Skip to main content
تبرعوا الآن

السعودية: اكشفوا مصير جمال خاشقجي

تشير الأدلة إلى مسؤولية السعودية

 
(بيروت) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إنه على ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان الكشف فورا عن كافة الأدلة والمعلومات التي تخفيها السعودية عن مصير الصحفي السعودي البارز جمال خاشقجي. دخل خاشقجي (59 عاما) القنصلية السعودية في اسطنبول في 2 أكتوبر/تشرين الأول 2018، واختفى أثره منذ ذلك الحين. نفت السعودية تورّطها في اختفاء خاشقجي، زاعمة أنه غادر القنصلية بمفرده بعد وصوله بفترة وجيزة، لكنها لم تعطِ أي أدلّة تدعم مزاعمها.
 

في 7 أكتوبر/تشرين الأول، أخبر ياسين أكتاي، مستشار الرئيس رجب طيب أردوغان، وكالة "رويترز" أنه يعتقد أن خاشقجي قُتل داخل القنصلية، وأن مجموعة مؤلفة من 15 سعوديا "متورطة على الأرجح". في 9 أكتوبر/تشرين الأول، كتبت "ذا واشنطن بوست" أن مسؤولين في المخابرات الأمريكية اعترضوا اتصالات سعودية تكشف مخططا لاعتقال الخاشقجي. 

قالت سارة ليا ويتسون، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى هيومن رايتس ووتش، إنّ "كمّا كبيرا من الأدلة يورّط السعودية في اختفاء جمال الخاشقجي القسري وقتله المحتمل، ومع مرور الأيام، يتحوّل نفي السعودية الذي يفتقد إلى حقائق إلى إدانة لها. إن كانت السعودية مسؤولة عن اختفاء الخاشقجي وقتله المحتمل، على الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي وغيرهم من حلفاء السعودية إعادة النظر جديا في علاقاتهم مع قيادة يشبه سلوكها سلوك نظام مخادع". 

منذ تسمية محمد بن سلمان وليا للعهد في يونيو/حزيران 2017، صعّدت السلطات السعودية قمعها للمعارضين والمنتقدين.

 أخبرت خطيبة خاشقجي التركية وكالات إعلامية أن خاشقجي دخل القنصلية السعودية في اسطنبول بعد ظهر 2 أكتوبر/تشرين الأول للحصول على مستندات ضرورية لزواجهما، وأنه ترك معها هاتفه وتعليمات بالاتصال بالسلطات إن لم يعُد بعد ساعتين. كانت هذه المرة الأخيرة التي تراه خطيبته فيها. 

في مقابلة مع "بلومبرغ" في 5 أكتوبر/تشرين الأول، نفى بن سلمان أن تكون السعودية اعتقلت خاشقجي، زاعما: "لو كان في السعودية، لعلمت ذلك". وصف سفير السعودية إلى الولايات المتحدة الأمريكية، الأمير خالد بن سلمان، أخ ولي العهد، جميع الاتهامات بأن "لا أساس لها" و"خاطئة كليا". لكن المسؤولين السعوديين لم يقدموا أي دليل أن خاشقجي غادر السفارة، وقال خالد بن سلمان للـ واشنطن بوست إن كاميرات المراقبة في القنصلية "لم تكن تسجل" في 2 أكتوبر/تشرين الأول. 

لكن، شرح مسؤولون أتراك للواشنطن بوست ما يبدو أنه مخطط سعودي منسق لاستهداف خاشقجي. ذكرت الصحيفة، نقلا عن سجلات الرحلات ومسؤولين أتراك مطلعين على التحقيق، كيف وصلت طائرتان خاصتان تقلان 15 شخصا إلى اسطنبول من الرياض في 2 أكتوبر/تشرين الأول، وكيف انتقل رجال من إحدى الطائرتين إلى القنصلية. يُزعم أنهم غادروا في وقت لاحق في شاحنة سوداء صغيرة واتجهوا إلى منزل القنصل العام، بعد ساعتين من دخول خاشقجي القنصلية. أقلعت الطائرتان في وقت لاحق من تلك الليلة، واتجهت إحداهما إلى دبي والثانية إلى القاهرة، ثم عادتا إلى الرياض في اليوم التالي. أخبر مسؤولون أتراك وسائل إعلامية بأن موظفي السفارة الأتراك تلقوا أوامر بأخذ يوم عطلة في 2 أكتوبر/تشرين الأول. 

