأى أن الطفل في خطر وذلك بمعزل عن انتمائه الطائفي.

    وبتاريخ 7/7/2009، صدر عن محكمة التمييز قراراً قضى برد اعتراضات الطوائف على قرارات قضاء الأحداث المدني الآيلة الى اتخاذ تدابير حماية لأي طفل بالرغم من تعارضها في بعض الاحيان مع الاحكام الصادرة عن المحاكم المذهبية أو الشرعية كاتخاذ قرار بابقاء طفل في رعاية والدته رغم انتقال حق الولاية الى الوالد بموجب حكم شرعي. وقد استند القرار الى مفهوم "الطفل المهدّد" وما يحمله هذا المفهوم من توسع في القراءة والاجتهاد، فكرّس لأول مرة نظام عام جوهري يتعدّى الاصول البحتة، ويلعب دور الرادع أمام أنظمة الأحوال الشخصية الطائفية فينكر الاعتراف وإعطاء المفاعيل المدنية لأي حكم ديني يتعارض وإيّاه،جوهره حماية الطفل ومصلحته وذلك بعد أن كانت محكمة التمييز قد دأبت لسنوات عديدة رد كل المطاليب الآيلة الى مراقبة مضمون الأحكام الدينية.

    سبيل للتقدم إلى الأمام

    أجمع جميع من قابلتهم هيومن رايتس ووتش، ومنهم قضاة عاملين في المحاكم الطائفية، على وجوب إجراء إصلاحات جوهرية لقوانين الأحوال الشخصية بغرض حماية المرأة والقضاء على أشكال التمييز ضدها.

    وسبق وقامت السلطات الدينية والمدنية مؤخراً باعتماد بعض الإصلاحات القانونية الإيجابية، بما فيها تدوين قانون الأحوال الشخصية للأقباط (2012) وأحكام الأسرة للسنة (2012) وتعديل قوانين الأحوال الشخصية للإنجيليين والأرثوذكس في 2005 و2003، بما في ذلك قبول قضاة من غير الإكليروس، وتحديد طرق تعيين القضاة، ومنح القضاة سلطة تقديرية أوسع في الحكم بتعويضات في قضايا إنهاء الزواج، وإقرار قانون عابر للطوائف يحمي الأطفال المعرضين للخطر (2002) وتبني قانون للحماية من العنف الأسري (2014).

    إلا أن التحسينات المتواضعة الناتجة عنها لجهة تعزيز حقوق الطفل والمرأة لا تكفي لمعالجة التمييز الممنهج ضد هذه الأخيرة بموجب قوانين الأحوال الشخصية وأمام المحاكم الطائفية. كما أنها أخفقت في منح الأولوية لمصلحة الطفل العليا في قضايا الحضانة، ولا تزال عاجزة عن التصدي بوجه التمييز الذي يلحق الأفراد ويحجب عنهم الحماية بسبب انتمائهم الطائفي.

    ومن الحلول المطروحة، إقرار قانون مدني يضمن المساواة في الحقوق لجميع اللبنانيين أيا كان جنسهم أو ديانتهم. وقد انصبت الجهود الحالية على جعله اختيارياً، بمعنى آخر أن يقوم بموازاة القوانين الطائفية.

    ويؤكد هذا التقرير على الحق في والحاجة إلى قانون مدني اختياري للأحوال الشخصية، يستند إلى مبادئ المساواة وعدم التمييز وحق الفرد في اختيار انتمائه الديني (أو ألا يكون له أي انتماء) بغرض حماية المرأة والتخفيف من تهميشها القانوني والاقتصادي والاجتماعي.

    وتجدر الإشارة إلى أنّ إقرار قانون مدني بموازاة قوانين الأحوال الشخصية الطائفية لن يكون كافياً للقضاء على أشكال التمييز. ويقتضي أن يقترن العمل في سبيل تبني قانون مدني اختياري بإقرار إصلاحات جوهرية على القوانين الطائفية القائمة كما يتعين على مؤسسات الدولة أن تمارس الرقابة على المحاكم والقوانين الطائفية.

    التوصيات

    إلى الحكومة والبرلمان

    • العمل في سبيل إصلاح شامل لقانون الأحوال الشخصية بالتشاور مع السلطات الدينية ومنظمات المجتمع المدني المعنية بحقوق المرأة والطفل والخبراء.

    وفيما يتعلق بقانون الأحوال الشخصية المدني:

    • إطلاق عملية تشاركية لتفعيل قانون مدني اختياري للأحوال الشخصية يخلو من التمييز على أساس الديانة أو االنوع الجنسي.
    • إقرار قانوناً مدنياً اختيارياً للأحوال الشخصية يضمن للمرأة حقوقاً متساوية ويتفق مع التزامات لبنان الحقوقية الدولية.

    وفيما يتعلق بقوانين الأحوال الشخصية والمحاكم الطائفية القائمة:

    • إلزام الطوائف الدينية التي لم تدوّن قوانينها بعد القيام بهذا الأمر وتقديمها إلى البرلمان لمراجعة مدى توافقها مع الدستور اللبناني والتزامات لبنان الحقوقية الدولية. وينبغي تعديل أي قانون غير متفق مع الدستور أو الالتزامات الحقوقية الدولية قبل أن يقرّها البرلمان.
    • إلغاء القرار 53 الصادر في 30 مارس/آذار 1939 والذي يقرر أن أحكام القرار 60 ل. ر.، الملزمة للطوائف بتقديم قوانينها وإجراءاتها للتصديق عليها من قبل البرلمان بعد مراجعتها من حيث التوافق مع الدستور اللبناني أو النظام أو الآداب العامة، لا تنطبق على المسلمين.
    • تعديل المادة 95 من قانون أصول المحاكمات المدنية لكي تشمل صلاحية الهيئة العامّة لمحكمة التمييز النظر في القرارت المبرمة الصادرة عن المحاكم الطائفية لمخالفتها حقوق الفرد الأساسية؛
    • فرض حد أدنى من المؤهلات العلمية والحقوقية والتدريبية لقضاة المحاكم الطائفية واشتراط استحصالهم على إجازة حقوق واستكمال تدرجهم في معهد القضاة التابع لوزارة العدل وإلزام المحاكم الطائفية بضمان تمثيل النساء في الهيئات القضائية؛
    • وضع آليات رقابية على إجراءات المحاكم الطائفية لضمان خلو أحكامها من التمييز وتوافقها مع الدستور اللبناني والتزامات لبنان الحقوقية الدولية.
    • تزويد الأزواج بالمعلومات قبل الإقدام على الزواج حول النظام القانوني الذي يحكم حياتهم الزوجية.

    وفيما يتعلق بغير ذلك من التشريعات والإجراءات واختصاصات المحاكم المدنية:

    • فرض سن 18 عاماً كحد أدنى للزواج للجنسين.
    • تكريس مفهوم الملكية الزوجية واقتسامها على قدم المساواة بين الزوجين عند حل عقدة الزواج لدى جميع الطوائف، اعترافاً بمساهمات المرأة المالية وغير المالية.
    • إنشاء صندوق موحد لتوفير النفقة الزوجية ونفقة الأطفال بشكل مؤقت تصرف حسب الحاجة المالية.
    • منح المحاكم المدنية صلاحية النظر والحكم في دعاوى النفقة الزوجية والتعويض ونفقة ما بعد إنهاء الزواج حسب الحاجة المالية، وكذلك المساهمات المقدمة أثناء الزواج، سواء كانت مالية أو غير ذلك.
    • توفير التمثيل القانوني للطرف المعسر في جميع قضايا الأحوال الشخصية وإنشاء خطوطاً ساخنة وخدمات المشورة الاجتماعية والقانونية داخل المحاكم المدنية والطائفية.
    • إقرار قانون ينص صراحة على اختصاص القضاء المدني بالزيجات المعقودة أمام السلطات المدنية حتى التي تم الاحتفال بها دينياً لمنح الأسبقية للمحاكم المدنية والقانون المدني.
    • إدخال إصلاحات على قانون حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري بحيث يوسع تعريف العنف الأسري ليتلاءم مع توجيهات الأمم المتحدة بشأن الحماية منه، وإنشاء آلية رقابية تضمن تنفيذ القانون، وصياغة بروتوكولات واستراتيجيات وطنية تشمل كافة الوزارات المعنية بالحماية ضد العنف الأسري.

    إلى الطوائف الدينية

    فيما يتعلق بالتدريب القانوني والقضائي واختيار القضاة والإشراف عليهم:

    • فرض حد أدنى من المؤهلات العلمية والحقوقية والتدريبية لقضاة المحاكم الطائفية واشتراط استحصالهم على إجازة حقوق واستكمال تدرجهم في معهد القضاة التابع لوزارة العدل وإلزام المحاكم الطائفية بضمان تمثيل النساء في الهيئات القضائية.

    وفيما يتعلق بعقود الزواج الشيعية والسنية والدرزية وإنهاء الزواج:

    • الاعتراف بحق المرأة في الطلاق دون مسؤولية عليها سواء تم النص عليه في عقد الزواج أم لا، ودون إسقاط لحقوقها المالية.
    • النص على أن رعاية الأطفال سوف تُحدّد وفقاً لمصلحة الطفل الفضلى.
    • ترسيخ مفهوم الملكية الزوجية التي تسمح بتقسيمها على قدم المساواة بما في ذلك المساهمات المالية وغير المالية.
    • تعديل الأحكام التمييزية المتعلقة بالطلاق في قوانين الأحوال الشخصية الشيعة والسنية بما في ذلك:
      • تعديل عقود الزواج النموذجية لتشمل على الدوام عصمة الزوجة أو تفويضها ذلك.
      • إلغاء حق الزوج المسلم في إيقاع الطلاق بإرادته المنفردة خارج المحاكم.
      • إلغاء حق الزوج المسلم في توكيل طرف ثالث لتطليق زوجته.
      • إلغاء حق الزوج المسلم في تأديب زوجته وحقه في المعاشرة الجنسية.
    • بموجب قوانين الأحوال الشخصية المسيحية، السماح للرجال والسيدات على السواء بحل الزواج دون مسؤولية.

    وفيما يتعلق بالحقوق والالتزامات المالية:

    • إلغاء مفهوم الطاعة والمساكنة الجبرية ورد الدعاوى المستندة إليه.
    • فصل النفقة الزوجية والنفقة عن شروط المسؤولية أو النشوز.
    • وضع معايير واضحة لتحديد النفقة الزوجية والتعويض. وينبغي تحديد قيمتها على أساس القدرة المالية للطرف الذي سيدفعها والاحتياجات المالية ومدى توافر سبل أخرى للكسب والحالة الصحية والعمر ومستوى معيشة الطرف الذي يطالب بالنفقة.
    • أثناء الزواج، تمكين الطرف المعسور الاستحصال على النفقة من الطارف الميسور مع تحديد شروطها ومدتها.
    • عند إنهاء الزواج، مراعاة مساهمات الطرفالمعسورر المادية وغير المادية، بما في ذلك أعمال المنزل، واحتياجاته المالية عند تقدير قيمة التعويض و/أو النفقة المحكوم بها. وينبغي لمعايير التقدير أن تشمل مدة العلاقة ومدى تأثير رعاية الأطفال ومسؤوليات المنزل على السيرة الأكاديمية والمهنية للطرف التابع وقدرته على الكسب، وكذلك الدخل المستقبلي المتوقع لكل من الطرفين، وقدرة الطرف المعسور على إعالة نفسه، وصحته وعمره، واحتياجاته ومستوى معيشته، ومدى وجود وسائل أخرى لكسب العيش، والمساهمات التي قدمها لترقية المسيرة المهنية للطرف الآخر.
    • في زيجات المسلمين، عدم اقتصار التعويض على المبلغ المحدد بصفة المهر المؤجل عندما لا يكفي هذا المبلغ لتعويض السيدات عن مساهماتهن أو تلبية احتياجاتهن المالية. وعلى القضاة الحكم بالتسديد الفوري للمؤجل بمجرد حل عقدة الزواج.
    • الامتناع عن الانتقاص من حقوق المرأة المالية التي تبادر إلى إنهاء العلاقة الزوجية عن طريق التفريق أو الخلع.

    وفيما يتعلق بحضانة الأطفال:

    • التخلي عن الاعتماد على سن الحضانة القانوني لتحديد الطرف المسؤول عن رعاية الأطفال.
    • تكريس مفهوم الحضانة المشتركة في جميع القاوانين.
    • السماح للآباء والأمهات على السواء بالتمتع بحق الولاية بدون تمييز، وفي حالة انتهاء الزواج تحديد الطرف المسؤول عن رعاية الأطفال بناءً على مصالحهم الفضلى بما في ذلك خيار الاشتراك في الحضانة.
    • تطبيق معيار واحد عند تقييم أهلية الأمهات والآباء يسترشد بمصالح الطفل الفضلى. وإلزام القضاة باستشارة الخبراء النفسيين والاجتماعيين والتماس رأي الطفل في تحديد ما إذا كان سيقيم مع أمه أو أبيه أو مع الاثنين، وأن يمنح رأي الطفل الاعتبار الواجب وفق عمره ودرجة نضجه.

    إلى الدول المانحة والهيئات الداعمة للمجتمع المدني وإصلاحات الدولة في لبنان

    • دعم المنظمات التي توفر التمثيل القانوني والدعم المالي والنفسي للسيدات في قضايا الأحوال الشخصية.
    • دعم المنظمات في إجراء عمليات رصد داخل المحاكم الطائفية طوال إجراءاتها.
    • دعم المنظمات التي تمارس الضغط لتعديل قوانين الأحوال الشخصية الطائفية القائمة، والمناصرة من أجل تبني نظام مدني شامل.
    • توفير الدعم للتوسع في الوصول إلى ملاجئ طارئة مؤقتة للسيدات والفتيات في أرجاء لبنان، بما في ذلك للمطلقات أو المنفصلات، أو ضحايا العنف الأسري.

    ضمان دعم المانحين المعنيين في مجال إصلاح قطاع العدالة على دعم الأبحاث والمناصرة بغرض التصدي للتمييز في قوانين الأسرة ولتعديل إجراءات محاكم الأسرة.

    منهجية البحث

    أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع سيدات تخضن أو سبق لهن خوض غمار معاملات إنهاء الزواج في لبنان، إضافة إلى محامين وقضاة وأخصائيين اجتماعيين ونشطاء معنيين بحقوق المرأة من العاملين في قضايا الأحوال الشخصية أو لمساعدة السيدات اللواتي تواجهن مشاكلا متعلقة بالأحوال الشخصية. كما أجرت هيومن رايتس ووتش أبحاثاً قانونية وتحليلات لأحكام الأحوال الشخصية الصادرة من محاكم طائفية مختلفة من 2009 إلى 2012.

    وفي المجمل، أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع 72 شخصاً بين مايو/أيار ويوليو/تموز 2012، وفي فبراير/شباط ومارس/آذار 2013:

    • 27 سيدة من خلفيات دينية وفئات عمرية وأوضاع اقتصادية متباينة، ممن واجهن التمييز بسبب قوانين الأحوال الشخصية في لبنان. وقد تعرفت هيومن رايتس ووتش على هؤلاء السيدات من خلال الخطوط الساخنة والملاجئ التي تديرها منظمات غير حكومية، ومن خلال أفراد ومحامين يعملون في قضايا حقوق المرأة، ومن خلال أخصائيين اجتماعيين بمراكز الخدمات الإنمائية التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية.
    • 11 محامياً، منهم 8 يعملون في قضايا الأحوال الشخصية أمام المحاكم، و3 من المحامين الحقوقيين العاملين في منظمات غير حكومية متخصصة في حقوق المرأة والإنسان وتساعد السيدات اللواتي تواجهن التمييز.
    • 22 من أصحاب المهن القانونية المساعدة والنشطاء العاملين في منظمات غير حكومية متخصصة في حقوق المرأة والإنسان، وتدير خطوطاً ساخنة وملاجئ للسيدات المعنفات.
    • 9 قضاة منهم 3 في المحاكم الروحية و4 في المحاكم الشرعية، و2 من القضاة اللبنانيين المدنيين الذين نظروا في قضايا أحوال شخصية تتعلقبنزاعات ناشئة عن زيجات مدنية تم عقدها بالخارج.
    • 3 من الأخصائيين الاجتماعيين العاملين في مراكز الخدمة الإنمائية التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية.

    ولحماية من أجرينا معهم المقابلات من العواقب السلبية أو التضييق الذي قد ينجم عن نشر هذا التقرير، تم استخدام أسماء مستعارة أو اللقب المهني بدون اسم للإشارة إلى الأشخاص الذين أجريت معهم المقابلات.

    وقد تم إبلاغ جميع الذين أجريت معهم المقابلات بالكيفية التي ستستخدم بها المعلومات المحصلة من المقابلة، كما قدموا موافقة شفهية على المشاركة في المقابلات وإدراج المعلومات المتعلقة بقضاياهم في التقرير. لم يحصل أي شخص أجريت معه مقابلة على مقابل مالي أو أي إغراء آخر للمشاركة في المقابلة.

    كما قامت هيومن رايتس ووتش برصد إجراءات المحاكم في 4 محاكم طائفية، وطريقة عمل الموظفين والإجراءات في مكاتب أقلام المحاكم.

    ويستند هذا التقرير أيضاً إلى 447 حكماً قضائياً صدرت عن مختلف المحاكم الطائفية في أنحاء لبنان في قضايا طلاق، وحضانة، وحقوق في المهر، ونفقة زوجية، ونفقة أطفال، وقد صدرت الأحكام من محاكم ابتدائية واستئنافية على السواء، وهي تغطي الفترة من 2009 إلى 2012.

    أما أحكام القضاء في قضايا الأحوال الشخصية، التي لا تنشر في لبنان، فقد حصلنا عليها من المصادر التالية:

    • المحاكم الابتدائية والعليا السنية والجعفرية، و
    • محامو الأحوال الشخصية، و
    • محفوظات المنظمات غير الحكومية التي قدمت التمثيل القانوني والدعم النفسي للسيدات أمام المحاكم الدينية في قضايا الأحوال الشخصية.

    وتم انتقاء القضايا المأخوذة من المحاكم ومن مكاتب أقلام المحاكم، ومن محاميي الأحوال الشخصية ومن المنظمات غير الحكومية على نحو عشوائي، وهي تمثل شريحة من القضايا المنظورة أمام المحاكم أثناء الفترة 2009-2012.

    وقد وافقت المحاكم الجعفرية والسنية ولكن دون الروحية والمذهبية رسمياً على إطلاع هيومن رايتس ووتش على ملفات القضايا والأحكام الصادرة فيها لأغراض هذا البحث، مما أدى إلى عينة أكبر حجماً من قضايا السنة والشيعة. أما القضايا التي نظرت فيها محاكم روحية ومذهبيةوراجعتها هيومن رايتس ووتش فقد جاءت حصرياً من محامين ومنظمات غير حكومية محلية.

    وفي جميع الحالات لم تقم هيومن رايتس ووتش بإفشاء أية معلومات وردت في وثائق المحاكم وكان من شأنها الكشف عن هوية أصحابها، بغرض حماية سرية أطراف القضية.

    والجدولان الآتيان يلخصان عينة الأحكام التي تم تحليلها بحسب نوع المحكمة ودرجتها، والتوزيع الجغرافي، وموضوع النزاع.

    جدول 1: عدد الأحكام بحسب التوزيع الجغرافي

    المنطقة

    بيروت

    بعبدا

    طرابلس

    عكار

    صيدا

    النبطية

    المحاكم العليا[1]

    المجموع

    أحكام المحاكم الشرعية

    206

    33

    10

    8

    36

    11

    39

    343

    أحكام المحاكم الروحية[2]

    87

    17

    104

    المجموع

    391

    56

    447

    جدول 2: عدد القضايا بحسب موضوع النزاع

    موضوع الحكم

    عدد الأحكام

    نسبة الأحكام التي كانت السيدة فيها هي المدعية

    المحاكم الشرعية

    حضانة

    91

    42

    طلاق

    77 (62 أمام محاكم جعفرية و15 أمام محاكم سنية)

    40[3]

    تفريق (محاكم سنية فقط)

    87

    75

    نفقة زوجية

    38

    82[4]

    طاعة ومساكنة

    40

    15[5]

    المحاكم الروحية

    حضانة وحراسة ومشاهدة

    9

    33

    نفقة زوجية ونفقة أطفال

    14

    100

    نفقة ومشاهدة وحراسة

    12

    100

    هجر وبطلان

    65

    70

    فسخ وطلاق

    4

    50

    ومن خلال مراجعة ملفات القضايا والأحكام، وتحليل الآراء والممارسات القانونية ومقارنتها، حلُلت هيومن رايتس ووتش الكيفية تطبيق قوانين الأحوال الشخصية وأشكال التمييز الناتجة عنها ضد المرأة، إضافة إلى المسائل والعقبات القانونية المتشعبة التي تحول دون الوصول إلى العدالة وتفاقم هذا التمييز.

    وقد تم استخلاص المعلومات من الأحكام وملفات القضايا، حيثما أتيحت، استناداً إلى مجموعة من المعايير المصممة لتقييم ما إذا كانت السيدة قد تعرضت للتمييز نتيجة لتشريعات الأحوال الشخصية أو القواعد الإجرائية في المحاكم. وتشتمل هذه المعايير، على سبيل المثال، على مدى تمتع السيدة بالمشورة القانونية، أو صدور الأحكام في غيابها ، وأسباب حرمانها من الحضانة أو نزعها منها، ووسائل الإثبات في قضايا الطلاق، ومعايير تحديد قيمة النفقة الزوجية أو التعويض التي استخدمها القضاة في أحكامهم.

    ونحن في هذا التقرير نتصدى للقضايا الناشئة عن قوانين الطلاق وحضانة الأطفال ونفقة الزوجية والمهر. كما نركز أيضاً على أكبر الطوائف الدينية وأكثرها تمثيلاً في المجتمع اللبناني، أي في المقام الأول طوائف الشيعة والسنة والدروز، والكاثوليك والأرثوذكس والإنجيليين عند المسيحيين.

    I . الخلفية: تعدّد قوانين الأحوال الشخصية

    يفتقد لبنان لقانون مدني ينظّم الأحوال الشخصية، وهناك 15 قانون طائفي للأحوال الشخصية خاص بكل طائفة دينية معترف بها.

    ولهذا التعدد القضائي جذور في الحقبة العثمانية وحقبة الانتداب الفرنسي، كما يكرسه الدستور اللبناني.[6] حيث تنص المادة 9 منه تنص صراحة على أن " تضمن أيضاً للأهلين على اختلاف مللهم احترام نظام الأحوال الشخصية والمصالح الدينية ".[7]

    غير أن الحق الدستوري المكفول لمختلف الطوائف الدينية في تشريع قوانينها الخاصة للأحوال الشخصية يعادله مبدأ دستوري آخر، هو مبدأ حرية الاعتقاد المكرس بدوره في المادة 9 من الدستور وفي مقدمته.[8] ولطالما احتج الخبراء الدستوريون المحليون بأن هذا المبدأ يعني أنه رغم تمتع مختلف الطوائف الدينية بالحق في أن تكون لها قوانينها الخاصة للأحوال الشخصية، إلا أنها لا تتمتع بحق حصري في تنظيم الشؤون الشخصية للفرد.[9] وفي قرار أخير، أيدت الهيئة العليا للاستشارات في وزارة العدل هذا الرأي بموافقتها على تسجيل زيجة مدنية معقودة في لبنان بين زوجين اختارا حجب قيدهما الطائفي من سجلات النفوس المدنية. وفي غياب قانون مدني لبناني للأحوال الشخصية، تخضع الزيجات المدنية لقوانين الأحوال الشخصية الأجنبية التي عقدت في ظلّها.

    الزيجات المدنية في الخارج والقوانين المطبّقة

    كرّس القرار 60 ل.ر. -الصادر عام 1936 والذي يشكّل جوهر نظام الأحوال الشخصية في لبنان ولا يزال معمولاً به حتى اليوم- حق الفرد في اختيار عدم الخضوع إلى نظام أحوال شخصية طائفي.

    فبموازاة اعتراف القرار بصلاحية كل طائفة دينية تدوين قوانين أحوالها الشخصية (ويشار إليها في القرار بمصطلح "الطوائف التاريخية") و بالتالي تطبيقها على الأفراد المنتمين لها، لم يجعل هذا الانتماء إلزامياً، ومنح كل فرد الحق في اختيار انتمائه الطائفي، بما في ذلك الانتماء إلى طائفة ليس لديها قانون للأحوال الشخصية في لبنان (ويشير إليها القرار بمصطلح طوائف "الحق العادي") أو عدم الانتماء إلى أية طائفة كانت.[10]

    وعليه، بموجب القرار 60 ل. ر. وانسجاماً مع حرية المعتقد المطلقة المكفولة في الدستور، يخضع الأفراد الذين يختارون الانتماء إلى طوائف "الحق العادي" أو عدم الانتماء إلى أية طائفة لقانون مدني في شؤون الأحوال الشخصية.

    إلاّ أنّه وبالرغم من تكريس هذا الحق وبالرغم من الحملات المحلية المتوالية (لاستعراض موجز لجهود تبني قانون مدني في لبنان يرجى الاطلاع على "معركة قانون الأحوال الشخصية المدني" أدناه)، لم يتبن لبنان حتى اليوم أي قانون مدني للأحوال الشخصية منذ اصدور القرار 60. و حتى تاريخ قريب، كان على الراغبين في الزواج بموجب قانون مدني، إما لأنهم لا يريدون الخضوع لقوانين طوائفهم أو لاختلاف انتماءاتهم الطائفية، السفر إلى الخارج للزواج ثم الحصول على اعتراف بالزيجة في لبنان.

    ولطالما اعتبرت محكمة التمييز اللبنانية، أرفع المحاكم اللبنانية، بأن المادة 25 من القرار 60 ل. ر. تسمح لمواطني لبنان بعقد الزيجات في دول أجنبية وفق قانونها المدني.[11] وفي تلك الحالات تخضع الزيجات لقوانين البلد الذي عقدت فيه الزيجة وعلى المحاكم اللبنانية تطبيق ذلك القانون في حالة التنازع بين الزوجين.[12]

    ويختار أزواج لبنانيون الزيجات المدنية الأجنبية بوتيرة متزايدة. وبحسب تقارير إعلامية، تشير بيانات السفارة القبرصية في لبنان إلى قيام أكثر من 800 زواج مدني للبنانيين ولبنانيات في قبرص في العام 2011. كما تزايد سفر الأزواج اللبنانيين إلى فرنسا وتركيا للزواج، بحسب وكالات السفر المحلية.[13]

    لكن رغم الشعبية المتزايدة لاختيار الزواج المدني في الخارج إلا أنه يبقى مقيداً. فهو من الناحية المالية غير متاح إلا للأزواج القادرين على السفر إلى الخارج. علاوة على هذا فإنه مشروط بعدم الاحتفال بالزواج مرة اخرى بالشكل الديني. فاجتهاد محكمة التمييز اللبنانية ثابت لهذه الجهة حيث تعتبر أنه في حال قام الزوجان بالإحتفال بزواجهما بالشكلين المدني والديني، فإنّ القانون الواجب التطبيق على الزواج ومفاعيله هو القانون الطائفي.[14] بل وإذا كان الزوجان متنميان إلى الطائفة الشيعية أو الدرزية أو السنية، فإن محاكم هذه الطوائف ستعتبر نفسها مختصة وستقوم بتطبيق قواعدها الخاصة إذا لجأ أحد الزوجين إليها، حتى إذا لم يعقدا زيجة دينية في لبنان.[15]

    وهناك تعقيدات تبرز عند نظر المحاكم اللبنانية في المنازعات الناشئة عن زيجات مدنية معقودة في الخارج، حيث أن القضاة والمتنازعين على السواء لا يملكون بالضرورة الدراية أو المعرفة الكافية للقوانين الأجنبية وكيفية تطبيقها، خاصة عند عقد الزيجة في بلدان تختلف أنظمتها القانونية والقضائية جوهرياً عن الأنظمة اللبنانية.

    لكن في فبراير/شباط 2013 انفتح أفق جديد لعقد زيجات مدنية بدون مغادرة لبنان: فرغم غياب قانون مدني معمول به، إلا أن الهيئة العليا للاستشارات، برئاسة وزير العدل، وافقت على تسجيل زيجة مدنية عقدت في لبنان بين زوجين حجبا قيدهما الطائفي من سجلاتهما المدنية.[16]

    وقد تذرع الزوجان بأنهما بموجب حجب قيدهما الطائفي من السجلات المدنية بات لهما الحق بموجب القرار 60 ل.ر. في عقد زواج مدني.[17] ودفعا بأن إخفاق لبنان في إقرار القانون لا يبطل حقهما. وبالنظر إلى غياب التشريع المدني، قام الزوجان بتوثيق عقد الزواج أمام كات عدل واختارا إخضاعه للقانون المدني الفرنسي، الذي كان معمولاً به في ظلّ الانتداب وقت صدور القرار 60 ل.ر.عام 1936.

    وقد طلبت وزارة الداخلية مشورة الهيئة العليا للاستشارات التي بدورها قبلت حجة الزوجين وفي 25 أبريل/نيسان 2013 قامت وزارة الداخلية اللبنانية رسمياً بتسجيل الزيجة لتصبح أول زواج مدني معقود على الأراضي اللبنانية.

    ورغم أن هذا التطور هو خطوة هامة في المعركة المستمرة من أجل حق مواطني لبنان في اختيار القانون الحاكم لشؤونهم الشخصية، إلا أن الكثير من اللبنانيين يتخوفون من التعقيدات القانونية التي قد تنشأ عن حجب المرء لقيده الطائفي من السجلات المدنية وفي ظلّ غياب تشريع محلي.

    قوانين الأحوال الشخصية والنظام الدستوري للدولة

    بموجب القرار 60 ل.ر. الصادر في 1936، على كل طائفة دينية تقديم قانونها الخاص بالأحوال الشخصية وإجراءات المحاكمات إلى الحكومة والبرلمان للمراجعة والتصديق.

    واستناداً إلى القرار، لا يصدق البرلمان إلا إذا خلت قوانين الأحوال الشخصية وإجراءات المحاكمات من النصوص "المخالفة للأمن العام أو الآداب أو دساتير الدول والطوائف أو أحكام هذا القرار".[18] ورغم أن قوانين الأحوال الشخصية ملزمة من حيث المبدأ بالتوافق مع الدستور والنظام العام إلا أن البرلمان قد أخفق من حيث الممارسة في ضمان هذا. وفي غالبية الأحوال لا تقوم محكمة التمييز، بصفتها المحكمة المختصة بحلّ النزاعات، برقابة مضمون الاحكام الصادرة عن محاكم الأحوال الشخصية (يرجى الرجوع إلى قسم "محدودية الإشراف على المحاكم الدينية" للاطلاع على استثناء من هذه الممارسة العامة).

    وقد أكد القانون 2 الصادر في أبريل/نيسان 1951 والذي يحدّد صلاحيات المراجع المذهبية للطوائف المسيحية والطائفة الاسرائيلية على وجوب مراجعة البرلمان لقوانين الأحوال الشخصية الخاصة بها والتصديق عليها.[19] واشترطت المادة 33 من القانون أن تقدم الطوائف نسخة من قوانينها للأحوال الشخصية وإجراءات المحاكمة إلى الحكومة خلال عام واحد، لموافقة البرلمان خلال ستة أشهر، بشرط اتفاقها مع مبادئ النظام العام والقوانين الأساسية للدولة والطوائف.

    وقد قامت الطوائف المسيحية واليهودية بتقديم قوانينها للأحوال الشخصية وإجراءات المحاكم للمراجعة في 1951.[20] وشكلت الحكومة لجنة لمراجعة القوانين وأصدرت تقريرها مبينة البنود المخالفة للدستور اللبناني والقوانين والنظام العام.[21] لكن في النهاية لم يتم تعديل البنود الإشكالية ولم يصدق البرلمان على تلك القوانينو تم تطبيق القوانين المدونة في 1951 كما قدمتها الطوائف المسيحية من قبل المحاكم الطائفية وما زالت نافذة إلى اليوم.

    أمّا بالنسبة للطوائف الإسلامية، وعلى أثر صدور القرار 60 ل.ر.، احتجّت الطائفة السنية آنذاك على إخضاع الإعتراف بها وتعليق حقها في ممارسة صلاحياتها وتطبيق الشريعة الإسلامية لموافقة السلطة المنتدبة واعتبرته تدخلاً في تنظيم شؤونها الدينية وتعدّياً على امتيازاتها التاريخية، ممّا استدعى إصدار القرار التشريعي رقم 53 تاريخ 30 آذار 1939 الذي قضى بعدم تطبيق أحكام القرار 60 ل.ر. على المسلمين. واستمر الوضع على ما هو عليه بعد الاستقلال، وهكذا تنازل البرلمان اللبناني عن مسؤوليته في ضمان توافق قوانين الأحوال الشخصية الإسلامية مع الدستور وفق ما سنشير إليه فيما بعد.

    وقد أصدر البرلمان اللبناني فيما بعد قوانين تنظيم الإجراءات في المحاكم الجعفرية والسنية والدرزية وما زالت تلك القوانين سارية.[22] لكن عند تحديد مضمون الأحكام الجوهرية لقوانين الأحوال الشخصية عند السنة والشيعة، اكتفت قوانين البرلمان بالإحالة إلى مدارس الفقه المعتمدة لدى الطائفتين (الحنفية والجعفرية على) وبنود قانون الأسرة العثماني المتفقة معها، بدلاً من تقنينها أو مراجعة مضمونها (المادة 242 من قانون تنظيم القضاء الشرعي السني والجعفري).[23] وبالنظر إلى تعدد مصادر القانون الشيعي والسني فقد ترك هذا سلطة تقديرية واسعة للقضاة الشرعيين للتفاوت في تطبيق القواعد.[24]

    وقد أصدر البرلمان في 24 فبراير/شباط 1948 قانون الأحوال الشخصية للدروز، وما زال يطبق إلى الآن. ويتصدى القانون لمسائل الزواج والطلاق وحضانة الأطفال وغيرها من الموضوعات المتصلة. كما أخذت الطائفة السنية خطوة هامة في اتجاه التقنين حين أصدر المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى نظام أحكام الأسرة (المرسوم 46 بتاريخ ديسمبر/كانون الأول 2011) الذي يتناول في عدة أبواب مسائل الحضانة والنفقة الزوجية والمهر.[25] وقانون أحكام الأسرة الجديد هو التقنين السني الأول والوحيد للأحوال الشخصية في لبنان منذ قانون الأسرة العثماني لسنة 1917 المعمول به حتى الآن. وجدير بالذكر أن قانون أحكام الأسرة الجديد لا يتطرق إلى الطلاق، الذي بقي نتيجة لذلك خاضعاً للمواد القليلة الواردة في قانون العائلة العثماني لسنة 1917.

    وتجدر الملاحظة الى أن صدور القانون السني الجديد لأحكام الأسرة أعاد إثارة التساؤلات حول صلاحية البرلمان في تشريع قوانين الأحوال الشخصية المطبقة في المحاكم الطائفية، فقد قدم مجلس الوزراء للبرلمان مشروع قانون لتعديل بعض الأحكام الخاصة بالمهر ونفقة الزوجية ورفع سن الحضانة للطائفة السنية، إلا أن أحد النواب السنة اعترض لعدم جواز قيام نواب من غير السنة بمناقشة المشروع في المجلس النيابي ولاعتبار هذا الأمر تعدي على الصلاحيات التشريعية للطائفة.

    وكانت الغلبة لهذا الموقف، فتم تعديل المادة 242 من قانون تنظيم القضاء الشرعي السني والجعفري بحيث باتت قرارات المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى ـ التابع إلى مجلس الوزراء ـ المرجعية الأساسية للقضاة في المحاكم السنية. ويبين هذا التطور كيف تخلى البرلمان اللبناني عن حقه في التشريع ومنح السلطات الدينية صلاحية التشريع بدون إشراف وفي مخالفة للنظام العام والقوانين الأساسية، بما فيها الدستور والتزامات لبنان الدولية.

    وما زالت قوانين الأحوال الشخصية الشيعية غير مقننة، إنّما على خلفية شكاوى من محامين بشأن غياب التقنين، قام رئيس المحكمة الجعفرية العليا في 1994 بصياغة "دليل القضاء الجعفري"، الذي يجمع ويفسر المواد المتعلقة بقضايا الزواج والطلاق والنسب وحضانة الأطفال وغيرها من مسائل الأحوال الشخصية. إلا أن هذا الدليل غير ملزم للقضاة الجعفريين الذي يمكنهم الرجوع إلى تفسيرات ومرجعيات متعددة.

    ويزداد تعقيد عملية تشريع القوانين وتحديد مضمونها وتفسيرها بفعل منح الاعتبار لمصادر إضافية وفتاوى قانونية أجنبية وحتى بمناسبة التشريع. فعلى سبيل المثال لا تقتصر قوانين الأحوال الشخصية المسيحية على قانون الأحوال الشخصية لكنها تشمل أيضاً مجموعة قوانين الكنائس الشرقية الصادرة في 18 أكتوبر عام 1990، والقانون اللاتيني الجديد من القانون الكنسي الصادر في 25 يناير، 1983، والكتاب المقدس وكتابات الرسل وقرارات المجامع العامة والمحلية، ومراسيم البطاركة.[26] أضف إلى هذا أن اجتهادات المحاكم الروحية لا تقتصر على تلك الصادرة من محاكم لبنانية، بل تشمل ما يصدر عن محاكم أجنبية أعلى، مثل الروتا الرومانية.[27] والحال نفسه بانسبة للطوائف الإسلامية فالقضاة الجعفريين، على سبيل المثال، يتعين عليهم عند تفسير الأحكام القانونية التقيد بنطاق الفتاوى الصادرة من علماء الدين (المراجع)، وقد يكون هؤلاء من الأجانب.[28]

    معركة القانون المدني للأحوال الشخصية

    لطالما طالبت منظمات المجتمع المدني ونشطاؤها في لبنان إقرار قانون مدني اختياري للأحوال الشخصية، وقد أطلقت مجموعات حقوقية محلية عشرات من المبادرات والحملات وكانت ثمة عدة محاولات لإقرار تشريعات تكرس بالزواج المدني الاختياري، بما في ذلك في:

    1951: أضربت نقابتا المحامين كلتاهما في لبنان لمدة تقترب من 6 أشهر للمطالبة بقانون اختياري للزواج المدني واعتراضاً على القانون 2 الصادر في أبريل/نيسان 1951، الذي وسع اختصاصالمحاكم الروحيةالروحية.

    1957: قدم النائب ريمون إدة، رئيس الكتلة الوطنية اللبنانية، إقتراحاً للبرلمان لإقرار الزواج المدني في لبنان، وأيد حزبه مشروع قانون اختياري للأحوال الشخصية.[29]

    1972/1977: في 1972 قدم الحزب الديمقراطي اقتراحاً بقانون مدني للأحوال الشخصية، وفي 1977 قدم نائب الحزب الديمقراطي أوغوست باخوس مشروع قانونفي هذا المجال.[30]

    1976: تقدمت الحركة الوطنية بورقة إصلاحية تقترح قانونا اختيارياً للأحوال الشخصية.[31]

    1977: اقترح الحزب السوري القومي الاجتماعي قانوناً اختيارياً للأحوال الشخصية وقدم المقترح إلى البرلمان.[32]

    1998: قدم الرئيس إلياس هراوي مشروع قانون للزواج المدني الاختياري قوبل بمعارضة شرسة من القادة الدينيين المسيحيين والمسلمين، ثم رفض رئيس الوزراء رفيق الحريري إحالته إلى البرلمان للتصويت عليه، رغم موافقة أغلبية أعضاء مجلس الوزراء.[33]

    كما أطلقت المنظمات الحقوقية المحلية عشرات المبادرات والحملات.

