Skip to main content

اليمن: قصف حافلة الأطفال يبدو أنه جريمة حرب

الدول التي تزود الأسلحة عرضة لتهم بالتواطؤ

أشخاص قرب باص دمر غارة قتلت عشرات الأطفال، في صورة أخذت 12 أغسطس/آب 2018 في صعدة، اليمن. © 2018 محمد حمود/غيتي إيمجز

 

تحديث:

 حُدّث هذا البيان الصحفي ليشمل مؤتمرا صحفيا وتصريحا للتحالف في 1 سبتمبر/أيلول، مفادهما أنّ الهجوم الذي حصل كان "نتيجة أخطاء" وأنّ التحالف "سيعاقب مرتكبي هذه الأخطاء".

(بيروت) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن الغارة الجوية لقوات التحالف بقيادة السعودية والتي قتلت 26 طفلا وأصابت 19 آخرين على الأقل داخل أو قرب حافلة مدرسية في سوق ضحيان المزدحم في شمال اليمن، في 9 أغسطس/آب 2018، يبدو أنها جريمة حرب. على الدول تجميد مبيعات الأسلحة إلى السعودية فورا، ودعم التحقيق المستقل للأمم المتحدة في الانتهاكات التي ترتكبها جميع أطراف النزاع المسلح في اليمن.

منذ تصاعد الصراع في اليمن في مارس/آذار 2015، نفذ التحالف عدة غارات جوية في انتهاك لقوانين الحرب دون إجراء تحقيقات متابعة كافية، واضعا موردي الأسلحة تحت خطر التواطؤ في جرائم الحرب. حددت هيومن رايتس ووتش ذخائر من أصل أمريكي في مواقع 24 هجوما غير قانوني على الأقل للتحالف في اليمن. تفيد التقارير أن الولايات المتحدة تعمل على تسليم ما قيمته 7 مليارات دولار من ذخائر دقيقة التوجيه إلى السعودية والإمارات.

قال بيل فان إسفلد، باحث أول في حقوق الطفل في هيومن رايتس ووتش: "يُضاف هجوم التحالف بقيادة السعودية على حافلة مليئة بالأطفال إلى سجله الشنيع في قتل المدنيين في حفلات الزفاف والجنازات والمستشفيات والمدارس في اليمن. الدول التي لديها معرفة بهذا السجل، ممن تزود السعوديين بالقنابل، قد تعتبر متواطئة في الهجمات المستقبلية التي تقتل المدنيين".

تحدثت هيومن رايتس ووتش عبر الهاتف إلى 14 شاهدا، بينهم 9 أطفال، قالوا إن الساعة 8:30 صباحا تقريبا يوم 9 أغسطس/آب، أصابت قنبلة جوية السوق في الضحيان، بلدة تبعد 20 كيلومتر شمال صعدة في شمال غرب اليمن الخاضع للحوثيين، على بعد 60 كيلومتر من الحدود السعودية. سقطت القنبلة على بعد أمتار قليلة من حافلة مليئة بالأطفال في رحلة نظمها مسجد محلي لزيارة قبور رجال قتلوا في المعارك. كانت الحافلة متوقفة أمام متجر للبقالة حيث ذهب السائق لشراء الماء للأطفال.

حدد الشهود 34 شخصا، بينهم 26 طفلا و4 معلمين، تم التعرف عليهم كلهم على أنهم مدنيون، قُتلوا في الهجوم. قالوا إنه لم يكن هناك هدف عسكري واضح في السوق وقتها. أسفر الهجوم عن مقتل 25 فتىً، وإصابة 13 آخر في الحافلة، بحسب شهود، كما أسفر عن مقتل صبي وإصابة 6 آخرين كانوا قرب الحافلة. قال بعض الآباء الثكالى إنه بسبب قوة الانفجار لم يستطيعوا استعادة أشلاء أطفالهم.

قال صبي عمره 16 عاما يعمل في صالون حلاقة على الجهة المقابلة من الشارع حيث كانت الحافلة متوقفة لـ هيومن رايتس ووتش عبر الهاتف من سريره بالمستشفى إن الانفجار كان "كوميض مصباح، تلاه غبار وظلام". أصابه الهجوم بشظايا معدنية أسفل ظهره وقال إنه لا يستطيع التحرك أو المشي إلى الحمام دون مساعدة.