نشرت صحيفة "ذا دايلي صباح" التركية الموالية للحكومة، في 10 أكتوبر/تشرين الأول أسماء وصور 15 سعوديا يزعم محققون أتراك أنهم متورطون في المخطط. تم التعرف على أحدهم بأنه خبير في الطب الشرعي

إثر اختفاء خاشقجي، بعث نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس والرئيس الأمريكي دونالد ترامب وأعضاء بارزون في مجلس الشيوخ الأمريكي ووزير خارجية المملكة المتحدة جيريمي هنت رسائل تعبّر عن قلقهم. كما طالب وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو والممثلة العليا لسياسة الأمن والشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغريني بتحقيقات سعودية في القضية. لكن قليلة هي التصريحات التي تنذر بعواقب وخيمة في حال ثبت مقتل الخاشقجي المزعوم.  

في 9 أكتوبر/تشرين الأول، دعا 3 خبراء بارزين من الأمم المتحدة— برنار دوهايم، رئيس الفريق المعني بحالات الاختفاء القسري أو اللاإرادي، ودايفد كاي، المقرر الخاص لدى الأمم المتحدة المعني بحرية التعبير، وأغنيس كايامار، المقررة الخاصة لدى الأمم المتحدة المعنية بحالات الإعدام بإجراءات موجزة — "تحقيق مستقل ودولي" في قضية خاشقجي. 

يشكّل استهداف خاشقجي على يد عملاء سعوديين في القنصلية السعودية في اسطنبول انتهاكا صارخا لاتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية لعام 1963. تنص المادة 55.2 من الاتفاقية على التالي: "لن تُستخدم دور البعثات لأي غرض لا يتفق مع ممارسة الأعمال القنصلية." كما تنص الاتفاقية على إمكانية رفع الحصانة الدبلوماسية في حالات "الجرم الخطير" بناء على قرار سلطة قضائية مختصة (مادة 41). 

في سبتمبر/أيلول 2017، اعتقلت السعودية عشرات المعارضين والكتاب ورجال الدين. تداول الناشطون لوائح بأسماء أكثر من 60 شخصا موقوفا، وبدأت السلطات السعودية محاكمتهم في سبتمبر/أيلول 2018 بشكل عام بتهم تتعلق بتعبيرهم وآرائهم السلمية، بالإضافة إلى انتماءاتهم السياسية. 

تسعى السلطات إلى فرض عقوبة الإعدام ضد العديد، من بينهم رجل الدين البارز، سلمان العودة، الذي يواجه 37 تهمة تتعلق بعلاقاته المزعومة بالحكومة القطرية والإخوان المسلمين الذين تصنّفهم السعودية كمنظمة إرهابية.

في أيار/مايو، أطلقت السعودية حملة قمع شاملة ضد ناشطات حقوقيات، فأوقفت 13 امرأة على الأقل بحجة الحفاظ على الأمن القومي. لا تزال 9 نساء قيد الاعتقال

كما استهدفت السلطات السعودية مواطنات سعوديات في الخارج في الأشهر الماضية، فأشرفت على خطف لجين الهذلول، مناصرة حقوقية بارزة من الإمارات العربية المتحدة وزوجها فهد البتيري من الأردن في مارس/آذار 2018 معيدة كليهما قسرا إلى السعودية. 

يشرف محمد بن سلمان، كونه وزير الدفاع السعودي، على كافة القوات العسكرية. تقود السعودية التحالف الذي بدأ عملياته العسكرية في اليمن في مارس/آذار 2015. ارتكب التحالف عدة انتهاكات للقانون الإنساني الدولي، من بينها جرائم حرب محتملة، ولم يتمّم تحقيقات ذات مصداقية في الانتهاكات المزعومة أو تعويض لأهل الضحايا المدنيين. 

قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إنه على الدول إيقاف بيع الأسلحة إلى السعودية. على أعضاء مجلس الأمن فرض عقوبات محددة على محمد بن سلمان وآخرين من كبار قادة التحالف المسؤولين عن الانتهاكات المنتشرة لقوانين الحرب، الذين لم يتخذوا أي إجراء جدي لإيقاف الانتهاكات بالتوافق مع قراري مجلس الأمن رقم 2140 و2216 حول اليمن. على مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان تعليق عضوية السعودية لمشاركتها في "انتهاكات حقوقية جسيمة وممنهجة". 

قالت ويتسون: "نظرا إلى أن السعودية لن تقدم أي دليل عن تحركات خاشقجي داخل القنصلية وخارجها، لا يمكن الوثوق بها لإجراء تحقيق نزيه – أو أقله فعال. تريد السعودية التعتيم على الحقائق وليس إيجادها، وعليها أن تواجه عواقب وخيمة".

Correction

12 أكتوبر/تشرين الأول 2018: تم تعديل العنوان لمزيد من الوضوح.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.