(بيروت) - قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن السلطات الإيرانية اعتقلت في 20 يناير/كانون الثاني 2019 ناشطَين كانا قد زعما أن السلطات عذبتهما أثناء الاحتجاز. جاء اعتقال الناشط الحقوقي العمالي البارز إسماعيل بَخشي، والصحفية والناشطة الحقوقية العمالية سبيده قليان، بعد يوم من بث التلفزيون الحكومي الإيراني اعترافات قالا إنها انتزعت بالإكراه خلال احتجازهما.
في 4 يناير/كانون الثاني، أعلن بخشي، أبرز ممثلي عمال شركة "هفت تبه لقصب السكر" في شوش بمقاطعة خوزستان، على حسابه على "إنستاغرام" تعرضه للضرب المبرح على يد عناصر وزارة الاستخبارات أثناء احتجازه 25 يوما في نوفمبر/تشرين الثاني 2018 في محافظة خوزستان. في 9 يناير/كانون الثاني، قالت قليان على حسابها على "تويتر" إنها شهدت تعرّض بخشي للضرب الشديد والإهانات من قبل السلطات خلال اعتقاله الأول في 18 نوفمبر/تشرين الثاني، عندما اعتُقلا بعد احتجاجهما سلميا على عدم دفع الأجور لزملائهما عمال هفت تبه.
قال مايكل بيج، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "تستخدم الأجهزة الأمنية الإيرانية حملات التشهير، والتعذيب، والاعترافات القسرية ضد نشطاء مثل إسماعيل بَخشي وسبيده قليان، اللذين يجهَدان للدفاع عن حقوق العمال. يثير بث ´اعترافات´ النشطاء على التلفزيون الرسمي مخاوف إضافية بشأن التعذيب وسوء المعاملة أثناء الاحتجاز".
رغم الوعود الأولية، لم تجرِ السلطات أي تحقيقات موثوقة في مزاعم التعذيب. في 19 يناير/كانون الثاني، بثت القناة الثانية للتلفزيون الرسمي برنامجا يتضمن اعترافات لبخشي وقليان أثناء الاحتجاز. كما اتهم الفيديو الناشطين بالارتباط بـ "الحزب الشيوعي العمالي" المحظور في إيران.
في 21 يناير/كانون الثاني، قال خدارحم قليان، والد سبيده قليان، لموقع "راديو فردا" إن السلطات لم تُظهر مذكرة توقيف عندما اعتقلت ابنته. وعندما حاول ابنه مهدي منع عناصر الأمن من دخول المنزل، ضربوه واعتقلوه أيضا. قال عناصر الأمن لابنته إنهم "سيدمرونها" إذا تحدثت بعد إطلاق سراحها. في 21 يناير/كانون الثاني، وبعد قيام السلطات باعتقال قليان من جديد، بثت قناة "بي بي سي" الفارسية شريط فيديو لقليان سجلته قبيل اعتقالها الأخير قالت فيه إنه خلال احتجازها في نوفمبر/تشرين الثاني، ضربها عناصر الأمن بكابل لإجبارها على الاعتراف بأنها كانت "تسعى إلى الإطاحة بالحكومة ومصادرة مطالب العمال في إيران".
طالب أعضاء عدة في البرلمان وزارة المخابرات بتوضيح بعد منشور بخشي في 4 يناير/كانون الثاني. وأعلن البرلمان، وإدارة روحاني، والسلطة القضائية في وقت لاحق عن إنشاء لجنة للتحقيق في ادعاءات بخشي بتعرضه للتعذيب. لكن في 8 يناير/كانون الثاني، وبعد أن التقى وزير الاستخبارات محمود علوي أعضاء البرلمان، قال علي نجفي خوشرودي، المتحدث باسم لجنة الأمن القومي في البرلمان، للصحفيين إن وزارة الاستخبارات نفت مزاعم التعذيب. في 9 يناير/كانون الثاني، أخبرت فرزانه زيلابي، محامية بخشي، موقع "رويداد 24" الإخباري أن موكلها تعرض لضغوط لسحب ادعاءات التعذيب.
في 14 يناير/كانون الثاني، قال النائب العام حجة الإسلام منتظري للصحفيين إن تقرير لجنة التحقيق خَلُصَ إلى أن بخشي لم يتعرض للتعذيب، وأنه "كان يسعى بادعائه هذا إلى تحقيق أهداف سياسية".
يُحظر التعذيب والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة في جميع الأوقات، ولا تُقدم الأدلة التي تم الحصول عليها تحت التعذيب أو غيره من أشكال الإكراه كدليل في المحاكمة. أيضا، التعذيب جريمة تقع تحت الولاية القضائية العالمية، أي أن الدولة ملزمة باعتقال، والتحقيق مع، أي شخص على أراضيها يشتبه بمشاركته في التعذيب في أي مكان، على أساس ذي مصداقية، وملاحقته قضائيا، أو تسليمه لمواجهة العدالة.
تنص "مبادئ الأمم المتحدة بشأن التحقيقات في التعذيب" على أنه "يجب حماية ضحايا التعذيب أو سوء المعاملة المزعومين والشهود وأولئك الذين يجرون التحقيق وأسرهم من العنف، أو التهديد بالعنف، أو أي شكل آخر من أشكال الترهيب الذي قد ينشأ عن التحقيق".
وثقت هيومن رايتس ووتش ومنظمات أخرى الانتهاكات والتعذيب في السجون الإيرانية، وكذلك الإفلات المزمن من العقاب على الانتهاكات الخطيرة. في 10 يناير/كانون الثاني 2010، قررت لجنة برلمانية تحقق في الاعتقالات بعد الانتخابات الرئاسية المتنازع عليها عام 2009 أن سعيد مرتضوي، المدعي العام السابق في طهران، كان مسؤولا مباشرا عن إساءة معاملة المحتجزين في سجن كهريزك. في 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، حكمت محكمة الاستئناف في طهران على مرتضوي بالسجن عامين بسبب التواطؤ في قتل محسن روح الأميني في مركز احتجاز كهريزك بعد حملة القمع عام 2009.
لدى "إذاعة جمهورية إيران الإسلامية" الحكومية تاريخ طويل في عرض منتقدي إيران وأفراد عائلاتهم على التلفزيون الوطني، حيث يضطرون إلى تقديم ما يسمى "اعترافات" أو تصريحات علنية تهدف إلى تشويه سمعتهم وقضاياهم. وثّقت المجموعات الحقوقية عدة حالات شارك فيها المعارضون والناشطون والصحفيون في أفلام وثائقية زائفة تهدف إلى "إثبات ذنبهم"، رغم أنه من المحتمل أنهم أجبروا على الظهور.
قال بيج: "تصريحات السلطات الإيرانية بأنها تحقق بالفعل في مزاعم التعذيب نادرا ما تكون صحيحة، ويبدو أن اعتقال بخشي وقليان جاء ردا على كلامهما الشجاع ضد نظام ´العدالة´ المفلس في إيران".