قال صبي عمره 13 عاما كان في الحافلة نقل أيضا إلى المستشفى، إنه أصيب بجرح مؤلم في الساق، متمنيا ألا تُبتر. قُتل العديد من أصدقائه. أضاف: "حتى لو تمكنت من الركض واللعب مستقبلا، لن أجد من ألعب معه".

تلقت هيومن رايتس ووتش صورا ومقاطع فيديو لبقايا ذخيرة قال محامٍ في صنعاء، على بعد 235 كيلومترا جنوب صعدة، إنها من موقع القصف. كان قد سافر إلى موقع الهجوم في 11 أغسطس/آب، وصوّر مقاطع فيديو في الموقع تُظهر البقايا التي تم جمعها بالقرب من الحافلة المدمرة في السوق. تظهر الصور ومقاطع الفيديو الخاصة بالحادث زعنفة إرشادية لقنبلة "جي بي يو-12 بيفوايII " (GBU-12 Paveway II) تُنتج في منشأة تابعة لشركة "جنرال داينامكس كوربورايشن" في غارلاند بولاية تكساس، بالإضافة إلى علامات أخرى تحدد شركة "لوكهيد مارتين".

لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من التأكد من أن البقايا قد عُثر عليها فعلا قرب موقع الهجوم، لكن التجانس النسبي للشظايا في سماتها ووضعها، مع عدم وجود تفتت أو تغيّر ظاهر في اللون، وصور الأضرار الناجمة عن الهجوم، تتسق مع تفجير قنبلة جوية كبيرة تنفجر عند الاصطدام. سبق أن حددت هيومن رايتس ووتش ذخيرة جي بي يو-12 بيفوايII  استخدمت في غارات جوية للتحالف قتلت 31 مدنيا في 10 سبتمبر/أيلول 2016، وأخرى قتلت أكثر من 100 مدني في مجلس عزاء يوم 8 أكتوبر/تشرين الأول 2016.

قدّم التحالف بقيادة السعودية، كما في هجمات سابقة قتلت مدنيين، ادعاءات مختلفة حول الهدف المقصود بالهجوم. صرح الناطق الرسمي باسم الائتلاف، العقيد تركي المالكي، في 9 أغسطس/آب بأن "الاستهداف الذي تم اليوم في محافظة صعدة" كان "عمل عسكري مشروع" ضد "عناصر" مسؤولين عن هجوم صاروخي باليستي على جازان، مدينة في جنوب السعودية، ليلة 8 أغسطس/آب. أُطلق الصاروخ البالستي من عمران، محافظة يمنية مختلفة، وليس صعدة، بحسب التحالف. قال المالكي لقناة "العربية" التلفزيونية إن الهجوم استهدف "مسلحين في الحافلة". قال لشبكة "سي إن إن"، "ليس في الحافلة أطفال... لدينا إجراءات عالية المستوى للاستهداف".

في 11 أغسطس/آب، قالت البعثة الدائمة للسعودية لدى الأمم المتحدة إن الهجوم "استهدف قادة حوثيين مسؤولين عن تجنيد وتدريب الأطفال الصغار.... كما استهدف الهجوم أحد أبرز مدربي السلاح". لم تقدم أي أدلة تدعم هذه الادعاءات.

بموجب قوانين الحرب، على الأطراف القيام بكل ما يلزم للتحقق من أن الأهداف هي أعيان عسكرية صحيحة. قال شهود عيان إنه لم يكن هناك مسلحون في السوق أو في الحافلة، ولم تُظهر أشرطة الفيديو الملتقطة على متن الحافلة قبل الهجوم أي مقاتلين أو أسلحة. لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من تأكيد عدم وجود هدف عسكري للحوثيين في المنطقة المجاورة للهجوم. لكن حتى لو كان موجودا، فاستخدام سلاح واسع التأثير في سوق مزدحمة قد يكون عشوائيا بشكل غير قانوني أو من المتوقع أن يتسبب في خسائر مدنية غير متناسبة.