    2011: قامت جميعة شمل بالاشتراك مع 14 منظمة غير حكومية أخرى بتقديم مسودة قانون مدني للأحوال الشخصية إلى البرلمان، وأيدها بعض البرلمانيين فوضعوها على جدول أعمال اللجان البرلمانية المشرتكة في 18 مارس/آذار 2011. لكنها لم تخضع للمداولة حتى مثول هذا التقرير للطباعة.

    يناير/كانون الثاني 2014: قدم وزير العدل شكيب قرطباوي مشروع قانون إلى مجلس الوزراء من شأنه منح المواطنين اللبنانيين حق عقد زيجات مدنية اختيارية بدون حجب انتمائهم الديني من السجلات، والسماح للأزواج باختيار أي قانون مدني أجنبي يتزوجون بموجبه دون الاضطرار إلى السفر للخارج، طالما لا يتنافى القانون و"النظام والآداب العامة". ولهذا الغرض يتعين على كل زوجين سداد مبلغ يعادل 333 دولار أمريكي للدولة، لحساب المحكمة الطائفية التي يتمي إليها الزوج. انتقدت منظمات المجتمع المدني اللبنيانية هذه المبادرة لعدم توافقها مع اشتراطات الدستور.[34]

    وقد أدّت الهيمنة الطائفية داخل مجلس الوزراء والبرلمان إلى عرقلة تمرير قانون مدني اختياري للأحوال الشخصي، على الرغم من هذه المبادرات، فالاعتبارات الطائفية تحدد توزيع الحقائب الوزارية ويتم انتخاب نواب البرلمان على أساس انتمائهم الطائفي كما تتمتع الهيئات الدينية بنفوذ هائل داخل مجلس الوزراء والبرلمان. ولكل طائفة مجلسها الأعلى، الذي يضم في بعض الطوائف جميع النواب البرلمانيين والوزراء السابقين والحاليين من أبناء الطائفة، وكبار مسؤولي الدولة وأعضاء مجالس النقابات المهنية، إضافة إلى القضاة الدينيين ورجال الدين.[35]


    .II المحاكم الطائفية: غياب الرقابة ونقص التدريب القضائي

    يقوم بالدور الرئيسي في تطبيق قوانين الأحوال الشخصية المتعددة في لبنان محاكم طائفية تتمتع بقدر كبير من الاستقلال عن الدولة ولا تخضع للرقاية الملائمة من قبل هيئاتها القضائية.

    وتتباين مؤهلات القضاة الدينيين فيما بين الطوائف، إلا أنها بصفة عامة لا تتضمن اشتراط حيازة إجازة في القانون، كما تستبعد عملياً المرأة من الهيئة القضائية فيما عدا الطائفتين الإنجيلية والأرمنية الأرثوذكسية. وقد أدى غياب القاضيات، والقضاة المؤهلين، ووجود قضاة غير معنيين وتنقصهم المعرفة بالتزامات لبنان الحقوقية الدولية، وعدم ملاءمة آآليات الرقابة، إلى تعرض السيدات المتقاضيات أمام محاكم الأحوال الشخصية إلى أشكال وممارساتت تمييزية ضدها؛وفي ذلك انتقاص من الحق في قضاء مستقل ومحايد كما تنص عليه المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.[36]

    وقد تنظر المحاكم المدنية أيضاً في بعض قضايا الأحوال الشخصية، فعلى سبيل المثال، يخضع المتزوجون بموجب قانون مدني، عن طريق السفر للزواج في الخارج عادة، لقوانين البلد الذي تزوجوا فيه، وتقوم المحاكم المدنية اللبنانية بتطبيق ذلك القانون إذا نشأ نزاع بين الزوجين، إلا في حال احتفل الزوجان دينياً في لبنان.

    وفي تلك الحالات تخضع الزيجة ومفاغيلها القانونية من حيث المبدأ للقوانين والمحاكم الدينية.[37] وعلاوة على هذا، إذا كان الزوجان من السنة أو الشيعة أو الدروز فإن المحاكم الخاصة بهذه الطوائف تعتبر نفسها مختصة وتطبق قوانينها في حال لجأ إليها أحد الزوجين ـ حتى إذا لم يعقدا زيجة دينية في لبنان.[38] وقد تنظر المحاكم المدنية أيضاً في جوانب تتعلق بحضانة الأطفال في حال ارتأى قاضي الأحداث أنّ الطفل مهدد بالخطر.

    هيكلية المحاكم وتعيينات القضاة ومؤهلاتهم

    للطوائف في لبنان محاكمها الخاصة وفق ما جاء في المادة 2 من القرار 60 ل.ر. التي منحت امتيازات قضائية للطوائف المعترف بها بموجب هذا القرار.

    وللمحاكم الشرعية ارتباط تاريخي بتنظيمات الدولة القضائية منذ الحقبة العثمانية، وصدرت عدة قوانين ومراسيم تشريعية عن البرلمان ومجلس الوزراء تقضي بإنشاء هيئات إسلامية عليا لكل من الطوائف المحمدية للإشراف على الشؤون الإدارية والمالية لمحاكمهم التي تمولها موازنة الدولة.

    ورغم هذا الارتباط الإداري والمال، ل هذه المحاكم هامش واسع من الاستقلالية عن الدولة التي لا تمارس عليها الرقابة الملائمة.

    أما المحاكم الروحية فهي مستقلة تماماً مالياً وإدارياً عن الدولة وتخضع بدورها لإشراف الهيئات الدينية حصراً.

    جدول 3: المحاكم الطائفية الرئيسة في لبنان

    المحاكم الطائفية

    الهيكلية

    السنية والجعفرية

    هناك 19 محكمة سنية و20 محكمة جعفرية ابتدائية مؤلّفة من قضاة منفردين وموزّعة على الأراضي اللبنانية.

    وهناك أيضاً محكمة عليا سنية وأخرى جعفرية مؤلّفة من رئيس وعضوين مركزهما بيروت وتشكّلان المرجع الاستئنافي النهائي. وتقوم الدولة بتمويل هذه المحاكم.

    الدروز

    هناك ستة محاكم ابتدائية درزية مألّفة من قضاة منفردين وموزعة على الأراضي اللبنانية.[39] وهناك أيضاً محكمة استئناف عليا مؤلّفة من رئيس وأربعة مستشارين مركزها بيروت. وتقوم الدولة بتمويل هذه المحاكم.

    الطوائف الكاثوليكية

    تتشكّل المحاكم الكاثوليكية الابتدائية من محاكم الأبرشية في كل أبرشية، خاضعة لإشراف أسقف، والمحاكم المجلسية لكل طائفة من الطوائف الكاثوليكية تشمل كافة المحافظات.وهي تتكون من ثلاثة أعضاء بالإضافة إلى مروج العدالة (للدفاع عن المصلحة العامة) والمدافع عن الروابط (ديفنسور ماتريموني، للدفاع عن الروابط الزوجية). تستمع هذه الهيئة لمرافعات البطلان، والانفصال، وحالات وضعية الأشخاص. في حالات استثنائية، تستمع الروتا الرومانية، التي تقع في الفاتيكان، للقضايا الابتدائية. هناك محاكتا استئناف، الأوىل محكمة الاستئناف المحلية لكل الطوائف الكاثوليكية التي تغطي جميع المحافظات لكل طائفة. وهذه تتكون من ثلاثة أعضاء بالإضافة إلى مروج العدالة (للدفاع عن المصلحة العامة) والمدافع عن الروابط (ديفنسور ماتريموني، للدفاع عن الروابط الزوجية) والثانية الروتا الرومانية، التي تقع في الفاتيكان، وكلاهما تستمعان لجلسات استئناف الأحكام الصادرة عن المحاكم الابتدائية. كما تستمع الروتا الرومانية لجلسات الاستئناف بحق الأحكام الصادرة عن محاكم الاستئناف المحلية. المراسيم والقرارات الصادرة عن الروتا الرومانية يمكن بدورها أن تُستَأنف أمام المحكمة العليا لتوقيع الإرشاد الرسولي. ويتم تمويل المحاكم بشكل مستقل.

    الطوائف الأرثوذكسية

    كقاعدة عامة، هناك محكمة أرثوذكسية ابتدائية في كل مطرانية برئاسة قاض واحد أو غرف ابتدائية تتألف من رئيس المحكمة وقاضيين من الأعضاء وتختلف المحاكم باختلاف المذهب الأرثوذكسي. وتتألف محاكم الاستئناف لكل مذهب أرثوذكسي من رئيس للمحكمة واثنين من كبار القضاة. تنظر محكمة الاستئناف في الطعون بالمراسيم والقرارات الصادرة عن القضاة والمحاكم الابتدائية. الأحكام والقرارات الصادرة عن محكمة الاستئناف ليست خاضعة للنقضعموماً. ويتم تمويل المحاكم بشكل مستقل

    الإنجيلية

    ثمة محكمة ابتدائية واحدة ومحكمة استئناف واحدة في لبنان تتألف كل منها من رئيس للمحكمة واثنين من كبار القضاة. كما تشمل هيئة المحكمة المستشار القانوني لسينودس العليا، الذي يقدم رأيه مكتوباً قبل انتهاء المحاكمة وقبل صدور الحكم في حالات الطلاق والحضانة والتبني، وجميع الحالات الأخرى التي تعتبرها المحكمة ضرورية. يجب أن يتقدم المستشار القانوني للحصول على إعلان بطلان من المحكمة المختصة في حضور كلا الزوجين أو التماس لتدخل أي شخص آخر. ويمكن استئناف الأحكام الصادرة عن المحكمة الابتدائية أمام محكمة الاستئناف الإنجيلية. قرارات محكمة الاستئناف نهائية. ويتم تمويل المحاكم بشكل مستقل.

    وتتمتع الهيئات الدينية بسلطة تقديرية واسعة في تعيين القضاة، إذ يعين قضاة المحاكم الروحية من جانب السلطات الروحية للطوائف المسيحية. ويجمع العديد من القضاة بين المنصب القضائي والديني. وبموجب قوانين تنظيم الطوائف، يحوز البطاركة والمطارنة والأساقفة على امتيازات قضائية كجزء من سلطاتهم، التي تتيح لهم تعيين أعضاء في السلك القضائي ومساعدين قضائيين.

    ويعين قضاة المحاكم الجعفرية والسنية بتوصية من المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى، التابع لمجلس الوزراء، بعد موافقة مجلس القضاء الشرعي الإسلامي.[40] أما مجلس القضاء الشرعي الإسلامي فيتألف من مفتي لبنان، ورؤساء المحاكم العليا، وقضاة منتدبين من النيابة العامة، ومفتشين قضائيين.

    ويعين القضاة في محاكم الدروز بناءً على توصية وزير العدل بعد التشاور مع مشيخة العقل، وهي مجلس الدروز الأعلى المكون من رئيس (شيخ العقل) ينتخبه المجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز، وأربعة مرجعيات دينية درزية يقوم هو بتعيينها، ومهمته تمثيل الطائفة الدرزية والإشراف على شؤونها والدفاع عن حقوقها وامتيازاتها.[41]

    وتتباين مؤهلات وشروط تعيين القضاة فيما بين الطوائف، إلا أن القضاة في جميع المحاكم الطائفية دون استثناء لا تشترط التدريب القضائي للتعيين كما هو حال القضاة المدنيين في لبنان. وتشترط القوانين الطائفية انتماء القاضي إلى الطائفة والشهادة له بحسن السير والسلوك، وعلى قضاة المحاكم السنية والجعفرية حيازة شهادة في العلوم الشرعية. وفي جميع الطوائف، أغلب قضاة المحاكم الدينية هم من رجال الدين ولا يحتاجون لاجازة حقوق باستثناء الطائفتين الإنجيلية والدرزية. وبعض الطوائف، بما فيها السنية والشيعية، لا تشترط سوى "الخبرة" أو الشهادات الدينية في القاضي.

    وقد أفاد محامون ممارسون أمام المحاكم وسيدات أجرت ل هيومن رايتس ووتش المقابلات معهن في سياق كتابة التقرير أن غياب تمثيل النساء في الهيئات القضائية الطائفية له تأثير سلبي في إجراءات المحاكمات.[42] وقالت الكثيرون إنهن عجزن عن مشاركة بواعث قلقهن مع القضاة بسبب حساسية وحميمية بعض القضايا. ورغم أن المرأة يمكن أن تشارك نظرياً في الهيئات القضائية في المحاكم الطائفية، إلا أن الربط بين المناصب الدينية والقضائية يستبعد السيدات بالممارسة، حيث تقتصر المناصب الدينية على الرجال في معظم الطوائف.

    جدول 4: تعيين القضاة ومؤهلاتهم

    المحاكم الطائفية

    كيفية تعيين القضاة

    المؤهلات/الشروط

    الكاثوليكية

    يعين القضاة من جانب البطريرك ومجالس الأساقفة المختصة

    يجب أن يكون عضواً في الطائفة المعنية، مشهوداً له بحسن السير والسلوك.ويكون ضليعا في القانون الكنسي

    ولا يحتاج القضاة إلى شهادة محلية في القانون.

    الأرثوذكسية

    عموماً، يترأس المحاكم الابتدائية أسقف، فيقوم بتعيين القضاة المستشارين، بينما يقوم البطريرك بتعيين أعضاء محكمة الاستئناف.[43]

    يجب أن يكون من أبناء الطائفة المعنية ومشهوداً له بحسن السير والسلوك. يمكن لرجال الدين العمل كقضاة دون الحاجة إلأى شهادة محلية في القانون، أما في غير موضع، فتنشأ الحاجة لشهادة محلية في القانون وخمس سنوات من الخبرة على الأقل.

    الإنجيلية

    يعين قضاة الإنجيليين من طرف اللجنة التنفيذية للمجمع الإنجيلي الأعلى.[44]

    يجب أن يكون في عمر 30 عاماً على الأقل، ومن أبناء الطائفة المعنية ومشهوداً له بحسن السير والسلوك. يتعيّن على رؤساء المحاكم والأعضاء ممن لا يحمل شهادة محلية في القانون الخضوع لاختبار قبل العمل كقضاة. يتعين على قاضٍ واحد على الأقل في كل لجنة محكمة أن يكون حاصلاً على شهادة محلية في القانون.

    السنية

    يعين القضاة بناءً على توصية المجلس الشرعي الأعلى، بعد موافقة مجلس القضاء الشرعي.[45]

    يجب أن يكون لبنانياً ومن أبناء الطائفة المعنية وعمره 25-48 ومشهوداً له بحسن السير والسلوك.

    ويجب أن يحمل شهادة في العلوم الشرعية. وأن يجتاز اختباراً يعدّه المجلس القضائي الإسلامي. وتكفي "الخبرة" أو الشهادات الدينية كمؤهلات للتعيين، بدون اشتراط شهادة في القانون.

    الجعفرية

    يعين القضاة بناء على توصية المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى، بعد موافقة مجلس القضاء الشرعي.

    يجب أن يكون لبنانياً ومن أبناء الطائفة المعنيةومشهوداً له بحسن السير والسلوك.

    ويجب أن يحمل شهادة في العلوم الشرعية. وأن يجتاز اختباراً يعدّه المجلس القضائي الإسلامي. وتكفي "الخبرة" أو الشهادات الدينية كمؤهلات للتعيين، بدون اشتراط شهادة في القانون.وتكفي "الخبرة" أو الشهادات الدينية كمؤهلات للتعيين، بدون اشتراط شهادة في القانون.

    الدرزية

    يعين القضاة بناء على توصية وزير العدل بعد التشاور مع مشيخة العقل.[46]

    يجب أن يكون من أبناء الطائفة المعنية ومشهوداً له بحسن السير والسلوك.

    ويجب أن يحمل شهادة في القانون.

    غياب آليات الرقابة الملائمة

    رغم وجود بعض الآليات الداخلية للرقابة على عمل القضاة في المحاكم الدرزية والسنية والجعفرية، إلا أن المحامين الـ11 الذين تحدثوا مع هيومن رايتس ووتش شددوا على انعدام فعاليتها.[47] وبالمثل فإن الآليات الرقابية على المحاكم الروحيةالروحية هي أيضاً غير ملائمة.

    وتشوب آآليات الرقابة قلّة الموارد البشرية وضعف التدريب وانعدام استقلالية المفتشين. فعلى سبيل المثال، في المحاكم الجعفرية والسنية يتم تعيين المفتشين من داخل مجلس القضاء الشرعي الإسلامي الأعلى، ووظيفة التفتيش ليست وظيفة مكرسة بدوام كامل.

    كما تفتقد الآليات الرقابية في المحاكم الروحيةالروحية إلى الاستقلالية ، حيث أنّ للسلطات الدينية المسؤولة عن تنفيذها هي نفسها التي تعين قضاة تلك المحاكم.

    جدول 5: آآليات الرقابة

    المحاكم الطائفية

    آليات الرقابة

    الكاثوليكية

    يقوم مجمع أساقفة الكنيسة البطريركية باختيار أحد أعضائه، في اقتراع سري، لولاية مدتها 5 سنوات بصفة المشرف القضائي العام، وله سلطة التفتيش على المحاكم وتنحية القضاة.

    الأرثوذكسية

    يدرس البطريرك طلبات تنحية أو عزل رئيس محكمة الاستئناف. ويدرس رئيس محكمة الاستئناف طلبات تنحية أو عزل قضاتها. وتدرس محكمة الاستئناف طلبات تنحية أو عزل رؤساء المحاكم الابتدائية. ويدرس مطران الأسقفية طلبات تنحية أو عزل من يعينهم من القضاة.

    الإنجيلية

    تقوم لجنة الرقابة على المحاكم، برئاسة رئيس المجلس الأعلى للطائفة الإنجيلية في سوريا ولبنان وبعضوية المستشارين القانونيين في سوريا ولبنان، بمراقبة أعمال المحاكم الإنجيلية.

    "تصدر اللجنة تعليماتها إلى المحاكم بأفضل السبل لإجراء أعمالها.

    تتلقى اللجنة كافة الشكاوى من القضاة أو من إجراءات المحاكم، وتدرسها وتحقق فيها وتتخذ الإجراءات اللازمة.

    ترفع اللجنة تقريراً إلى اللجنة التنفيذية لأعمال المحاكم بتوصيات لإدخال تحسينات حسب الحاجة.

    تفحص اللجنة جدارة رؤساء المحاكم وأعضائها قبل التعيين.

    تراقب اللجنة تحديد الرسوم والنفقات وتعديلها من جانب المحاكم، بعد التشاور مع رؤساء المحاكم.

    تتلقى اللجنة نسخاً من الموازنات السنوية للمحاكم للتعليق والمشورة.

    وللجنة الحق في الطعن على أي حكم نهائي صادر من محكمة روحية إنجيلية لصالح الطائفة وسمعتها، وفي سبيل إعلاء القانون، في غضون المهلة المحددة للاستئناف، محسوبة من تاريخ إخطار اللجنة بتلك الأحكام والقرارات".[48]

    السنية والجعفرية

    يتم تعيين أحد أعضاء مجلس القضاء الشرعي الأعلى بصفة مفتش بمرسوم وزاري بعد التشاور مع المجلس.

    ويقوم المفتشون بتقديم تقارير شهرية لمجلس القضاء الشرعي الأعلى وله الحق في التوصية بعقوبات تأديبية وغير ذلك من الإجراءات المناسبة. وينظر مجلس القضاء الشرعي الأعلى في المسائل التأديبية للقضاة وغيرهم من الموظفين استناداً إلى تقارير المفتشين.

    الدرزية

    يتم التفتش على المحاكم الدرزية من جانب قاض درزي، يعين بمرسوم بعد توصية من وزير العدل وموافقة مشيخة العقل. ويقدم المفتش تقاريره إلى وزير العدل ومشيخة العقل. ويقوم وزير العدل مع مجلس تأديبي بتقييم العقوبات، وتعمل محكمة الاستئناف بمثابة مجلس لتأديب القضاة والقضاة المساعدين. ويتألف المجلس التأديبي لقضاة الاستئناف من 3 قضاة يعينون بمرسوم، بعد موافقة وزير العدل والتشاور مع مشيخة العقل.

    ويتم التفتيش على كل محكمة مرة واحدة على الأقل سنوياً، فيراجع المفتش كافة أعمالها ويقدم تقريراً إلى وزير العدل ومشيخة العقل. علاوة على هذا، يجوز لمشيخة العقل أن تطلب من وزير العدل التفتيش على محاكم الدروز إذا وجدت ضرورة لذلك وللتوصية بعقوبات تأديبية. وإذا وجد وزير العدل أن التصرفات الموصوفة في التقرير تستلزم عقوبات تأديبية فإنه يوصي بإحالة القضاة والقضاة المساعدين إلى مجلس التأديب. أما العقوبات التي لا تتطلب الإحالة إلى مجلس التأديب فإنها تخضع لتقييم وزير العدل.

    مثال على ذلك، أفاد أحد المحامين الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش سبق أن ترافع عن أحد الأطراف في قضية تفريق أمام محكمة بيروت السنية، إنه تلقى تبليغاً بصدور حكم على موكله في قضية نفقة زوجية بعد اختتام محاكمة لم يعلم بها،ولم يحضرها.[49] تقدم المحامي بشكوى ضد القاضي لدى هيئة التفتيش المختصة (انظر الجدول 5 "آليات الرقابة") إلاّ أنّه وحتى تاريخ كتابة هذا التقرير مر أكثر من عام دون اتخاذ إجراء. أضاف المحامي أن القاضي استدعاه إلى مكتبه لتوبيخه على الشكوى وعلى تضييع وقته فيها.

    وقد عجز محامو الأحوال الشخصية الذين تحدثوا مع هيومن رايتس ووتش جميعاً عن ذكر أي إجراء اتخذ ضد قاض بسبب الخطأ المهني.[50] وقالوا جميعاً أن السبب الأول فيعود الى كون الجهات المسؤولة عن ممارسة هذه الرقابة وإنزال التدابير اللازمة بحق القضاة المهملين مؤلّفة بأغلبيتها من رجال دين وقضاة دينيين حريصين على "سمعة" زملائهم والتي في الحقيقة ليست سوى سمعة الطائفة في آخر المطاف.

    حدود رقابة محكمة التمييز على المحاكم الطائفية

    ويعود لمحكمة التمييز اللبنانية، أرفع المحاكم المدنية بصفتها محكمة حل الخلافات، النظر بمدى احترام أحكام الأحوال الشخصية للنظام العام وقوانين الدولة الأساسية لمحكمة التمييز هي. ومع ذلك، لطالما حصرت رقابتها على الأصول الشكلية دون مضمون الأحكام.[51] وقد استقرّ اجتهادها على اعتماد المفهوم الضيق للنظام العام والذي لا يشمل إلاّ قواعد أصول المحاكمات الضامنة لحق الدفاع، مستثنية من رقابتها مدى توافق مضمون أحكام الأنظمة الطائفية لجهة الأساس مع حقوق الفرد الأساسية.

    إلاّ أنّ امحكمة التمييز قد سجلّت في الأونة الأخيرة خطوة إيجابية على هذا الصعيد. بتاريخ يوليو/تموز 2009، أصدرت محكمة التمييز قراراً قضى برد اعتراضات الطوائف على قرارات قضاء الأحداث المدني الآيلة الى اتخاذ تدابير حماية بناءً على القانون رقم 422 الآيل إلى حماية الأحداث المخالفين للقانون أو المعرضين للخطر وذلك بالرغم من تعارضها في بعض الاحيان مع الاحكام الصادرة عن المحاكم المذهبية أو الشرعية كاتخاذ قرار بابقاء طفل في رعاية والدته رغم انتقال حق الولاية الى الوالد بحكم شرعي. وقد استند القرار الى مفهوم "الطفل المهدّد" وما يحمله هذا المفهوم من توسع في القراءة والاجتهاد، فكرّس لأول مرة نظام عام جوهري يتعدّى الاصول البحتة، ويلعب دور الرادع أمام أنظمة الأحوال الشخصية الطائفية فينكر الاعتراف وإعطاء المفاعيل المدنية لأي حكم ديني يتعارض وإيّاه، أساسه حماية الطفل ومصلحته وذلك بعد أن كانت الهيئة قد استمرّت لسنوات عديدة برد كل المطالب الآيلة الى مراقبة مضمون الأحكام الدينية.[52] .

    وقد كان لهذا الحكم أثر إيجابي وإن كان محدوداً، كما استحث بعض القضاة في مختلف المحاكم الطائفية على إيلاء الاعتبار لمصالح الطفل الفضلى في قضايا الحضانة أمام المحاكم الدينية (انظر قسم تجاوز القضاة السن القانون لحضانة الأم أدناه).

    الحواجز المالية الحائلة دون الولوج إلى المحاكم الطائفية ونقص في المساندة القانونية وقلّة المحامين المدربين

    قال جميع المحامين العاملين أمام المحاكم الروحية ممن أجريت معهم المقابلات لـ هيومن رايتس ووتش إن ارتفاع التكاليف المالية للوصول إلى محاكم الأحوال الشخصية هو عقبة جدية أمام االولوج إلى القضاء.[53]

    وتتمتع المحاكم الروحية، على عكس المذهبية والشرعية، باستقلال تام عن الدولة، مما يمنحها حرية تحديد الرسوم القضائية المفروضة على المتقاضين مما يجعلالرسوم القضائية أمام المحاكم الروحية باهظة القيمة مقارنة بالرسوم المتوجبة أمام المحاكم المذهبية والشرعية وتشكل رادعاًبوجه المتقاضين.

    فعلى سبيل المثال، يبلغ متوسط رسم تقديم دعوى البطلان في المحاكم الكاثوليكية مليون ليرة لبنانية (660 دولار أمريكي)، مع رسم إضافي قدرع 325 ألف ليرة (217 دولار) لكل سبب إضافي للبطلان.[54] والرسم المتوسط لقضايا النفقة هو 325 ألف ليرة (217 دولار) بينما تبلغ رسوم دعاوى الحضانة 275 ألف ليرة (190 دولار) في المتوسط. ويضاف إلى هذا ارتفاع أتعاب المحاماة في الدعاوى أمام المحاكم الروحية حيث يمكن أن تصل مجمل تكاليف دعوى البطلان غلى ما لا يقل عن 8000 دولار أمريكي بحسب محامين يترافعون أمام المحاكم الروحية.[55]

    ورغم أن الحواجز المالية قد تخفف جزئياً عن طريق قرار المحكمة استفادة الأطراف المعسرة من معونة قضائية بناءً على شهادة فقر حال يمنحها القس المحلّى، ، أو عن طريق سلطة المحكمة في انتداب محامين لتمثيلهم دون مقابل، إلا أن هذه الإعفاءات لا تغطي جميع النفقات المتوجبة وتخضع لاستنسابية القاضي، بحسب المقابلات التي أجرتها هيومن رايتس ووتش.

    غادرت بريجيت، وهي مسيحية كاثوليكية في الخمسين وأم لثلاثة بنات، منزلها وذهبت للإقامة مع عائلتها حين اعتدى زوجها عليها. وبعد عامين من رحيلها، قالت لـ هيومن رايتس ووتش إنها تجاهد للعيش براتبها الشهري البالغ 750 ألف ليرة لبنانية (500 دولار أمريكي) ورعاية بناتها، وإنها لم ترفع دعوى بطلان ع أمام المحاكم الروحية لأنها لا تملك تكاليف المحكمة والقسط الأول من أتعاب المحامين.[56]

    أما هالة، وهي سيدة سنية، فقد تزوجت في الكنيسة الكاثوليكية، وعاشت مع زوجها 23 عاماً ولم تعمل خارج المنزل. وقد قالت لـ هيومن رايتس ووتش إن زوجها، الذي كان يتحكم بمدخول الأسرة المالي ، كان يضربها ويهينها باستمرار، وأخيراً تركته بعد أن عرض عليها والدها وظيفة. لم تتقدم بدعوى الحصول على نفقة زوجية بما أنها ستضطر لدفع ما يقارب 3 ملايين ليرة (2000 دولار أمريكي) بما فيها أتعاب المحاماة، في مقابل الحصول على حكم بنفقة شهرية قدرها 300 ألف ليرة (200 دولار)، فما الفائدة؟ بحسب تساؤلها.

    ولتجنب دفع ما قد يصل إلى 15 ألف دولار من تكاليف المحكمة وأتعاب المحاماة في المحكمة المارونية بدون ضمان الحصول على البطلان، وافقت هالة على التنازل عن حقوقها المالية مقابل موافقة زوجها على تبديل مذهبهما ليحصلان على الفسخ أمام المحكمة الآشورية، وهي محكمة روحية أخرى معاييرها أكثر تساهلاً لدجهة إنهاء للزواج.[57]

    ورصدت هيومن رايتس ووتش أثناء إجراءات المحاكمة ووفق ما قال بعض من أجريت معهم المقابلات، أنّ السيدات المتقاضيات في دعاوى الأحوال الشخصية تواجهن غياب المساعدة القانونية وغيرها من أنواع المساعدة التي هن بأمس الحاجة إليها.[58]

    وتقتصر مساعدة وزارة الشؤون الاجتماعية على توفير خطوط ساخنة للنساء بغية طرح أسئلة أساسية وتلقي معلومات عن الخدمات المتاحة من المنظمات غير الحكومية. ولا تقوم تلك الخطوط الساخنة بتقديم المشورة القانونية، كما أن الوزارة غير مزودة بالطاقات البشرية والموارد اللازمة لتوفير الدعم للسيدات أمام المحاكم. أما نقابتا المحامين عن طريق وزارة العدل، من جانبهما، لا تقدمان مساعدات قانونية للمتقاضين في قضايا الأحوال الشخصية، وتفتقر المنظمات غير الحكومية للموارد اللازمة لتقديم المساعدات أو القانونية أو العمل الاجتماعي أو الاستشارات التي تحتاجها السيدات للتوصل لحلول عادلة في قضاياهن.

    وقد أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع 11 محامياً و20 من أصحاب المهن القانونية المساعدة ومن النشطاء العاملين في منظمات غير حكومية معنية بحقوق المرأة والإنسان، وكشف من أجريت معهم المقابلات عن غياب المؤهلات المهنية لدى بعض المحامين العاملين أمام المحاكم الدينية.[59] ففي الطوائف الكاثوليكية على سبيل المثال يجوز للمحامين ممارسة المحاماة بدون شهادة في القانون إذا حملوا شهادة في القانون الكنسي الكاثوليكي.[60] وفي المحاكم الابتدائية السنية والجعفرية، يجوز لأحد أقارب المتقاضية الذكور أن يمثلها شريطة سماح القاضي بذلك.[61]

    وتتأثر المرأة بصفة خاصة بغياب المحامين المؤهلين لأن التحديات التي تواجهها أمام المحاكم الطائفية بسبب التشريعات التمييزية تتطلب منها في كثير من الأحيان متابعة حجج قانونية أكثر تعقيداً وصعوبة لحماية حقوقها الأساسية.

    وقد قال مستشارون قانونيون حقوقيون ونشطاء يعملون في منظمات غير حكومية معنية بحقوق المرأة والإنسان لـ هيومن رايتس ووتش أن المحامين ذوي الخبرة وأصحاب المبادئ، المدربين جيداً وخاصة من العاملين في المنظمات غير الحكومية المعنية بحقوق المرأة، يترددون كثيراً في قبول قضايا الأحوال الشخصية أيا كان نوع القضية أو الطرف الذي يترافعون عنه، نظراً لغياب الضمانات الأساسية لحقوق الإنسان في المحاكم الطائفية وفي ظل قوانينهاو نظراً لهامش الإستنسابية الواسع الذي يتمتع بها القضاة في المحاكمالطائفية مقارنة مع المحاكم المدنبية، بحسب قولهم، ويكون القضاة في معظم الحالات من رجال الدين المفتقرين إلى التدريب القضائي.

    III . انعدام المساواة في قوانين الطلاق

    يكفل القانون الدولي لحقوق الإنسان مساواة المرأة داخل الأسرة، في بداية الزواج وأثناءه وعند حله.

    وقد وجدت هيومن رايتس ووتش أن قوانين الأحوال الشخصية والمحاكم لدى جميع الطوائف في لبنان تميز ضد المرأة لجهة حقها في إنهاء الزواج،وذلك استناداً إلى مراجعتنا لـ447 قضية أمام المحاكم، ولـ 72 مقابلة مع محامين وقضاة وأخصائيين اجتماعيين ونشطاء لحقوق المرأة وسيدات واجهن التمييز في قضايا الأحوال الشخصية.

    وقد قامت كل سيدة من ال27 اللواتي أجريت معهن المقابلات، ممن حاولن إنهاء زيجاتهن أو كافحن من أجل نفقة الزوجية أو للاحتفاظ بأطفالهن، بوصف الأثر السلبي الذي تركته قوانين الأحوال الشخصية وإجراءات المحاكم على حياتهن.

    ففي 14 من الحالات، وصفت سيدات كيف تم استضعافهن أو التمييز ضدهن أثناء إجراءات الطلاق بسبب مضمون قوانين الأحوال الشخصية. [62] وفي سبعة حالات قالت سيدات لـ هيومن رايتس ووتش إنهن لم تلجأن إلى المحاكم الطائفية لإنهاء زواجهن لعجزهن عن تأمين تكاليف القضايا أو خوفاً من فقدان أطفالهن. [63] وفي أربع حالات قالت السيدات إنهن عانين من إساءات بدنية ونفسية لعدة سنوات، ولم تترك اثنتان منهن المنزل الزوجي إلا عندما بلغ أطفالهن سن الرشد، بغية تجنب التنازع عليهم أو فقدانهم. [64]

    وقد أكدت مراجعة هيومن رايتس ووتش لـ243 قضية متعلقة بإنهاء الزواج أمام المحاكم أن السيدات تتعرضن لتمييز ممنهج، إما بسبب مثالب وموانع تمكنهن من إنهاء الزواج أوقبات تعترضمسار التقاضي أو تحملهن أعباء مالية أو أو تفقدهن حضانة أطفالهن أو حقوقهن المالية.

    كما وجدت هيومن رايتس ووتش أن قوانين لبنان ومحاكمه تميز بين السيدات من مختلف الطوائف في قضايا الأحوال لاشخصية.

    فالسيدات المتقاضيات إلى المحاكم الجعفرية والسنية والدرزية تتمتعن بقدرة أكبر على إنهاء زيجاتهن من المسيحيات، إذ لا يمكن للمسيحيات والمسيحيين إنهاء زواجهم إلا في ظروف جد محدودة نصفها لاحقاً في هذا التقرير. ورغم أن القوانين المسيحية أشد تقييداً بصفة عامة في تناولها للطلاق بالنسبة للزوجين، إلا أن المسيحيات تواجهن عقبات إضافية تزيد عما يواجهه الرجال عند محاولة إنهاء زيجاتهن بسبب ارتفاع رسوم المحاكم والمحاماة، ونقص تدابير الحماية من الإساءة البدنية والعاطفية، وانعدام المساواة في القوانين التي تحدد مسؤوليات الحراسة ومقر إقامة الأطفال.

    علاوة على هذا، تتمتع السيدات أمام المحاكم السنية والدرزية بقدرة أكبر على إنهاء زيجاتهن مما أمام المحاكم الجعفرية نظراً لقدرتهن على رفع دعاوى التفريق. وقد راجعت هيومن رايتس ووتش 87 قضية تفريق ناجحة أمام المحاكم السنية، رفعتها سيدات في 75 بالمئة من الحالات. أما المحاكم الجعفرية فلا تعترف بالتفريق، ولا تستطيع المرأة أمامها إنهاء زيجتها إلا إذا تم تفويضها ذلك صراحةً في عقد الزواج، أو عندما يطلقها الزوج من طرف واحد، أو يوافق على الخلع الذي يتعين على المرأة بموجبه التنازل عن بعض حقوقها المالية أو كلها.

    الطوائف الشيعية والسنية: حق المرأة المشروط مقابل حق الرجل المطلق في الطلاق

    الزواج تعاقد، بموجب قوانين الأحوال الشخصية الشيعية والسنية والدرزية في لبنان، ويمكن إنهاؤه بالطلاق.

    إلا أن القواعد المنظمة لإنهاء الزواج، وخاصة لدى السنة والشيعة، تميز ضد المرأة عن طريق تقييد قدرتها على إنهاء زواجها. أما الرجال فهم يملكون حقاً مطلقاً في إيقاع بالطلاق بإرادتهم المنفردة، بسبب أو من غير سبب، وخارج إطار المحكمة. [65] ويتسم وصول سيدات الدروز إلى الطلاق بالتقييد أيضاً وقد يخاطرن بفقدان حقهن المالي، بينما يمكن لرجال الدروز الحصول على الطلاق، بسبب أو من غيره، إنّما شرط إيقاعه أما قاضي المذهب. [66]

    أما حق السيدة السنية أو الشيعية أو الدرزية في حل عقدة زواجها فينحصر في الظروف الآتية:

    العصمة أو تفويض المرأة الطلاق: العصمة هي حق المرأة في الطلاق بموجب قوانين الأحوال الشخصية السنية يرادفه تفويض المرأة ذلك بالنسبة للطائفة الشيعية. وفي كلا الحالين، يقتضي أن يتضمن العقد بنداً صريحاً بذلك. وللمرأة التي تعقد زواجاً سنياً أن تتمع حصرياً بحق إيقاع الطلاق، والمقصود هنا أن الرجل يتنازل كلياً عنه.

    التفريق: بموجب قوانين الأحوال الشخصية السنية والدرزية، يشير التفريق إلى حل عقدة الزواج بحكم قضائي بناءً على طلب أحد الزوجين ولأسباب يحددها ويحصيها القانون. ويجوز للزوجة ممارسة حقها في طلب التفريق من المحاكم السنية والدرزية ـ أما المحاكم الجعفرية فلا تعترف بالتفريق. ولطلب التفريق، يتعين على المحكمة التثبت من وجود أسباب محددة يحصيها القانون (انظر أدناه).

    الخلع أو المخالعة: ختم نصف قضايا التفريق أمام المحاكم السنية والتي راجعتها هيومن رايتس ووتس بإنهاء الزيجة عن طريق المخالعة. وفي ظل الخلع تتحرر الزوجة من رباط الزوجية في مقابل تعويض. وفي تلك الحالات تتنازل الزوجة عن بعض أو كل حقوقها المهرية والنفقة الزوجية، بل قد تدفع أحياناً مبلغاً مالياً للزوج لإنهاء الزيجة في حال عدم توفرالشروط المعددة خصراً في القانون للحصول على التفريق. وتسمح المحاكم السنية والجعفرية جميعها بإنهاء الزواج عن طريق الخلع.

    "الطلاق الحاكم": يمكن للمرأة الشيعية أيضاً إنهاء زواجها من خلال "الطلاق الحاكم"، وهو يتطلب حصول المرأة على قرار من مرجع ديني شيعي بتطليقها من زوجها. ويتعين بعد ذلك تثبيت هذا القرار محكمة جعفرية. [67]

    العصمة: مباحة قانوناً ومرفوضة اجتماعياً

    يجوز للسيدات اللواتي يعقدن زواجاً شيعياً أو سنياً من حيث المبدأ ضمان حق متساو بللطلاق عن طريق إدراج العصمة في عقود زواجهن أو تفويضهن ذلكا. لكن بالممارسة، نادراً ما يحدث هذا في مجتمع يعتبر الطلاق حقاً حصرياً للرجال. ومن بين السيدات المسلمات الـ14 اللواتي أجرت معهن هيومن رايتس ووتش مقابلات، لم تدرج واحدة هذا الخق في عقد زواجها. [68]

    "عاداتنا لا تسمح بهذا، كيف أطلب شيئاً كهذا .. وكأن زوجي ليس رجلاً!" كما قالت نور، 31 سنة ووالدة لثلاثة أطفال. بدأ زوج نور، الذي تزوجته بموجب القانون السني، يضربها ويهينها لفظياً منذ السنين الأولى من الزواج. [69]

    وفي أحكام الطلاق الـ150 الصادرة من محاكم جعفرية وسنية والتي راجعتها هيومن رايتس ووتش، صدر ثلاثة فقط بناء على ممارسة الزوجة لحق العصمة أو حقها بإيقاع الطلاق.

