(بيروت) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم في تقريرها العالمي 2019 إن السلطات الإيرانية شنّت حملة اعتقالات جماعية تعسفية وارتكبت انتهاكات خطيرة لإجراءات المحاكمات الواجبة في 2018 ردا على المظاهرات التي عمّت البلاد احتجاجا على تدهور الأوضاع الاقتصادية ومدركات الفساد وغياب الحريات السياسية والاجتماعية. أحكمت السلطات قبضتها على النشاط السلمي باحتجاز المحامين والمدافعين الحقوقيين وناشطات حقوق المرأة.
منذ 24 يناير/كانون الثاني، اعتقلت منظمة استخبارات الحرس الثوري الجمهوري 8 نشطاء بيئيين، هم: طاهر قديريان، نيلوفار بياني، أمير حسين خالقي، هومن جوكار، سام رجبي، سبيده كاشاني، مراد طهباز وعبد الرضا كوهبايه بتهمة استخدام المشاريع البيئية كغطاء لتجميع معلومات استراتيجية سرية، بدون تقديم أي دليل. أفادت تقارير بأن أربعة منهم يواجهون تهما عقوبتها الإعدام. في 10 فبراير/شباط، أفادت أسرة الناشط البيئي الإيراني-الكندي البارز والأستاذ الجامعي كاووس سيد إمامي بأنه توفي في الحجز. زعمت السلطات أن سيد إمامي انتحر لكنها لم تُجرِ تحقيقات حيادية حول وفاته.
قالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "يلوم القادة الإيرانيون العالم على مشاكلهم لكنهم لا ينظرون إلى القمع الممنهج الذي يرتكوبنه والذي يؤدي إلى يأس الإيرانيين. فالجهاز الأمني الإيراني وقضاؤه القمعي المتفلت من المحاسبة من أخطر العقبات أمام احترام حقوق الإنسان وحمايتها في إيران".
في "التقرير العالمي" الصادر في 674 صفحة، بنسخته الـ 29، تستعرض هيومن رايتس ووتش الممارسات الحقوقية في أكثر من 100 دولة. في مقالته الافتتاحية، كتب المدير التنفيذي كينيث روث أنّ الشعبويّين الذين ينشرون الكراهية والتعصّب في دول متعدّدة يتسببون في اندلاع المقاومة. كما أنّ التحالفات الجديدة بين الحكومات التي تحترم الحقوق، والتي تنبثق غالبا عن، وتنضمّ إليها، جماعات مدنيّة والجماهير، ترفع تكلفة التجاوزات الاستبداديّة. تبيّن نجاحات هذه التحالفات إمكانيّة الدفاع عن الحقوق، كما ومسؤوليّة القيام بذلك حتى في أحلك الأوقات.
وثّقت هيومن رايتس ووتش منذ 2014 اعتقال منظمة استخبارات الحرس الثوري 14 أجنبيا أو مزدوجي الجنسية تزعم السلطات أنهم مرتبطون بمؤسسات أكاديمية واقتصادية وثقافية غربية. ولا يزالون قيد الاحتجاز بتهم غامضة مثل "التعاون مع دولة معادية" ويُحرمون من الإجراءات القانونية الواجبة ويتعرضون بشكل دائم لحملات تشهير من وسائل إعلام موالية للحكومة. لم تنشر السلطات بعد أي وثيقة أو عمل قاموا به يثير احتمال ارتكابهم أي جريمة.
اعتقلت السلطات آلاف المحتجين خلال المظاهرات وأصدرت أحكاما قاسية بعد محاكمات مقتضبة يشوبها الكثير من انتهاكات الإجراءات الواجبة يتعلق بعضها بممارسة حريات ينص عليها القانون. ولزيادة القيود على حق المحتجزين بالوصول إلى محامين، لاسيما خلال فترة التحقيق، قام القضاء بتحديد لائحة من المحامين يُسمح لهم بالمرافعة عن المتهمين بجرائم متعلقة بالأمن الوطني.
وفي حين قُتل 30 شخصا على الأقل، منهم عناصر أمن، خلال التظاهرات منذ نوفمبر/تشرين الثاني، لم يُجرِ المسؤولون تحقيقات موثوقة في مقتل المحتجين والمحتجزين أو في إفراط الأجهزة الأمنية باستخدام القوة لقمع الاحتجاجات.
وفي تطور إيجابي، علّق القضاء منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2017 معظم أحكام الإعدام بحق مدانين بجرائم متعلقة بالمخدرات بانتظار مراجعة قضاياهم على ضوء التعديل البرلماني لقانون المخدرات الإيراني الذي يقيّد أحكام الإعدام الإلزامية. ولكن السلطات أعدمت خمسة أشخاص على الأقل خلال 2018 لجرائم يُزعم أنهم ارتكبوها عندما كانوا أطفالا.
في ديسمبر/كانون الأول 2017 ويناير/كانون الثاني 2018، خلعت العديد من النساء الحجاب وهن تقفن على صناديق الأسلاك الكهربائية احتجاجا على إلزامية الحجاب في إيران. حكمت المحاكم على العديد منهن بالسجن. كما قمع عناصر الاستخبارات المظاهرات السلمية احتجاجا على قانون الحجاب القمعي. اعتقلوا المحامية الحقوقية البارزة نسرين ستوده وزوجها رضا خندان بالإضافة إلى المدافع الحقوقي فرهاد ميثمي.
تميّز الحكومة ضد البهائيين والأقليات الدينية الأخرى، بما في ذلك المسلمين السُنّة، وتقيّد الأنشطة الثقافية والسياسية للأقليات الأذرية والكردية والعربية والبلوشية.
يتعرّض ذوو الاحتياجات الخاصة للوصم والتمييز وعدم إمكانية الوصول إلى الخدمات الاجتماعية والرعاية الصحية والمواصلات العامة. في مارس/آذار، أقر البرلمان قانون ذوي الاحتياجات الخاصة الذي يزيد مخصّصاتهم وتغطية التأمين الصحي لخدمات متعلقة بالاحتياجات الخاصة. غير أنه وبحسب تقارير إعلامية لا تلحظ موازنة 2019-2020 تمويلا كافيا لتقديم المكتسبات الجديدة.