يمكن محاكمة الأفراد الذين يرتكبون انتهاكات جسيمة لقوانين الحرب بقصد إجرامي، أي عن قصد أو تهور، بتهمة ارتكاب جرائم حرب. يمكن أيضا أن يحاسب الأفراد جنائيا عن المساعدة في جريمة حرب أو تسهيلها أو دعمها أو التحريض عليها. تلتزم جميع الحكومات الأطراف في نزاع مسلح بالتحقيق في جرائم الحرب المزعومة من جانب أفراد قواتها المسلحة.

رغم تقليله في البداية من احتمال وقوع هجوم غير قانوني، قال التحالف لاحقا إنه سيحقق في الغارة. نادرا ما تجد تحقيقاته أخطاءً. خلصت هيومن رايتس ووتش إلى أن "الفريق المشترك لتقييم الحوادث" لم يجرِ تحقيقات ذات مصداقية منذ إنشائه عام 2016. قال ضحايا الغارات التي أوصى الفريق بتقديم مساعدات لهم إنهم لم يتلقوا أي شكل من أشكال التعويض.

خلال مؤتمر صحفي في 1 سبتمبر/أيلول، قال المستشار القانوني في الفريق المشترك لتقييم الحوادث، الفريق منصور أحمد المنصور، إنّ الغارة لم تكون ضرورية لردع هجوم وشيك على قوات التحالف وكان يجب تنفيذها لدى وجود الحافلة في "موقع خالٍ من المدنيين لتفادي هذه الخسارة في الأرواح"، ولكنّ ذلك لم يحصل بسبب "تأخر واضح". صرّح التحالف أنّه يوافق الفريق المشترك لتقييم الحوادث الرأي وعبّر عن "أسفه" على الهجوم وقال إنه "سيتخذ الإجراءات القانونية لمعاقبة الذين ارتكبوا الخطأ ولتقديم تعويضات أو مساعدة للضحايا".

بعد وقت قصير من هجوم 9 أغسطس/آب، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن على التحالف بقيادة السعودية "إجراء تحقيق شامل وشفاف في الحادث".

قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية إن الجيش الأمريكي لم يشارك في الغارة الجوية في الضحيان، لكنه أيد الجهود العسكرية الأمريكية للحد من الخسائر بين المدنيين: "إن الدعم العسكري الأمريكي لشركائنا يخفف من الخسائر بين غير المقاتلين عبر تحسين عمليات وإجراءات التحالف، خاصة فيما يتعلق بالامتثال لقانون الصراع المسلح وأفضل الممارسات للحد من خطر وقوع إصابات بين المدنيين".

أحال أحد المتحدثين باسم مؤسسة لوكهيد مارتين أسئلة حول الهجوم إلى وزارة الدفاع. رفضت وزارة الدفاع طلبات الصحفيين لتحديد مصدر السلاح المستخدم في الهجوم. لاحقا، أعلن الجيش أن زيارة ضابط رفيع كانت مقررة مسبقا إلى السعودية ناقشت مع السعودية "الحاجة إلى إجراء تحقيق شفاف في الوقت المناسب" في الهجوم.

في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، وافقت وزارة الخارجية الأمريكية على بيع 4,020 قنبلة من طراز جي بي يو-12 بيفواي II  كجزء من مبيعات أسلحة بقيمة 1.3 مليار دولار إلى السعودية، لكن أوقفت الولايات المتحدة أجزاء من عملية البيع التي تتضمن ذخائر موجهة بدقة في ديسمبر/كانون الأول 2016. أعادت إدارة ترامب تنفيذ القرار في مارس/آذار 2017. في يونيو/حزيران 2017، وافقت الولايات المتحدة على اتفاقية أسلحة أخرى بناء على تعهدات السعودية بخفض عدد الضحايا المدنيين.

كما تظل المملكة المتحدة وفرنسا موردين رئيسين للأسلحة إلى السعودية. علقت ألمانيا مبيعات الأسلحة إلى الأطراف المتحاربة في اليمن، واعتمدت هولندا والسويد نهجا أكثر تقييدا لمبيعات الأسلحة. أوقفت محكمة بلجيكية 4 تراخيص سلاح للسعودية بسبب مخاوف بشأن انتهاكات في اليمن. كما علقت النرويج مبيعاتها من الأسلحة إلى السعودية، وإلى الإمارات التي تلعب دورا هاما في العمليات العسكرية في اليمن.