    وقد قال ثلاثة محامين يقدمون للأزواج المشورة في عقود الزواج الشيعية والسنية قا لـ هيومن رايتس ووتش أن المسألة كثيراً ما يؤدّي إلى تخاصم بين المقبلين على الزواج، ولا يتردد أقارب الرجل في التدخل لمنعه من "الاستسلام" لرغبة المرأة في مقاسمته حق الطلاق. [70] كما قالوا إن الأمر وصل في بعض الأحيان لدرجة فسخ الخطبة والقرار بالرجوع عن الزيجة.

    التفريق والخلع: حل باهظ الكلفة

    تعترف المحاكم السنية والدرزية ولكن ليس الجعفرية بالتفريق كوسيلة لحل عقدة الزواج إذا قامت أسباب معينة للحل. ويتمتع القاضي في المحكمة السنية، بمعونة اثنين من المحكمين اللذين تعينهما المحكمة في حالات الشقاق الزوجي، بسلطة تقديرية لتحديد درجة المسؤولية الواقعة على كل من الزوجين في دعاوى التفريق، والحقوق المالية المترتبة لكل طرف.

    وبموجب أحكام قانون العائلة العثماني السارية حتى الآن أمام المحاكم السنية، [71] وقانون الأحوال الشخصية للدروز، [72] يجوز للمرأة طلب التفريق حينما:

    • عدم إنفاق الزوج عليها، أو
    • عدم إمكان المقاربة بسبب العجز أو المرض المعدي أو الجنون، أو
    • للغيبة المنقطعة، أي ابتعاد الزوج عن المنزل الزوجي مدة طويلة نسبياً لداعي السفر أو بسبب الفقدان أو ا لحبس؛
    • ويزيد قانون الأحوال الشخصية للطائفة الدرزية ارتكاب الزوج لجرم الزنا كسبب إضافي يمكن للمرأة طلب التفريق على أساسه. [73]

    علاوة على هذا فإن لأي من الزوجين الحق في طلب التفريق بسبب "الشقاق والنزاع" أو "الأذى الناتج عن سوء العشرة من قبيل الاعتداء والإهانة أو الإجبار على إتيان المحرمات أو إتيانها". [74] وبحسب أحد قضاة السنة، تظل تلك القضايا معلقة من 12 إلى 18 شهراً قبل أن ينطق القاضي بحكم التفريق. [75] وبحسب هذا القاضي، يقصد بهذا إتاحة وقت للزوجين للتصالح قبل اتخاذ قرار نهائي بإنهاء الزيجة.

    في الوقت الذي يحق فيه بموجب قانون الأحوال الدرزي أن يطلب الزوجان من القاضي إنهاء زواجهما بناء على اتفاق متبادل، [76] فبانسبة للسيدات السنة والدروز، غالباً ما يكون التفريق هو الوسيلة الوحيدة المتاحة لهن لإنهاء زيجاتهن من طرف واحد، فمن بين 87 حكم تفريق راجعتها هيومن رايتس ووتش، كانت الدعوى مرفوعة من سيدة في 64 حالة. وفي الحالات الـ23 التي رفع فيها الرجل دعوى التفريق، كان غرضه هو محاولة إنقاص المسؤولية الواقعة عليه ومن ثم التزاماته المالية، خاصة حين يبلغ المهر المؤجل الواجب تأديته عند الطلاق مبلغاًكبيراً. [77]

    والأسباب المنصوص عليها لطلب التفريق من جانب الزوجة يمكنها أن تترك السيدات، وأطفالهن أحياناً، معرضين لخطر العنف والإساءة.

    وقد قال محام تستعين به جمعية محلية لمساعدة السيدات الماثلات أمام المحاكم الطائفية إنه كان يترافع عن سيدة طلبت التفريق من المحكمة السنية لأنها اكتشفت تحرش الزوج ابنتهما جنسياً. [78] وتسببت القضية في إرباك القاضي بما أن الأسباب التي يحصرها القانون للتفريق لا تشمل التحرش الجنسي بالأطفال. ونتيجة لهذا كان عليه التثبت من وجود شقاق ونزاع زوجي لمدة محددة قبل الحكم بالتفريق. واستغرق الأمر أكثر من عام كي تحصل السيدة على قرار التفريق، الذي حررها هي وابنتها من الزوج.

    وفي قضايا التفريق للشقاق والنزاع، تمنح المحاكم الأولوية للعمل على التصالح بين الزوجين. فإذا فشلت هذه المساعي، يقوم القاضي بتعيين حكمين، وعادة ما يكونا من موظفي المحكمة، [79] المكلفين بمقابلة الزوجين على حدة، وتحديد أسباب الشقاق، ثم إعداد تقرير يوضح درجة المسؤولية التي يتحملها كل منهما عن فشل الزيجة. وبناء على هذا يصدر القاضي حكمه على أساس المادة 343 من القانون المنظم للمحاكم الشرعية الإسلامية. [80]

    ورغم أن تحديد المسؤولية له أثر كبير في الحقوق والالتزامات المالية للطرفين، إلا أن العملية تفتقد الشفافية والضمانات الأساسية لسلامة الإجراءات، بما فيها الحق في الطعن على تقرير الحكمين. [81] ويقوم قضاة المحاكم السنية بتطبيق ما توصل إليه الحكمان بشأن المسؤولية من خلال إصدار الحكم بدون تعليل قانوني، مع مجرد ملاحظة تفيد بـ"وروده في محله الشرعي والقانوني". [82] كما أن القاضي غير ملزم بتقدير الحكمين للمسؤولية ويمكنه تغيير اللوم الواقع على أي من الطرفين بسلطته التقديرية وبدون تقديم أسباب.

    وتبين مراجعة هيومن رايتس ووتش لقضايا التفريق أن السيدات تحملن المسؤولية أكثر من الرجال في الغالبية الساحقة من الحالات. وتحدي الحصول على حكم إيجابي في قضايا التفريق، وطول أمد الإجراءات التي تلزم خلالها السيدة منزل الزوجية، يعنيان أن تختار الكثيرات تخطي أي تحديد للمسؤولية والمضي مباشرة إلى طلب الخلع، الذي يلزمهن بالتنازل عن حقوقهن المالية.

    ومن بين قضايا التفريق الـ87 التي تمت مراجعتها، سعى القضاة إلى تحديد المسؤولية في 41 قضية، وتنازلت السيدات عن حقوقعن في الـ46 الباقية. ومن بين تلك القضايا الـ41، لم تقع المسؤولية الكاملة على الزوج إلا في حالة واحدة عند تثبت القاضي من "إصابته بعدوى فيروس نقص المناعة/الإيدز بسبب علاقاته الشاذة". [83] وفي بقية القضايا الـ40، وجدت المحكمة على السيدات مسؤولية جزئية، حتى في حالات العنف أو الضرر الأسري، فوجدت إحدى المحاكم أن الزوج مسؤول بنسبة 75 بالمئة رغم اعتدائه بالضرب على زوجته بما يتجاوز حدود التأديب التي أباحها الشرع. [84] وفي قضية أخرى حكمت المحكمة بأن الزوج "أطلق يده فتعدى في تأديب المدعية" إلا أن الزوجة تحملت بقية المسؤولية لأنها قابلته "بسوء المقال من اللفظ والشتم". [85]

    ويعكس الحكم أنه حتى حينما تحقق المرأة شروط التفريق فإن المحكمة تلزمها في المعتاد بالتنازل عن بعض حقوقها المالية، وتكون أسباب المسؤولية في كثير من الأحيان تعسفية وتمييزية. وفي كل قضية من الـ40 التي راجعتها هيومن رايتس ووتش وقامت فيها المحاكم بتحميل المسؤولية للزوجين معاً، فقدت السيدات ما لا يقل عن 20 بالمئة من حقوقهن في المهر في التسوية النهائية.

    ففي إحدى هذه القضايا أعلن القاضي أن استعداد الزوجة "للمخالعة على حقوقها ودفع جزء من المصاريف" هو دليل "على أن المسؤولية تقع على عاتقها بشكل أكبر"، وهذا رغم أن الحكمين قررا وقوع المسؤولية مناصفة بين الزوجين. [86]

    وفي قضية أخرى أيدت المحكمة السنية العليا حكم المحكمة الابتدائية الذي حمل الزوجة المسؤولية بالمناصفة، بعد أن حدد الحكمان مسؤوليتها بـ25 بالمئة، " جزاءً لتعاطيها الإتصالات على صفحة الفايسبوك مع الأغيار وبأنّ ذلك لا يليق بالمحجّبات". [87]

    وفي قضايا التفريق الـ46 التي تخلت فيها السيدات عن حقوقهن المالية في مقابل الطلاق، لم تقم المحكمة بتعيين الحكمين أو بتقييم مسؤولية الزوجين، بل حكمت بالتفريق في مقابل تنازل الزوجة عن حقوقها في مؤخر الصداق والنفقة. [88]

    وبناءً على مراجعة قضايا التفريق والمقابلات مع سيدات طلبن التفريق، تنازلت السيدات عن حقوقهن في نسبة مرتفعة من القضايا جزئياً بسبب الآماد الطويلة التي ينطوي عليها تقييم المسؤولية، واشتراط بقاء السيدة في منزل الزوجية طوال مدة الإجراءات القضائية، وبسبب التحديات العامة التي تواجهها السيدات في قضايا التفريق ـ بما فيها تأمين الأتعاب القانونية للمحامين وتقديم أدلة كافية تثبت مسؤولية الزوج.

    التنازل عن الحقوق المالية: حكاية أمينة

    وقد شرحت لنا أمينة، وهي مسيحية فلسطينية وأم لأربعة أطفال، اعتنقت الإسلام للزواج من زوج سني بموجب قوانين الأحوال الشخصية السنية، أسباب تنازلها عن حقوقها المالية أثناء قضية التفريق رغم أن زوجها كان يسيء إليها أثناء الزواج. قالت أمينة إنها بدأت العمل كمستخدمة صف سيارات ومنظفة بالمنازل في منطقتها للمساعدة في إعالة أسرتها والادخار لتعليم ابنتها. واحتدم الخلاف مع زوجها، الذي كان يريد مقاسمتها مكاسبها، لدرجة تدخل الشرطة في عدة مناسبات، بما فيها مرة دخلت فيها المستشفى بعد اعتداء الزوج عليها بالضرب.

    وقد تم توثيق هذه الأحداث في محاضر طبية ومحاضر للشرطة على الشواء، وتقدمت أمينة أخيراً لطلب التفريق.

    وبعد أن رفض الزوج في البداية استدعاء المحكمة، مثل أمام القاضي وطلب في مقابل مخالعة زوجته أن تبرئه من حقوقها المالية كافة، بما فيها السيارة التي اشارتها وسجلتها باسمها، وحليها وأثاث المنزل وممتلكات أخرى. كما رفض المساهمة في مصاريف أطفاله المدرسية أو الجامعية، وطالب بأن يقيموا معه. قالت أمينة إن القاضي لم يتدخل رداً على هذا إلا لنصحها بأن تقبل الشروط وتوافق على الخلع، بدلاً من متابعة قضية التفريق التي قد تطول لشهور. وقد عملت أمينة بنصيحة القاضي، لشعورها بأنها لا تملك الاختيار. [89]

    وفي قضايا التفريق الـ32 التي راجعتها هيومن رايتس ووتش وكانت أمام المحاكم الابتدائية، استغرق القاضي ما متوسطه سنة وثلاثة أشهر للنطق بحكم. وخلال تلك المدة، إذا لم تبق السيدة في منزل الزوجية فإنها ستعد مسؤولة في قضية التفريق وتخاطر بفقدان الحضانة وحقوقها المالية؛ إلا في حال أخذ القاضي بالاعتبارالظروف المؤدية لرفعها للقضية والدافعة لها لترك منزل الزوجية.

    وقد قالت 3 سيدات رفعن دعاوى تفريق بسبب الشقاق والنزاع إن القضاة أجلوا القضية لإتاحة وقت للتصالح بين الزوجين مع نصح السيدات "بالصبر والتحمل" حتى في حالات اعتداء الزوج على زوجته بالضرب. [90] قالت نور إن القاضي في قضيتها شجعها على التصالح مع زوجها رغم أنه كان يغتصبها ويضربها، لأن القاضي اعتبر أن الضرب "لم يتجاوز صفعة أو اثنتين" وأن أن إرغام الزوجة على المعاشرة الجنسية هو حق شرعي للزوج. [91] وتقول نور إن القاضي نصحها بـ"تغيير ملابسها وأسلوب حياتها على النحو الذي يرضي القانون والدين" لمحاولة التصالح مع زوجها. [92] وقال أحد قضاة المحاكم السنية لـ هيومن رايتس ووتش إن معظم المحاكم لا تحكم في قضايا التفريق إلا بعد مرور عام على تاريخ رفع الدعوى لتشجيع التصالح. [93]

    في أحيان كثيرة تعمل أنظمة الطلاق القائمة على المسؤولية، مثل نظام التفريق، على ارتهان الحقوق المالية بغياب المسؤولية، مما يمكن للأزواج إساءة استخدامه لـ"التخلص من أية التزامات مالية عليهم لزوجاتهم". [94] وقد قررت لجنة القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (وهي الهيئة الأممية المكلفة برصد تنفيذ اتفاقية السيداو) أن على الدول الأطراف مراجعة كافة الأحكام التي تربط بين أسباب الطلاق وعواقبه المالية، وأنه لا يجب إرغام السيدات على التنازل عن حقوقهن الاقتصادية للحصول على الطلاق. [95]

    قيود إضافية على حق النساء في إنهاء الزواج أمام المجاكم الجعفرية

    لاتعترفقوانين الأحوال الشخصية الشيعيية بالتفريق، والخيار الوحيد المتاح للمرأة الشيعية التي لا تدرج حقها في إنهاء الزيجة في عقد زواجها هو الاستنجاد بمرجع ديني جعفري، والذي قد يكون خارج المحكمة الدينية، وله أن يطلقها نيابة عن زوجها ـ في الممارسة المعروفة باسم "الطلاق الحاكم".

    وعليها بعد ذلك توثيق هذا الأمر في محكمة جعفرية حتى يكتسب الصفة الرسمية. وهذه عملية طويلة، وقد قال محاميان تحدثا مع هيومن رايتس ووتش إنها قد تستغرق ما يصل إلى عامين للحصول على الأمر، وحتى عندئذ فقد ترفض المحكمة توثيقه. [96] وللمحكمة أن ترفض توثيق الطلاق إذا قرر القاضي أن المرجع الديني الذي حصلت منه السيدة على الأمر ليس "مرجعاً حاكماً ـ أي أنه لا يتمتع بالمؤهلات الشرعية والدينية المطلوبة للتصريح بأمر كهذا.

    وللمرأة أن تطلب الطلاق الحاكم عند الامتناع عن سداد النفقة، أو الضرر، أو سوء العشرة الزوجية، أو الهجر. [97] ورغم تشابه هذه الأسباب مع أسباب التفريق في محاكم السنة والدروز، إلا أن توثيق طلاق حاكم في المحاكم الجعفرية لمنحه الصفة القانونية ينطوي على اعتبارات إضافية، إجرائية وقانونية وسياسية:

    • لا يوجد إجماع بشأن هوية المرجع الديني الشيعي، الذي يعد أمره ملزماً للمحاكم الدينية. وقد تعمل المواقف المتضاربة والنزاعات السياسية والشخصية على التأثير في قرارات القضاة بشأن اعتبار المرجع الديني مرجعاً حاكماً؛
    • عل عكس قضايا التفريق، لا يوجد تقنين للأسباب المقبولة لقبول طلب السيدة الشيعية، وتعتمد السيدات أولاً على تقدير المرجع الديني المؤهل لمنح الطلاق الحاكم، وفي مرحلة تالية على سلطة المحكمة التقديرية للاعتراف بالقرار ذاته؛تصدر المحاكم الجعفرية أحكاماً متباينة، إما بالاعتراف بالطلاق الحاكم الصادر عن مرجع ديني أو برفضه، وتمتلك المحاكم سلطة تقديرية لقبول أو رفض مطالبة الزوجة بتوثيق أمر الطلاق إذا حصلت عليه.

    دينا

    التقت دينا، وهي سنية عمرها 32 عاماً بزوجها الشيعي حينما كانت في الثانية والعشرين، وتزوجا بعد شهور قليلة أمام مأذون سني في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث قررا أن يستقرا، وحيث ولدت طفلتهما بعد سنة من الزواج.

    وقالت دينا لـ هيومن رايتس ووتش إنها كانت عمل بدوام كامل وتتحمل كامل المسؤولية عن رعاية الطفلة والمنزل. وقالت إن زوجها الذي لم يكن يعمل دأب على انتقاد أدائها في العمل ومنعها من الخروج مع زملائها، ومن استضافة صديقاتها في منزلها. وبعد عامين من الحياة معاً، قررت دينا أن تعود إلى لبنان مع ابنتها. وهناك رفعت دينا دعوى تفريق أمام محكمة سنية، لكنها اكتشفت أن زوجها سجل الزيجة في محكمة جعفرية. ونتيجة لهذا لم يكن من حقها إنهاء الزيجة بالتفريق ولم يكن أمامها سبيل لهذا سوى الطلاق الحاكم، أو إذا وافق زوجها على تطليقها أمام المحكمة. وبدأ زوجها في ابتزازها وهددها برفع دعوى طاعة ومساكنة وحبسها في "منزل الزوجية". [98] كما أخذ ابنتهما التي كانت قد تجاوزت سن حضانة النساء عند الشيعة بشهور قليلة، وطلب 40 ألف دولار لكي يمنحها الطلاق.

    قامت عائلة دينا بتوكيل محام لمتابعة قضيتها أمام المحكمة الجعفرية، والإشراف على المفوضات مع محامي زوجها. ولم يسع محاميها وراء الطلاق الحاكم نظراً لعدم وجود ضمانات للحصول عليه من مرجع ديني أو لاعتراف المحاكم الدينية بالأمر إذا صدر. وقام بدلاً من هذا بإقناع زوجها بالمثول أمام المحكمة الدينية لتطليقها ورد الصغيرة إلى حضانة دينا بعد تهديده بإقامة دعوى جنائية عليه في مسألة منفصلة متعلقة بالأعمال. [99]

    ويعمل غياب معايير تحدد ما إذا كان أي شخص يعد مرجعاً دينياً، ومن ثم ما إذا كانت قراراته ستلقى الاعتراف، على ردع السيدات عن متابعة هذه القضايا ويؤدي إلى أحكام متضاربة.

    وفي أحدى القضايا أمام المحكمة الجعفرية في بعبدا، قامت سيدة بتقديم أمر من أحد شيوخ بلدة عكار، بمنحها طلاق حاكم " لحيثيات موجبة وتحريراً من لحوق الظلم والأذى والحيف وانتصافاً للشارع المقدس ". وعند مراجعة أمر الشيخ، نظرت المحكمة في هذا الدليل على زعم السيدة أثناء إجراءات التوثيق، وحكم القاضي بتوثيق طلاق السيدة من زوجها. [100] وبدوره حكم القاضي بتوثيق طلاق السيدة من زوجها. [101]

    ومع ذلك ففي قضية مشابهة، رفضت المحكمة الجعفرية في بيروت توثيق طلاق حاكم، تقدمت فيه السيدة بأمر من أحد الشيوخ بصفته مندوب المرجع الشيعي الكبير، آية الله العظمى السيد علي السستاني في أوروبا وأمريكاً. ورفضت المحكمة قبوله حيث أنها " لم تحط بتفاصيله وإن كان صحيحاً واقعاً ". [102]

    وتفرض الممارسة الراهنة قبول تثبيت قرارات الطلاق الحاكم في حال صدورها إصدار عن المحكمة العليا ذاتهاأو عن مكتب الشؤون القانونية التابع للمجلس الشيعي الأعلى، إلا أن الإجراءات تظل غامضة والسلطة التقديرية في تقييم أسباب الطلاق واسعة، بحسب تصريحات محام يعمل في تلك القضايا وتحدث مع هيومن رايتس ووتش. [103]

    آثار الطلاق بإرادة الزوج على وضعية المرأة القانونية

    تمنح قوانين الأحوال الشخصية السنية والشيعية للرجل حقا مطلقاً لا يقبل الانتقاص في إيقاع الطلاق بإرادته المنفردة، بدون سبب وخارج المحاكم، بل وفي غياب الزوجة وبغير علمها أحياناً. [104] وكل ما عليه هو أن يتلفظ الطلاق.

    وبعد هذا، يمكنه التراجع عن الطلاق أو سحبه في غضون مهلة محددة بدون موافقة الزوجة أو الحاجة إلى عقد زواج جديد أو دفع مهر جديد. [105] كما أن قانون الأحوال الشخصية للدروز بدوره يمنح الرجل حقاً مطلقاً ولا يقبل الانتقاص في إنهاء الزواج من طرف واحد بإرادته المنفردة، بدون سبب، لكنه يشترط صدور الطلاق بحكم من قاض درزي. [106]

    ورغم أن الرجل بمقدوره نظرياً أن يطلق بدون الرجوع إلى أية سلطة دينية أو قضائية، بموجب قوانين الأحوال الشخصية السنية والشيعية، إلا أن العواقب القانونية للطلاق في الممارسة لا تقع إلا بإثباته أمام المحاكم الطائفية.

    وعليه، تكون الزوجة مطلقة شرعاً إنّما بدون تثبيت المحكمة الدينيةوفي ظلّ غياب حكم يجبر الزوج على المهر المؤجل ونفقة العدة إلا إن رفعت المرأة قضية منفصلة لتحصيل حقوقها. علاوة على هذا فإن الطلاق غير المثبت من المحكمة الشرعية لا يسجل في السجل المدني التابع لوزارة الداخلية، بمعنى أن السيدة تظل مسجلة على اسم زوجها لدى السلطات المدنية.

    إلا أن للزوج أن يطلق زوجته خارج إجراءات المحاكم، ثم يثبت الطلاق أمام المحكمة الشرعية، أحياناً بدون علم زوجته أو مشاركتها في الإجراءات. ولهذه الغاية، يتعين على الزوج رفع دعوى لإثبات الطلاق أو رغبته فيه، كي يطلب من القاضي توثيقه بأمر قضائي. [107] وغالباً ما يبرز الزوج شهادة صادرة عن رجل دين بصفته المشرف على الطلاق، وربما يقوم أحياناً بإيقاع طلاق ثان أمام المحكمة. وعليه في المحاكم الجعفرية أن يقدم شاهدين من الذكور كتوثيق إضافي. [108]

    وفي تلك الحالات يجوز للزوج إثبات الطلاق لدى السجل المدني التابع لوزارة الداخلية، ويصبح قابلاً للإنفاذ، شرط أن يدفعالمهر المؤجل.

    ويمكن للزوج إيقاع الطلاق في غياب الزوجة، التي يمكن أن تكنشف ذلك تعلم حينها عن طريق محضر المحكمة أو بقراءة خبر طلاقها في صحيفة يومية (حيث أن الزوج المدعي ملزم بنشر خبر الطلاق في صحيفتين يوميتين إذا لم تحضر زوجته جلسات المحاكمة وكان يطلب من المحكمة توثيقه). [109]

    وإذا أخطرت الزوجة بأن زوجها رفع عليها دعوى طلاق فإن أمامها اختياراً من ثلاثة: إما أن تمثل أمام المحكمة لسماع خبر الطلاق، أو تمتنع عن المثول، أو ترسل محامياً لينوب عنها.

    وقد قالت سيدات، ومحامون يعملون أمام المحاكم الجعفرية، لـ هيومن رايتس ووتش أن حضور السيدة أو غيابها عن إجراءات المحكمة هذه لا يؤثر في الدعوى أو الحكم، ففي قضايا الإثبات التي يرفعها الزوج حيث يكتفي القاضي بالتأكد من رغبة الرجل في إنهاء الزيجة ثم يصدر الحكم بدون التطرق إلى أية مطالب قانونية للزوجة على زوجها، حتى وإن كانت حاضرة.

    أما مطالب الزوجة، بما فيها حقوقها المالية المتمثلة بمؤجل المهر والنفقة الزوجية وحضانة الأطفال، فإنها تتطلب رفع دعاوى على حدة.

    وفي أحد الأمثلة، في قضية إثبات طلاق أمام محكمة بيروت الجعفرية، ظهرت الزوجة المدعى عليها مع محاميها، وأبلغ المحامي المحكمة بأن الزوج يسعى للتهرب من واجبه في النفقة الزوجية، كما قدم أدلة على دعوى نفقة رفعتها الزوجة قبل قضية الطلاق.

    وطلب المحامي من المحكمة إذا حكمت بإثبات الطلاق أن تؤيد حق موكلته في النفقة في منطوق الحكم. لكن القاضي غض النظر عن مطالب الزوجة كلها وأثبت الطلاق، بحسب المبدأ الشرعي القائل بأن " الطلاق بيد الرجل وهو فعله (...) وتتحقّق مفاعيله بوقوعه صحيحاً وتوفر الشروط الشرعية". [110] لم يتطرق الحكم إلى طبيعة تلك الشروط، ولا رد على مطالب الزوجة/المدعى عليها.

    وفي قضية أخرى أمام المحكمة السنية، قامت فيها الزوجة/المدعى عليها بحضور الإجراءات، تبين محاضر الجلسات المستشهد بها في منطوق الحكم أنها طلبت بقاء أطفالها معها في مقابل التنازل عن حقوقها المالية من مهرونفقة العدة. ومع ذلك فقد غض القاضي النظر عن هذا الطلب وأصدر أمره بإثبات الطلاق. [111]

    "فلماذا أتكبد عناء حضور الجلسات؟" كما شرحت نور، التي لم تحضر للمحكمة بعد تلقي تبليغ بأن زوجها ينوي طلاقها:

    لم يكن حضوري ليغير شيئاً... هل تتخيلين المهانة، أن أقف أمام القاضي وأستمع إلى زوجي وهو يقرر تطليقي منفرداً؟ [112]

    وإذا اختارت السيدة عدم الحضور فإن القاضي يتبع إجراءات المحاكمات الغيابية: يتم إبلاغ قلم المحضرين بمحل إقامة الزوجة المختار، ويؤمر الزوج بإبلاغها بالطلاق عن طريق خبر ينشر في صحيفتين يوميتين. لكن بالممارسة، لا تعلم بعض السيدات بحصول أزواجهن على الطلاق المثبت من محكمة شرعية عبر هذه الإجراءات. وفي إحدى الحالات تم تطليق زوجة بغير علمها، مع الزعم بتنازلها عن جميع حقوقها. [113]

    وفي حالات امتناع الزوج في إثبات الطلاق، ورغبة الزوجة في إثباته لكي تحصل على حقوقها المالية أو تتزوج مجدداً، تصبح الزوجة المطلقة هي المدعية في قضية إثبات الطلاق. وهنا يمتلك الزوج/المدعى عليه وسائلا مختلفة للطعن في زعمها، بما ذلك ادعاء أنه لم ينطق بالطلاق قط. وفي هذه الحالة يتعين على زوجته إثبات العكس، وعلى سبيل المثال إبراز وثائق تثبت وجود نية الطلاق لدى الزوج أمام محاكم أخرى (أجنبية)، [114] أو أقوال شهود كانوا حاضرين عندما نطق بالطلاق. [115]

    وقد يدعي الزوج أيضاً أنه "رد" زوجته أثناء فترة العدة، حينما يظل الطلاق قابلاً للرجوع عنه، [116] ولو بدون علمها. [117] أو قد يطعن في صحة مرجعية الشيخ الذي أمر بالطلاق، في حال وجوده. [118] وربما يلجأ الزوج أثناء المحاكمة إلى رفض إثبات تطليقه لزوجته إذا رفضت التنازل عن جزء من مهرها، [119] أو قبل توضيح وضع منزل مملوك من طرفين معاً، [120] أو بشرط تنازلها عن حضانة الأطفال. [121] وربما تضطر الزوجة أحياناً إلى دفع مبلغ مالي قبل أن يقبل الزوج إثبات الطلاق. [122]

    قالت هيفاء، وهي سيدة عمرها 48 عاماً تزوجت أمام المحاكم السنية حين كانت في سن الخامسة عشرة، إن زوجها طلقها أكثر من 7 مرات قبل نجاحها في الحصول على طلاق مثبت من المحكمة بحيث تستطيع المطالبة ببعض حقوقها المالية. [123]

    الطوائف المسيحية: حق المرأة المحدود في إنهاء الزواج في مقابل قدرة الرجل على الالتفاف على القيود

    كما يوضح الجدول الوارد أدناه، يكاد يستحيل على أي من الزوجين إنهاء الزيجة، ولو بالتراضي، في ظل قوانين الطوائف المسيحية.

    وهناك مواقف محددة ومعدودة يجوز فيها للزوجين إنهاء الزيجة عن طريق البطلان أو الفسخ أو الطلاق أو طلب الهجر. وتتباين أحكام هذه الإجراءات فيما بين الكاثوليك والأرثوذكس والإنجيليين في لبنان. [124]

    جدول 6: أسباب حل عقدة الزواج والهجر لدى الطوائف المسيحية

    نوعية الحل أو الهجر

    الكاثوليك

    الروم الأرثوذكس

    الإنجيليون

    الهجر المؤقت

    العنف الزوجي، القسوة، إن كان أي الزوجين معتنقاً لدين آخر، إن ربى أي من الزوجين الأبناء وفقاً لقواعد غير كاثوليكية، أو سلوك يشوب السمعة، أو العجز عن مواصلة الزواج لأي سبب آخر. [125]

    الشقاق اليومي، الخلافات الكبرى، استحالة العشرة ولو مؤقتاً، أو أن يهدد أحد الزوجين حياة الآخر. [126] وتحدد المحكمة مدة الهجر، على ألا تتجاوز 3 سنوات متتالية. [127]

    إذا أساء أحد الزوجين معاملة الآخر فاستحالت الحياة بينهما، وأخفقت جهود الصلح، يجوز للمحكمة بسلطتها التقديرية أن تحكم بالهجر لمدة 205 سنوات حتى يتصالح الزوجان أو ينتهي الزواج بطريق آخر. [128]

    الهجر الدائم

    الزنا [129]

    لا ينطبق

    لا ينطبق

    البطلان

    لا تسمح بالبطلان إلا للأسباب التي كانت قائمة من قبل الزواج أو لعيب في الزيجة يؤثر على نحو مباشر أو غير مباشر في رضى الزوجين بها، أو لجوانب من شأنها أن تعيب الزيجة شكلاً أو موضوعاً. [130] أشكال البطلان تشمل العجز العقلي، وعدم القدرة على تحمل واجبات الزوجية الأساسية نتيجة لأسباب نفسية أو الجهل أو الخطأ، أو الاحتيال، أو المحاكاة، أو الموافقة المشروطة، أوالقوة أو الخوف الشديد.

    تبطل الزيجة إذا أ) عقدت أثناء قيام زيجة سابقة، ب) عقدت بالمخالفة للقوانين الأساسية للكنيسة، كالزواج بين الأقارب حتى الدرجة الثالثة، ج) عقد الزيجة كاهن لا ينتمي إلى طائفة أي من الزوجين، د) إذا عقدت بدون تراضي أو نتيجة الإكراه أو التهديد، هـ) كان أي من الزوجين غير مؤهل للحياة الزوجية في توقيت الزواج (ولكن فقط في حالة غياب الأطفال وانقضاء فترة أقل من 5 سنوات على الزواج). [131]

    تبطل الزيجة إذا عقدت أثناء قيام زيجة سابقة أو إذا عقدت بين زوجين منعتهما الكنيسة من الزواج بسبب القرابة الوثيقة. [132] وقد تبطل الزيجة أيضاً إذا أ) لم يتمتع أحد الزوجين بعقل سليم أو كان مصاباً بمرض عقلي في توقيت الزواج، ب) لم تتم الزيجة بالمعاشرة خلال عام، ج) تزوج قاصر بغير موافقة ولي أمره إذا كانت مشترطة، د) عقدت الزيجة بناءً على الاحتيال في شرط أساسي أو خصيصة ضرورية لأحد الزوجين، أو عن طريق الإكراه، هـ) تغيبت شروط أخرى ضرورية لصحة الزواج، و) تزوجت سيدة مجدداً خلال 3 شهور من بطلان زيجة سابقة، أو الطلاق، أو وفاة الزوج. [133]

    الفسخ

    عدم إتمام الزيجة، [134] أو الامتياز البولسي (زواج اثنين من غير المسيحيين واعتناق أحدهما للمسيحية لاحقاً)، [135] أو الامتياز البطرسي (زواج اثنين أحدهما كاثوليكي والآخر غير كاثوليكي ولا يفي فيه غير الكاثوليكي بالتزامات المسيحية وأسرار الزواج المسيحي).

    تفسخ الزيجة إذا أ) اعتنق أي من الزوجين ديانة أخرى، ب) حاول أي من الزوجين قتل الآخر، ج) حكم على أي من الزوجين بالسجن لمدة 3 سنوات أو أكثر في جريمة "مخلة بالشرف"، د) أهمل أي من الزوجين الآخر لمدة 3 سنوات متصلة، هـ) لم يتم الصلح بعد فترة الهجر، و) اتخذ أحد الزوجين بغير رضى الآخر خطوات لمنع الحمل أو رفض المعاشرة "بدون عذر أو مانع شرعي". [136]

    تفسخ الزيجة في حالة أ) إصابة أي من الزوجين بمرض عقلي عضال يجعل الحياة الزوجية مستحيلة، ب) محاولة أي من الزوجين قتل الآخر، ج) اعتناق أحد الزوجين لديانة بخلاف المسيحية، د) تغيب أحد الزوجين أو اختفائه أو انقطاع الاتصال به لمدة لا تقل عن 5 سنوات، هـ) توقف الزوجين عن العيش معاً وعن العلاقة الزوجية لما بين عامين وخمس، وإخفاق جهود الصلح،

    و) هجر أحد الزوجين الآخر وفشلت جهود الإصلاح خلال فترة الهجران، و

    ز) حُكم على أحد الزوجين بالسجن لثلاث سنوات أو أكثر بتهمة "مشينة".

    الطلاق

    غير مسموح به

    يمنح الطلاق لعلة الزنا، ويمكن اعتبار الزنا واقعاً بأحد الأمور التالية، (وليس حصراً بها) وإذا اكتشف الزوج عدم بكارة زوجته بعد الزواج، وإذا تكرر التماس أحد الزوجين من الآخر بعدم التردد على مكان سيء السمعة ولم يستجب، وإذا باتت الزوجة ليلاً خارج منزل الزوجية، في مكان مشبوه، وإذا أجبرت المحكمة الزوجة على العودة إلى منزل الزوجية ورفضت بغير عذر مقبول، وإذا ظهر انحراف جنسي على أحد الزوجين، وإذا قام الزوج بتسهيل الزنا للزوجة أو أصر عليه رغم إرادتها، أو رغب في ممارسة "أشكال شاذة من العلاقة الزوجية"، وإذا اتهم الزوج الزوجة بالزنا دون إقامة دليل. [137]

    الزنا. [138]

    ورغم أن القيود المفروضة على حل عقدة الزواج تنطبق على الرجال والسيدات بالتساوي، إلا أن ثمة حالات تتيح للرجال أسباباً للطلاق أو البطلان أكثر ما هي متاحة أمام النساء ، كأن يجوز للرجل عند الأرثوذكس أن ينال الطلاق إذا اكتشف بعد الزواج أن الزوجة ليست عذراء.

    وإضافة إلى هذا يوجد جانبان آخران للقانون يؤثران في المرأة على نحو مختلف وغير متناسب:

  • فأولا، رغم أن العنف الزوجي سبب للهجر، إلا أن العنف الزوجي دون مستوى الشروع في القتل لا يكفي للحصول على حل سريع لعقدة الزواج كما هو مبين في الفقرة التالية. والعنف الزوجي في الغالبية الساحقة من حالاته يؤثر في المرأة في لبنان. وهذه مشكلة في قوانين الأحوال الشخصية للمسيحيين في لبنان، ولكن للكاثوليك على وجه الخصوص حيث أن العنف لا يكفي مطلقا كسبب للبطلانما لم يُعز العنف الزوجي إلى عدم الأهلية العقلية التي كانت موجودة قبل الزواج وهذا العجز يجعله غير قادر على تحمل واجبات الزوجية الأساسية.
  • وثانياً، يستطيع الرجال المسيحيون في لبنان اعتناق الإسلام والزواج مجدداً بدون تطليق زوجاتهم (حيث يجوز للمسلم شرعاً أن يجمع بين الزوجات حتى أربعة) كما هو مبين في الفقرة التالية. ولا توجد عملية مماثلة تتمكن السيدة المسيحية عن طريقها من الالتفاف على قانون الأحوال الشخصية بعد إتمام زيجاتهن.
  • وتعمل مصاعب إنهاء الزيجات المسيئة على إرغام سيدات عديدات على التنازل عن حقوقهن المالية في النفقة أو التعويض في مقابل موافقة الزوج على إنهاء الزواج عن طريق إبدال مذهبهما والانتماء إلى طائفة مسيحية أخرى تسمح قوانينها بإنهاء الزواج بسهولة أكبر، وخاصة وأن المحاكم الروحية أثناء إجراءات المحاكم لا تأمر الزوج بإخلاء منزل الزوجية حتى ولو كان ملك الزوجة لخضوع هذا المسائل لصلاحية المحاكم المدنية . [139] ويعني هذا أن تضطر السيدة للعيش مع الزوج لحين صدور الحكم ينهي الرابطة الزوجية.

    وقد قال محامون عاملون أمام المحاكم الروحية إن المرأة حين تمتلك منزل الزوجية فإن عليها اللجوء إلى المحاكم المدنية إذا كانت تريد من زوجها إخلاء المنزل. ومؤحراً، وبموجب قانون حماية المرأة وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري الجديد الصادر عام 2014، بات للمرأة المعنّفة ف، يمكن أن تطلب تدبيراً بعدم التعرض يرغم زوجها على مغادرة المنزل مؤقتاً وبغض النظر عمن يمتلكه. [140]

    الإساءة والزنا غير كافيان للبطلان

    المحاكم الكاثوليكية

    لا تحكم المحاكم الكاثوليكية بالبطلان إلا في حالة وجود أسباب قائمة قبل الزواج ولها تأثير مباشر أو غير مباشر على رضا الزوجين، من قبيل الاحتيال أو الغلط في الصفة (بما في ذلك على سبيل المثال عدم القدرة على الإنجاب أو بشأن عدم وجود زواج قائم)، أو المرض العقلي، أو الخداع. ويقع الخداع حينما يدخل أحد الزوجين الحياة الزوجية الزواج من دون إيمان بالزواج كمؤسسة، بما في ذلك عدم الإيمان بالوفاء أو الإنجاب أو عدم قابلية الرابطة الزوجية للانحلال. والبطلان يحيل الزواج وكأنما لم يكن ويبطل أية عواقب قانونية ماضية أو مستقبلية. والطرف الذي يجده القاضي مسؤولاً عن البطلان يتحمل عبء تعويض الطرف الآخر عن الأضرار.