قال فان إسفلد: "أي مسؤول أمريكي يعتقد أن منع السعودية من قتل المزيد من الأطفال اليمنيين سيتم من خلال بيعها المزيد من القنابل عليه مشاهدة فيديوهات الهجوم على الحافلة في ضحيان. على الولايات المتحدة والجهات الأخرى أن توقف فورا مبيعات الأسلحة إلى السعودية وتدعم تعزيز التحقيق الأممي المستقل في الانتهاكات في اليمن أو تخاطر بالتواطؤ في الفظائع المستقبلية".

للروايات المفصلة من الشهود في السوق والأطفال الذين كانوا في الحافلة وتفاصيل حول الذخيرة المستخدمة، يرجى قراءة التقرير الكامل بالإنغليزية:

عدد القتلى وروايات الشهود

وثقت هيومن رايتس ووتش الأسماء الكاملة وأعمار وحالة 34 شخصا قُتلوا في الهجوم، من بينهم 3 معلمين و25 طفلا كانوا في الحافلة، وطفل ومعلم و4 رجال آخرين في السوق. بالإضافة إلى ذلك، تعرّف الشهود على 4 أشخاص بالغين آخرين قُتلوا، و13 طفلا في الحافلة و6 أطفال في السوق أصيبوا بجروح. لم يُصب سائق الحافلة، الذي كان في متجر في السوق، بأذى.

نشرت وزارة التعليم التي يديرها الحوثيون قائمة بالأسماء والأعمار ومعلومات أخرى عن هوية الأطفال والمعلمين الذين قُتلوا، وعن 51 جريحا أصيبوا بالهجوم (من دون عدّ الأسماء المتكررة)، بما في ذلك 49 طفلا. وفقا لوزارة الصحة الحوثية، قُتل 51 شخصا وجُرح 79.

ذكرت "اللجنة الدولية للصليب الأحمر" أن 50 شخصا قُتلوا وأُصيب 77 بجروح، وفي 9 أغسطس/آب، تلقى مستشفى الطلح في صعدة، والذي تدعمه اللجنة الدولية، جثث 29 طفلا تحت سن 15 عاما، و48 جريحا، بمن فيهم 30 طفلا.

قال الأطفال الذين كانوا في الحافلة إنهم كانوا يشاركون في برنامج صيفي، بدأ في يونيو/حزيران، للدراسة في الجامع الكبير من الساعة 7:30 إلى 10 صباحا يوميا، ما عدا الخميس والجمعة. في 9 أغسطس/آب، كانوا قد تجمعوا في المسجد عند السابعة صباحا من أجل رحلة خاصة إلى "مقبرة الشهداء الحوثيين" ومسجد الإمام الهادي. كان جميع الأطفال تقريبا في الرحلة تحت سن 14. كان المسجد قد نظم  الرحلة نفسها للطلاب الأكبر سنا قبل أسبوعين. قال أحمد محمد علي سويد (16 عاما)، الذي كان في السوق بالقرب من الحافلة وقت الهجوم: "كان السوق مكتظا وكانت الحافلة مليئة بالأولاد".

قال أحمد عبد الرحمن محسن عدلان (13 عاما)، لـ هيومن رايتس ووتش عبر الهاتف إن الهجوم أصاب ساقيه بشدة. ابتداء من شهر يونيو/حزيران، كان عدلان يعطي دروسا صيفية في القراءة والكتابة وحفظ القرآن لـ 60 طفلا تتراوح أعمارهم بين 10 أعوام وما دون في المسجد. قُتل 5 من طلابه في الهجوم، وقال:

ذهبنا لزيارة إحدى المقابر أولا، ثم توقفنا في محل البقالة بالقرب من مكتب البريد لشراء الماء لأننا كنا عطشانين. لم أسمع أي شيء، ولا انفجار، فجأة وجدت نفسي أقف بالقرب من حفرة بجوار الحافلة. كان مثل الحلم، كما لو كانت الرحلة بأكملها حلما، أو ما يجري الآن هو حلم. لم أكن أعرف ما حدث، لكني كنت على وشك السقوط في الحفرة، استدرت ورأيت إلى جواري أشلاء أشخاص— أشخاص مقطعين.