    والمحاكم الكاثوليكية لا تعتبر العنف الزوجي مبرراً للبطلان ما لم يكن عنف الزوج منسوباً إلى عدم الأهلية النفسية القائمة من قبل الزواج، والتي تجعله غير قادر على تحمل الأعباء الأساسية للحياة الزوجية. [141]

    ومن بين قضايا البطلان الـ14 التي راجعتها هيومن رايتس ووتش، وكانت الزوجة تزعم فيها أن الزوج يسيء إليها، لم يحكم القاضي بالبطلان إلا في واحدة، حينما وجد العنف دليلاً على عدم الأهلية العقلية بفضل تقارير من أخصائي نفسي عينته المحكمة، ومن ثم تمت تلبية شروط البطلان. [142]

    نسرين

    قالت نسرين، وهي أم لطفلين تبلغ من العمر 32 عاماً، لـ هيومن رايتس ووتش إنها ظلت تناضل للحصول على البطلان لمدة لا تقل عن عامين. وقررت أن زوجها كان يسيء إليها وأنها قدمت تقريراً للمحكمة يوثق الإصابات البدنية التي لحقت بها نتيجة للضرب. وقالت: "هددني ذات مرة بإلقائي من الشرفة والزعم بأنني انتحرت، فلا يكون عندي دليل على أنه آذاني. لكن لا شيء من هذا يكفي، والمحكمة ترفض منحي البطلان". [143]

    كما أن أحكام الحل عند الكاثوليك تقتصر على عدم إتمام الزيجة والامتياز البولسي (عند زواج اثنين من غير المسيحيين ثم اعتناق أحدهما للمسيحية) والامتياز البطرسي (زواج بين كاثوليكي وغير كاثوليكي، وفيه يرفض غير الكاثوليكي التزامات المسيحية وأسرار الزواج المسيحي). [144] أما العنف الزوجي والقسوة والزنا والعجز عن مواصلة الزواج فيه أسباب مشروعة للهجر، لكن الهجر المؤقت أو الدائم لا ينهي الزواج ولا يعد سبباً لإنهائه.

    وتؤدي القيود المفروضة على قدرة المرأة على إنهاء الزواج أمام المحاكم الكاثوليكية، حتى في حالات الإساءة، إلى تنازلهن عن حقوقهن المالية.

    ففي واحدة من الحالات قالت هالة، وهي سنية تزوجت في الكنيسة الكاثوليكية، إنها تركت المنزل الذي كانت تشارك فيها زوجها بعد سنوات من العنف النفسي واللفظي. وفي محاولة لإنهاء الزيجة، التجأت إلى السلطات الدينية السنية، التي قابلتها بالعداء بحسب قولها. ثم أبلغها محاميها بأن عليها المثول أمام المحاكم الكاثوليكية حيث لن يحق لها سوى الحصول على الهجر، الذي يخولها الحق في النفقة ولكن ليس في إنهاء الزواج. ولتجنب هذا، قررت هالة التنازل عن حقوقها في التعويض في مقابل موافقة زوجها على التحول إلى الطائفة الآشورية وتقديم طلب الحل أمام المحاكم الآشورية، التي تعتبر أسهل من حيث منح إمكانية إنهاء الزواج. وقد فعلت هذا رغم أنها أنفقت قدراً لا يستهان به من المال على تأثيث المنزل، المملوك للزوج والذي ظل في حوزته. [145]

    وفي واحدة من الحالات التي راجعتها هيومن رايتس ووتش، كانت ماريا، المارونية الكاثوليكية المتزوجة في 1984، تتعرض للاعتداء المستمر من جانب زوج خائن، وقد حكم عليه بالسجن لمدة 20 عاماً في قضية قتل منفصلة. وبعد سجن الزوج طلبت ماريا البطلان من المحكمة المارونية الكاثوليكية، لكن طلبها رفض حين وجدت المحكمة أن سجن الزوج وإساءاته وخيانته ليست أسباباً كافية للبطلان، بل حكمت بدلاً من هذا بالهجر المؤقت على مسؤولية الزوج. [146]

    المحاكم الإنجيلية والأرثوذكسية

    وتواجه السيدات المتزوجات بموجب القوانين الأرثوذكسية والإنجيلية مشاكلا مشابهة، وإن كانت أخف درجة، حيث تعترف تلك الطوائف بالزنا كسبب للطلاق إذا أثبته أي من الزوجين.

    ومع ذلك فإن حق الزوجين في الطلاق يظل خالياً من المساواة، فعلى سبيل المثال يجوز للزوج بموجب قانون الأحوال الشخصية للروم الأرثوذكس، ولكن ليس للزوجة، أن يطلق زوجته إذا اكتشف عدم عذريتها بعد الزواج، بشرط أن يشهد بهذا أمام المحكمة في الأيام الأولى من الزواج. [147]

    علاوة على هذا فإن المحاكم الروحية لا يمكنها أثناء إجراءات القضية أن تأمر الزوج بإخلاء منزل الزوجية، حتى ولو كان مملوكاً للزوجة (وعليها رفع دعوى أمام محكمة مدنية). وقد يؤدي هذا ببعض السيدات للتنازل عن حقوقهن المالية لتشجيع الزوج على تسهيل إنهاء الزواج بشكل أسرع.

    بعد أن اكتشفت سابين خيانة زوجها، وكانت وقتذاك في الأربعين، قالت لـ هيومن رايتس ووتش إنها رفعت دعوى للطلاق أمام محكمة للروم الأرثوذوكس، لكن زوجها رفض ترك منزل الزوجية رغم أنه كان مسجلاً باسمها. ووافقت سابين على التنازل عن النفقة الزوجية والتعويض عن الأضرار التي كانت من حقها، حيث أن الزوج هو المسؤول عن انتهاء الزيجة، في مقابل موافقة الزوج على حل الزواج من خلال تصريحه للمحكمة بانفصالهما لمدة 3 سنوات ومغادرة المنزل. وقد اضطرها هذا للحصول على مساعدة مالية من والدها لأنها لم تكن تعمل خارج المنزل. [148]

    ولأي من الزوجين أيضاً التماس حل الزواج إذا ثبت أن الطرف الآخر شرع في قتله. وفي تلك الحالات يضيف القانون الإنجيلي شرطاً بضرورة إثبات الشروع في القتل أولاً بحكم محكمة جنايات. وقد يحصل الأزواج على الحل إذا توقفا عن المساكنة لفترة معينة ـ 3 سنوات لدى الطوائف الأرثوذكسية وسنتين للإنجيلية. أما الإساءة الزوجة في حد ذاتها فليست سبباً للحل وإنما للهجر المؤقت فقط (الذي قد يشكل فيما بعد مبرراً للحل إذا لم يتصالح الزوجان في غضون 3 سنوات بموجب القانون الأرثوذكسي، وسنتين بموجب القانون الإنجيلي).

    وقد انتظرت ميشيل، وهي أم لطفلين، مسيحية إنجيلية في الأربعينات من عمرها، لحين اقتراب أطفالها من سن الرشد حتى تطلب حل زواجها، رغم تعرضها للضرب من زوجها طوال سنوات، وهذا لتجنب خطر فقدان حضانة أطفالها. وعندما رفعت ميشيل دعوى الحل، التي استندت إلى الإساءة، أنكر الزوج أنه اعتدى عليها بالضرب واتهمها بإدمان الكحول واختلاق ادعاءاتها. ورغم مزاعم الإساءة إلا أن المحكمة رفضت طلب الحل، لأنها عند سؤالها شرحت أنها انفصلت عن زوجها لمدة تقل عن العامين اللذين تشترطهما المحاكم الإنجيلية للسماح بالحل. [149]

    إبدال الرجل لديانته بصورة أحادية

    وبالنظر إلى صعوبة إنهاء الزيجات المسيحية، يختار بعض الرجال المسيحيون اعتناق الإسلام بحيث يجوز لهم الزواج مجدداً. وبموجب قوانين الأحوال الشخصية الشيعية والسنية، يمكن للرجل الجمع بين الزوجات حتى أربعة. [150]

    وعليه، تصبح الزوجة الأولى ضحية أمر واقع وأسيرة لقيود التي تفرضها طائفتها المسيحية ورابطة زوجية من دون زوج (انظر الجدول 6: أسباب حل عقدة الزواج والهجر لدى الطوائف المسيحية أعلاه). وقد قضت محكمة التمييز بأن إبدال الدين سليم قانوناً عندما يتم القيام به وفقاً للشكليات الإجرائية. بالتالي، يبقى الزواج الأول ومفاعيله مستمراً ومن صلاحية السلطة الدينية التي عقدته بينما تنشأ للزوجة الثانية حقوق تنتقص من حقوق الزوجة الأولى؛ ناهيك عن الخلافات التي يمكن أن تنشأ بين "أولاد الزواج الأول" و"أولاد الزواج الثاني" لجهة تحديد حقوقهم الإرثية مثلاً. [151]

    ميشال وجوزيان

    تزوج ميشال وجوزيان في الكنيسة المارونية الكاثوليكية وأنجبا طفلين، وقالت جوزيان لـ هيومن رايتس ووتش إنهما اتفقا بعد 5 سنوات على الانفصال بسبب الخلافات المستمرة، مع استمرار مسؤوليتها عن رعاية الأطفال.

    وبحسب جوزيان، لم يطلب أي من الزوجين بطلان الزيجة واتفقا على عدم تدخل أحدهما في الشؤون الشخصية للآخر، إلا فيما يتعق باحتياجات الأطفال. ثم انتقل ميشال إلى الكويت لتوسعة نشاطه التجاري، وبعد شهور تلقت جوزيان أخباراً من صديقة تفيد بأن ميشال يعيش مع زوجة جديدة وينتظر منها طفلاً. واكتشفت جوزيان أن ميشال اعتنق الإسلام وتزوج بموجب القانون السني. وصارت أولوية جوزيان الآن هي أن تضمن لأطفالها حقوقهم في الميراث، وهو ما تحاول القيام به بالاتفاق مع زوجها، لتجنب نزاعات المحاكم الطويلة. [152]

    وفي الحالات الشبيهة بحالة جوزيان، يظل الزواج ومفاعيله القانونية محكوماً بقوانين السلطة الدينية التي عقدته، استناداً إلى المادة 23 من المرسوم 60ل.ر. التي تنص على أنه فب حال اعتناق أحد الزوجين ديانة أخرى فإن الزواج ومفاعيله (أي نفقة وحضانة الأطفال الشرعيين) تخضع للسلطة التي عقد الزواج بموجبها. وتعتمد جميع الأحكام التي راجعتها هيومن رايتس ووتش على هذه المادة لإبطال أحكام الطلاق الصادرة عن سلطة محكمة أخرى. [153]


    IV . معادلة غير متساوية: حضانة الأم وولاية الأب

    كثيراً ما تخفق قوانين الحضانة، التي تقرر أي من الأبوين يقيم معه الأطفال بعد انتهاء الزواج، في الاحتكام إلى الاتزامات الحقوقية الدولية الآيلة إلى تطبيق المصلحة الفضلى للأطفال وتعزيز حقوقهم على أي نحو آخر. [154] كما تؤدّي القوانين الراعية للحضانة والولاية إلى التمييز ضد المرأة من خلال تطبيق معايير غير متساوية لدى تقييم الطرف الذي يجب استمرار إقامة الطفل معه، ومن خلال منح حق الولاية للآباء بصورة شبه مطلقة.

    وتعرّف القوانين الطائفية "الحضانة" (أو الحراسة بالنسبة للمسيحيين) على أنّها رعاية الأطفال وحفظهم والاهتمام بتنشئتهم المادية والمعنوية لحين استغنائهم عنها. واستناداً إلى هذا التعريف، تكون الحضانة بطبيعتها محدودة في الزمن وتنتهي حين لا يعود الطفل محتاجاً إلى تلك الرعاية. وعند انتهاء الزواج، تميل معظم القوانين الطائفية في لبنان إلى منح حضانة الأطفال الصغار للأم. كما تنص قوانين الأحوال الشخصية السنية والدرزية على إمكانية نقل حضانة الأم إلى الجدة من جهة الأم.

    وبجوار مفهوم الحضانة، تعترف المحاكم الدينية بمفهوم "الولاية" المنطوي على حفظ وتنشئة الأطفال وأموالهم لحين بلوغهم سن الرشد. وفي جميع القوانين الدينية باستثناء قانون الأحوال الشخصية للأرمن الأرثوذكس، للأب الحق الأولى بالولاية أثناء الزواج وبعد انتهائه، باعتباره الولي الجبري معنوياً ومالياً على أطفاله. [155]

    والقاعدة العامةالمعمول بها هي أن الحضانة تتحدد عند انتهاء الزواج بحسب عمر الطفل، فتميل المحاكم لمنحها للأم حينما يكون الأطفال صغاراً، ثم تردها للأب بصفته الولي على أطفاله.

    وأثناء فترة حضانة الأم، يظل الأب ملزماً بتغطية نفقات الطفل وله الحق في مشاهدته بحسب اتفاق مشترك بين الوالدين. وإذا أخفق هذا الاتفاق تتدخل المحاكم. وللأب بصفته الولي على أطفاله أن يتخذ القرارات بشأن تعليمهم وسفرهم وأموالهم وإقامتهم. وفي الحالات العادية، عند بلوغ الطفل سن الحضانة القانوني، والذي يختلف من ديانة إلى ديانة، يرتد الأطفال تلقائياً إلى الأب.

    ويجوز لقضاة المحاكم الطائفية بموجب سلطتهم التقديرية تجاوز قاعدة السن القانوني في حال وجدوا في ذلك مصلحة الطفل الفضلى. ولهم أيضاً أن ينتزعوا حضانة عن الأم استناداً إلى أسباب لا تحقق بالضرورة مصالح الطفل الفضلى. وقد تسقط حضانة الأم أيضاً إذا أخفقت الأم في الامتثال لشروط الطاعة والمساكنة (انظر القسم الخاص "بفقدان الأم لحقها في الحضانة" أدناه).

    وبعد انتهاء فترة حضانة الأم يتحدد حق الأم في زيارة أطفالها بناءً على اتفاق بين الأبوين أو بقرار من المحكمة.

    ولقوانين الحضانة والولاية وأحكامها التمييزية عواقب سلبية على السيدات الراغبات في إنهاء زواجهن، حيث تعرضهن للابتزاز والإكراه أثناء إجراءات حل الرابطة الزوجية، وتضطرهن أحياناً للاختيار بين أطفالهن أو إنهاء الزيجة.

    كما تعمل الأحكام والقوانين التمييزية على تقويض حقوق الأطفال، حيث يظل القضاة غير مقيدين بأي نص قانوني واضح بشأن مصالح الطفل الفضلى، ولهم في جميع الأحوال سلطة تقديرية واسعة في الحكم بما يرونه، بدون استرشاد بشيء عدا سن الحضانة. ويعمل عدم اعتراف المحاكم الدينية اللبنانية أيضاً بالحضانة المشتركة، فيما عدا القوانين الحديثة لبعض المحاكم الروحية التي تجيز للقاضي الاعتراف بها بسلطته التقديرية، على تقويض المصالح الفضلى للأطفال على نحو إضافي.

    ورغم أن قوانين الحضانة تواصل إخفاقها في حماية المصالح الفضلى للطفل، إلا أن بعض المحاكم الدينية قامت مؤخراً، في تطور إيجابي، بمراعاة المصلحة الفضلى للطفل عند تحديد أي من الأبوين سينال الحضانة (انظر القسم الخاص "بتجاوز القضاة سن الحضانة القانوني" أدناه).

    تقييد حضانة الأم مقابل ولاية الأب شبه المطلقة

    المبدأ المعتمد في جميع القوانين الطائفية هو أن الولاية حق أولى للآباء على أطفالهم. ورغم احتفاظ الآباء، وليس الأمهات، بالولاية على أطفالهم في جميع الأوقات، إلا أن محل إقامة الطفل يتحدد بسنه، فتميل المحاكم إلى منح الحضانة للأم حين يكون الأطفال صغاراً، وتمنحها للأب عند تجاوز الأطفال سناً محددة، تختلف باختلاف الطائفة. [156] وقد قامت بعض الطوائف مؤخراً برفع سن حضانة الأم، إلا أن هذه الإجراءات ليست موحدة وتواصل التمييز بين الصغير والصغيرة.

    جدول 7: سن الحضانة القانوني

    الطائفة

    سن الحضانة القانوني

    المصدر

    الطائفة الكاثوليكية

    ينتهي ببلوغ االصغير والصغيرة العامين، ويمكن تجاوزه إذا قرر القاضي أن المصلحة الفضلى للطفل تقتضي ذلك.

    المادتان 123-124 من قانون الأحوال الشخصية للطوائف الكاثوليكية.

    طائفة الروم الأرثوذكس

    ينتهي ببلوغ الصغير 14 والصغيرة 15 عاماً، ويمكن تجاوزه إذا قرر القاضي أن المصلحة الفضلى للطفل تقتضي ذلك.

    المادة 57 من قانون الأحوال الشخصية وأصول المحاكمات لدى بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس، التي صدق عليها المجمع المقدس في البلمند في 16 أكتوبر/تشرين الأول 2003.

    طائفة الأقباط الأرثوذكس

    ينتهي ببلوغ الصغير 11 والصغيرة 13 عاماً، ويمكن تجاوزه إذا قرر القاضي أن المصلحة الفضلى للطفل تقتضي ذلك.

    تم التبني في المادة 93 من أول قانون صادر في 9 ديسمبر 2010.

    الطائفة الانجيلية

    ينتهي ببلوغ الصغير والصغيرة 12 عاماً، ويمكن تجاوزه إذا قرر القاضي أن المصلحة الفضلى للطفل تقتضي ذلك.

    المادة 62 من قانون الأحوال الشخصية للطائفة الإنجيلية في سوريا ولبنان، الذي صدقت عليه الجمعية العامة للمجمع الإنجيلي الأعلى في سوريا ولبنان.

    طائفة الأرمن الأرثوذكس

    ينتهي ببلوغ الصغير 7 أعوام والصغيرة 9 أعوام، ويمكن تجاوزه إذا قرر القاضي أن المصلحة الفضلى للطفل تقتضي ذلك.

    المواد 128-132 من قانون الأحوال الشخصية لطائفة الأرمن الأرثوذكس.

    طائفة السريان الأرثوذكس

    ينتهي ببلوغ الصغير 7 أعوام والصغيرة 9 أعوام، ويمكن تجاوزه إذا قرر القاضي أن المصلحة الفضلى للطفل تقتضي ذلك.

    المادة 61 من قانون الأحوال الشخصية.

    الطائفة الآشورية

    ينتهي ببلوغ الصغير 7 أعوام والصغيرة 9 أعوام، ويمكن تجاوزه إذا قرر القاضي أن المصلحة الفضلى للطفل تقتضي ذلك.

    المادة 111 من قانون الأحوال الشخصية للطائفة الآشورية.

    الطائفة السنية

    منذ 2011، ينتهي ببلوغ الصغير والصغيرة على حدسواء 12 عاماً، ويمكن تجاوزه إذا قرر القاضي أن المصلحة الفضلى للطفل تقتضي ذلك.

    المادة 15 من القانون الجديد لأحكام الأسرة (الصادر في 10 يناير 2011).

    الطائفة الشيعية

    ينتهي ببلوغ الصغير عامين والصغيرة 7 سنوات، ويجوز للقضاة الجعفريين تجاوزه إذا بلغ الطفل أو الطفلة سن التخيير الشرعي (الذي يتحقق عادة ببلوغ الطفل) واختار البقاء مع الأم.

    المادة 348 من دليل القضاء الجعفري، التي تقرر احتفاظ الأم بحضانة الأطفال الذكور والإناث على السواء أثناء فترة الرضاعة. ويملك الأب أحقية أكبر في حضانة الأطفال الذكور، والأم أحقية أكبر في حضانة الأطفال الإناث حتى سن السابعة، وبعدها تزداد أحقية الأب في الأطفال من أي نوع. وتقرر المادة 349 أن حضانة الأم إذا تقررت لا تبطل إذا تركها الزوج بالفسخ أو الطلاق قبل سن عامين للصبية و7 أعوام للفتيات، ما لم تتزوج الأم مجدداً في هذه الفترة، وعندئذ تفقد حقها في الحضانة التي ترتد إلى الأب.

    الطائفة الدرزية

    ينتهي ببلوغ الصغير 7 سنوات والصغيرة 9 سنوات.

    المادة 64 من قانون الأحوال الشخصية للدروز.

    وحقوق الأم في الحضانة، بعكس حقوق الأب في الولاية، محدودة زمنياً، ومشروطة، وقابلة للرد، إما بسبب انتهاء حضانة الأم قانوناً، أو في بعض الأحيان لصدور حكم بعدم أهلية الأم، أو لتنازل الأم عن تلك الحقوق كجزء من تسوية. [157]

    ومن الأمثلة الصاعقة التي تدلل على الفارق بين الحضانة والولاية أن الولاية عقب وفاة الأب، وفي بعض الطوائف، لا تنتقل إلى الأم تلقائياً وإنما قد تمنح إلى الذكور من عائلة الأب.

    وبينما يمكن للقضاة الدينيين بسلطتهم التقديرية تجاوز سن الحضانة القانوني إذا وجدوا أن مصلحة الطفل الفضلى تقتضي هذا، إلا أن الاستعانة بأعمار محددة تعسفياً بوصفها المبدأ الحاكم الافتراضي لتحديدالجهة المسؤولة عن رعاية الطفل تخفق في ضمان استناد هذه القرارات إلى مصالح الطفل الفضلى كاعتبار أول. علاوة على هذا فإن طبيعة حضانة الأم المحدودة زمنياً، والمشروطة والقابلة للرد، تميز ضد المرأة التي تعجز عن التمتع بحق الولاية، الذي يظل حكراً على الآباء بغض النظر عن مصالح الطفل الفضلى.

    وعلى الرغم من أحكام حديثة صادرة من محاكم دينية تولي الاعتبار لمصالح الأطفال الفضلى، إلا أن التمييز ضد المرأة لجهة حل الرابطة الزوجية وتحصيل حقوقها المالية يواصل تقويض حقوق الأطفال ويقيد حق الأم بالحضانة.

    وفي عدة حالات راجعتها هيومن رايتس ووتش، تنازلت سيدات عن الحضانة للحصول على أحكام بالطلاق أو التفريق أو البطلان أو حل الزيجة. وفي تلك الحالات قام القاضي بالتصديق على ما اتفق عليه الزوجان السابقان بدون اعتبار المصالح الفضلى للأطفال أو سبب تنازل السيدة عن حقوقها.

    وفي أعقاب تلك الاتفاقات، في الحالات التي راجعتها هيومن رايتس ووتش، حينما تسعى السيدة لاسترداد الحضانة، فإن القضاة يرفضون طلبها في المعتاد ملاحظين أن الأم تخلت عن حقوقها كجزء من تسوية لإنهاء الزيجة، من دون أن يقيموا تلبية تلك الاتفاقات لمصالح الأطفال من عدمها.

    وفي حكم صادر بتاريخ 3 أغسطس/آب 2008، قامت محكمة السريان الأرثوذكس بمنح الأب الحراسة على أطفاله حيث أن "الأم تنازلت بالفعل عن حقها في حضانة الطفلين". [158] وبالمثل حكمت محكمة بيروت السنية في 13 أبريل/نيسان 2010 برفض منح الحضانة للأم مستشهدة باتفاق الطلاق بين الزوجين السابقين. [159] كما حكمت محكمة بعبدا الجعفرية في 15 مارس/آذار 2010 برفض منح الحضانة للأم، بزعم أن "الأم تنازلت عن حقها في مقابل الطلاق" رغم أن الطفل لم يكن قد أتم سنة بعد. [160]

    تجاوز القضاة السن القانوني لحضانة الأم

    استناداً إلى مراجعة 101 من الأحكام الصادرة من محاكم مسيحية وجعفرية وسنية، أظهر القضاة تبايناً لافتاً في اجتهادتهم لجهة إمكانية تجاوز قاعدة السن القانوني للحضانة.

    ويتباين موقف القضاة لجهة تطبيق قاعدة السن القانوني أو تجاوزها ليس فقط بسبب اختلاف التشريعات بل بموجب سلطته التقديرية في النظر في قضايا الحضانة. فعلى سبيل المثال، لا يتمتع القاضي في المحاكم الدرزية المذهبية بسلطة تقديرية للنظر في أي ظروف خاصة، بما فيها مصالح الطفل الفضلى، وعليه أن يمنح الحضانة للأب فور بلوغ الطفل سن انتهاء حضانة الأم. [161] ومع ذلك فإن القضاة في بعض الحالات، وأمام المحاكم الجعفرية بصفة خاصة، تجاوزوا عن الأعمار المقررة حينما قام الطفل ـ عند بلوغ "سن الاختيار" المقررة عادة بسن البلوغ ـ بالإفصاح عن تفضيله للعيش مع أحد الأبوين.

    ويؤدي هذا الغياب للوضوح واليقين إلى ترك الأمهات تحت رحمة أهواء القضاة أو أزواجهن السابقين. وقد قالت ريا لـ هيومن رايتس ووتش إنها تخشى فقدان حضانة ابنتها التي ستبلغ السابعة قريباً (سن انتهاء حضانة الأم في الفقه الجعفري) أمام المحكمة الجعفرية، لكن لا تستطيع قانوناً ان تفعل شيء لأن ابنتها لم تبلغ "سن التخيير" بعد؛ وهي تتخوف من تقييم القاضي السلبي على أساس خلفيتها المسيحية ، إذ قالت:

    لا أملك فرصة للاحتفاظ بحضانتها، فلن يقبل القاضي الاستماع إليها في سن السابعة، وقد أكّد الجميع أن خلفيتي المسيحية ستؤثر سلباً على القضية. لا أدري ماذا أفعل، إنني أفكر في الأمر ليل نهار والقلق يقتلني. والمخرج الوحيد هو أن أستسلم لجميع أوامره [زوجي] وتقلباته المزاجية وأحاول ألا أغضبه. إنه يعرف حقوقه جيداً ولا يضيع أية فرصة لتذكيري بما يمكنه عمله. إنني أعيش في ابتزاز مستمر. [162]

    ومن بين 27 حكماً أصدرتها محاكم سنية لمنح الحضانة للأب وراجعتها هيومن رايتس ووتش، التزم القاضي تلقائياً بسن حضانة الأم في 15 قضية.

    وفي بعض القضايا الـ15 على الأقل، يبدو أن نقل الحضانة لم يكن في مصلحة الطفل الفضلى. فعلى سبيل المثال، في حكم صادر عن المحكمة السنية العليا في 5 ديسمبر/كانون الأول 2011، أمرت المحكمة الأم بتسليم أطفالها الثلاثة إلى أبيهم بما أنه اعتبر أقدر منها على حمايتهم وتربيتهم وتأديبهم وتوجيههم، رغم أنه أساء إليهم بدنياً وآذاهم بحسب تقرير من طبيب شرعي. وقد استصدرت المحكمة تعهداً من الأب بعدم تكرار الواقعة، مستندة في تعليلها إلى حقه في تأديب أبنائه. [163]

    وفي تسعة قضايا أمام المحاكم السنية راجعتها هيومن رايتس ووتش، قام القاضي إلى إسقاط حضانة الأم قبل السن المقررة قانوناً، ل"عدم الأهلية" بسبب اختلاف انتماء الأم الديني، على سبيل المثال، أو غياب "التنشئة الدينية السليمة" للأطفال، أو طول ساعات عملها، أو سلوكياتها الاجتماعية "المشبوهة"، أو زواجها مجدداً، بدون الالتفات إلى مصالح الطفل الفضلى (انظر القسم الخاص "بإسقاط حقوق الأم في الحضانة" أدناه).

    وفي القضايا الثلاث الأخرى، التمس القضاة آراء الأطفال الذين بلغوا سن انتهاء حضانة الأم واختاروا الإقامة مع آبائهم، قبل أن يحكموا بنقل الحضانة للأب. [164] وفي تلك القضايا وغيرها من التي التمس فيها القضاة آراء الأطفال قبل النطق بالحكم، أشارت الأحكام إلى أنهم فعلوا هذا لاتخاذ قرار يتفق مع المصالح الفضلى للطفل. فعلى سبيل المثال، في قضية لم يكن سن حضانة الأم قد انتهى فيها، اقتنعت المحكمة بأن مصالح الطفل الفضلى تقتضي إبقاءه في رعاية أمه، بعد أن سمع القاضي شهادة الطفل. [165]

    وتتشابه الأحكام الصادرة من المحاكم الجعفرية من حيث أن القضاة اتبعوا سن الحضانة المقرر سلفاً بدون أي تحليل إضافي لمصالح الطفل الفضلى، ولم يطلبوا رأي الطفل إلا في قلة من الحالات، وكثيراً ما تم إسقاط حضانة الأم قبل بلوغ السن القانوني بسبب "عدم الأهلية" أو زواجها من جديد.

    وفي 16 حكماً راجعتها هيومن رايتس ووتش منح بموجبها الأب حضانة الأطفال، قام القاضي بتطبيق سن حضانة الأم تلقائياً في ثمانية منها. [166] فعلى سبيل المثال، قامت محكمة بعبدا الجعفرية بإسقاط حق أم في حضانة ابنها الذي يبلغ من العمر 7 سنوات بناءً على مبدأ أن "الحضانة حق للأبوين، وهي حق للأم بشرط ألا يزيد عمر الطفل عن عامين، وعندها يرتد الحق للأب". [167] وفي قضية منفصلة، أمر القاضي الأم/المدعى عليها بتسليم طفليها إلى أبيهما مستشهداً بالقاعدة التي تقول إن:

    الحضانة متى سقطت ببلوغ المحضون السن الشرعية فإننها لا تعود وفقاً للقاعدة الكلية الساقط لا يعود (...) وحيث أن الولي الجبري إذا رغب بضم الصغير بعد انتهاء سن حضانته وجب على الحاضنة أن تسلمه إليه بتمام الإستعداد وأن لا تركب رأس العناد. [168]

    وفي قضيتين إضافيتين لم يطبق القاضي سن حضانة الأم إلا بعد التماس رأي الأطفال قبل هذا. [169] وفي قضايا أخرى رفض القضاة القيام بهذا صراحة. فعلى سبيل المثال، رفضت محكمة صيدا الجعفرية التماس رأي طفلين وألزمت الأم بتسليمهما إلى أبيهما فور انقضاء سن حضانة الأم. وقررت المحكمة أن الطفلين لم يبلغا سن الاختيار بعد، رغم أن عمريهما كانا 13 و14 عاماً. [170] وتبنت محكمة بعبدا الجعفرية توجهاً مشابهاً حين رفضت الالتفات إلى رغبة فتاة في سن 15 عاماً في البقاء مع أمها. [171]

    ومع ذلك ففي الحالات التي التمس فيها القضاة آراء الأطفال بدا هذا وكأنه جزء من عملية تقييم لمصالح الطفل الفضلى. وفي إحدى القضايا أجاب القاضي طفلين لطلبهما البقاء مع أمهما "وذلك بعد أن تأكّدت المحكمة من علامات البلوغ وأن الولدين المذكورين يدركان لما يريدان". [172] كان الطفلان في سن 12 و14 سنة.

    وفي جميع القضايا المنظورة أمام محاكم سنية وجعفرية والتي راجعتها هيومن رايتس ووتش، أكد القضاة حق الأم أو الأب في الرؤية في حال عدم حصولهما على الحضانة.

    وتتميز بضعة أحكام صادرة من محاكم سنية راجعتها هيومن رايتس ووتش من حيث مخالفتها للميل العام إلى التطبيق سن الحضانة القانوني. [173] فقد حكم القضاة في تلك القضايا ببقاء الأطفال مع أمهاتهم بعد بلوغ السن القانونية لحضانة الأم في اعتماد تام على اعتبارات المصالح الفضلى للطفل.

    ففي إحدى القضايا رفض قاض سني طلب الأب بضم طفليه إليه بعد بلوغهما السن القانونية لحضانة الأم، شارحاً في منطوق الحكم أن "الضم وإن كان حقاً مشروعاً إلاّ أنه مقيد بالمنفعة (...) وحيث أن مثل هذا الوالد من الممكن أن يضيع عنده ولديه التوأم موضوع الدعوى لأنه لا يرغب في تحقيق مصلحتهم الصحية والأدبية والتعليمية"، مما أملى بقاء الطفلين في رعاية أمهما. [174]

    وبحسب المحامين الذين تحدثوا مع هيومن رايتس ووتش، تقوم المحاكم الروحية أيضاً على نحو روتيني بالحكم في تحديد المسؤول عن رعاية الأطفال كجزء من أحكام البطلان أو الطلاق أو الهجر أو الحل. [175] واستناداً إلى الحالات التي راجعتها هيومن رايتس ووتش، تبدو المحاكم الروحية بدورها وكأنها تصدر هي أيضاً أحكاما متباينة. ففي بعض الحالات تنظر المحاكم الروحية إلى مصالح الطفل الفضلى بصفتها "القاعدة المطلقة في تقرير حراسة الولد" في حال افتراق والديه، [176] لكنها في قضايا انحلال أخرى تمنح الأب الحراسة على الأطفال بدون تقديم أي تفسير. [177]

    وعلى سبيل المثال، تقوم بعض المحاكم الروحية بسلطتها التقديرية بتعيين أخصائيين اجتماعيين ونفسيين لإجراء تحقيقات ميدانية في ظروف معيشة كل من الوالدين، واختبارات نفسية للأسرة كلها، بغية تحديد المصالح الفضلى للطفل. [178] ومع ذلك ففي حالات أخرى نظرت فيها محاكم أرثوذكسية، قام القضاة آلياً بتطبيق سن حضانة الأم بدون الالتفات إلى مصالح الطفل الفضلى. وبالمثل، قامت محكمة جبل لبنان للسريان الأرثوذكس بمنح الأب حراسة أبنائه بغير تفسير، بعد انتهاء فترة حضانة الأم. [179]

    بل إن السيدات ظهرن في بعض القضايا وكأنهن تعاقبن على المبادرة إلى طلب إنهاء الزيجة أو على المسؤولية عن إنهائها. فعلى سبيل المثال، قامت المحكمة المارونية في إحدى الحالات برفض طلب التعويض والحضانة للأم، رغم كون الأطفال دون السن القانونية، ملاحظة أن "الأم تتحمل كامل المسؤولية من حيث أنها هي التي سعت للافتراق عن زوجها". [180] وفي قضية ثانية رفعتها سيدة أمام المحكمة الابتدائية الموحدة للروم الملكيين الكاثوليك، حكمت المحكمة ببطلان الزيجة بعد إجراءات امتدت لأربع سنوات، وضمت الأطفال للأب بدون تدوين أعمارهم. وكما ورد في ملف الدعوى، فبما أن السيدة تتحمل مسؤولية البطلان فإن المحكمة لم تر داعياً لمجرد التطرق إلى مسألة مصلحة الأطفال. [181]

    كما بدأت بعض المحاكم الروحية مؤخراً في منح الأبوين الحراسة المشتركة، التي تمنح بسلطة القاضي التقديرية. [182]

    إسقاط حق الأم في الحضانة

    تعترف كثير من قوانين الأحوال الشخصية، لدى الطوائف المسيحية [183] والشيعية والسنية والدرزية [184] على السواء بأسباب عديدة لإسقاط الحضانة عن الأم أو تقييدها، ومنها:

  • "عدم أهلية" الأم لتربية طفلها ورعايته؛
  • زواج الأم برجل غير والد الطفل؛
  • إهمال الأم لتنشئة الطفل الدينية (بما في ذلك أن تكون من ديانة مختلفة)؛
  • · "نشوز" الأم (ويحكم على المرأة بالنشوز إذا غادرت منزل الزوجية ورفضت مساكنة زوجها).
  • وتتيح هذه الأسباب لقضاة المحاكم الدينية أن يقيموا سلوك المرأة وعلاقاتها الشخصية وطبيعتها الأخلاقية ومعتقدتها الدينية، والتزامها بتلك المعتقدات.

    وبينما يجدر بالمحاكم أن تجري تقييماً حريصاً لقدرة الأبوين على رعاية أطفالهم عند تحديد الطرف الذي سيتحمل المسؤولية الأساسية عنهم، إلا أن المحاكم الطائفية اللبنانية نادراً ما تنظر في سلوك الأب لتقييم أهليته كأب، إن فعلت على الإطلاق. علاوة على هذا فإن بعض المعايير التي يستخدمها القضاة الطائفيون لتقييم أهليتها تستند إلى تنميطات تمييزية ضد الأمومة والأنوثة بصفة عامة، بدلاً من تقييم أهلية الأم لأداء وظائف الأم ومدى تحقق المصلحة الفضلى للطفل ببقائه معها. فعلى سبيل المثال، بينما يعد الزواج الثاني سبباً لإسقاط حضانة الأم فإنه لا يمس الحقوق الأبوية أدنى مساس.

    بسبب "عدم الأهلية" في غياب معايير موضوعية خالية من التمييز

    عند تقييم أهلية الأم للحضانة، ينظر القضاة في موثوقية الأم وقدرتها على توفير التربية "الأخلاقية" لأطفالها. [185] ومع ذلك فلا توجد معايير واضحة صريحة لتقييم الموثوقية والقدرة على توفير التربية الأخلاقية والدينية، وغالباً ما تتم هذه التقييمات بناء على معايير تعسفية تنميطية أو تمييزية. وفي معظم الحالات لا تثار هذه المسائل إلا عند بلوغ الطفل سن انتهاء حضانة الأم، إلا أنها قد تنشأ أيضاً إذا شكك الأب في أهلية الأم للحضانة أثناء فترة حضانتها.

    وقد أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع 12 سيدة تحدثن عن المعايير المزدوجة التي تطبقها المحاكم عند تقييم أهلية الأب أو الأم كأبوين، وكيف عملت الأسباب التعسفية لإسقاط حضانة الأم أو تقييدها على منعهن من التماس إنهاء زيجاتهن، أو دفعتهن إلى التنازل عن حقوقهن المالية. [186]

    وقالت ميراي لـ هيومن رايتس ووتش إنها لم تفكر أصلا في طلب البطلان أمام المحكمة المارونية، بسبب ما ينطوي عليه الأمر من تكلفة وكذلك بسبب خوفها من فقدان أطفالها الذين كانوا في سن صغيرة جدا:

    بناتي، وهن روحي وحياتي، هن السبب الرئيسي في أنني لم أترك البيت [الزواج] حتى الآن. لم أستطع تحمل فكرة فقدانهن. ولهذا بقيت في المنزل [الزواج]... لم نرحل حتى أصبحن راشدات، لكن لو كنت رحلت قبل ذلك لسنحت لي على الأقل فرصة البحث عن وظيفة جيدة وتأمين حياة أفضل... أما في سني الآن فإن العمل الوحيد الذي يمكنني القيام به هو خدمات الضيافة. [187]

    واضطرت سوزان، وهي سيدة عمرها 44 عاماً تزوجت أمام الكنيسة الأرثوذكسية في 1998، للتخلي عن كل حقوقها المالية للاحتفاظ بابنتها التي تبلغ السابعة حتى بلغت السن القانونية لانتهاء حضانة الأم، التي كانت 9 سنوات في ذلك الوقت. وقد شرحت لنا:

    رغم أنه حقي القانوني، إلا أن زوجي هددني بالتشكيك في أهليتي كأم أمام المحكمة إذا أصررت على المطالبة بحقي في التعويض. وكان هذا بعد اكتشافي لخيانته لي... بصراحة، لم أطق العيش معه تحت سقف واحد، وكنت أخشى أن يأخذ ابنتي مني. فوقعت على اتفاق أمام المحكمة ولم يتساءل القاضي حتى عن سبب قبولي بهذا... ومن حسن الحظ أن والديّ كفلاني مالياً وعاطفياً طوال العملية. إنني أتساءل دائماً، ماذا تفعل بقية السيدات اللواتي في هذا الموقف ولا تحظين بهذا النوع من الدعم؟ هل تحتفظن بأطفالهن أم تخاطرن بفقدانهن من أجل تأمين المعيشة؟ [188]

    كما شرحت عدة سيدات أخريات تحدثن مع هيومن رايتس ووتش أن الخوف من الحكم عليهن بـ"عدم الأهلية" يمنعهم من متابعة حياة اجتماعية طبيعية بعد الانفصال عن أزواجهن.

    وقالت دينا لـ هيومن رايتس ووتش أنها، بينما كانت قضيتها عالقة أمام المحاكم الجعفرية، في الفترة السابقة على طلاقهاقبل حصولها على اتفاق مصدّق من المحكمة تحتفظ بموجبه على حضانة ابنتها مقابل حق زيارة الأب الأسبوعية، كانت تخشى من الخروج ليلاً لقضاء بعض الوقت مع الأصدقاء. وفي المرات القليلة التي خرجت فيها، كانت تتجنب ما تطلق عليه الأماكن "المشبوهة" ـ أي المحال التي تقدم الخمر أو تعزف موسيقى صاخبة. وبناءً على نصيحة من محاميها، إذا كانت مصرة على تناول مشروب كحولي وهي بالخارج، "فإنني أشرب الفودكا من عبوة البيبسي" حسبما قالت. [189]

    وقد حضرت هيومن رايتس ووتش جلسة بمحكمة إسلامية في قضية ضد سيدة قامت فيها محامية الأب بتقديم قرصاً مدمجاً يحتوي على صور للأم مأخوذة من صفحتها بموقع "فيسبوك" وتظهرها وقد خرجت ليلاً مع صديقاتها. وركّزت محامية الأب حجها على أنّ أم بهذه العادات هي غير آهلة لتربية أطفالها متذرعة بأنها تشرب الكحول. وكانت القضية ما تزال أمام المحاكم حتى توقيت كتابة هذا التقرير.

    ويتمتع القضاة بسلطة تقديرية واسعة في إصدار الأحكام بشأن أهلية الأم، ففي بعض الحالات يلقي القضاة بعبء إثبات أهلية الأم على الأب، ويشترط آخرون على الأم أن تثبت أهليتها، مما يمكن أن يحول القضية إلى محاكمة علنية لأخلاقها وأسلوب حياتها.

    سلطة القضاة التقديرية في تقييم أهلية الأم

    في واحدة من القضايا تزوجت سيدة غير لبنانية برجل لبناني التقت به في ملهى ليلي كانت تعمل به. وأثناء الزواج أنجبا طفلة ثم وقع الطلاق عندما بلغت الطفلة سن العام. واحتفظ الأب بحضانة الطفلة بعد الطلاق رغم أنها كانت دون السن القانونية لحضانة الأم، فحصلت الأم على أمر من محكمة بيروت السنية الابتدائية تلزم الأب بتسليم الطفلة إليها. استأنف الأب القرار أمام المحكمة السنية العليا، التي نقضت حكم المحكمة الابتدائية وأسقطت حق الأم في الحضانة.

    وكان الأب قد تذرع بعدد من الأسباب، أمام المحكمة الابتدائية، حتى تسقط المحكمة حضانة الأم، ومنها وظيفتها السابقة، وأنها لم ترضع الطفلة، وما وصفه بأنه مشاكل نفسية تتعلق بالغضب، والاعتداء عليها جنسياً في طفولتها. وأمرت المحكمة بتوقيع كشف طبي على الأم بواسطة طبيبين، فقررا أنها لا تعاني من أية مشاكل أو أمراض نفسية من شأنها التأثير سلباً على تنشئة ابنتها وصحتها النفسية.

    وعلى هذا الأساس حكمت المحكمة الابتدائية بضرورة رد الطفلة إلى حضانة أمها، ملاحظة أن ادعاءات الأب عن الحالة النفسية للأم التي تبطل أهليتها قد تم رفضها بعد التقارير الطبية. [190]

    ومع ذلك فقد بدا وكأن المحكمة العليا قد رفضت رأي الخبيرين الطبيين ونقضت الحكم الابتدائي، شارحة أن الأم فقدت الأهلية لأنها حاولت الانتحار قبل بدء إجراءات المحكمة الابتدائية، وبعد أخذ الطفلة منها. وجاء في منطوق الحكم: " فإن لم تكن أمينة على نفسها فهل ستكون أمينة على نفس غيرها ...؟". [191]

    كما أن جميع المحاكم الطائفية تنظر إلى عمل المرأة وتزنه على نحو مختلف مقارنة مع عمل الأب، عند تقييم أهليتها للحضانة. وقد راجعت هيومن رايتس ووتش سبعة أحكام تناولت إشكالية عمل المرأة عند تقييم أهليتها لتربية طفل. [192] ورغم أن القضاة لم يحكموا دائماً لصالح السيدات، إلا أن الآباء في جميع القضايا استغلوا عمل المرأة للدفع بعدم أهليتها كأم. وفي المقابل لا يتم التطرق بتاتاً إلى هذا الجانب عند تقييم أهلية الأب.

    وفي تلك الحالات السبع لم يتم تحليل يذكر لمسألة ما إذا كان الأطفال يلقون الرعاية المناسبة من عدمها.

    في حكم صادر من المحكمة السنية العليا في 22 ديسمبر/كانون الأول 2010، نقضت المحكمة حكم المحكمة الابتدائية التي قضت بمنح الأم الحضانة في فترة الحضانة، مستشهدة بمصالح الطفل الفضلى: "فالأم/المستأنف ضدها مشغولة بعملها من الصباح إلى المساء، كما أنها تعيش مع جدتها المسنة". وبالمثل قامت محكمة ابتدائية سنية بإسقاط حق سيدة في حضانة ابنها الذي يبلغ من العمر 4 سنوات لأنها "منشغلة عن تربيته وتتركه في مراكز الرعاية". [193]

    ومع ذلك ففي قضايا أخرى رفض قضاة المحاكم السنية صراحة مجرد النظر في عمل الأم كسبب لإسقاط حضانتها، خاصة إذا كانت "الأم مطلقة بلا عائل"، [194] بشرط أن يكون "نوع العمل وساعاته بلا تأثير على رعاية الطفل". [195]

    وكذلك تقوم جميع محاكم الطوائف بإيلاء الاعتبار إلى قرب مسكن الأم من منزل الأب، مع تفضيل القرب، عند تقييم قدرتها على تربية طفلها ورعايته. ولا ينظر في اعتبارات مماثلة عند تقييم أهلية الأب.

    بسبب زواج الأم من رجل غير الأب

    في حالات وجود زواج بين أم مطلقة ورجل غير والد طفلها، تفقد الأم حضانة الطفل لدى الطوائف الشيعية والسنية والدرزية (على الرغم من أنه بالنسبة للمرأة السنية والدرزية، فإنه يمكن نقلها إلى الجدة من جهة الأم إذا كانت الفتاة في سن أقل من 9 سنوات والصبي في سن أقل من 7 سنوات). وفي الطوائف المسيحية يعد الزواج الجديد أيضاً سبباً لإنهاء حضانة الأم، لكن القضاة يمتلكون سلطة تقديرية في عدم إسقاط الحضانة إذا اعتبروا هذا في مصلحة الطفل الفضلى. وقد تحدثت بعض السيدات اللواتي أجرت معهن هيومن رايتس ووتش المقابلات عن قيام أزواجهن السابقين باللجوء إلى التهديد بإسقاط الحضانة عنعن بسبب علاقة جديدة، لإكراههن وتهديدهن والسيطرة على سلوكهن.

    ولا ينطبق هذا الشرط على الأب، الذي يمكن له الزواج من جديد أو إقامة علاقة مع سيدة غير والدة أطفاله بدون عواقب مماثلة. وبالتالي فإن على المرأة أن تختار بين الحضانة وحقها في تقرير مصيرها واتخاذ القرارات المتعلقة بـجوانب حياتها الحميمية. وفي ثلاث حالات قالت سيدات أجرت معهن هيومن رايتس ووتش المقابلات ويتمتعن بحضانة أطفالهن إنهن اخترن الامتناع عن إقامة أي علاقة، رغم قدرة أزواجهن السابقين على هذا، حتى لا تخاطرن بفقدان أطفالهن.

    فقالت دينا لـ هيومن رايتس ووتش:

    إذا نشرت صورة على صفحتي بموقع "فيسبوك" من حفل أو تجمع ذهبت إليه، أو من أية مناسبة توحي بأنني أعيش حياة اجتماعية طبيعية، تصلني رسالة من زوجي السابق للسخرية مني والتفوه بأشياء من قبيل أنه يتساءل إن كنت سأحتفظ بابتسامتي بعد شهرين، حين يتمكن من استرداد ابنته مني!!! فكيف لي مجرد التفكير في علاقة مع رجل آخر؟ [196]

    وريا في وضع مشابه، فرغم أن زوجها السابق قد تزوج مجدداً إلا أنه يهدّدها: إذا تواجد رجل آخر مع ابنته أو زارهما في بيته، فسوف يطردها على الفور ويسترد ابنته. وقد قام محامي ريا بنصحها ألا تظهر أي نوع من العاطفة أو تكشف عن وجودها في علاقة حميمة علناً، وإلا عرضها هذا لخطر فقدان ابنتها جدياً. [197]

    وحتى في حالات عدم وجود إكراه أو تهديد من الأب، فإن سلطة القاضي التقديرية بشأن حضانة الأم في حال رغبتها بإقامة علاقة جديدة تجعلها دائمة الترقب، وتضع المرأة التي في علاقة في موقف الاستضعاف.

    وقد لاحظ حكم صادر من المحكمة الابتدائية المارونية الموحدة في 31 يناير/كانون الثاني 2008 أن:

    الزوجة تعيش مع ابنتها وهي على علاقة مع أحد الرجال التي حسبما هو ظاهر حتى تاريخه، قد تركت زوجها لأجله لتكون معه وقد توفرت صور تدعم صحة ذلك... ووجود علاقة مشبوهة للوالدة مع رجل آخر غير زوجها له أثره البليغ في نفسية وشخصية الابنة القاصر وبالتالي يسبب نوعاً من عدم توازن أو اضطراب في شخصيتها، الامر الذي لا يصب ايضاً في خيرها ومصلحتها... وعلى الرغم من ان وجود الطفلة مع والدتها في عمر الخمس سنوات هو الأفضل، ولكن خيرها وتصلحها يكمنان في وجودها مع والدها في مثل هذه الحالة التي تعيشها الزوجة والوالدة من علاقات مشبوهة. [198]

    وكذلك نظرت المحكمة السنية العليا في قضية قامت فيها سيدة مطلقة ولديها أطفال بالزواج مجدداً، ثم حصلت على الطلاق بطريق الخلع حين اكتشفت أن الزواج الجديد يبرر إسقاط الحضانة عنها. ورغم طلاق الأم من الزوج الثاني إلا أن القاضي أسقط حضانتها، مقرراً أن ادعاء الأم "ببذلها الغالي والرخيص هو في غير محله ولو كان كذلك لتفرّغت لحضانتها دون الزواج". [199] وفي قضية أخرى حكم أحد قضاة محكمة بيروت السنية أيضاً بإسقاط حضانة الأم "بمجرد العقد من زوج جديد ... لأن المرأة تصير في مظنّة الإنشغال عن المحضون والتهيؤ للزواج وأخذها في أسبابه". [200] والمبدأ العمومي الذي يسقط الحضانة عن الأم عند زواجها من جديد يخفق أيضاً في مراعاة المصالح الفضلى للطفل، وما إذا كانت العلاقة الجديدة للأم ستؤثر فيها، وما إذا كانت الأم ستظل تمثل الحاضن الأنسب للطفل.

    بسبب إهمال التنشئة الدينية للطفل

    ومن أكثر الأسباب التي ذكرها قضاة في القضايا التي راجعتها هيومن رايتس ووتش وصدر فيها الحكم بإسقاط الحضانة عن المرأة، إهمال التنشئة الدينية للطفل. وكأن هناك تسليم وسط القضاة بأن المرأة ستهمل حكماً تنشئة طفلها إذا كانت مختلفة الديانة. لكن الرجال لم تسقط حقوقهم في الولاية في أية قضية راجعناها بدعوى إهمال التنشئة الدينية لأطفالهم.

    ولم ترد إشارة في تلك القضايا إلى أن تجريد المرأة من حق الحضانة، عندما تكون من ديانة مختلفة، يتفق مع المصالح الفضلى للطفل. وعلاوة على هذا فإن حرمان الأم مختلفة الديانة من حق الحضانة يتعدى على حقها في تربية أطفالها وفق معتقداتها. كما أن للأطفال الحق في اختيار ديانتهم، أو ألا تكون لهم أية ديانة. [201]

    إلا أن التنشئة الدينية أمر شديد الأهمية في قوانين الطوائف الدينية المختلفة، المصممة لتعزيز الانتماء إلى الطائفة، مما يؤمن استمراريتها في الوجود. وتفترض القوانين بأن التوكيد على التنشئة الدينية هو معيار محوري من معايير مصلحة الطفل.

    فجميع القوانين الطائفية في لبنان تنص على إسقاط حضانة الأم أو تقييدها عند اختلاف ديانة الأم عن ديانة طفلها، وإخفاقها في إظهار "الالتزام الواجب" بتنشئة الطفل الدينية. [202] وينتمي الأطفال إلى ديانة أبيهم فرضاً، بموجب جميع القواني الطائفية، وليس ديانة الأم. كما أن المرأة قد تغير ديانتها للحصول على الطلاق من زوجها، وينتج عن هذا اختلاف ديانتها عن ديانة طفلها. وربما يقوم بعض القضاة، وخاصة في الطوائف المسيحية، بالتخفيف من هذه القاعدة وعدم إسقاط الحضانة عن الأم، ملاحظين أن المرأة لم تغير ديانتها بناءً على اعتناقها الحر الصحيح للدين الجديد، بل للتحايل على صعوبة إنهاء الزواج.

    وقد وجدنا في الحالات التي راجعتها هيومن رايتس ووتش أن الانتماء الديني للأم الحاضنة كان في الأغلب الأساس المستغل لتجريدها من حقوق الحضانة.

    وتعمل هذه الأحكام على تقويض حق المرأة المتساوي في تربية أطفالها وفق معتقداتها الدينية الخاصة، مع احترام حق الطفل في اختيار ديانته أو ألا تكون له ديانة. [203] فهي بتركيزها الحصري على الانتماء الديني تخفق أيضاً في تلبية مصالح الطفل الفضلى.

    وفي حكم أصدرته المحكمة الابتدائية المارونية الموحدة في 31 يناير/كانون الثاني 2008، حكمت المحكمة بإسقاط حضانة أم بما أن " عمل الزوجة من خلال ابدال دينها، واعتناق السنة الاسلامية فيه خطر على الابنة القاصر وهو أن تتربى على السنة الإسلامية وليس على المبادئ المسيحية الامر الذي لا يصب في مصلحة وخير الابنة القاصرة". [204]

    وفي قضية نظرت فيها المحكمة السنية العليا، تذرع الأب في ضرورة إسقاط حضانة الأم لأنها ليست مسلمة. واعترفت المحكمة بهذا كمبرر معقول لإسقاط الحضانة، لكنها طلبت من الأم اعتناق الإسلام رسمياً وتقديم نسخة جديدة من وثائقها الشخصية تثبت أنها مسلمة للاحتفاظ بالحضانة.

    وفي معرض الرد ذكرت الأم أنها مسلمة، وتلت الشهادتين أمام المحكمة، لكنها عجزت عن تسجيل تحولها للإسلام بسبب المشاكل التي قد تواجهها مع عائلتها. ولم تحكم المحكمة لها بالاحتفاظ بالحضانة إلا بعد الحكم بأن تلاوتها للشهادتين تكفي لإثبات إسلامها. [205]

    وعلى نحو مشابه قام أب برفع دعوى أمام محكمة بيروت السنية لإسقاط الحضانة عن الأم مستشهداً بقلقه من إقامة ابنته وأمها "مع عائلة الأم النصرانية". [206] وقد رفض القاضي الدعوى، ولكن بعد التثبت من "صحة اعتناق الأم للديانة الإسلامية". وأيدت المحكمة السنية العليا هذا الحكم فرفضت استئناف الأب لحكم المحكمة الابتدائية. وقضت المحكمة بأنه "لم يثبت بدايةً ولا استئنافاً أنّ عقيدة البنت ومصلحتها تتأثر في البقاء مع أمها المستأنف عليها التي أقرّ المستأنف بداية بأنها اعتنقت الإسلام وتعلم ابنتها تلاوة القرآن". [207]

    وإضافة إلى اضطرار الأمهات لإثبات انتمائهن إلى نفس ديانة أطفالهن فقد اضطررن في حالات كثيرة إلى البرهنة للمحكمة على إخلاصهن في اعتناق ديانة أطفالهن في سبيل الاحتفاظ بالحضانة.

    وفي حكم صادر من محكمة بيروت السنية في 21 أكتوبر/تشرين الأول 2004، لم يمنح القاضي الأم حضانة ابنتيها إلا بعد أن أثبتت:

    عدم تعاطي أهلها الخمر أو أي شيء محرم وأنّها تقيم الصلوات الخمس وأنها ملتزمة دينياً وتطبق أحكام الإسلام وتربّي أولادها تربية إسلامية وأنّها علّمت ابنتيها الصلاة وتحفظهما بعض السور من القرآن الكريم.

    ولا يكتفي للقاضي اختبار إيمان الأم وحدها، بل عقيدة طفلها أيضاً، فقد عبرت إحدى المحاكم عن "طمأنينته على سلامة عقيدة البنت بعد أن استدرجتها المحكمة لمعرفة ما إذا كانت تحفظ أدعية نصرانية مخالفة للشريعة الإسلامية دون أن تسفر عن نتيجة". [208] وفي قضية مشابهة، تثبت القاضي من أن الطفلة لا تعرف "شيئاً البتة عن صلاة المسيحيين وتراتيلهم الدينية" واطمأن إلى قدرتها على "قراءة سورة الفاتحة وبعض قصار سور القرآن الكريم، وأفعال الوضوء والصلاة" قبل تأييد الحضانة لها. [209]

    بسبب النشوز

    ينطبق مفهوم النشوز عند المحاكم الدينية على المرأة التي غادرت منزل الزوجية ورفضت مساكنة زوجها. وللمحكمة أن تأمر المرأة التي غادرت منزل الزوجية بمساكنة الزوج، وإذا رفضت فللمحكمة أن تحكم بنشوزها، مما يمكن في أغلب الأحيان استغلاله لإسقاط حقها في الحضانة ما لم تقدم سبباً شرعياً لمغادرة منزل الزوجية.

    وقد شرحت سينتيا وميراي، اللتان تعرضتا كلتاهما للإساءة البدنية والعاطفية أثناء زواجهما، لـ هيومن رايتس ووتش أن أسقف الأبرشية المحلي نصحهما بعدم مغادرة منزل الزوجية رغم الإساءة، لأن المحكمة المارونية ستعتبر هذا من أفعال النشوز الذي قد يؤدي لإسقاط حقهما في الحضانة. [210] كما تلقت دينا وأمينة نفس النصيحة من محامييهما، اللذين قالا إن المحاكم السنية والجعفرية على الترتيب قد تحرمهما من حق الحضانة استناداً إلى حكم النشوز إذا فعلتا هذا. [211]

    دارين

    وفي قضية أخرى قالت دارين، وهي لبنانية شيعية في الأربعينات من عمرها، إنها تزوجت سعودياً أمام المحكمة الجعفرية في بيروت ثم انتقلت معه إلى الرياض، حيث لم تستطع العمل، كما أجبرها زوجها على تغطية وجهها بالكامل بالنقاب ولم يسمح لها بالتعامل مع الرجال ولو كانوا من أفراد عائلتها. عادت دارين إلى لبنان مع ابنتها بعد أن قررت أنها لا تريد العودة إلى الرياض، مفضلة تربية ابنتها في بيروت واستئناف مسيرتها المهنية كمهندسة معمارية. فرع زوجها دعوى "طاعة ومساكنة" أمام المحكمة الجعفرية في بيروت، التي حكمت بإرغام دارين على العودة إلى الرياض للعيش معه. وشرح محامي دارين لها أن عدم امتثالها لحكم الطاعة يجعلها "زوجة ناشز" في نظر القانون ويحرمها من حق الحضانة. وقالت دارين لـ هيومن رايتس ووتش: "كل ما أريده هو تأمين بيئة كريمة وصحية لابنتي. لكن أسلوب تعامل زوجي مع القضية يسبب لها الكثير من الضرر، ولنا كأسرة... لكنني أخشى أن المحاكم الدينية غير قادرة أو غير مستعدة لرؤية هذا". [212]

    V . هشاشة المرأة الاقتصادي وعدم ملاءمة آليات الحماية من العنف الأسري

    من بين 27 سيدة أجريت معهن المقابلات لأجل هذا التقرير، قالت 23 إن العقبة الرئيسية التي واجهنها في محاولة الحصول على الطلاق هي هشاشة وضعهن الاقتصادي ، أثناء إجراءات إنهاء الزيجة وبعدها على السواء.

    ويرجع هذا في جزء منه إلى أن القيم الثقافية والدينية والتقليدية في لبنان تقوض من الاستقلال الاقتصادي للمرأة وتساهم في تهميشها اقتصادياً وتبعيتها للزوج، وفي جزء آخر إلى عدم اعتراف قوانين الأحوال الشخصية اللبنانية بمساهمات المرأة الاقتصادية وغير الاقتصادية في الزواج، بما فيها قيمة عملها المنزلي بدون أجر، أو مفهوم الملكية الزوجية. [213]

    وفي هذا خرق لالتزامات لبنان الحقوقية الدولية بتوفير الوصول المتساوي إلى ملكية الأصول واقتنائها وإدارتها والتمتع بها والتصرف فيها. علاوة على هذا فإن غياب تدابير الحماية القانونية الكافية من العنف الأسري قد يعزز انعدام المساواة الاقتصادية للنساء ويساهم في أحيان كثيرة في عجز السيدات عن حماية أنفسهن من العنف أو عن ترك الزيجات المسيئة.

    تبعية المرأة الاقتصادية في الزواج

    لدى جميع الطوائف، تنص قوانين الأحوال الشخصية على أن واجب الزوج أن يعيل زوجته وأسرته، بينما ينحصر واجبها في رعاية الأطفال والمساكنة. وبموجب تلك القوانين، يتعين على الزوج إعالة زوجته وأطفاله، بما في ذلك توفير الغذاء والكساء والمأوى وغيرها من نفقات المعيشة. أما الزوجة فعليها معاشرة الزوج ومساكنته في مسكن الزوجية.

    وانعكاساً لهذه القوانين والأعراف، وبحسب دراسة من سنة 2010 عن سوق العمل في لبنان، أجرتها الإدارة المركزية للإحصاء في لبنان والبنك الدولي، يبلغ معدل توظيف السيدات المتزوجات 34 بالمئة مقارنة بـ59 بالمئة لغير المتزوجات. ولا تمثل المرأة إجمالاً سوى 25 بالمئة من قوة العمل في لبنان. [214] وإضافة إلى هذا، بوسع الزوجة الالتجاء إلى المحاكم لإرغام الزوج على تأدية واجباته المالية بإعالتها إذا تقاعس عن هذا. [215] وهناك غياب للمعايير القانونية الواضحة التي تحدد مقدار النفقة، ويبدو أن السيدات تحصلن في أغلب الأحيان على مبالغ لا تكفي لإعالتهن، كما لا توجد تقريباً أية آليات بديلة لدعم السيدات اقتصادياً أثناء تلك الإجراءات. (انظر قسم "أحكام نفقة الزوجة غير الكافية والمنحازة والمتعسفة" أدناه).

    يضاف إلى هذا أن التزام الزوج بالإنفاق على الزوجة يسقط لدى جميع الطوائف إذا بدأت الزوجة في إجراءات لإنهاء الزيجة، أو حكم عليها بالنشوز، أو إذا أخفقت في تلبية التزاماتها الزوجية بما فيها معاشرة الزوج.

    ويسقط التزام الزوج بإعالة الزوجة آلياً بمجرد صدور حكم ينهي الزيجة. وفور انتهاء الزيجة لا يعود الزوج ملزماً بإعالة زوجته السابقة مالياً، بغض النظر عن احتياجاتها أو قدرته على إعالتها أو مساهماتها المالية وغير المالية في الزواج.

    كما أن مفهوم الملكية الزوجية غير موجود لدى جميع الطوائف، بل تعتبر الأصول الزوجية، كمنزل الزوجية مثلاً، ذات ملكية منفصلة، وترتد إلى الطرف الذي تم تسجيلها باسمه ـ وهو الزوج تقليدياً في لبنان ـ بغض النظر عن أية مساهمات اقتصادية أو غير اقتصادية قدمتها المرأة في سبيل تملك العقار.

    أحكام نفقة الزوجة غير الكافية والمنحازة والمتعسفة

    في حالات إخفاق الزوج في دعم أسرته مالياً، أو عجزه عن تلبية احتياجاتها، يجوز للزوجة في جميع الطوائف أن ترفع دعوى أمام المحاكم الطائفية تلزمه تأدية واجب النفقة . ولهذه الغاية، عليها أن تثبت إخفاق الزوج في إعالتها بما يكفي احتياجاتها، ودحض التذرع بالإفلاس أو عدم القدرة المادية، بما أن مسؤولية الزوج تتوقف على قدرته على السداد وليس احتياج الزوجة فقط.

    إلا أن القضاة في دعاوى النفقة لا يستعينون بمعايير واضحة في تقييم المستويات الكافية من نفقة الزوجة. فعلى سبيل المثال، لا يعتمد القضاة بانتظام على معايير ثابتة مثال الحد الأدنى للأجور أو قيمة أصول الزوج المالية أو راتبه السنوي خلال عملية تحديد النفقة الزوجة. وقد أدى عدم استعانة القضاة بمعايير واضحة لدى تطبيق المعايير القياسية لقوانين الأحوال الشخصية عند تقييم المستويات المناسبة للنفقة، في جميع الحالات التي راجعتها هيومن رايتس ووتش، إلى صدور أحكام غير كافية ومتعسفة.

    وقد قال محامون لـ هيومن رايتس ووتش إن نفقة الزوجة نادراً ما تتجاوز 600 ألف ليرة لبنانية (400 دولار أمريكي). [216] وفي 24 حكماً صادرة عن المحاكم الروحية وراجعتها هيومن رايتس ووتش، تراوحت مبالغ النفقة المحكوم بها بين 150 ألف ليرة (100 دولار) إلى 600 ألف ليرة (400 دولار) شهرياً. وبالمثل، بلغ متوسط النفقة المحكوم بها أمام المحاكم السنية والجعفرية في 38 قضية راجعتها هيومن رايتس ووتش 300 ألف ليرة (200 دولار) شهريا، رغم أن بعض السيدات طلبن أكثر من هذا بكثير استناداً إلى قدرة أزواجهن على دفع مبالغ أعلى. وفي حالات قيام سيدات أمام المحاكم السنية بترك المبلغ لتقدير المحكمة، كانت المحكمة تحكم لهن آلياً بـ200 ألف ليرة (133 دولار). [217]

    ويبرر القضاة الحكم بنفقة زوجية متدنية استشهاداً بالاقتصاد المنهار وانخفاض الحد الأدنى للأجور، لكن المحامين الـ11 الذين يعملون في قضايا الأحوال الشخصية أمام المحاكم والذين أجرت معهم هيومن رايتس ووتش المقابلات أفادوا أن القضاة يترددون في الحكم بمبالغ أعلى، حتى في القضايا التي يمكن للزوج فيها أن يدفع أكثر. فعلى سبيل المثال، في قضية لسيدة فرنسية تزوجت من لبناني ثري، يمتلك عدة عقارات وأموال تقدر بملايين الدولارات، بحسب محاميها، أمرت المحكمة الزوج بدفع 300 دولار شهرياً كنفقة. وبما أن المبلغ لم يكن يكفيها لاستئجار سكن مناسب، فقد قال المحامي لـ هيومن رايتس ووتش إن السيدة كانت تعيش في دير وقتذاك. [218]

    وفي قضية أخرى، قامت لانا التي كانت في أواخر العشرينات، والتي تزوجت في صغرها أمام المحكمة المارونية، برفع دعوى نفقة بموازاة دعوى هجر، بغرض الحصول على نفقتها هي وابنها الذي يبلغ من العمر عامين، على أثر خلاف مع زوجها أدى بها إلى ترك منزل الزوجية لأسباب اعترفت المحكمة بمشروعتها. وبعد شهور رفعت لانا الدعوى فمنحتها المحكمة المارونية هي وابنها نفقة تبلغ 700 ألف ليرة لبنانية (460 دولار) شهريا، رغم امتلاك زوجها عدة عقارات وامتهانه المحاماة. [219]

    ولم ترتفع مبالغ النفقة الزوجية على نحو محسوس إلا في حالات قيام الزوجة بعقد اتفاق مالي سابق على الزواج مع الزوج، ينص على احتفاظ الزوجة بنفس مستوى المعيشة في حالة الانفصال. وقد أشار المحامون الذين تحدثوا مع هيومن رايتس ووتش إلى أن المدفوعات الشهرية في بعض قضاياهم وصلت إلى 4000 دولار. [220]

    سقوط الحق في النفقة بسبب النشوز

    تخاطر السيدات، أمام المحاكم السنية والجعفرية والدرزية والمسيحية، بفقدان حقهن في نفقة الزوجية إذا غادرن منزل الزوجية وحكم عليهن من ثم بالنشوز. فمجرد حقيقة أن المحاكم باستثناء المحاكم الدرزية تقبل لقضايا الطاعة والمساكنة يعرض المرأة للانتهاك ويقيدحقها في إنهاء العلاقة الزوجية بصورة عادلة. وقد روت سيدات أمام محاكم الأحوال الشخصية السنية والجعفرية لـ هيومن رايتس ووتش كيف رفع أزواجهن أو هددوا برفع دعاوى طاعة ومساكنة عندما حاولن إنهاء زيجاتهن. [221]

    وفي حالات راجعتها هيومن رايتس ووتش، أمر القضاة الزوجات بالعودة إلى منزل الزوجية حتى عندما كان الأزواج مسيئين، أو لم يسمحوا للزوجات بالاحتفاظ بحضانة أطفالهن، أو لم يدفعوا نفقة الأطفال، وحاولوا تقويض الحقوق المالية للزوجات.

    ويجوز للرجل السني أو الشيعي الذي غادرت زوجته منزل الزوجية أن يرفع دعوى أمام المحكمة المختصة لإجبارها على العودة إلى المنزل، وإذا أمرت المحكمة الزوجة بالعودة ومساكنة زوجها ولم تمثتل فإن المحكمة تعتبرها زوجة ناشزاً ويسقط حقها في نفقة الزوجية. وتستند هذه الأحكام إلى قواعد عرفية تبنتها المحاكم الجعفرية والسنية، لا ينظمها نص ديني أو قوانين. [222]

    أما المحاكم الدرزية فلا تقبل دعاوى الطاعة والمساكنة، إلا أن قوانين الأحوال الشخصية الدرزية تعفي رجال الدروز من نفقة الزوجة أثناء فترة مغادرة الزوجة لمنزل الزوجية بدون سبب شرعي، أو إذا رفضت تمكين زوجها من دخول منزلها.

    وقد قامت هيومن رايتس ووتش بتحليل لـ40 حكماً صادرة في قضايا طاعة ومساكنة أمام المحاكم السنية والجعفرية، التي لا يمكن إلا للأزواج رفعها على زوجاتهم. ومن بين الأحكام الـ40، قام القاضي في 23 منها بأمر الزوجة بالعودة إلى منزل الزوجية وبالتالي فقد ألزمها بهذا وإلا فقدت حقوقها المالية. وفي 21 من هذه القضايا، أمر القاضي الزوجة بمساكنة زوجها حتى حينما قررت أنها لا تريد مواصلة الزيجة. وفي الحالات الـ17 التي لم يحكم القاضي فيها بنشوز الزوجة، رفضت المحكمة دعوى الطاعة لأن الزوج لم يدفع مؤخر الصداق أو لتوصل الزوجين إلى اتفاق أثناء المحاكمة.

    ويمكن الحكم على الزوجات بالنشوز أمام المحاكم الروحية أيضاً، وسقوط حقوقهن في نفقة الزوجية لمغادرة منزل الزوجية ورفض السكن مع الزوج بدون سبب مشروع. ومن سلطة القاضي التقديرية أن يقيم ماهية السبب المشروع. وتثار قضية النشوز في النصوص المسيحية في سياق دعاوى البطلان أو الفسخ أو الطلاق أو الهجر. وفي انتظار المحاكمة في دعوى إنهاء الزيجة، يجوز للمرأة رفع دعوى للحصول على نفقة مؤقتة. وتفقد المرأة حقها في نفقة الزوجية إذا رفضت دعواها لإنهاء الزيجة وصدر حكم بالمساكنة ورفضت الامتثال له.

    قالت ست سيدات متزوجات أمام المحاكم الإسلامية إن أزواجهن هددوهن بدعاوى الطاعة والمساكنة حين طلبن الطلاق، وبالتالي هددوا حقوقهن في نفقة الزوجية وربما في حضانة الأطفال. وفي إحدى القضايا قالت دينا:

    كان واضحاً لي وله أن الزيجة لا يمكن أن تستمر. ولعله كان يريد إنهاءها أكثر مني، لكن فور أن طلبت الطلاق، بعد اكتشافي لاستحالة الحصول على طلاق حاكم من السلطات الجعفرية المختصة، هددني بدعوى الطاعة، التي من شأنها أن تحول حياتي جحيماً وترغمني على العودة إلى الخليج للعيش معه ومع عائلته. لم أكن أتخيل أن يظل هذا ممكناً في عصرنا هذا.

    وفي قضايا الطاعة والمساكنة الـ40 التي تم تحليلها، غالباً ما كان القضاة يهملون ويتغاضون عن الأسباب والمبررات التي دفعتهن مغادرة المنزل الزوجي، بما فيها الإساءة البدنية.

    ففي 21 قضية، ورغم مزاعم الزوجة بأنها تركت المنزل بسبب الإساءة، أمرها القضاة بالعودة إلى زوجها. وعلى سبيل المثال، أمرت المحكمة الجعفرية العليا إحدى السيدات بالعودة إلى زوجها رغم مزاعمها بأن "أساء معاملتها وضربها ورفض الإنفاق عليها ومنعها من العمل". وأسست المحكمة حكمها على تصريح قصير من الزوج بـ"استعداده للعيش معها". [223] وفي قضية أخرى، أمرت المحكمة الجعفرية في بعبدا الزوجة بمساكنة زوجها الذي أساء إليها بدنياً "بعد تقدم الزوج بتعهد مكتوب بالامتناع عن إيذاء زوجته". [224]

    كما اضطرت نساء مساكنة أزواجهن حتى عند محاولتهم تقويض حقوقهن المالية، فعلى سبيل المثال أمرت محكمة بيروت السنية سيدة بمساكنة زوجها رغم اعترافه بأنها تركت المنزل عقب مشادة تتعلق برغبته في إنقاص مهرها المؤجل. وأجبرها الزوج أيضاً على العيش في منزل في جبيل في لبنان، بعيداً عن عائلتها وأصدقائها، رغم امتلاكه منزلاً في بيروت حيث يعمل وحيث كانا يقيمان. [225]

    وفي قضية أخرى أمام محكمة بيروت الجعفرية، شهدت سيدة في قضية مساكنة بأنها غادرت منزل الزوجية بعد أن طردها منه زوجها عقب مشادة بسبب المال، لأنها رفضت تسليمه أوراقاً مالية مسجلة باسمها. أنكر الزوج هذا وقال إنها غادرت المنزل بدون علمه. واستناداً إلى شهادته وحدها، أعلن القاضي نشوز الزوجة وأسقط حقها في النفقة "لأنها لم تمكن زوجها من نفسها وغادرت منزل الزوجية". [226]

    وفي ثلاث قضايا فقط من الـ40 التي تمت مراجعتها، أرسل القاضي كاتب المحكمة لمعاينة منزل الزوجية وإعداد تقرير قبل إصدار حكمه.

    سقوط النفقة في قضايا التفريق والهجر التي ترفعها الزوجة

    يمكن أن تفقد المرأة أيضاً حقها في النفقة إذا رفعت دعوى للتفريق أمام المحاكم السنية، أو وجدت مسؤولة عن الهجر أمام المحاكم الروحية. وفي تلك الحالات كثيراً ما يتعين على المرأة التي تطلب التفريق أو ترفع دعوى الهجر أن تختار بين الدعم المالي أو قدرتها على إنهاء الزيجة.

    وبحسب المحاكم السنية فإن " دعوى التفريق من الزوجة تشكل رفضاً لاستمرار الحياة الزوجية وعدم قبول النفقة الزوجية ". [227] وقد أيدت المحكمة السنية العليا هذا المبدأ، مبدية الرأي الذي يقرر أن "دعوى التفريق تصلح دفعاً لدعوى النفقة". [228]

    والأمر الدال هنا أن المرأة تفقد حقها في النفقة الزوجية في تاريخ رفع دعوى التفريق، وليس تاريخ صدور الحكم، بغض النظر عن مدة الدعوى. وقد حكمت المحكمة السنية العليا بـ " إسقاط النفقة المفروضة على المستأنف وذلك اعتباراً من التاريخ الذي تقدّمت به المستأنف ضدها بدعوى التفريق ". [229] واللافت أن تناول المحاكم السنية لدعاوى النفقة الزوجية المرفوعة أثناء أو بعد دعاوى التفريق لا يستند إلى نصوص قانونية تنظم هذه المسائل، بل إلى رأي المحكمة العليا. ورغم أن قانون أحكام الأسرة السني الجديد (2011) يخصص فصلاً كاملاً لقضايا النفقة (الفصل الثاني)، إلا أنه لا يتطرق إلى نفقة الزوجية في قضايا التفريق. والمادة 8 في الفصل الثاني من القانون، التي تعدد حالات عدم وجوب نفقة للزوجة، لا تتضمن قضايا التفريق المرفوعة من جانب الزوجة. [230] وبالنظر إلى هذا، قام محامون محليون بمناصرة المحاكم السنية للحكم بالإبقاء على نفقة الزوجة، حتى ولو بعد رفع دعوى التفريق والحكم فيها. ومن شأن القيام بهذا أن يحفظ للمرأة حقوقها المالية مع السماح لها بإنهاء الزيجة.

    هشاشة وضع المرأة الاقتصادي بعد انتهاء الزواج

    تقول ميراي: "بعد 25 عاماً من الزواح، تركت المنزل بحقيبة واحدة ليس بها سوى أمتعتي الخاصة". [231] وقالت ريا: "عجزت عن إثبات أنني دفعت نصف ثمن المنزل الذي اشتريناه في السنوات الأولى من زواجنا. أيجب على المرأة أن تطالب زوجها بإيصال؟ بل إنني لم أستعلم عن إجراءات التسجيل في مكتب الشهر العقاري وقتها. لم أعلم إلا من المحامي الذي وكلته في قضية الفسخ أن جميع الممتلكات سجلت باسم زوجي". [232] وأضافت أمينة: "كنت أوقف سيارات الطلبة في الصباح وأنظف البيوت في المساء، وادخرت ما يكفي لشراء سيارة، لكنني اكتشفت أنه سجلها باسمه بعد أن طردني من المنزل مع أطفالي الأربعة". [233]

    وتدل التجارب التي قامت ميراي وريا وأمينة بإطلاع هيومن رايتس ووتش عليها على هشاشة وضعية المرأة الاقتصادي عند انفصالها عن زوجها.

    وأمام المحاكم السنية والدرزية والجعفرية والروحية في لبنان، في جميع القضايا، يؤدّي صدور حكم نهائي بحلّ الزواج على وقف التزام الرجل بنفقة الزوجية، بغض النظر عن احتياج زوجته السابقة أو آفاقها المهنية أو غياب تلك الآفاق. [234]

    وبموجب قوانين الأحوال الشخصية لدى الشيعة والسنة، تقتصر مسؤولية الزوج المالية على المهر المؤجل، بينما يحق للزوجة بالتعويض بموجب قوانين الأحوال الشخصية المسيحية إذا كان الزوج مسؤولاً عن انتهاء الزيجة، ويحق لها بالمهر وربما التعويض بموجب قانون أحوال الشخصية للطائفة الدرزية.

    غياب التعويض وتخفيض أوانعدام الحقوق المهرية لدى الطائفتين السنية والشيعية

    بموجب قوانين الأحوال الشخصية السنية والشيعية، عند انتهاء الزواج ـ حتى ولو بقرار أحادي بإرادة الزوج المنفردة وبدون سبب ـ لا يلزم الزوج إلا بأن يدفع لزوجته المهر المؤجل (المنصوص على قيمته في عقد الزواج) ونفقة الشهور الثلاثة الأولى بعد الطلاق ـ المشار إليها بفترة العدة والتي يجوز للزوج التراجع عن الطلاق خلالها.

    وبالممارسة، ووفق ما بينت 38 قضية نظرتها المحاكم السنية والجعفرية وراجعتها هيومن رايتس ووتش، لا تتجاوز نفقة العدة مبلغ 100 ألف ليرة لبنانية (60 دولار) شهريا. وإزاء هذا الوضع، يكتسب تحديد قيمة المهر المؤجّل وقت عقد الزواج أهمية مادية كبيرة.

    ومع ذلك فقد قالت سيدات ومحامون أجرت معهم هيومن رايتس ووتش المقابلات إن السيدات المقبلات على الزواج تستهن بالجانب المادي من العقد، وفي أحيان كثيرة لا يزيدالمهر المؤجل عن مبلغ رمزي، مثال ليرة ذهبية ، ولا يعكس الحاجة المادية للزوجة ولا موجب تعويضها. وفي مقابلات مع هيومن رايتس ووتش قالت تسع سيدات أن السبب الرئيسي لتجاهل هذا الجانب المادّي أنهن لم تتخيلن أن يبادر أزواجهن بإيقاع الطلاق بإرادتهم المنفردة، أو أنهن لم تشئن تسعير علاقتهن مع أزواجهن. وأضافت اثنتان منهن أنهما شعرتا بضغوط اجتماعية حالت دون اشتراط مهر مناسب.

    فضلا عن أنه في حالات كثيرة، حين ترغب الزوجة في إثبات طلاقها امام محكمة جعفرية أو سنية لأن زوجها طلقها خارج إجراءات المحاكم (لرغبتها في الزواج مجدداً مثلا) فإنها تتنازل عن حقوقها المالية. وقد راجعت هيومن رايتس ووتش 29 حكماً صادراً عن محاكم سنية وجعفرية وكانت الزوجة هي التي بدأت إجراءات إثبات الطلاق فيها. وفي 18 من تلك الحالات تنازلت الزوجة عن حقوقها المالية بالكامل مقابل توثيق انتهاء الزيجة. [235]

    وفي اثنين من الأحكام الـ29 التي راجعتها هيومن رايتس ووتش، بينما لحظت المحكمة أن الزوجة طلبت من القاضي حفظ حقها في المهر المؤجل، رفضت سماع المطلب باعتبار " اختصار موضوع الدعوى بإثبات الطلاق دون طلب المهر من المدعى عليها وأنّ طلب المهر يحتاج الى دعوى مستقلّة"، [236] وأن "الحقوق المالية المترتّبة عن إيقاع الطلاق يطالب بها كل على حدة كونها تبقى محفوظة في ذمّة الزوج وتستمر فيها". [237]

    أما قانون الأحوال الشخصية للطائفة الدرزية فيلزم قضاة المحاكم الدرزية بمنح الزوجة تعويضاً بالإضافة إلى المهر المؤجل، إذا تم الطلاق بإرادة الزوج المنفردة وبدون سبب، مع اعتبار الضرر المادي والمعنوي على السواء. [238] وقد قال محام ممارس أمام المحاكم الدرزية لـ هيومن رايتس ووتش إن القضاة يتقيدون بهذه القاعدة ويقيّمون التعويض بناءً على قدرات الزوج الاجتماعية والاقتصادية، وقد يتراوح التعويض بين 5 مليون و50 مليون ليرة لبنانية (3300-33300 دولار أمريكي). [239]

    سلطة القضاة التقديرية في الحكم بالتعويض

    أمام محاكم الأحوال الروحية، يتحمل الطرف المسؤول عن البطلان أو الفسخ أو الطلاق مسؤولية تعويض الطرف الآخر عن الأضرار. وفي حالات الهجر لا يوجد تعويض، رغم استمرار حق الزوجة في تحصيل مبالغ متواضعة تمثل النفقة الزوجية.

    ويجوز للقاضي استعمال سلطته التقديرية لتقدير قيمة التعويض الواجب سداده. لكن حتى في الحالات التي يتحمل فيها الزوج كامل المسؤولية عن انتهاء الزواج فإن القضاة كثيراً ما يترددون في منح السيدات مبالغاً عالية القيمة بمثابة تعويض، وهذا بحسب محامين يعملون في قضايا الأحوال الشخصية وكذلك مراجعة لقضايا المحاكم.

    وبحسب ثلاثة محامين يعملون في قضايا الأحوال الشخصية أمام المحاكم الروحية والدرزية ممن أجرت معهم هيومن رايتس ووتش المقابلات، إنّ أحكام التعويض لموكلاتهن من الطبقة الوسطى والميسورة تبقى منخفضة نسبياً (20 مليون ليرة لبنانية في المتوسط أو 13 ألف دولار أمريكي) ونادرا ما تتجاوز 60 مليون ليرة (40 ألف دولار أمريكي) بغض النظر عن ثروة الزوج الاقتصادية أو مساهمات الزوجة التي قدمتها أثناء الزواج. [240] علماً أنّ معظم مبالغ التعويض في القضايا التي راجعتها هيومن رايتس ووتش أدنى من ذلك بكثير.

    وفي 18 حكماً أصدرتها المحاكم الكاثوليكية راجعتها هيومن رايتس ووتش والتمست فيها سيدات التعويض على أساس مسؤولية الزوج عن البطلان أو الفسخ أو الطلاق، حصلت السيدة على التعويض في ثماني حالات فقط (بينما وُجد أن الزوج غير مسؤول في العشرة الباقية) مع تراوح التعويض بين 2 مليون ليرة (1320 دولار) و15 مليون ليرة (10 آلاف دولار).

    ومع ذلك ففي حكم استثنائي واحد، صادر في 27 سبتمبر/أيلول 2012، أمرت محكمة الاستئناف الأرثوذكسية في بيروت زوجاً بتعويض زوجته بمبلغ 225 مليون ليرة لبنانية (150 ألف دولار) بعد الحكم بتحمله كامل المسؤولية عن فسخ الزيجة. [241]

    وتبرز هذه القضية على هامش الاستنسابية في احتساب قيمة التعويض في ظلّ غياب معايير محددة لتقييم مبلغ التعويض الكافي. وفي معظم القضايا التي تمت مراجعتها، لم تجد هيومن رايتس ووتش أية معايير محددة تستخدم لتقدير قيمة التعويض، بل كان القضاة يكتفون بذكر أحكام من قوانين الأحوال الشخصية تتيح لهم تحديد قيمة التعويض بمراعاة الأضرار المادية والمعنوية، ومكانة الزوج والزوجة. وبشك عام، يتم تقييم التعويض بدون الإشارة إلى المكانة المادية لأي من الزوجين. [242]

    وتؤدّي هذه الاستنسابية في تحديد ما إذا كان يتعين دفع تعويض من الأصل. وينعكس هذا على سبيل المثال في عدم استعداد قضاة الكاثوليك الحكم بالتعويض في حالات بطلان الزواج على أساس انعدام الأهلية العقلية (أي أن الضرر غير مقصود) رغم وجود قاعدة لدى المحاكم الكاثوليكية تقضي بالتعويض من الطرف المسؤول عن بطلان الزيجة أو فسخها. وقد أبدى قضاة الكاثوليك ميل المحكمة الى تجنب الحكم بتعويض في الدعاوى التي يكون فيها الزواج باطلاً بداعي اللاقدرة النفسية، إذ تعتبر بأن الزوج الذي يعاني من اضطراب نفسي تحكم في إرادته لم يكن قادراً على التحرر منه غير مسؤول إرادياً عن فشل زواجه وبالتالي لا يمكن محاسبته على عمل ليس له إرادة في تغييره. ولكن المحكمة تنظر أيضاً الى الشريك الذي تسبب بفشل الحياة الزوجية بداعي اللاقدرة النفسية عنده إذا ما كان فعلاً يمكن أن يعوض أقله مادياً على الخسارة التي يلحقها بالشريك ولو بدون قصد أو تصميم. [243]

    إلا أن المرأة لا يمكنها إنهاء زواجها في المحاكم الكاثوليكية إلا بالتماس البطلان على أساس عدم أهلية الزوج لتلبية الأعباء الأساسية للزواج لأسباب نفسية (انظر جدول 6 "أسباب حل عقدة الزواج والهجر لدى الطوائف المسيحية" أعلاه). وهكذا فإن نجاح المرأة ضئيل لجهة الحصول على تعويض، حتى في حالات سعيها لإبطال الزيجة بسبب إساءة الزوج، مع استخدام انعدام القدرة النفسية كسبب قانوني للبطلان.

    وفي قضايا الطلاق الـ69 التي راجعتها هيومن رايتس ووتش (بما فيها قضايا الهجر والبطلان) نظرت بها المحاكم الروحية وتعرضت لمسألة التعويض، كان من الواضح أن قضاة هذه المحاكم، وداخل الطائفة الواحدة، يطبقون معايير مختلفة عند تقييم التعويض. وفي بعض الحالات، كما أوردنا عاليه، لم يوافق القضاة على تعويض الطرف الملتمس إلا إذا كان الطرف الآخر مسؤولاً بالقصد والتصميم.

    وفي قضية أخرى نظرت فيها المحكمة الابتدائية المارونية الموحدة، قالت سيدة إنها لم تنجب لأن زوجها كان عقيماً ورفض الذهاب إلى طبيب متخصص. كما كان الرجل يضربها "حتى ينزف أنفها" فيما قالت. وقد قبلت المحكمة هذا الزعم، مقررة في حكمها بتاريخ 21 يناير/كانون الثاني 2008 أن "ما قاله شهود الزوجة من أن الزوج سمعته سيئة وإنه يعتبر نفسه دائماً على حق وإنه عنيف ويضرب زوجته باستمرار وإنه عصبي جداً وإنه ليس بإنسان طبيعي، فإنها تشير الى ما يؤكد فشل الحياة الزوجية".

    وحكمت المحكمة ببطلان الزيجة على أساس الغلط في الصفة، وخاصة صفة القدرة على الإنجاب، وكذلك عجز الزوج عن تحمل الأعباء والمسؤوليات الأساسية للزواج لأسباب نفسية. ومع ذلك فقد رفضت المحكمة دعوى التعويض التي رفعتها السيدة، مقررة أنه "لم يتبين أن الزوج عمد الى خداع زوجته لنيل رضاها". ولم يقدم الحكم أي تفسير آخر كما لم يتطرق إلى مسؤولية الزوج عن البطلان أو الضرر اللاحق بالزوجة بعد 9 سنوات من الحياة الزوجية. [244]

    وفي المقابل، أصدرت المحكمة نفسها حكماً بتاريخ 3 يوليو/تموز 2012 يقضي بتعويض زوجة في وضع مشابه بمبلغ 10 آلاف دولار. أبطلت المحكمة الزيجة حيث اتضح للزوجة بعد الزواج أن زوجها مسيء وعقيم. وفي هذه الحالة كانت الزيجة قد استمرت 15 شهراً فقط. وقدمت المحكة التفسير التالي:

    ثبت أنّ المسؤولية الكبرى في فشل الحياة الزوجية يتحمّلها الزوج، وحيث أنّ أسباب الخلافات ترتدي طابعاً نفسياً وتتخطّى قدرة الإرادة على التحكّم به؛ وكون الزوج أسهم بإهماله وسوء تدبيره وإدمانه ولا مبالاته في انهيار الحياة المشتركة والإنفصال؛ أضف الى ذلك عدم قدرته على الإنجاب؛ وكون الزوجة تزوجت بهدف الإنجاب وتأسيس العائلة، فصدمت بواقع الزوج المرير. [245]

    وتتميز طوائف الإنجيليين والروم الأرثوذكس بما تتيحه من سبل التعويض. فالمادة 74 من قانون الأحوال الشخصية للروم الأرثوذكس يسمح بدفع التعويض بدون التفات إلى المسؤولية عن البطلان أو الفسخ في حالات الإعسار. وفي تلك الحالات يجوز للمحكمة أن تأمر الرجل بدفع مبلغ مالي يتيح للمرأة "التكيف مع وضعها الجديد"، بمعنى تأمين مكان للإقامة وأثاث ومال كاف للمعيشة بعد الزواج. [246]

    وتنص المادة 30 من قانون الأحوال الشخصية للإنجيليين على دفع التعويض في حالات الفسخ بدون التطرق إلى المسؤولية عنه. وقد بدت محاكم الروم الأرثوذكس والإنجيليين منفتحة لجهة تطبيق هذا البند ، فعلى سبيل المثال، أصدرت محكمة الروم الأرثوذكس الابتدائية بمطرانية جبل لبنان حكماً بتاريخ 22 مارس/آذار 2010 يأمر الزوج بدفع مبلغ لزوجته "للتكيف مع انخفاض وضعها" رغم أنها وجدتها مسؤولة عن فسخ الزيجة. [247] كما أمرت المحكمة نفسها زوجاً آخر بدفع مبلغ لزوجته رغم أنها وجدت الاثنين مسؤولين مسؤولية مشتركة عن فسخ الزيجة، وذلك للسماح لها بالتكيف مع وضعها الجديد في أعقاب الفسخ. [248]

    الإخفاق في تعويض المرأة عن المساهمات الزوجية

    لا تعترف قوانين الأحوال الشخصية المسيحية والشيعية والسنية والدرزية على حد سواء بالملكية الزوجية، ولا بالتعويض عن المساهمات غير الاقتصادية، بما فيها العمل في المنزل أو رعاية الأطفال، أثناء الزواج.

    وتقضي قوانين الأحوال الشخصية المسيحية أن يحتفظ كل طرف بملكية مقتنياته والحق في إدارتها واستخدامها، وكذلك بثمرة عمله، ما لم يتفق الزوجان على غير ذلك كتابة. [249] ورغم أن هذه الأحكام تسمح للزوجين بالاتفاق على الملكية المشتركة للأصول، اعترافاً بالمساهمات المباشرة أو غير المباشرة لكل طرف في مكاسب الآخر، إلا أن هذا النوع من الاتفاقات نادرة الحصول في لبنان من الناحية العملية.

    وقد تزوجت بريجيت، وهي سيدة في الخمسينات من عمرها، طيلة أكثر من 30 عاماً كان زوجها خلالها، كما قالت لـ هيومن رايتس ووتش، يعرضها للإساءات اللفظية والنفسية والبدنية، قبل أن يضطرها أخيرا لمغادرة منزل الزوجية. وبحسب بريجيت فإنها لم تعمل خارج المنزل إلا بشكل متقطع، إذ كرست جل وقتها لتربية أبنائها الثلاثة وأعمال المنزل. وعند عملها خارج المنزل كانت تعطي كل ما تكسبه نقداً إلى زوجها، الذي اشترى منزل الزوجية وسجله باسمه. وبعد الانفصال وجدت بريجيت عملاً في شركة تربح منه 750 ألف ليرة لبنانية (500 دولار أمريكي) شهرياً وهو المبلغ الذي لم يكد يكفي لتغطية نفقاتها الأساسية. لا تتمتع بريجيت بنصيب قانوني في منزل الزوجية، بما أنه ملك زوجها، ولم تحتفظ بإيصالات تثبت أنها ساهمت فيه. أما عن عملها في المنزل الذي أتاح لزوجها تكريس نفسه لوظيفته والارتقاء المهني فيها ـ فهو يحصل على معاش شهري قدره 4,5 مليون ليرة لبنانية (3000 دولار أمريكي) ـ فإنها لم تحصل على تعويض عنه لأن القانون لا يعترف بعملها المنزلي كمساهمة. [250]

    وفي الطوائف الإسلامية لا توجد نصوص تتناول للملكية الزوجية، وبالنظر إلى غياب النصوص يستعين القضاة بالقانون المدني، رغم أنه لا يحتوي بدروه على نصوص تتعلق بالممتلكات الزوجية ويعتبر أن النظام العام في لبنان يقضي بفصل أموال الزوجين. [251]

    أوجه قصور الحماية من العنف الأسري

    تبيّن لهيومن رايتس ووتش من خلال مراجعتها لملفات القضايا ومقابلاتها مع سيدات معنفات، ومحامين ومناصرين، أن المرأة في علاقة مسيئة، وبسبب تعدد النصوص القانونية والهيئات القضائية التي تفصل في النزاعات الزوجية، عادة ما تجد نفسها مشتتة بين المحاكم الدينية والمدنية، وموزعة بين الآراء ومشتتة زمنياً، بالنظر إلى طول مدة إجراءات المحاكم ـ في ظلّ عدم ملاءمة التدابير لحمايتها من الأذى.

    كما أن النصوص التمييزية في قوانين الأحوال الشخصية، لاسيما في قضايا الطلاق والحضانة، وغياب آليات الحماية الملائمة وهشاشة وضعهن الاقتصادي،كلّها حواجز من شأنها ردع المرأة عن الجوء إلى المحاكم والدخول في منازعات في قضايا الأحوال الشخصية حتى حين تكون في علاقة مسيئة ومعنفة.

    وقد تعرضت أمينة وميراي وسينتيا وميشيل ومونيكا ـ وهن 5 من 27 سيدة أجرت معهن هيومن رايتس ووتش المقابلات ـ للعنف الزوجي أثناء زيجاتهن. [252]

    اختارت ميراي وميشيل عدم اللجوء إلى المحاكم الجنائية أو الدينية لمعاقبة أزواجهما أو وضع حد لإساءاتهما، خوفاً من فقدان أطفالهما. [253] فانتظرت ميشيل حتى كبر أطفالها قبل رفع دعوى للفسخ أمام المحكمة الإنجيلية. ولم تلجأ ميراي إلى المحاكم على الإطلاق، بل اكتفت بمغادرة المنزل مع بناتها حين بلغن سن الرشد القانوني.

    وفي المقابل، تعلمت أمينة من خبرتها الأولى ـ "وجبة الضرب الأولى" على حد تعبيرها ـ ولم تتردد في الاتصال بالشرطة والحصول على تقرير طبي من المستشفى لإثبات ما لحق بها من أذى. إلا أنها قالت: "لم أستفد في شيء"، فعناصر الشرطة اكتفت على إجبار الزوج على التوقيع على تعهد بعدم إيذائها. وحين نظر القاضي في دعوى التفريق التي رفعتها أمام محكمة سنية، تغاضى عن الإساءات وبدلاً من أن يحمّل المسؤولية للزوج على أفعاله، نصحها بقبول الخلع والتنازل عن حقوقها. [254] وبالمثل، أبرزت سينتيا تقريراً طبياً للمحكمة المارونية يثبت اعتداء زوجها عليها، لكنه لم يؤثر في القضية، التي ظلت عالقة أمام المحكمة لما يقرب من عامين. [255]

    وتدل حالة مونيكا التي نناقشها أدناه على معضلة المرأة التي تجد نفسها في زيجة مسيئة ومعنفة، خاصة عند افتقارها إلى الموارد المالية اللازمة لتأمين مكان للمعيشة لنفسها ولأطفالها بعيداً عن الزوج العنيف، أو لتوكيل محام يحصل حقوقها.

    قالت مونيكا، وهي سيدة مارونية في أواخر الأربعينات من عمرها، لـ هيومن رايتس ووتش إن زوجها بدأ يعتدي عليها بالضرب في السنوات الأولى من زواجهما، لكنها بقيت معه خوفاً من فقدان أطفالها. وبعد 23 عاماً من الحياة الزوجية الحافلة، بحسب وصفها، بالإساءة اللفظية والنفسية والبدنية، قررت رفع دعوى بطلان أمام المحاكم المارونية. وحين علم زوجها بتصرفها، انتابته ثورة عارمة واعتدى عليها بعنف أكبر، كما قالت.

    ورغم هذا، بعد أن طلبت نصيحة محام، علمت مونيكا أنها في ذلك الوقت في 2009 لا يمكنها الحصول على حكم مستعجل يأمر زوجها بترك المنزل حيث أنه يمتلكه، لا من المحاكم الدينية ولا الجنائية. [256] ورغم أن السيدات ما زلن يعانين من نقص في الحماية من العنف الأسري بموجب القانون اللبناني، إلا أن الوضع شهد تطوراً ملموساً منذ التجاء مونيكا إلى المحاكم، من خلال إقرار القانون الصادر في أبريل/نيسان 2014 بشأن حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري.

    آليات غير ملائمةلحماية المرأة من العنف الأسري

    كما لاحظنا أعلاه فإن التذرع بالإساءة البدنية لا يعد سبباً كافياً للطلاق في غالبية محاكم الأحوال الشخصية في لبنان. فلدى الطائفتين الشيعية والسنية وفي الحالات التي يحق فيها للمرأة التماس الطلاق (انظر قسم "انعدام المساواة في قوانين الطلاق" أعلاه) فإن عليها أن تثبت أن الإساءة تجاوزت حق الزوج الشرعي في تأديب زوجته بموجب قانون الأحوال الشخصية المختص. [257] وفي حالات أخرى، ولا سيما في قضايا البطلان الكاثوليكية، لا تعد الإساءة بحد ذاتها سبباً قانونياً لبطلان الزواج.

    ورغم أن المحاكم الطائفية صالحة للنظر في قضايا الزواج مفاعيله إلا أن صلاحيتها لا تخولها إدانة الزوج، أمر بيقى من صلاحية المحاكم الجنائية،ولا إلى إصدار تدابير تحمي المرأة من التعنيف.

    وفي الأول من أبريل/نيسان 2014 أقرّ البرلمان اللبناني قانون حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري، الذي بدأ العمل به في مايو/أيار 2014. [258] ورغم أن القانون يكرّس تدابير حماية أساسية وإصلاحات جوهرية أمام الضابطة العدلية والقضاء المدني، إلا أنّ قانون العقوبات في لبنان لا يزال يشترط لجهة تجريم الاغتصاب وقوعه خارج الإطار الزوجي. يعرف القانون العنف الأسري على أنّه "أي عنف ممارس ضد المرأة في الأسرة بسبب كونها امرأة، يرتكب من أحد أفراد الأسرة وقد يترتب عليه أذى أو معاناة للأنثى من الناحية الجسدية أو النفسية أو الجنسية أو الاقتصادية، بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو بالحرمان من الحرية، سواء حدث ذلك داخل مسكن الأسرة أو خارجه". أما الجرائم المحددة في القانون فهي محدّدة الإجبار على التسول أو الدعارة أو القتل أو الزنا، واستخدام القوة أو التهديد لممارسة الجماع.

    ويخفق التعريف الضيق نسبياً للعنف الأسري في تلبية توجيهات الأمم المتحدة بشأن الحماية من العنف الأسري، التي تطالب بتعريف شامل للعنف، يتضمن أفعال العنف البدني والجنسي والنفسي والاقتصادي. [259]

    كانت مسودة القانون السابقة تجرم صراحة الاغتصاب الزوجي إلاّ أن البند ألغي بضغط من السلطات الدينية واستبدل بتجريم القانون لأفعال استخدام التهديد أو العنف للحصول على "الحقوق الزوجية في الجماع" إلا أنه لا يجرم انتهاك السلامة البدنية بغير رضا الطرف المعني.

    وقد انتقد المدافعون عن حقوق المرأة الإشارة إلى "الحقوق الزوجية في الجماع"، التي هي أصلاً غير موجودة في قانون العقوبات اللبناني، خشيةً من إمكانية استغلالها لشرعنة الاغتصاب الزوجي. وكان خبراء الأمم المتحدة وآلياتها الحقوقية قد دعوا الحكومات مراراً إلى تجريم الاغتصاب الزوجي. وفي 2008 قامت لجنة القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة بدعوة لبنان تحديداً إلى ضمان "تجريم الاغتصاب الزوجي، بحيث أن زواج الجاني من الضحية لا يعفيه من العقوبة". [260] وشددت اللجنة بوجه خاص على أنه "لا يجوز في القانون أو الممارسة افتراض رضا السيدة بدعوى أنها لم تقاوم الفعل الجنسي غير المرغوب فيه بدنياً، وبصرف النظر عن استخدام الجاني للعنف أو التهديد به من عدمه". [261]

    علاوة على هذا فإن المادة 22 من القانون الجديد تقرر بطلان أية أحكام مخالفة للقانون الجديد، إلا في حالة التعارض مع قوانين الأحوال الشخصية أو القانون رقم 422 بشأن حماية الأحداث المخالفين للقانون أو المعرضين للخطر. وتخالف هذه المادة توصيات دليل الأمم المتحدة للتشريعات المتعلقة بالعنف ضد المرأة، حيث ينص هذا الأخير على أنه "حيثما تعارض القانون الديني أو العرفي مع نظام العدالة الرسمي، ينبغي حل التعارض بإيلاء الاعتبار إلى الحقوق الإنسانية للناجين بما يتفق مع معايير المساواة بين الجنسين". [262] ويعمل إعفاء المسائل المحكومة بقوانين الأحوال الشخصية من قانون العنف الأسري على تقويض أمن المرأة داخل المنزل.

    فعلى سبيل المثال، بموجب قوانين الأحوال الشخصية الإسلامية يظل الرجل متمتعاً بصلاحية تأديب زوجته، ومع أن إمكانية ملاحقته بموجب القوانين المدنية تظلّ قائمة، إلا أن المحاكم الطائفية ليست ملزمة بأخذها بالاعتبار.. ومن ثم فإن المرأة لا تزال عرضة لمواجهة دعاوى النشوز أو سقوط حقوقها المالية أو حقها في الحضانة بغض النظر عن حصولها على الحماية أو رفعها لدعوى متعلقة بالعنف الأسري بموجب هذا القانون. ذلك مع الإشارة إلى أن قانون حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري جاء خالياً من أي بند يتناول صراحة كيفية حل التنازع الذي قد ينشأ بين أحكام المحاكم المدنية في قضايا العنف الأسري وأحكام محاكم الأحوال الشخصية.

    لكن في تطور إيجابي قام قاضيان على الأقل، عند تطبيق قانون العنف الأسري، بتفسير واسع لتعريف أفعال العنف التي يحظرها هذا القانون.

    ففي أول تطبيق قضائي للقانون، أكد القاضي جاد معلوف، قاضي الأمور المستعجلة في بيروت، أن:

    العنف لا يقتصر على التعدي البدني .. فقد تعرضت المدعية من جانب زوجها لأشكال مختلفة من العنف، لا تقل شدة عن العنف البدني. لقد أساء إليها لفظياً وكان يهينها في وجهها ويذلها، إضافة إلى منعها من مغادرة منزل الزوجية إلا لساعات قليلة كل شهر، بدون أي مبرر. ويشكل هذا انتهاكاً لحقوقها الأكثر أساسية، مما يندرج دون شك تحت تعريف العنف الأسري كما ينص عليه القانون 293/2014. بل إن المقصود بالعنف هو ما يسبب الأذى النفسي أيضاً، ولا يسع المرء سوى الاعتراف بخطورة وجسامة الأذى النفسي الناتج عن تقييد حرية الزوجة في التحرك دون مبرر، أو الإساءة اللفظية إليها. [263]

    وفي حكم بتاريخ 20 أغسطس/آب 2014، توصل قاضي الأمور المستعجلة أنطوان طعمة في المتن بدوره إلى أن استخدام الأطفال للابتزاز قد يشكل نوعاً من العنف النفسي الذي يرقى إلى العنف الأسري. وفي القضية المنظورة، قامت سيدة كانت تتعرض للإهانة والإذلال المنتظم من زوجها بمغادرة منزل الزوجية ولم تتمكن بعد ذك من رؤية أطفالها، الذين ظلوا مع والدهم. فالتمست السيدة من المحكمة منحها الحضانة ونفقتها ونفقة الأطفال. فأمر القاضي طعمة في حكمه بتسليم الطفلتين القاصرتين إلى الأم، وبأن يدفع الزوج نفقة شهريه قدرها ألف دولار أمريكي. كما منح القاض جمعية "كفى" غير الحكومية الحق في تعيين شخصاً تراه مناسباً لرصد الحالة النفسية للفتاتين ومحاولة التوفيق بين الزوجين وتقديم تقرير إلى المحكمة.

    وقد اعتمد القاضي في الوصول إلى هذه النتيجة على معاينته لتعرض الأم للعنف البدني والنفسي و"غيرهما من أشكال العنف" كما يعرفه قانون العنف الأسري. وقد اعتبر أن منع أم من رؤية أطفالها يرقى إلى مصاف العنف النفسي، وهو اعتداء على الكرامة البشرية وانتهاك لسلامة الشخص البدنية والعقلية. [264]

    صعوبة الحصول على أحكام مستعجلة خلال إجراءات إنهاء الزواج

    تنص القواعد الإجرائية لدى جميع الطوائف المسيحية على إمكان استعجال النفقة والحضانة، وهو أمر ضروري بالنظر إلى طول وتعقيد إجراءات حل عقدة الزواج عند المسيحيين، لكن بمراجعة 36 من أحكام المحاكم المعنية، تبين أن هذه الإجراءات القانونية استغرقت في المتوسط بين 6 و10 أشهر. كما قال ثلاثة محامون أجرت معهم هيومن رايتس ووتش مقابلات إن السبب في هذا يرجع إلى رفض قضاة المحاكم الروحية لإصدار الأحكام المستعجلة للنفقة والحضانة قبل استجواب الطرفين. علاوة على هذا، فإن المحاكم الروحية تتعطل لمدة شهرين في الصيف، ولا تستطيع المرأة خلالهما، مهما كان احتياجها ملحاً، أن تتقدم بأي دعوى أمام المحكمة.

    VI . الالتزامات الحقوقية الدولية

    صدق لبنان على عدد من المواثيق الحقوقية الدولية التي تحمي وتعزز مساواة المرأة أثناء الزواج وبعده، بما فيها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (السيداو)، [265] واتفاقية حقوق الطفل، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، [266] والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. [267] وإضافة إلى هذا تعهد لبنان بتنفيذ معايير دولية أخرى معترف بها في مجال المساواة بين الجنسين، بما فيها منهاج عمل بيجين [268] والأهداف التنموية للألفية. [269]

    إلاّ أن تعدّد قوانين الأحوال الشخصية ومصادرها وكيفية تطبيقها من قبل المحاكم الطائفية، كما بيّن هذا التقرير، أدّى إلى انتهاك مبدأ المساواة بين المرأة والرجل في قضايا الزواج والطلاق، فضلاً عن تكريس ممارسات تمييزية ضدها وانتهاكات لحقوقها الإنسانية ـ بما فيها الحق في عدم التمييز وفي المساواة داخل الأسرة وفي السلامة البدنية وفي الصحة.

    التحفظات على السيداو

    تقدم لبنان بتحفظات على المادتين 9 و16 من اتفاقية السيداو، وتتصدى هاتان المادتان لالتزام الدول بالقضاء على التمييز ضد المرأة فيما يتعلق بالجنسية وجنسية أطفالها (المادة 9) وفي الزواج والحياة الأسرية (المادة 16). وقد عبرت لجنة السيداو (وهي الهيئة الأممية المكلفة برصد تنفيذ السيداو) منذ 1994 عن انزعاجها من "كثرة الدول الأطراف التي أدخلت تحفظات على المادة 16 كلها أو جزء منها، ولا سيما عند قيامها أيضا بإبداء تحفظات على المادة 2، مدعية أن الامتثال يمكن أن يتعارض مع رؤية عامة للأسرة تنبني ضمن جملة أمور على المعتقدات الثقافية أو الدينية أو على الوضع الاقتصادي أو السياسي للبلد". ودعت اللجنة الدول الأطراف جميعاً إلى "الوصول تدريجيا إلى مرحلة يقوم فيها كل بلد بسحب تحفظاته وبخاصة على المادة 16". [270]

    ومن شأن التقدم بهذه التحفظات أن يلقي بظلال الشك على التزام لبنان بتعزيز الحقوق الإنسانية للمرأة، وخاصة حقها في المساواة في الزواج والطلاق. وقد قررت لجنة السيداو في تعليقها الختامي للبنان في عام 2005 أن تحفظات لبنان تتعارض مع الهدف من الاتفاقية وقصدها، ودعته إلى سحبها. كما حثت اللجنة لبنان بالتحديد على "اعتماد قانون موحد للأحوال الشخصية يكون منسجما مع الاتفاقية وقابلا للتطبيق على جميع نساء لبنان بصرف النظر عن انتماءاتهن الدينية". [271] كما جددت اللجنة نداءها على نحو ملح في 2008، وعبرت عن أسفها لعدم تحقيق لبنان لأي تقدم نحو اعتماد قانون موحد للأحوال الشخصية. [272]

    ورداً على هذه الشواغل، قرر لبنان أنه لن يتمكن من رفع التحفظات أو اعتماد قانون موحد للأحوال الشخصية بما أن "كل لبناني يخضع لقوانين وأنظمة ومحاكم طائفته الدينية". [273]

    ومع هذا فإن تحفظات الحكومة تتعارض مع التزامات لبنان الدولية بموجب المادة الثانية من السيداو بالعمل "على اتخاذ جميع التدابير المناسبة، بما في ذلك التشريعي منها، لتغيير أو إبطال القائم من القوانين والأنظمة والأعراف والممارسات التي تشكل تمييزا ضد المرأة" والتي لم تتحفظ الحكومة عليها. [274] وتواصل الحكومة اللبنانية استخدام هذه الأعراف كوسيلة لتبرير انتهاك الحقوق الإنسانية للمرأة. وعلى الحكومة اللبنانية اتخاذ خطوات فورية لضمان المساواة في القوانين والسياسات الموضوعية والإجرائية الحاكمة لقوانين الأحوال الشخصية.

    الحق في المساواة أثناء الزواج وبعده

    تضمن القوانين الدولية لحقوق الإنسان مساواة المرأة أثناء الزواج وبعده، وتلزم المادة 16 من السيداو الدول باتخاذ كافة التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في "كافة الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات العائلية" وضمان تمتع المرأة والرجل بـ"نفس الحقوق والمسؤوليات أثناء الزواج وعند فسخه". [275] وعلى نحو مماثل تضمن المادة 23 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المساواة بين الزوجين "لدى التزوج وأثناء قيام الزواج ولدى انحلاله".

    وفي 1994 نشرت لجنة السيداو تفسيراً مرجعياً لمبدأ المساواة في الزواج والطلاق. [276] وهو يقرر صراحة أنه "أيا كان النظام القانوني، أو الدين أو العرف أو التقاليد داخل البلد، يجب أن تتفق معاملة المرأة داخل الأسرة سواء من القانون أو في الحياة الخاصة مع مبدأي المساواة والعدل بين جميع الناس". [277] ومن ثم فلا يمكن للدول التذرع بالدين أو التقاليد أو العرف لتبرير أي شكل من أشكال التمييز على أساس النوع الجنسي في الزواج.

    كما أبدت لجنة السيداو القلق من أن "قوانين وأعراف الأحوال الشخصية المعتمدة على الهوية تديم التمييز ضد المرأة، ومن أن الإبقاء على تعدد النظم القانونية هو في ذاته تمييزي ضد المرأة". [278] ودعت الدول الأطراف إلى "أن تعتمد مدونات خطية بشأن الأسرة أو قوانين للأحوال الشخصية تنص على المساواة بين الزوجين أو الشريكين بصرف النظر عن الهوية أو الطائفة الدينية أو العرقية لكل منهما". [279]

    فضلاً عن هذا فقد أبدت اللجنة أنه في غياب قانون موحد للأسرة، مثلما هو الحال في لبنان، "ينبغي أن تكفل منظومة قوانين الأحوال الشخصية الاختيار الفردي بشأن تطبيق الشريعة الدينية أو العرف العرقي أو القانون المدني في أي مرحلة من مراحل العلاقة". [280]

    وبدورها قامت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان (وهي الهيئة المكلفة برصد تنفيذ العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية) برفض استخدام التقاليد أو الدين أو الثقافة لتبرير انتهاك حق المرأة في المساواة أمام القانون، والتمتع على قدم المساواة بجميع الحقوق المكفولة في العهد الدولي. [281]

    ويشتمل التزام الدول بضمان الحقوق نفسها للمرأة والرجل أثناء الزواج وعند الطلاق على التزام بضمان ألا تضع القوانين حواجزاً للطلاق أعلى بالنسبة للمرأة. وتبين لجنة حقوق الإنسان بوضوح التزامات الدول الأطراف في هذا الصدد، مقررة أنه: "ينبغي أن تكون أسباب الطلاق وفسخ الزواج هي نفسها للرجل والمرأة، وكذلك فيما يتصل بجميع القرارات ذات الصلة بتقاسم الممتلكات والنفقة والوصاية على الأولاد". [282] وقد قررت لجنة السيداو أيضاً أنه فيما يتصل باضطرار المرأة للتنازل عن أي حقوق مالية، يتعين على الدول الأطراف "ان تلغي أي شرط إجرائي متعلق بالمدفوعات اللازمة للحصول على الطلاق من الشروط التي لا تنطبق على الزوج والزوجة بالتساوي". [283]

    العنف الأسري كسبب للطلاق

    يقع على عاتق الدول التزام بحماية المرأة من أي نوع من أنواع العنف، بما في ذلك ما يقع في نطاق الأسرة. [284] وتلاحظ لجنة السيداو أن "العنف القائم على أساس نوع الجنس هو شكل من أشكال التمييز يكبح قدرة المرأة على التمتع بحقوقها وحرياتها على أساس المساواة مع الرجل". [285]

    إلا أن العنف ضد المرأة من جانب زوجها لا يعد سبباً آلياً للطلاق في لبنان: ففي دعاوى التفريق لإنهاء بعض الزيجات الإسلامية، التي فحصتها هيومن رايتس ووتش، لم يعمل العنف الأسري بالضرورة على تحميل الزوج المسؤولية، مما يعرض للخطر مطالبة الزوجة بالطلاق وأمنها المالي على السواء. لا يعد العنف المنزلي الذي يقل عن الشروع في القتل أو عدم الأهلية العقلية لتحمل الواجبات الأساسية من الزواج أبدا سبباً كافيا في الزيجات المسيحية للحصول على إنهاء سريع للزواج. والزواج لدى الطوائف الكاثوليكية بما فيها المارونية سر مقدس، لا يمكن حل عقدته إلا إذا أثبت أحد الطرفين قيام أسباب الحل من قبل الزواج، مما أخل بعملية الرضا بالزواج.

    وحرمان المرأة من الحق في المساواة في الطلاق يحكم على بعض السيدات بالبقاء في زيجات مسيئة، مما يعرض صحتهن وحياتهن للخطر. علاوة على هذا فإن لجنة السيداو لاحظت أن "عدم الاستقلال الاقتصادي يرغم كثيراً من النساء على البقاء في علاقات عنف. وتحلل الرجال من مسؤولياتهم الأسرية يمكن أن يعتبر شكلاً من أشكال العنف والإكراه". [286] أما بخصوص وضع المرأة في الحياة الأسرية فقد دعت لجنة السيداو الدول الأطراف إلى الامتثال للتوصية العامة رقم 19 بشأن العنف ضد المرأة لضمان "عدم تعرض النساء في الحياة العامة والحياة الأسرية للعنف القائم على نوع الجنس الذي يعوق إلى حد خطير قدرتهن على ممارسة حقوقهن وحرياتهن كأفراد". [287]

    رعاية الأطفال

    توجه اتفاقية حقوق الطفل الدول الأطراف إلى أنه، في كافة الأمور المتعلقة بالأطفال، "يولى الاعتبار الأول لمصالح الطفل الفضلى". وتضيف الاتفاقية أن "تضمن الدول الأطراف عدم فصل الطفل عن والديه على كره منهما، إلا عندما تقرر السلطات المختصة، رهنا بإجراء إعادة نظر قضائية، وفقا للقوانين والإجراءات المعمول بها، أن هذا الفصل ضروري لصون مصالح الطفل الفضلى". [288] ثم تلاحظ ايضاً أن للأطفال الحق في التواصل المنتظم مع الوالدين على السواء، إلا إذا تعارض مع مصلحتهم الفضلى.

    وقد تصدت هيئات تعاهدية مختلفة للتمييز القائم على النوع الجنسي فيما يخص الحقوق المتعلقة بالطفل، فتقرر لجنة حقوق الإنسان أنه "يتعين حظر أية معاملة تمييزية فيما يتعلق بأسباب أو إجراءات الانفصال أو الطلاق، أو حضانة الأطفال، أو الإعالة أو النفقة، أو حقوق الزيارة، أو فقدان أو استعادة السلطة الوالدية، مع مراعاة المصلحة العليا للأطفال في هذا الصدد". [289] وقررت اللجنة أيضاً أن الدول ملزمة بـ "كفالة تساوي حقوق الزوجين وواجباتهما، فيما يتعلق بحضانة الأطفال ورعايتهم وتعليمهم الديني والأخلاقي، وإمكانية نقل جنسية أي من الزوجين إلى الأولاد". [290]

    كما أن اتفاقية حقوق الطفل لا تستخدم مصطلح "الوصاية" بما ينطوي عليه من حقوق ملكية للأبوين في الأطفال، بل تشجع بدلاً من هذا على التناول المنصب على الطفل في قوانين الأسرة، وخاصة عند تحديد مكان إقامة الطفل بعد الطلاق، ومسؤوليات الأبوين. فتشترط الاتفاقية منح الأطفال فرصة التعبير الحر عن آرائهم في كافة الأمور التي تتعلق بهم، وخاصة في الإجراءات القضائية والإدارية، مع منح آرائهم الثقل الواجب بما يتفق مع عمرهم ونضجهم.

    الملكية الزوجية

    يشتمل حق المرأة في المساواة عند الزواج والطلاق على حقها في الملكية الزوجية، وتعمل المادة 16 من السيداو على إلزام الدول بضمان "نفس الحقوق لكلا الزوجين فيما يتعلق بملكية وحيازة الممتلكات والإشراف عليها وإدارتها والتمتع بها والتصرف فيها". [291] كما أن لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان تعزز المادة 16، مقررة أن المساواة في الزواج تشتمل على "إدارة الأصول"، وتقرر أنه:

    ينبغي للدول الأطراف كفالة تساوي حقوق الزوجين وواجباتهما، فيما يتعلق ...بحيازة الممتلكات أو إدارتها، سواء كانت ملكية مشتركة أو ملكية خاصة لأي من الزوجين. [292]

    وقد رفضت لجنة السيداو بالتحديد الفكرة التي تقضي بعدم منح المرأة حقوقاً متساوية في الممتلكات الزوجية بسبب المعتقدات الدينية أو الاجتماعية التي تقرر أن الأزواج يتولون الإعالة المالية للزوجات والأطفال. كما اعتبرت اللجنة أن قوانين الدول فيما يتعلق بتقسيم الممتلكات تصبح تمييزية إذا سمحت للرجال بنصيب أكبر على أساس أن "الرجل وحده مسؤول عن إعالة المرأة والأطفال في أسرته" وأنه "يستطيع ويعتزم أن يؤدي هذه المسؤولية بشرف". [293]

    وقد شجعت لجنة السيداو الدول على ضمان وجود "المساواة في إطار نظم الملكية المتاحة للزوجين (الملكية المشتركة، الملكية المنفصلة، الملكية المزدوجة) والحق في اختيار نظام الملكية وفهم النتائج المترتبة على كل نظام من هذه الأنظمة". [294] وهكذا على سبيل المثال فإنه حيثما وجد نظام للملكية المشتركة، ينص على منح المرأة نصف الممتلكات الزوجية، فقد لا تتمتع بالحق في إدارة الممتلكات. [295] ولذا شددت لجنة السيداو على أن تضمن الدول تزويد الزوجين على السواء بـ "فرص متكافئة للاستفادة من ممتلكات الزوجية ومن أهلية إدارتها". [296]

    نفقة الإعالة الزوجية والتعويض والنفقة

    لا تتصدى المعاهدات الحقوقية الدولية صراحة لحق أي من الزوجين في مطالبة الآخر بالنفقة عند حل عقدة الزواج، لكن قدرة المرأة على الوصول إلى دعم مالي حاسمة بالنسبة لحقها في عدم التمييز عند الزواج والطلاق. وقد اعترفت لجنة السيداو بالطرق التي قد يعمل بها الزواج على تقييد النشاط الاقتصادي للمرأة وحريتها، مما يترك لها قدراً أقل من الموارد والفرص الاقتصادية عما لدى الزوج، فضلاً عن الإخفاق في الاعتراف بعملها غير المأجور:

    تضطلع المرأة بمسؤوليات عديدة داخل الأسرة وخارجها على السواء، إلا أن الكثير مما يقمن به يظل متوارياً عن الأنظار وبدون تعويض مادي. ومن الأمثلة على هذا شراكة المرأة للرجل في الزواج وإعداد المنزل، وعملها في نشاط زوجها أو أسرتها التجاري، وعمل السيدات الريفيات.
    وهناك اعتراف مبالغ فيه في التقليد الشائع بأهمية الدور الذي تؤديه المرأة كزوجة وأم، يجعلها في أغلب الأحوال تتحمل مسؤولية إعداد المنزل ورفاهية الأسرة ونجاح أعضائها. ومع ذلك فطالما لا يوجد دليل توثيقي فإن المنزل ومحتوياته، والنشاط التجاري أو الزراعي الصغير، تؤول كلها إلى الزوج. [297]

    وينبغي لقوانين إعالة الزوجة ونفقتها أن تضمن تساوي الوضع المالي بين المرأة والرجل، مع مراعاة اختلاف أدوارهما أثناء الزواج. ورغم غياب نصوص تعاهدية صريحة تتطرق إلى النفقة إلا أن الهيئات التعاهدية الأممية لاحظت أهميتها، وشجعت على إصلاح القوانين لجعلها أكثر فعالية، وشرحت ضرورة توافرها على أساس من عدم التمييز. وقالت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إن المادة 23 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية تحظر "أية معاملة تمييزية فيما يتعلق بأسباب أو إجراءات ... الإعالة أو النفقة". [298]

    كما قامت لجنة السيداو بتشجيع الدول على إصلاح قوانين النفقة بحيث تعكس إدراكاً أفضل للتفاوتات الاقتصادية القائمة على النوع الجنسي بين الزوجين، ونصيب المرأة الأكبر من العمل غير المأجور. [299] وناقش أعضاء لجنة السيداو مسألة النفقة في حكم في قضية رفعتها سيدة مطلقة بموجب البروتوكول الاختياري للسيداو. [300]

    ورُفضت القضية بسبب عدم استنفاد سبل الجبر الوطنية، لكن اثنين من أعضاء اللجنة اعترضا وتصديا لما كان يجب على المحكمة الوطنية اعتماده من معايير. ولاحظ العضوان المعترضان أن المحكمة الوطنية أخفقت في الحكم بنفقة "لائقة" وكان عليها إيلاء الاعتبار للسنوات التي أنفقتها السيدة في عمل غير مأجور داخل الأسرة، فيما كان زوجها يرتقي مهنيا ومن حيث الدخل، ووضعها المالي المقلقل، وافتقارها لخبرة العمل خارج المنزل، وفرص إيجادها لوظيفة وإعالة نفسها في سنها.

    ومنذ ذلك الحين انبرت لجنة السيداو لتشجيع الدول الأطراف على أن تكفل "تقييم المساهمة غير المالية في ممتلكات الزوجية الخاضعة للقسمة، بما في ذلك القيام بأعباء البيت ورعاية الأسرة، والفرص الاقتصادية الضائعة، والمساهمات المادية وغير المادية في التطور الوظيفي للزوج وفي أنشطته الاقتصادية الأخرى وفي تنمية رأسماله البشري" إضافة إلى "اعتبار تسديد الزوج مدفوعات بعد انقضاء الزواج طريقة لتحقيق التكافؤ في الآثار المالية". [301]

    شكر وتنويه

    أجرت أبحاث هذا التقرير مستشارتا هيومن رايتس ووتش، نائلة جعجع ويمنى مخلوف. كتبته نائلة جعجع، وباحثة سوريا ولبنان في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش، لمى فقيه. كما ساهمت يمنى مخلوف في كتابة التقرير.

    وقام بتحرير التقرير روبن شولمان، المحرر بقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ونديم حوري، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وليزل غرنتهولتز، المديرة التنفيذية بقسم حقوق المرأة، وكلايف بولدوين، مستشار قانوني أول، ودانييلا هاس، المحررة الأولى.

    وقام بالمراجعة المختصة جانيت والش، نائبة مدير قسم حقوق المرأة، وروثنا بيغم، الباحثة بقسم حقوق المرأة، وبريانكا موتابارثي، الباحثة بقسم حقوق الطفل، وبيدي شيبارد، نائب المدير بقسم حقوق الطفل.

    وتم تقديم مساعدات بحثية من متدربين بقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

    كما قامت رشا معاوية، باحثة سوريا ولبنان المساعدة، بتوفير الإنتاج والتنسيق، وأعد التقرير للنشر غريس تشوي وكاثي ميلز والمدير الإداري فتزروي هِبكنز.

    نحن ممتنون لجميع النساء والقضاة والمحامين والنشطاء الذين اجتمعوا معنا لتبادل التجارب والخبرات. كما نود أن نشكر المنظمات التي ساعدتنا في أبحاثنا ومشاركة خبراتهم وردود الفعل على التقرير بما في ذلك، مركز الموارد للمساواة بين الجنسين أبعاد، وشمل: شباب مواطنون لاعنفيون لاطائفيون، والعدل بلا حدود، وكفى عنف واستغلال. ونود أيضا أن نعرب عن امتناننا لشركة المحاماة عالم وشركاه لمراجعتهم القانونية وملاحظاتهم على التقرير.



    [1] مركزها بيروت بالنسبة لجميع الطوائف.

    [2] لم يتم تصنيفها حسب الموقع بما أن معظم المحاكم الروحية الابتدائية المسيحية ـ بما فيها محاكم الكاثوليك ومحاكم الاستئناف الأرثوذكسية ومحاكم الإنجيليين ـ موحدة وتغطي جميع محافظات لبنان.

    [3] وكانت أغلبية هذه القضايا لسيدات ترغبن في إثبات الطلاق.

    [4] في نسبة الـ18 بالمئة من القضايا التي رفعها الزوج، كان يطلب إلغاء النفقة أو إعادة حسابها.

    [5] وكانت تلك حالات لسيدات تستأنفن أحكام "طاعة ومساكنة" صادرة بحقهن من محاكم ابتدائية.

    [6] ظهر هذا التعدد في الحقبة العثمانية بموجب الإعفاء الذي منحه السلاطين العثمانيون والذي يسمح لرؤساء الطوائف بحكم أعضاء الطائفة بما يتفق وقوانينهم. في 1856 أصدر السلطان الخط الهمايوني الذي وضع الخطوط العريضة لنظام الأحوال الشخصية الحالي في لبنان، وجاءت المادة 6 من قرار الانتداب الفرنسي (1922) الذي أخلف الإمبراطورية العثمانية، لترغم الدولة على احترام وكفالة قوانين الأحوال الشخصية الدينية. ثم تكرست حماية قوانين الأحوال الشخصية الدينية في الدستور اللبناني، إذ تقرر المادة 9 من دستور 26 يونيو/حزيران 1926: " حرية الاعتقاد مطلقة والدولة بتأديتها فروض الإجلال لله تعالى تحترم جميع الأديان والمذاهب وتكفل حرية إقامة الشعائر الدينية تحت حمايتها على أن لا يكون في ذلك إخلال في النظام العام وهي تضمن أيضاً للأهلين على اختلاف مللهم احترام نظام الأحوال الشخصية والمصالح الدينية". ومنذ ذلك الحين لم يدخل على تلك المادة أي تعديل. وبعد ذلك، تحت الانتداب الفرنسي، في 1936 و1948، صدر القراران 60 ل.ر. لسنة 1936 و146 ل.ر. لسنة 1948 فشكلا جوهر نظام قوانين الأحوال الشخصية القائم اليوم. فقد أسس القراران إطار العلاقات بين الدولة والطوائف من جهة، وبين الدولة والفرد من الأخرى.

    [7] المادة 9 من الدستور اللبناني https://lp.gov.lb/CustomPage.aspx?id=26&masterId=1 (تمت الزيارة في ديسمبر/كانون الأول 2014).

    [8] المصدر السابق، الفقرة 3 من المقدمة.

    [9] ,” Pierre Gannagé, Leprinciped’ égalité et le pluralisme des statuts personnels dans les Etats multicommunautaires (Mélanges Terré/PUF, 1999), p. 431; Léna Gannagé.Law and Religion, a colloquy at the Centre d’Etude des Droits du Monde Arabe, Beirut, May 2000, http://www.cedroma.usj.edu.lb/files/droitreligion.htm (accessed December 4, 2014) ؛ وتقول ماري-كلود نجم Principes directeurs du droit international priv é et conflits de civilisations — Relations entre systèmes laïques et systèmes religieux (Dalloz Editions), p. 600

    [10] تعترف الدولة بطوائف الحق العادي عند استيفاء شرطين: 1) ألا تتناقض تعاليم الطائفة ومبادئها الأخلاقية مع النظام العام أوالآداب العامة أو دساتير الدولة والطوائف وأحكام القرار 60 ل.ر. لسنة 1936، و2) أن يكون تعداد أفرادها كافياً لضمان استمرارها ويبرر منحها ميزة الاعتراف. ويجوز لأفراد طوائف الحق العادي الاحتفال بالزواج أمام رجال الدين إلا أن الزيجة تخضع قانوناً للقضاء المدني. والطائفة البهائية من أمثلة طوائف الحق العادي في لبنان. أما الطوائف المسيحية المعترف بها كطوائف تاريخية بموجب القانون رقم 2 لسنة 1951 فهي الطائفة المارونية ، طائفة الروم الارثوذكسية، طائفة الروم الكاثوليكية الملكية، الطائفة الارمنية الغريغورية-ارثوذكسية، الطائفة الارمنية الكاثوليكية، الطائفة السريانية الارثوذكسية، الطائفة السريانية الكاثوليكية، الطائفة الشرقية الاشورية الارثوذكسية، الطائفة الكلدانية، الطائفة اللاتينية، الطائفة الانجيلية، الطائفة القبطية الارثوذكسية. والطوائف المحمدية التالية تعتبر بدورها طوائف تاريخية بحسب القارار 60 ل.لر.: السنية، الشيعية الجعفرية، الشيعية العلوية ، والإسماعيلية والدرزية . وتعتبر الطائفة الإسرائيلية التابعة لكنيس بيروت أيضاً من الطوائف التاريخية التي اعترف بها القرار المذكور.

    [11] قرار محكمة التمييز، رقم 46، تاريخ 27 كانون الأول 1972، حاتم ج134، ص. 18؛ قرار محكمة التمييز، رقم 36، تاريخ 19/12/1964، باز 1964، ص. 149، قرار محكمة التمييز، تاريخ 11/2/1967، النشرة القضائية 1967، ص. 161

    [12] قرار محكمة التمييز، رقم 46، تاريخ 27 كانون الأول 1972، حاتم ج134، ص. 18؛ قرار محكمة التمييز، رقم 36، تاريخ 19/12/1964، باز 1964، ص. 149، قرار محكمة التمييز، تاريخ 11/2/1967، النشرة القضائية 1967، ص. 161

    [13] Martin Armstrong, “More Lebanese Opting for Civil Marriage Abroad,” The Daily Star, June 14, 2012, http://www.dailystar.com.lb/News/Local-News/2012/Jun-14/176772-more-lebanese-opting-for-civil-marriage-abroad.ashx#ixzz2DQZBdFB0 (تمت الزيارة في 4 ديسمبر/كانون الأول 2014).

    [14] قرار محكمة التمييز، تاريخ 25/6/1965، باز 1965، ص.117؛ قرار محكمة التمييز، تاريخ 29/3/2001، العدل 2001، ص. 73.

    [15] المادة 79 من قانون أصول المحاكمات المدنية، 1983. على سبيل المثال، إذا كان الزوجان من المسلمين وحتى إذا عقدا زيجة مدنية فقط، فإنه يجوز لأحدهما أن يلجأ إلى محكمة شرعية إسلامية فتعتبر هذه أن الزيجة المدنية قرينة على زيجة دينية وتطبق أحكام الشريعة. http://ar.jurispedia.org/index.php/%D9%82%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%86_%D8%A3%D8%B5%D9%88%D9%84_%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AD%D8%A7%D9%83%D9%85%D8%A7%D8%AA_%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AF%D9%86%D9%8A%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF_(lb)

    [16] Rayan Majed, “Civil marriage is legitimate,” NOW, February 3, 2013,

    https://now.mmedia.me/lb/en/reportsfeatures/civil_marriage_is_legitimate(accessed on December 4, 2014) Unknown author, “Lebanese judicial council approves civil marriage”, NOW, February 12, 2013, https://now.mmedia.me/lb/en/nownews/lebanese-judicial-council-approves-civil-marriage (تمت الزيارة في 4 ديسمبر/كانون الأول 2014).

    [17] طلال الحسيني، الزواج المدني: الحق والعقد على الأراضي اللبنانية، دار الساقي، الطبعة الأولى، 2013.

    [18] المادة 5 من القرار 60 ل.ر..

    [19] يعترف القرار 60 ل.ر. الصادر في 1936 بطائفة إسرائيلية وقد وضعت قانوناً للأحوال الشخصية، لكنه لم ينفذ قط حيث لم يتم إنشاء محكمة إسرائيلية.

    [20] تشترط المادة 33 من القانون 2 الصادر في أبريل/نيسان 1951 أن تقدم الطوائف المسيحية والإسرائيلية نسخة من قوانينها للأحوال الشخصية وإجراءات المحاكمة إلى الحكومة خلال عام واحد، لموافقة البرلمان خلال ستة أشهر، بشرط اتفاقها مع مبادئ النظام العام والقوانين الأساسية للدولة والطوائف.

    [21] الدكتور بشير البيلاني، قوانين الأحوال الشخصية في لبنان، دار العلم للملايين، الطبعة الخامسة، تشرين الثاني 1997، ص. 2.

    [22] قانون تنظيم القضاء المذهبي الدرزي (1960) وقانون تنظيم القضاء الشرعي السني والجعفري (1962).

    [23] يتكون قانون العائلة العثماني الصادر في 25 أكتوبر/تشرين الأول 1917 من 157 مادة تغطي مختلف القواعد الحاكمة للالتزام الزوجي وشروط عقد الزواج وقضايا المهر ونفقة الزوجية والطلاق والتفريق عند السنة. وقد قال عدد من قضاة المحاكم السنية لـ هيومن رايتس ووتش إن القانون عندما لا يتطرق إلى مسائل ناشئة في الأحوال الشخصية فإنهم يرجعون عادة إلى كتاب قدري باشا عن قانون الأحوال الشخصية.

    [24] في أعقاب شكاوى من محامين من غياب تقنين القانون الشيعي، قام رئيس المحكمة الجعفرية العليا في 1994 بصياغة "دليل القضاء الجعفري" الذي فنن المواد المنعلقة بقضايا الزواج والطلاق والنسب ورعاية الأطفال وغيرها من قضايا الأحوال الشخصية. ويكتفي الدليل بتقنين المبادئ والقواعد الخاصة بالطائفة الشيعية ولا يعد ملزماً للقضاة الجعفريين.

    [25] قرارات مجلس الوزراء، الجريدة الرسمية، 12 ديسمبر/كانون الأول 2012.

    [26] مثالاً على ذلك، رسالة بولس الأولى إلى الكورنثيين، مجمع الفاتيكان الثاني لسنة 1962، والمجمع الإقليمي الماروني في جبل لبنان لسنة 1736.

    [27] الروتا الرومانية هي أعلى محاكم الاستئناف لدى الكنيسة الكاثوليكية الرومانية.

    [28] المادة الأولى من قانون تنظيم شؤون الطائفة الإسلامية الشيعية في لبنان لعام 1967.

    [29] Mohammad Harfoush, “Civil marriage to mark anniversary of civil war”,Al-Monitor , April 12, 2013, http://www.al-monitor.com/pulse/tr/originals/2013/02/lebanon-civil-marriage.html

    [30] Ibid ; UNDP, Lebanon National Human Development Report toward a citizen's state , (2009) p. 76.http://www.undp.org.lb/communication/publications/downloads/NHDR_Full_Report_En.pdf (accessed on December 5, 2014)

    [31] United Nations Educational Social Cultural Organization, “Women in personal status laws: Iraq, Jordan, Lebanon, Palestine, Syria”, July,2005,http://www.unesco.org/new/fileadmin/MULTIMEDIA/HQ/SHS/pdf/Women_in_Personal_Status_Laws.pdf, (accessed December 5. 2014).

    [32] Mohammad Harfoush, “Civil marriage to mark anniversary of civil war”, Al-Monitor.

    [33] “Lebanon – Civil Marriage Proposals,” Associated Press, April 1, 1998, http://www.aparchive.com/metadata/Lebanon-civil-marriage-proposals/8e90d5f1143e8398f8f3f3d680df862d?query=MIDDLE+EAST&current=1&orderBy=Relevance&hits=1&referrer=search&search=%2Fsearch%3Fquery%3DMIDDLE%2520EAST%26allFilters%3DLEBANON%3AKeyword%2CLifestyle%3ASubject%2CCABINET%2520MEETINGS%3AKeyword%2CReligious%2520issues%3ASubject&allFilters=LEBANON%3AKeyword%2CLifestyle%3ASubject%2CCABINET+MEETINGS%3AKeyword%2CReligious+issues%3ASubject&productType=IncludedProducts&page=1&b=df8 ) 62d ( تمت الزيارة في 4 ديسمبر/كانون الأول 2014). “Civil 'I Do's' May Stay a 'Don't' in Lebanon,” The CS Monitor, Edward Alan Yeranian, May 6, 1998, http://www.csmonitor.com/1998/0506/050698.intl.intl.4.html (تمت الزيارة في 4 ديسمبر/كانون الأول 2014) ; “Cabinet backs Hrawi civil marriage plan,” Nafez Kawas, “Cabinet backs Hrawi civil marriage plan” The Daily Star, March 19, 1998, http://www.dailystar.com.lb/News/Lebanon-News/1998/Mar-19/22268-cabinet-backs-hrawi-civil-marriage-plan.ashx (تمت الزيارة في 4 ديسمبر/كانون الأول 2014).

    [34] طلال الحسيني، إيضاح في تعمية: تعليق على مشروع قانون الزواج المدني في لبنان، المفكرة القانونية، 4 آذار 2014 http://www.legal-agenda.com/article.php?id=674&folder=articles&lang=ar (تمت الزيارة في 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2014).

    [35] المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى للطائفة السنية (1955) والمجلس الشيعي الأعلى (1967) والمجلس العلوي الأعلى (1994) والمجلس الأعلى للدروز (2006). وقد أنشئت هذه الهيئات بقوانين أصدرها مجلس النواب لتفويضها في تمثيل الطائفة والإشراف على شؤونها والدفاع عن حقوقها وامتيازاتها. ومن أمثلة هذا المجمع الأعلى للطائفة الإنجيلية، الذي يسمح بـ" أن يدعى كأعضاء اكراميين، لحضور اجتماعات الهيئة العامة، الرؤساء السابقون للمجمع الاعلى والنواب والوزراء من الطائفة الانجيلية، الحاليين والسابقين، في سورية ولبنان، والمستشارين القانونيين عندما لا يكونان من مندوبي الكنائس " بموجب المادة 5 من نظام المجمع الأعلى للطائفة الإنجيلية في سوريا ولبنان.

    [36] International Covenant on Civil and Political Rights (ICCPR), adopted December 16, 1966, G.A. Res. 2200A (XXI), 21 U.N. GAOR Supp. (No. 16) at 52, U.N. Doc. A/6316 (1966), 999 U.N.T.S. 171, entered into force March 23, 1976

    [37] قرار محكمة التمييز، تاريخ 25/6/1965، باز 1965، ص.117؛ قرار محكمة التمييز، تاريخ 29/3/2001، العدل 2001، ص. 73.

    [38] المادة 79 من قانون أصول المحاكمات المدنية اللبناني.

    [39] وهي محاكم بيروت وعالية وبعقلين والبقاع والجنوب والمتن.

    [40] المادة 453 من قانون تنظيم القضاء الشرعي السني والجعفري.

    [41] المادة 13 من قانون تنظيم القضاء المذهبي الدرزي.

    [42] مقابلات هيومن رايتس ووتش مع 3 محامين عاملين أمام المحاكم الروحية، لبنان، 17 و18 مايو/أيار 2012 و6 يونيو/حزيران 2012. ومع بريجيت، 4 يوليو/تموز 2012، ومع ميشيل، المسيحية الإنجيلية، لبنان، 27 يوليو/تموز 2012.

    [43] قانون الاحوال الشخصية واصول المحاكمات لدى بطريركية انطاكية وسائر المشرق للروم الارثوذكس، المواد 3 و4 و5؛ قانون اصول المحاكمات للطائفة الارمنية الارثوذكسية، المادة 3.

    [44] قانون أصول المحاكمات لدى الطائفة الإنجيلية، المادتان 5 و7، وقرار المجمع الأعلى للطائفة الإنجيلية في سوريا ولبنان، المادة 13.

    [45] قانون تنظيم القضاء السني والجعفري، المادة 453.

    [46] قانون تنظيم القضاء المذهبي الدرزي، المادة 13.

    [47] مقابلات هيومن رايتس ووتش مع 3 محامين ممارسين أمام المحاكم الروحية، 17 و18 مايو/أيار 2012، و16 يونيو/حزيران 2012، ومع محام ممارس أمام المحاكم الجعفرية، لبنان، 11 مايو/أيار 2012، ومع محام ممارس أمام المحاكم السنية، لبنان، 18 مايو/أيار 2012، ومع محام ممارس أمام المحاكم الدرزية، لبنان، 6 يوليو/تموز 2012، ومع 3 محامين يعملون مع منظمة غير حكومية محلية معنية بحماية المرأة من العنف، 5 و22 يونيو/حزيران 2012.

    [48] قانون أصول المحاكمات لدى الطائفة الإنجيلية في سوريا ولبنان، 2005، المادة 16.

    [49] قال المحامي إنه علم بأن القاضي الذي نظر في قضية موكله أخذ توكيل موكله ببساطة من ملف القضية، ومن ثم لم يتم إخطار المحامي بالدعوى المقامة ضده، وتمت المحاكمة بدون علمه، وصدر الحكم في غيابه. مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محام يعمل لحساب منظمة غير حكومية محلية معنية بحماية المرأة من العنف، 5 يونيو/حزيران 2012.

    [50] مقابلات هيومن رايتس ووتش مع 3 محامين ممارسين أمام المحاكم الروحية، 17 و18 مايو/أيار 2012، و16 يونيو/حزيران 2012، ومع محام ممارس أمام المحاكم الجعفرية، لبنان، 11 مايو/أيار 2012، ومع محام ممارس أمام المحاكم السنية، لبنان، 18 مايو/أيار 2012، ومع محام ممارس أمام المحاكم الدرزية، لبنان، 6 يوليو/تموز 2012، ومع 3 محامين يعملون مع منظمة غير حكومية محلية معنية بحماية المرأة من العنف، 5 و22 يونيو/حزيران 2012.

    [51] وتبرر محكمة التمييز موقفها في ضوء المادة 95 من قانون أصول المحاكمات المدنية، التي تقرر أن للجمعية العامة لمحكمة التمييز أن تنظر "في الاعتراض على قرار مبرم  صادر عن محكمة مذهبية أو شرعية لعدم اختصاص هذه المحكمة أو لمخالفته صيغاً جوهرية تتعلق بالنظام العام" وتقول المحكمة إن هذه المادة لا تمنحها سلطة التحكيم في مضمون القرارات الدينية، بل تقصر إشرافها على مسائل الاختصاص ومخالفات المبادئ الأساسية للنظام العام، قرار محكمة التمييز، تاريخ 12/11/1955، المحامي 1955، ص. 50؛ قرار محكمة التمييز، تاريخ 17/11/1956، المحامي 1956، ص. 131؛ قرار محكمة التمييز، تاريخ 13/2/1962، النشرة القضائية 1962، ص. 94؛ قرار محكمة التمييز، تاريخ 2/4/1965، النشرة القضائية 1965، االجزء الرابع، ص. 270

    [52] القاضي فوزي خميس بالتعاون مع القاضي فادي العريضي، حماية الأطفال المعرضين للخطر على ضوء القانون والاجتهاد في لبنان، فريدريك هوبرت ستيفتنك، الطبعة الثانية، 2011.

    [53] مقابلات هيومن رايتس ووتش مع 3 محامين ممارسين أمام المحاكم الروحية، 17 و18 مايو/أيار 2012، و16 يونيو/حزيران 2012، ومع 3 محامين يعملون مع منظمة غير حكومية محلية معنية بحماية المرأة من العنف، 5 و22 يونيو/حزيران 2012.

    [54] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محام يعمل أمام المحاكم الروحية، 17 مايو/أيار 2012.

    [55] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع اثنين من المحامين العاملين أمام المحاكم الروحية، 18 مايو/أيار و16 يونيو/حزيران 2012.

    [56] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع بريجيت، 4 يوليو/تموز 2012.

    [57] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع هالة، سنية تزوجت في الكنيسة الكاثوليكية، لبنان، 22 يونيو/حزيران 2012.

    [58] مقابلات هيومن رايتس ووتش مع اثنين من المحامين العاملين مع منظمة غير حكومية محلية لحماية المرأة من العنف، 5 و22 يونيو/حزيران 2012، ومع أخصائية اجتماعية تعمل في مراكز الخدمات الإنمائية التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية، لبنان، 5 يوليو/تموز 2012، ومع رئيسة منظمة غير حكومية محلية معنية بتعزيز وتحقيق المساواة بين الجنسين، 25 سبتمبر/أيلول 2012.

    [59] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ناشطة تدير أحد الملاجئ لحماية السيدات من العنف الأسري، لبنان، 18 يوليو/تموز 2012، ومع مستشار قانوني حقوقي، لبنان، 27 يوليو/تموز 2012، ومع دينا، مسلمة سنية تزوجت أمام محكمة جعفرية، لبنان، 20 سبتمبر/أيلول 2012. وقد قصت سيدات أخريات تحدثن مع هيومن رايتس ووتش خبرات مماثلة أمام محاكم مختلفة. وعلى سبيل المثال، مقابلات هيومن رايتس ووتش مع أمينة، مسلمة سنية، لبنان، 4 مايو/أيار 2012، ومع ميراي، مسيحية مارونية، 18 فبراير/شباط 2013.

    [60] قانون أصول المحاكمات لدى الطوائف الكاثوليكية، المادة 172.

    [61] قانون تنظيم القضاء السني والجعفري، المادة 112.

    [62] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع نسرين، مسيحية مارونية، لبنان، 8 مايو/أيار 2012. وذكرت أخريات ممن تحدثن مع هيومن رايتس ووتش خبرات مشابهة أمام محاكم مختلفة. على سبيل المثال، مقابلات هيومن رايتس ووتش مع ماريا، مسيحية مارونية، لبنان، 17 مايو/أيار 2012، ومع سابين، مسيحية أرثوذكسية، لبنان، 7 يونيو/حزيران 2012، ومع دينا، 20 سبتمبر/أيلول 2012.

    [63] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع بريجيت، 4 يوليو/تموز 2012. وذكرت أخريات ممن تحدثن مع هيومن رايتس ووتش خبرات مماثلة. على سبيل المثال، مقابلات هيومن رايتس ووتش مع ميراي، مسيحية مارونية، لبنان، 18 فبراير/شباط 2013، ومع هالة، 22 يونيو/حزيران 2012، ومع جوزيان، مسيحية مارونية، لبنان، 13 يوليو/تموز 2012.

    [64] مقابلات هيومن رايتس ووتش مع ميراي، 18 فبراير/شباط 2013، ومع ميشيل، 27 يوليو/تموز 2012، ومع مونيكا، مسيحية مارونية، لبنان، 23 يوليو/تموز 2014، ومع سينتيا، مسيحية مارونية، لبنان، 3 مارس/آذار 2013.

    [65] بالرغم من إمكانية الرجل، بموجب قوانين الأحوال الشخصية السنية والشيعية،إيقاع الطلاق تدخل أية سلطة دينية أو قضائية، إلا أنه إلى تثبيته بموجب قرار صادر عن المحكمة. وفي غياب هكذا إثبات، يتعذّر عل المرأة تحصيل حقوقها المالية من مهر مؤجل ونفقة عدّة إلاّ من خلال التقدم بدعوى. كما أن حالات الطلاق غير المثبتة أمام المحاكم الطائفية لا تسجل أو تنفذ في مديرية الأحوال الشخصية في وزارة الداخلية، يمعنى آخر، تبقى قيود الزوجة تابعة لقيود زوجها.

    [66] ويضيف قانون الأحوال الشخصية للطافية الدرزية، في المادة 49، أن الطلاق إذا لم يكن بسبب مشروع، فإن على القاضي الحكم بتعويض الزوجة ومنحها مؤخر الصداق. ويتم تقدير الضرر المعنوي والمادي عند تقييم التعويض.

    [67] قانون تنظيم القضاء الشرعي السني والجعفري، المادة 346.

    [68] مقابلات هيومن رايتس ووتش مع نور، مسلمة سنية، 21 يوليو/تموز 2012، ومع أمينة، 4 مايو/أيار 2012، ومع دينا، 20 سبتمبر/أيلول 2012، ومع دارين، مسلمة شيعية، لبنان، 22 مارس/آذار 2013، ومع هيفاء، مسلمة سنية، لبنان، 30 مايو/أيار 2012.

    [69] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع نور، 21 يوليو/تموز 2012.

    [70] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محام ممارس أمام المحاكم الجعفرية، 11 مايو/أيار 2012.

    [71] قانون العائلة العثماني، المادتان 119 و129.

    [72] قانون الأحوال الشخصية للطافية الدرزية، المواد 44-46.

    [73] قانون الأحوال الشخصية للطائفة الدرزية، المادة 43.

    [74] قانون العائلة العثماني، المادة 130 وقانون الأحوال الشخصية للطافية الدرزية، المادة 47.

    [75] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع قاض سني يرأس محكمة ابتدائية في بيروت، لننان، 4 يونيو/حزيران 2012، 2012.

    [76] اقانونلاحوالالشخصيةللطائفةالدرزيةالمادة .47

    [77] المهر هو مبلغ من المال المنقول أو غير المنقول، تتحدد قيمته في عقد الزواج ويدفع للزوجة من جانب الزوج قبل معاشرتها (ويعرف هنا بالمهر المعجّل). أما الجزء الثاني، أو المهر المؤجل، فيدفع في واحدة من حالتين: عند وفاة الزوج أو إنهاء العلاقة الزوجية من طرفه. كما يمكن أن نشترط الزوجة بنداً إضافياً في العقد يستحق على أساسه المؤجّل في حال تحقق الشرط-مثال زواد الرجل من امرأة ثانية.

    [78] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ثلاثة محامين من العاملين مع منظمة غير حكومية محلية لحماية المرأة من العنف، 5 و22 يونيو/حزيران 2012.

    [79] بموجب القانون ينغي في الحكمين أن يكونا مسلمين من المشهود لهما بالاستقامة. ويضيف القانون المنظم للمحاكم الإسلامية، المادة 347، أن على المحكمة السنية العليا أن تحتفظ بسجل للمحكمين بعد أن يقسموا أمام المحكمة على أداء عملهم بأمانة واستقامة وإخلاص.

    [80] تنص المادة 343 من قانون تنظيم القضاء الشرعي السني والجعفري على أنه " إذا ثبت من تقرير الحكمين أن الإساءة أو أكثرها من الزوج حكم القاضي بالتفريق ويلزم الزوج بناء على الطلب بسائر الحقوق الزوجية. وإن ثبتت الإساءة أو أكثرها من الزوجة خالع بينهما على كامل المهر أو على جانب منه يتناسب مع الإساءة".

    [81] قانون العائلة العثماني، المادة 130.

    [82] حكم صادر عن محكمة بعبدا السنية، 6 يونيو/حزيران 2011، حكم صادر عن محكمة بيروت السنية، 23 يناير/كاون الثاني 2010، حكم صادر عن محكمة بيروت السنية، 13 ديسمبر/كانون الأول 2011، حكم صادر عن محكمة بيروت السنية، 20 فبراير/شباط 2012، حكم صادر عن محكمة بيروت السنية، 3 مارس/آذار 2009، حكم صادر عن محكمة بيروت السنية، 3 مارس/آذار 2009، حكم صادر عن محكمة بيروت السنية، 11 أكتوبر/تشرين الأول 2011، حكم صادر عن محكمة بيروت السنية، 10 أبريل/نيسان 2011، حكم صادر عن محكمة بيروت السنية، 8 أبريل/نيسان 2010.

    [83] حكم صادر عن محكمة بيروت السنية، 23 يناير/كاون الثاني 2010.

    [84] حكم صادر عن محكمة طرابلس السنية، 27 سبتمبر/أيلول 2011.

    [85] حكم صادر عن محكمة بيروت السنية، 20 أكتوبر/تشرين الأول 2010.

    [86] حكم صادر عن محكمة بيروت السنية، 16 يناير/كانون الثاني 2010.

    [87] حكم صادر عن المحكمة السنية العليا، 10 يناير/كانون الثاني 2011.

    [88] وقد حددت هيومن رايتس ووتش 46 قضية رفعت في البداية كدعاوى تفريق ولكنها انتهت بحكم المخالعة. على سبيل المثال، حكم صادر عن محكمة بيروت السنية، 5 يونيو/حزيران 2010، خمسة أحكام صادرة من محكمة بروت السنية، 2 يناير/كانون الثاني 2010، حكم صادر عن محكمة بيروت السنية، 4 مارس/آذار 2010، حكم صادر عن محكة بعبدا السنية، 22 سبتمبر/أيلول 2010.

    [89] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أمينة، 4 مايو/أيار 2012.

    [90] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع نور، 21 يوليو/تموز 2012، ومع أمينة، 4 مايو/أيار 2012، ومع هيفاء، 30 مايو/أيار 2012.

    [91] رغم أن الاغتصاب الزوجي ليس جريمة بموجب قانون العقوبات اللبناني، إلا أن الاعتداء على أحد الزوجين بالضرب أو إيذاءه بغرض المعاشرة يعد جريمة بموجب قانون حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري، المتبنى في 1 أبريل/نيسان 2014. انظر قانون حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري، برقم 293، http://jo.pcm.gov.lb/j2014/j21/wfn/n293.htm (تمت الزيارة في 4 ديسمبر/كانون الأول 2014).

    [92] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع نور، 21 يوليو/تموز 2012.

    [93] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع قاض سني يرأس إحدى المحاكم الابتدائية في بيروت، 4 يونيو/حزيران 2012.

    [94] UN Committee on the Elimination of Discrimination against Women, General Comment 29, para.39, http://www2.ohchr.org/english/bodies/cedaw/docs/comments/CEDAW-C-52-WP-1_en.pdf (تمت الزيارة في 4 ديسمبر/كانون الأول 2014).

    [95] UN Committee on the Elimination of Discrimination against Women, General Comment 29, paras. 39-42, http://www2.ohchr.org/english/bodies/cedaw/docs/comments/CEDAW-C-52-WP-1_en.pdf (تمت الزيارة في 4 ديسمبر/كانون الأول 2014).

    [96] أمينة دايخ، الطلاق الحاكم (المنشورات للتوزيع والنشر، 2008). وتحكي الرواية قصة المؤلفة، المحامية التي سعت ل20 عاماً الاستحصال على قرار طلاق حاكم.

    [97] منير مغنية، "نحو تقنين أصول طلب الزوجة الشيعية الجعفرية الطلاق من الحاكم الشرعي جبراً عن الزوج"، مجلّة العدل، العدد رقم 4 للعام 2011، ص. 1609 حتى ص. 1616.

    [98] الدعوى التي يرفعها الزوج أمام المحاكم السنية أو الجعفرية على زوجة تركته ولم تمكنه من معاشرتها جنسياً، للمطالبة بإعادتها للعيش معه بالقوة. وإذا رفضت الزوجة فإنها تعتبر ناشزاً بحكم القانون.

    [99] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع دينا، 20 سبتمبر/أيلول 2012.

    [100] قررت المحكمة أنه " وينطبق عليه صيغة الطلاق الحاكم كون موقعه معروف أنه من أهل العلم والإجتهاد في الحوزة العلمية وهذا لا شك فيه ولا ريب"، حكم صادر عن محكمة بعبدا الجعفرية، 16 مايو/أيار 2012.

    [101] حكم صادر عن محكمة بعبدا الجعفرية، 16 مايو/أيار 2012.

    [102] حكم صادر عن محكمة بيروت الجعفرية، 9 مارس/آذار 2010.

    [103] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محام ممارس أمام المحاكم الجعفرية، 11 مايو/أيار 2012.

    [104] قوانين الأحوال الشخصية في لبنان، الدكتور بشير البيلاني، دار العلم للملايين، الطبعة الخامسة، تشرين الثاني 1997، ص. 123-124.

    [105] قانون العائلة العثماني، المادة 113.

    [106] بشير البيلاني، قوانين الأحوال الشخصية في لبنان، ص. 132.

    [107] المصدر السابق، ص.123.

    [108] حكم صادر عن محكمة بيروت الجعفرية، 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2009 وحكم صادر عن محكمة بيروت الجعفرية، 17 فبراير/شباط 2010 وحكم صادر عن محكمة بيروت الجعفرية، 23 مارس/آذار 2010 وحكم صادر عن محكمة بيروت الجعفرية، 11 فبراير/شباط 2011 وحكم صادر عن محكمة بيروت السنية، 15 مارس/آذار 2012.

    [109] قانون أصول المحاكمات المدنية اللبناني. http://ar.jurispedia.org/index.php/%D9%82%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%86_%D8%A3%D8%B5%D9%88%D9%84_%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AD%D8%A7%D9%83%D9%85%D8%A7%D8%AA_%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AF%D9%86%D9%8A%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF_(lb)

    [110] حكم صادر عن محكمة بيروت الجعفرية، 8 أبريل/نيسان 2009.

    [111] حكم صادر عن محكمة بيروت السنية، 3 مارس/آذار 2010.

    [112] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع نور، 21 يوليو/تموز 2012.

    [113] رفضت المحكمة طلب الزوجة التفريق بعد أن قدم الزوج/المدعى عليه " صورة عن الحجّة الشرعية الصادرة عن المحكمة نفسها والمتضمنة تدوين وقوع الطلاق البائن بينونة كبرى بين المتداعين وتدوين إبراء المدعية لذمة المدعى عليه من كامل الحقوق الشرعية ". حكم صادر عن محكمة بيروت السنية، 12 فبراير/شباط 2011.

    [114] حكم صادر عن محكمة بيروت السنية، 19 يونيو/حزيران 2010.

    [115] حكم صادر عن المحكمة السنية العليا، 2 فبراير/شباط 2011.

    [116] حكم صادر عن محكمة صيدا السنية، 27 يناير/كانون الثاني 1998.

    [117] حكم صادر عن المحكمة السنية العليا، 3 أبريل/نيسان، 2012.

    [118] حكمان صادران من المحكمة الجعفرية العليا، 17 أبريل/نيسان 2012، ومحكمة بعبدا الجعفرية، 12 فبراير/شباط 2011.

    [119] حكم صادر عن محكمة بعبدا الجعفرية، 28 يناير/كانون الثاني 2010.

    [120] حكم صادر عن محكمة بيروت الجعفرية، 1 أبريل/نيسان 2009.

    [121] حكم صادر عن محكمة بعبدا الجعفرية، 28 يونيو/حزيران 2012.

    [122] حكم صادر عن محكمة بيروت الجعفرية، 30 أبريل/نيسان 2009.

    [123] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع هيفاء، 30 مايو/أيار 2012.

    [124] ينطوي الهجر على إقامة الزوجين منفصلين، إلا أن الرابطة الزوجية تظل قائمة ولا يستطيع أي منهما الزواج مجدداً. أما البطلان والفسخ والطلاق فهي تنهي الزواج، وتسمح لكل من الطرفين بإعادة الزواج.

    [125] القانون الكنسي للكنائس الشرقية، المادة 863.

    [126] قانون الأحوال الشخصية وقانون أصول المحاكمات لدى بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس، 2003، المادة 17.

    [127] قانون الأحوال الشخصية وقانون أصول المحاكمات لدى بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس، 2003، المواد 48-49.

    [128] قانون الأحوال الشخصية للطائفة الإنجيلية في سوريا ولبنان، 1 أبريل/نيسان 2005، المادة 36.

    [129] قانون الكنيسة الشرقية الكاثوليكيةالمادة 863.

    [130] القانون الكنسي للكنائس الشرقية، المواد 816-827.

    [131] قانون الأحوال الشخصية وقانون أصول المحاكمات لدى بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس، 2003، المادتان 64 و66.

    [132] قانون الأحوال الشخصية للطائفة الإنجيلية في سوريا ولبنان، المادة 24.

    [133] قانون الأحوال الشخصية للطائفة الإنجيلية في سوريا ولبنان، المادة 25.

    [134] القانون الكنسي للكنائس الشرقية، المادة 826.

    [135] القانون الكنسي للكنائس الشرقية، المادة 854.

    [136] قانون الأحوال الشخصية وقانون أصول المحاكمات لدى بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس، 2003، المادة 67.

    [137] قانون الأحوال الشخصية وقانون أصول المحاكمات لدى بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس، 2003، المواد 68-69.

    [138] قانون الأحوال الشخصية للطائفة الإنجيلية في سوريا ولبنان، المادة 32.

    [139] مقابلات هيومن رايتس ووتش مع ثلاثة محامين ممارسين أمام المحاكم الروحية، 17 و18 مايو/أيار 2012 و16 يونيو/حزيران 2012، ومع 3 محامين يعملون لدى منظمة غير حكومية محلية معنية بحماية المرأة من العنف، 5 و22 يونيو/حزيران 2012، ومع رئيسة منظمة غير حكومية محلية معنية بتعزيز وتحقيق المساواة بين الجنسين، 25 سبتمبر/أيلول 2012.

    [140] قانون حماية المرأة وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري.

    [141] مقابلات هيومن رايتس ووتش مع ثلاثة محامين ممارسين أمام المحاكم الروحية، 17 و18 مايو/أيار 2012 و16 يونيو/حزيران 2012.

    [142] حكم صادر عن المحكمة المارونية الابتدائية الموحدة، 11 مايو/أيار 2010.

    [143] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع نسرين، 8 مايو/أيار 2012.

    [144] انظر الجدول 6 أعلاه.

    [145] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع هالة، 22 يونيو/حزيران 2012.

    [146] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ماريا، 17 مايو/أيار 2012.

    [147] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محام ممارس أمام المحاكم الروحية، 16 يونيو/حزيران 2012.

    [148] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سابين، 7 يونيو/حزيران 2012، ومع دينا، 20 سبتمبر/أيلول 2012.

    [149] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ميشيل، 27 يوليو/تموز 2012.

    [150] تخرج القضايا المتعلقة بانتهاك الحقوق بسبب تعدد الزوجات عن نطاق هذا التقرير، وتقرر التوصية العامة للجنة السيداو رقم 21 أن "تعدد الزوجات يخالف حق المرأة في المساواة بالرجل، وقد تكون له نتائج عاطفية ومالية خطيرة عليها وعلى من تعولهم إلى حد يستوجب عدم تشجيع هذه الزيجات وحظرها. وتلاحظ اللجنة بقلق أن بعض الدول الأطراف التي تضمن دساتيرها تساوي الحقوق، تسمح بتعدد الزوجات وفقا لقانون الأحوال الشخصية أو للقانون العرفي. وهذا ينتهك الحقوق الدستورية للمرأة ويخالف أحكام المادة 5(أ) من الاتفاقية " . http://www.un.org/womenwatch/daw/cedaw/recommendations/recomm.htm#recom21 (تمت الزيارة في 4 ديسمبر/كانون الأول 2014).

    [151] قرار محكمة التمييز، تاريخ 13/3/2001، مجلة الشرق المتوسط القانونية، الدراسات القانونية، ص. 49؛ قرار محكمة التمييز، تاريخ 9/4/2002، مجلة الشرق المتوسط القانونية، الدراسات القانونية، ص. 181.

    [152] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع جوزيان، المسيحية المارونية، 13 يوليو/تموز 2012.

    [153] محكمة التمييز، الجمعية العامة، 14 فبراير/شباط 1989، الباز، ص.40، 24 مارس/آذار 1994، قضية كاسندرا، 13 يوليو/تموز 2001، كاسندرا.

    [154] تقرر المادة 3 من اتفاقية حقوق الطفل أنه "في جميع الإجراءات التي تتعلق بالأطفال، سواء قامت بها مؤسسات الرعاية الاجتماعية العامة أو الخاصة، أو المحاكم أو السلطات الإدارية أو الهيئات التشريعية، يولي الاعتبار الأول لمصالح الطفل الفضلى". اتفاقية حقوق الطفل التي تم تبنيها في 20 نوفمبر/تشرين الثاني 1989، بقرار الجمعية العامة رقم 44/25 ودخلت حيز التطبيق في 2 سبتبمر/أيلول 1990، المادة 3.

    [155] قوانين الأحوال الشخصية في لبنان، الدكتور بشير البيلاني.

    [156] والوالد الذي لا يحظى بالحضانة تحق له الزيارة أو المشاهدة.

    [157] تتباين أسباب فقدان الحضانة من طائفة إلى أخرى.

    [158] حكم صادر عن محكمة جبل لبنان للسريان الأرثوذكس، 3 أغسطس/آب 2008.

    [159] حكم صادر عن محكمة بيروت السنية، 13 أبريل/نيسان 2010.

    [160] حكم صادر عن محكمة بعبدا الجعفرية، 15 مارس/آذار 2010.

    [161] قانون الأحوال الشخصية للطافية الدرزية، المادة 64.

    [162] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ريا، مسيحية مارونية، لبنان، 4 مارس/آذار 2013.

    [163] حكم صادر عن المحكمة السنية العليا، 5 ديسمبر/كانون الأول 2011.

    [164] حكم صادر عن محكمة بيروت السنية، 15 يونيو/حزيران 2010، حكم صادر عن محكمة بيروت السنية، 13 مايو/أيار 2010، حكم صادر عن المحكمة السنية العليا، 5 ديسمبر/كانون الأول 2011.

    [165] حكم صادر عن محكمة بيروت السنية، 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2009.

    [166] حكمان صادران من محكمة بعبدا الجعفرية، 3 فبراير/شباط 2010 و10 مايو/أيار 2012، أربعة أحكام صادرة من محكمة بيروت الجعفرية، 2 أكتوبر/تشرين الأول 2007 و16 فبراير/شباط 2007 و1 ديسمبر/كانون الأول 2010 و27 أكتوبر/تشرين الأول 2008، وحكم صادر عن محكمة النبطية الجعفرية، 14 مارس/آذار 2011، وحكم صادر عن محكمة صيدا الجعفرية، 31 أكتوبر/تشرين الأول 1996.

    [167] حكم صادر عن محكمة بعبدا الجعفرية، 10 مايو/أيار 2012.

    [168] حكم صادر عن محكمة بيروت السنية، 11 يناير/كانون الثاني 2011.

    [169] حكم صادر عن محكمة بعبدا الجعفرية، 9 يناير/كانون الثاني 2012، وخكم صادر من محكمة بيروت الجعفرية، 16 فبراير/شباط 2009.

    [170] حكم صادر عن محكمة صيدا الجعفرية، 2 أبريل/نيسان 2009.

    [171] حكم صادر عن محكمة بعبدا الجعفرية، 2 يوليو/تموز 2012.

    [172] حكم صادر عن محكمة بيروت الجعفرية، 10 يونيو/حزيران 2009.

    [173] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع قاض سني يرأس محكمة ابتدائية في بيروت، لبنان، 4 يونيو/حزيران 2012.

    [174] حكم صادر عن محكمة بيروت السنية، رئاسة الشيخ عارف محمد الحاج، 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2008.

    [175] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع اثنين من المحامين الممارسين أمام المحاكم الروحية، 17 و18 مايو/أيار 2012.

    [176] أحكام صادرة من المحكمة الابتدائية المارونية الموحدة، 13 يونيو/حزيران 2007، و14 يوليو/تموز 2009.

    [177] حكم صادر عن المحكمة الابتدائية المارونية الموحدة، 11 مايو/أيار 2010.

    [178] حكم صادر عن محكمة الاستئناف المارونية، 9 مايو/أيار 2009.

    [179] حكم صادر عن المحكمة الأرثوذكسية، 17 ديسمبر/كانون الأول 2007، وحكم صادر عن محكمة جبل لبنان للسريان الأرثوذكس، 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2007.

    [180] حكم صادر عن المحكمة الابتدائية المارونية الموحدة، 30 مارس/آذار 2007.

    [181] حكم صادر عن المحكمة الابتدائية الموحدة للملكيين الكاثوليك، 31 مايو/أيار 2011.

    [182] أحكام صادرة عن المحكمة الابتدائية الموحدة للروم الكاثوليك، 20 يوليو/تموز 2010، و9 نوفمبر/تشرين الثاني 2011 و26 يونيو/حزيران 2012.

    [183] للطوائف المسيحية، انظر قانون الأحوال الشخصية للكاثوليك، المادة 125، وقانون الأحوال الشخصية للروم الأرثوذكس، المادة 58، وقانون الأحوال الشخصية للسريان الأرثوذكس، المادة 63، وقانون الأحوال الشخصية للآشوريين، المادة 102، وقانون الأحوال الشخصية للطائفة الإنجيلية، المادة 63.

    [184] انظر قانون الأحوال الشخصية للطافية الدرزية، المادة 55، والقانون الجديد لأحكام الأسرة للطائفة السنية، المادة 15. ويشير دليل القضاء الجعفري إلى عدة شروط تنال الأم بمقتضاها الحضانة ولكن ليس الأب. فللحصول على الحضانة يجب على المرأة أن تكون " أمينة مستورة لا يتعرّض ولدها لضرر خلقي أو ديني أو للتفريط في حفظه وتربيته"، وتتشابه هذه الشروط مع الشروط المحددة في قانون الأسرة السني، مع اختلاف يتمثل في أن الطوائف الشيعية تشترط كون الأم مسلمة، استناداً إلى قاعدة بألاتقوم حاضنة غير مسلمة بحضانة طفل مسلم.

    [185] القانون الجديد لأحكام الأسرة للطائفة السنية، المادة 12، قانون الأحوال الشخصية للطافية الدرزية، المادة 55، دليل القضاء الجعفري، المادة 358.

    [186] مقابلات هيومن رايتس ووتش مع نادين، 28 سبتمبر/أيلول 2012، ومع سوزان، مسيحية أرثوذكسية، لبنان، 15 يوليو/تموز 2012، ومع ميراي، 18 فبراير/شباط 2013، ومع ريا، 4 ماس/آذار 2913، ومع ميشيل، 27 يوليو/تموز 2012، ومع دينا، 20 سبتمبر/أيلول 2012، ومع أمينة، 4 مايو/أيار 2012، ومع نور، 21 يوليو/تموز 2012.

    [187] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ميراي، 18 فبراير/شباط 2013.

    [188] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سوزان، 15 يوليو/تموز 2012.

    [189] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع دينا، 20 سبتمبر/أيلول 2012.

    [190] حكم صادر عن محكمة بيروت السنية، 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2009.

    [191] حكم صادر عن المحكمة السنية العليا، 26 مايو/أيرا 2010.

    [192] خمسة أحكام صادرة من محاكم بيروت السنية،7 نوفمبر/تشرين الثاني 2009 و20 سبتمبر/أيلول 2011 و2 مارس/آذار 2011 و8 أبريل/نيسان 2010 و13 مايو/أيرا 2010، حكم صادر عن المحكمة السنية العليا في 22 ديسمبر/كانون الأول 2010، حكم صادر عن محكمة طرابلس السنية، 22 فبراير/شباط 2011.

    [193] حكم صادر عن محكمة بيروت السنية، 20 سبتمبر/أيلول 2011.

    [194] حكم صادر عن محكمة بيروت السنية، 2 مارس/آذار 2011.

    [195] حكم صادر عن المحكمة السنية العليا، 18 مارس/آذار 2009.

    [196] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع دينا، 20 سبتمبر/أيلول، 2012.

    [197] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ريا، 4 مارس/آذار 2013.

    [198] حكم صادر عن المحكمة الابتدائية المارونية الموحدة، 31 يناير/كانون الثاني 2008.

    [199] حكم صادر عن المحكمة السنية العليا، 16 مارس/آذار 2011.

    [200] حكم صادر عن محكمة بيروت السنية، 18 مايو/أيار 2010.

    [201] اتفاقية حقوق الطفل، التي تم تبنيها في 20 نوفمبر/تشرين الثاني 1989 ودخلت حيز التنفيذ في 2 سبتمبر/أيلول 1990، المادة 14: "تحترم الدول الأطراف حق الطفل في حرية الفكر والوجدان والدين".

    [202] يميز القانون الجديد لأحكام الأسرة للطائفة السنية، في مادته رقم 17 بين الأم المسلمة وغير المسلمة، إذ لا يمنح غير المسلمة حق الحضانة إلا لغاية سن 5 سنوات، ويمنع القضاة من الحكم بغير هذا.

    [203] العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، التي تم تبنيها في 16 ديسمبر/كانون الأول 1966 ودخلت حيز التنفيذ في 3 يناير/كانون الثاني 1976، المادة 13.

    [204] حكم صادر عن المحكمة الابتدائية المارونية الموحدة، 31 يناير/كانون الثاني 2008.

    [205] حكم صادر عن المحكمة السنية العليا، 13 يناير/كانون الثاني 2010.

    [206] حكم صادر عن محكمة بيروت السنية، 29 أغسطس/آب 2010.

    [207] حكم صادر عن المحكمة السنية العليا، 17 مارس/آذار 2010.

    [208] حكم صادر عن محكمة بيروت السنية، 29 أغسطس/آب 2009.

    [209] حكم صادر عن محكمة بيروت السنية، 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2010.

    [210] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سينتيا، 3 مارس/آذار 2013، ومع ميراي، 18 فبراير/شباط 2013.

    [211] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع دينا، 20 سبتمبر/أيلول 2012، ومع أمينة، 4 مايو/أيار 2012.

    [212] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع دارين، 22 مارس/آذار 2013.

    [213] تستعين الدول بتوجهات مختلفة لتحديد وتقسيم الممتلكات التي اقتناها الزوجان أثناء الزواج، أو الممتلكات المنفصلة التي تحسنت قيمتها بفضل جهدهما المشترك. وفي بعض الحالات يتم هذا من خلال نظام "الملكية المشتركة" الذي ينطوي عادة على نظام قانوني يفترض أن جميع الممتلكات المقتناة أثناء الزيجة مملوكة للطرفين. وعادة ما تعترف نظم الملكية المشتركة ببقاء الممتلكات المملوكة من قبل الزيجة أو الموروثة أو المتحصل عليها بطريق الهدية، ببقائها منفصلة. ويوجد في بعض البلدان أنظمة مختلطة من الملكية المنفصلة والمشتركة، وتتيح للزوجين اختيار النظام المنطبق عند زواجهما. كما تتبع دول أخرى نظام انفصال الملكية، لكنها تعترف بمفهوم مكتسبات الشراكة الزوجية من خلال الجهد المشترك، فتتيح توزيعها استناداً إلى مدى مساهمة كل طرف. وتسمح بعض الأنظمة الأخرى بالملكية المشتركة المطلقة، حيث يفترض أن جميع الممتلكات المقتناة قبل الزواج وأثناءه مملوكة للزوجين معاً.

    [214] World Bank and Central Administration of Statistics in Lebanon, Lebanon: Statistical Capacity Building with the Central Administration of Statistics, August 28, 2010 .

    [215] وهناك فوارق في هذا الصدد بين الطوائف الإسلامية والمسيحية، فالطوائف الإسلامية تسمح للمرأة بإرغام زوجها على دفع النفقة من خلال التقدم بدعاوى النفقة الزوجية، أما المرأة في الزيجات المسيحية فلا يمكنها رفع دعوى لطلب النفقة، إلا بصحبة دعوى للهجر أو البطلان أو الفسخ، وفي هذه الحالة تحكم المحاكم الروحية بنفقة زوجية مؤقتة للزوجة أثناء النظر في الدعوى. وفي أحد الأحكام الصادرة في 24 ديسمبر/كانون الأول 1991، من محكمة الاستئناف المدنية الأولى في جبل لبنان، برئاسة القاضي منح متري، ادعت المحكمة صلاحية الحكم في دعاوى النفقة، بغض النظر عن دعاوى الهجر أو البطلان أو الفسخ المصاحبة. وأمرت المحكمة الزوج بدفع النفقة في هذه الحالة، كما تأيد الحكم من جانب محكمة التمييز. ومع ذلك فعلى حد علمنا تظل هذه القضية فريدة من نوعها. مذكور في إبراهيم طرابلسي، أنظمة الأحوال الشخصية في لبنان بين الأصلة والتحديث، 2011، ص.367.

    [216] مقابلات هيومن رايتس ووتش مع ثلاثة محامين ممارسين أمام المحاكم الروحية، 17 و18 مايو/أيار 2012 و16 يونيو/حزيران 2012، ومع محام ممارس أمام المحاكم الجعفرية، 11 مايو/أيار 2012، ومحام ممارس أمام المحاكم السنية، 18 مايو/أيار 2012.

    [217] حكم صادر عن محكمة بيروت السنية، 2 أبريل/نيسان 2009، وحكم صادر عن المحكمة السنية العليا، 23 يوليو/تموز 2009، وحكم صادر عن محكمة صيدا الجعفرية، 23 أبريل/نيسان 1998، وحكم صادر عن محكمة النبطية الجعفرية، 26 مارس/آذار 2001.

    [218] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محام ممارس أمام المحاكم الروحية، 17 مايو/أيار 2012.

    [219] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع لانا، مسيحية مارونية، لبنان، 22 يوليو/تموز 2012.

    [220] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ثلاثة محامين ممارسين أمام المحاكم الروحية، 17 و18 مايو/أير و16 يونيو/حزيران 2012.

    [221] مقابلات هيومن رايتس ووتش مع دينا، 20 سبتمبر/أيلول 2012، ومع دارين، 22 مارس/آذار 2013، ومع نور، 21 يوليو/تموز 2012.

    [222] على سبيل المثال، لا ينص قانون القانون تنظيم القضاء الشرعي السني والجعفري على دعاوى الطاعة والمساكنة من ضمن اختصاص المحاكم الشرعية.

    [223] حكم صادر عن المحكمة الجعفرية العليا، 10 أبريل/نيسان 2012.

    [224] حكم صادر عن محكمة بعبدا الجعفرية، 12 يوليو/تموز 2012.

    [225] حكم صادر عن محكمة بيروت السنية، 2 يونيو:حزيران 2010.

    [226] حكم صادر عن محكمة بيروت الجعفرية، 6 أبريل/نيسان 2010.

    [227] حكم صادر عن محكمة بيروت السنية، 13 ديسمبر/كانون الأول 2008.

    [228] حكم صادر عن المحكمة السنية العليا، 9 أبريل/نيسان 2008.

    [229] حكم صادر عن المحكمة السنية العيا، 23 يوليو/تموز 2009

    [230] يقرر قانون أحكام الأسرة، المادة 8، بموجب المرسوم 46 الصادر في 1 أكتوبر/تشرين الأول 2011:

    لا يحق للزوجة نفقة في الأحوال الآتية:

    أـ إذا رفضت الانتقال، بدون سبب مشروع، إلى مسكن الزوجية المستوفي لكافة الشروط القانونية وأعده الزوج في محل إقامته الفعلي.

    ب ـ إذا تركت مسكن الزوجية بدون عذر مشروع.

    ج ـ إذا منعت الزوج من دخول مسكن الزوجية المملوك لها، بشرط ألا تكون قد طلبت منه الرحيل ولم يرحل خلال ثلاثة أشهر من الطلب.

    د ـ إذا رفضت الانتقال أو السفر مع زوجها، ما لم ينص عقد الزواج على غير ذلك أو ما لم يكن فيه ضرر عليها، وتقدير الضرر متروك لتقدير القاضي وفق أحكام الشريعة وثوابتها.

    [231] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ميراي، 18 فبراير/شباط 2013.

    [232] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ريا، 4 مارس/آذار 2013.

    [233] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أمينة، 4 مايو/أيار 2013.

    [234] هناك استثناءان: 1) في الطوائف الإسلامية يتعين على الرجل دفع نفقة زوجته خلال فترة العدة البالغة 3 أشهر عقب الطلاق، و2) في الطوائف المسيحية، يستمر واجب الإنفاق عقب النطق بحكم الهجر.

    [235] ومن بين 77 حكماً راجعناها في قضايا الطلاق، صدر الحكم في حضور الزوجة في 29 منها، ولم ترفض القضية أو يتم التوصل إلى اتفاق بين الزوجين.

    [236] حكم صادر عن محكمة صيدا الجعفرية، 2 أبريل/نيسان 1998.

    [237] حكم صادر عن محكمة بيروت الجعفرية، 8 مارس/آذار 2009.

    [238] قانون الأحوال الشخصية للطافية الدرزية، المادة 49.

    [239] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محام ممارس أمام المحاكم الدرزية، 6 يوليو/تموز 2012.

    [240] مقابلات هيومن رايتس ووتش مع ثلاثة محامين ممارسين أمام المحاكم الروحية، 17 و18 مايو/أيار و16 يونيو/حزيران 2012، ومقابلة هيومن رايتس ووتش مع محام ممارس أمام المحاكم الدرزية، 6 يوليو/تموز 2012.

    [241] حكم صادر عن محكمة الاستئناف الأرثوذكسية ببيروت، 27 سبتمبر/أيلول 2012.

    [242] في قضية استثنائية واحدة وفي حكم صدر من محكمة الروم الكاثوليك الابتدائية الموحدة بتاريخ 22 فبراير/شباط 2010، حددت المحكمة مبلغ التعويض باستخدام معايير محددة ضمت الأصول الي يملكها كل من الزوجين، وعملهما، وعمرهما عند الزواج، ومدة الزواج.

    [243] حكم صادر عن المحكمة الابتدائية الموحدة للروم الكاثوليك الملكيين، 31 مايو/أيار 2011.

    [244] حكم صادر عن المحكمة الابتدائية المارونية الموحدة، 21 يناير/كانون الثاني 2008.

    [245] حكم صادر عن المحكمة الابتدائية المارونية الموحدة، 3 يوليو/تموز 2012.

    [246] قانون الأحوال الشخصية للروم الأرثوذكس، المادة 74.

    [247] حكم صادر عن محكمة الروم الأرثوذكس الابتدائية بمطرانية جبل لبنان، 22 مارس/آذار 2010، وارد في إبراهيم طرابلسي، ص.549.

    [248] أحكام صادرة من محكمة الروم الأرثوذكس الابتدائية بمطرانية جبل لبنان، 30 يونيو/حزيران 2001، و15 نوفمبر/تشرين الثاني 2010، وردت في إبراهيم طرابلسي، ص.549.

    [249] قانون الأحوال الشخصية للكاثوليك، المادة 39، قانون الأحوال الشخصية للسريان الأرثوذكس، المادة 39، قانون الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس، المادة 48.

    [250] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع بريجيت، 4 يوليو/تموز 2012.

    [251] Sami Mansour, The Economic Consequences of a Civil Marriage among Lebanese Citizens Abroad, (Al-Adl, 2001, n.1), p. 5-33; The Ministry of Justice Legislation and Consultation committee opinion n. 189/r/1964 dated 18/3/1964, The Ministry of Justice Legislation and Consultation committee Jurisprudence Collection, Sader ed. 2004, p. 1219; opinion n. 916/r/1969 dated 17/2/1969, The Ministry of Justice Legislation and Consultation committee Jurisprudence Collection, Sader ed. 2004, p. 1239; opinion n. 66/73 dated 26/2/1973, The Ministry of Justice Legislation and Consultation committee Jurisprudence Collection, Sader ed. 2004, p. 1247; opinion n. 266/r/91 dated 26/12/1991; The Ministry of Justice Legislation and Consultation committee Jurisprudence Collection, Sader ed. 2004, p. 1299.

    [252] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أمينة، 4 مايو/أيار 2012، ومع ميراي، 18 فبراير/شباط 2013، ومع سينتيا، 3 مارس/آذار 2013، ومع ميشيل، 27 يوليو/تموز 2012، ومع مونيكا، 23 يوليو/تموز 2012.

    [253] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ميراي، 18 فبراير/شباط 2013، ومع ميشيل، 27 يوليو/تموز 2012.

    [254] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أمينة، 4 مايو/أيار 2012، ومع سينتيا، 3 مارس/آذار 2013.

    [255] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سينتيا، 3 مارس/آذار 2013.

    [256] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع مونيكا، 23 يوليو/تموز 2012.

    [257] The Lebanese women democratic gathering, Legal violence against women in Lebanon under criminal and personal status law - legal study, by Maitres Marie-Rose Zalzal, Ghada Ibrahim, and Nada Khalifeh, (Beirut, Lebanon: Dar al Farabi, 2008)

    [258] قانون حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري.

    [259] United Nations Department of Economic and Social Affairs/Division for the Advancement of Women (DESA/DAW), Handbook for Legislation on Violence against Women, E.10.IV.2, (New York: United Nations Publications, 2009), p.24, http://www.un.org/womenwatch/daw/vaw/handbook/Handbook%20for%20legislation%20on%20violence%20against%20women.pdf (تمت الزيارة في 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2014).

    [260] CEDAW, “Concluding comments of the UN Committee on the Elimination of Discrimination against Women,” CEDAW/C/LBN/CO/3, April 8, 2008, para.27, http://daccess-dds-ny.un.org/doc/UNDOC/GEN/N08/298/32/PDF/N0829832.pdf?OpenElement (تمت الزيارة في 4 ديسمبر/كانون الأول 2014).

    [261] انظر على سبيل المثال CEDAW, Communication No. 18/2008, CEDAW/C/46/D/18/2008, Sept. 1, 2010, at para. 8.7, stating, “[t]hrough its consideration of States parties’ reports, the Committee has clarified time and again that rape constitutes a violation of women’s right to personal security and bodily integrity, and that its essential element was lack of consent.” See also, CEDAW, Communication No. 18/2008, CEDAW/C/46/D/18/2008, Sept. 1, 2010, at para. 8.5.

    [262] UN DESA/DAW, Handbook for Legislation on Violence against Women, p. 16.

    [263] See, Nizar Saghieh’s, “Interpreting Lebanon s Law Against Domestic Violence: Jurisprudence as Legal Reform,” Legal Agenda, June 30, 2014

    [264] Youmna Makhlouf, “Domestic Violence on Trial: No to the Use of Children to Abuse and Extort,” Legal Agenda, September 12, 2014.

    [265] Convention on the Elimination of All Forms of Discrimination Against Women (CEDAW), adopted December 18, 1979, G.A. res. 34/180, 34 U.N. GAOR Supp. (No. 46) at 193, U.N. Doc. A/34/46, entered into force September 3, 1981, acceded to by Lebanon on April 16, 1997

    [266] International Covenant on Economic, Social and Cultural Rights (ICESCR), adopted December 16, 1966, G.A. Res. 2200A (XXI), 21 U.N. GAOR Supp. (No. 16) at 49, U.N. Doc. A/6316 (1966), 993 U.N.T.S.3, entered into force January 3, 1976, acceded by Lebanon November 3, 1972

    [267] International Covenant on Civil and Political Rights (ICCPR)

    [268] Fourth World Conference on Women, Beijing Declaration and Platform for Action, 1995, http://www.un.org/womenwatch/daw/beijing/pdf/BDPfA%20E.pdf (تمت الزيارة في 1 فبراير/شباط 2013).

    [269] UN Millennium Development Declaration, September 18, 2000, G.A. Res. 55/2, U.N. GAOR, 55th Sess., Supp. No. 49 at 4 U.N. Doc. A/55/49 (2000).

    [270] CEDAW Committee, General Recommendation No. 21, Equality in Marriage and family relations (1994), HRI/GEN/1/Rev.9 (Vol.II), p. 337, http://www.un.org/womenwatch/daw/cedaw/recommendations/recomm.htm#recom21 (accessed February 1, 2013), para. 44

    [271] CEDAW Committee, “Concluding observations of the UN Committee on the Elimination of Discrimination against Women, Lebanon”, 33rd session, July 2005, http://www.un.org/womenwatch/daw/cedaw/cedaw33/conclude/lebanon/0545048E.pdf (accessed February 1, 2013), para 24

    [272] CEDAW Committee, “Concluding observations of the UN Committee on the Elimination of Discrimination against Women, Lebanon”,40th session, January 2008, http://daccess-dds ny.un.org/doc/UNDOC/GEN/N08/298/32/PDF/N0829832.pdf?OpenElement (accessed February 4, 2013)

    [273] CEDAW Committee, “Consideration of reports submitted by States parties under article 18 of the Convention on the Elimination of All Forms of Discrimination Against Women, Third periodic report, Lebanon,” UN. Doc. CEDAW/C/LBN/3, July 7, 2006, http://daccess-dds-ny.un.org/doc/UNDOC/GEN/N06/437/44/PDF/N0643744.pdf?OpenElement (accessed February 1, 2013).

    [274] السيداو، المادة 2(و).

    [275] السيداو، المادة 16(1)(ج).

    [276] CEDAW Committee, General Recommendation No. 21, Equality in Marriage and family relations (1994), HRI/GEN/1/Rev.9 (Vol.II), p. 337, http://www.un.org/womenwatch/daw/cedaw/recommendations/recomm.htm#recom21 (accessed February 1, 2013)

    [277] CEDAW Committee, General Recommendation No. 21, para 13

    [278] CEDAW Committee, General Recommendation No. 29, Economic consequences of marriage, family relations and their dissolution, UN. Doc. CEDAW/C/GC/29, February 26, 2013, para. 14

    [279] CEDAW Committee, General Recommendation No. 29, para. 15

    [280] المصدر السابق.

    [281] UN Human Rights Committee, General Comment No. 28, para. 5

    [282] المصدر السابق، الفقرة 26.

    [283] CEDAW Committee, General Recommendation No. 29, para. 41

    [284] CEDAW Committee, General Recommendation No. 12 (eighth session, 1989), Violence against women

    [285] CEDAW Committee, General Recommendation No. 19, paras 1, 7.

    [286] المصدر السابق، الفقرة 23.

    [287] CEDAW Committee, General Recommendation no. 21, para. 40.

    [288] Convention on the Rights of the Child (CRC), adopted November 20, 1989, G.A. Res. 44/25, annex, 44 U.N. GAOR Supp. (No. 49) at 167, U.N. Doc. A/44/49 (1989), entered into force September 2, 1990, art. 3

    [289] HRC General Recommendation No. 19 para 9

    [290] HRC General Comment No. 28, para. 25, http://ccprcentre.org/doc/ICCPR/General%20Comments/HRI.GEN.1.Rev.9%28Vol.I%29_%28GC28%29_en.pdf (تمت الزيارة في 4 ديسمبر/كانون الأول 2014).

    [291] CEDAW, art.16(1)(h)

    [292] UN Human Rights Committee, General Comment No. 28, para. 25

    [293] CEDAW Committee, General Recommendation No. 21, para 28

    [294] CEDAW Committee, General Recommendation No. 29, para. 47

    [295] وعادة ما ينطوي نظام الملكية المشتركة على نظام قانوني يفترض ملكية الزوجين المشتركة لأي ممتلكات تم اقتناؤها أثناء الزواج. وتعترف أنظمة الملكية المشتركة ببقاء الممتلكات المملوكة من قبل الزواج أو بطريق الميراث أو كهدية، منفصلة.

    [296] CEDAW Committee, General Recommendation No. 29, para. 38

    [297] CEDAW Committee, “Consideration of reports submitted by States parties under article 18 of the Convention on the Elimination of All Forms of Discrimination Against Women, Third periodic report of States Parties: Lebanon”, UN. Doc. CEDAW/C/LBN/3, July 7, 2006, para. 105

    [298] UN Human Rights Committee, General Recommendation No. 19, Protection of the family, the right to marriage and equality of the spouses (art. 23), HRI/GEN/1/Rev. 2 (1990), http://www.unhcr.ch/tbs/doc.nsf/(Symbol)/6f97648603f69bcdc12563edoo4c3881?Opendocument (accessed February 4, 2013), para. 9

    [299] CEDAW Committee Concluding Observations on Germany (2009), CEDAW/C/DEU/co/6, http://www2.ohchr.org/english/bodies/cedaw/docs/CEDAW-C-DEU-CO6.pdf (accessed February 1, 2013), para 55 and 56.

    [300] Ms B-J V Germany , Communication No. 1/2003, Decision of the UN Committee on the Elimination of Discrimination against Women, declaring a communication inadmissible under the Optional Protocol to the Convention on the Elimination of All Forms of Discrimination against Women, decision adopted on 14 July 2004, 31st session

    [301] CEDAW, General Recommendation No. 29, para. 47

    الموضوع