قال 3 أشقاء كانوا في الحافلة – أحمد (14 عاما)، حسن (13 عاما)، ويحيى حنش (11 عاما) – إن الحافلة توقفت حتى يشتري سائق الحافلة الماء، وإنهم لم يروا أي رجال مسلحين في السوق. أحمد، الذي لم يعد بإمكانه السماع في إحدى أذنيه، قال:

ذهب الأولاد في عمري في أول رحلة [قبل أسبوعين]، لكن أسرتي تأخرت في إعداد وجبة الإفطار في ذلك اليوم وسمعوا صوت الطائرات، لذلك فاتتني الحافلة. نصحني المعلمون بأن أشارك في الرحلة القادمة مع إخواني الأصغر سنا. رأيت جثثا ممزقة إلى أشلاء، بعضها عائد إلى أصدقائي. أصيب يحيى بحروق، كما كانت حالتي. جُرحت في صدري واليدين، وأصيبت أذني اليمنى التي لا أستطيع أن أسمع بها، فأستخدم اليسرى الآن. توفي العديد من أصدقائي ... إنهم كثيرون ولا أستطيع أن أذكرهم جميعا. كلهم من نفس الحي— حي المسجد الكبير.

قال والد الأولاد محمد علي أحمد حنش (50 عاما) إنه ممتن لأنهم كانوا أحياء، مضيفا:"رأيت يحيى، أصغر أبنائي، في وحدة العناية المركزة يتقيأ الدم ويصارع الموت"، قبل أن تتحسن حالته. قال إن أفراد العائلة نزحوا بسبب القتال الدائر قبل عامين من منطقة قطابر الحدودية بمحافظة صعدة، حيث قُتل صبي آخر نتيجة غارة جوية سابقة وأصيبت فتاة برصاص قناص.

سمّى الأطفال الذين كانوا في الحافلة 4 مدرسين من برنامج المسجد الصيفي الذين قُتلوا في الغارة الجوية: يحيى البشري، محمد عبد الحفيظ، وعلي العجري، الذين كانوا في الحافلة، وعلي فايع، الذي قُتل في السوق. أدرجت وزارة التعليم التي يديرها الحوثيون الأربعة جميعهم في الهجوم، حيث تم تحديد 3 منهم كمعلمين متطوعين وواحد كمدرس دائم.

قال الأطفال إن 3 صبية اقتربوا من الحافلة بينما كانت متوقفة وكانوا يتحدثون إلى أصدقائهم من خلال النوافذ، بما في ذلك محمد سعيد علي سلمان (13 عاما)، حامد محمد عائدة (10 أعوام) وزكريا عبد الوهاب علي فايع (11 عاما)، طالب في مدرسة المسجد الذي ذهب في رحلته الأولى قبل أسبوعين. قال أحد الأولاد: "استقل زكريا الحافلة مع دراجته الصغيرة، وكان يتحادث مع أصدقائه، في انتظار عودة السائق ليطلب الإذن بالقدوم إلى الرحلة مرة أخرى. لكنه تقطع إلى أشلاء".

قتل الهجوم وشوّه العمال والزبائن في المحال الصغيرة في السوق، بما في ذلك الأطفال. قال طارش أحمد سلام السماعي (40 عاما) إن القنبلة سقطت على بعد نحو 4.5 مترا من صالون الحلاقة، وأصابت ابناه إبراهيم (14 عاما)، وعبد الرحمن (16 عاما)، الذي افتتح المحل في الساعة 8 صباحا: "كنت في المنزل أتناول طعام الإفطار. عندما سمعت دوي [القنبلة] والانفجار، هرعت [نحو صالون الحلاقة]. كان السوق كله مغبر، وكان الناس يركضون والأطفال مرميين على الأرض، بعضهم توفي بينما يصارع البعض الآخر الموت".

كما تحدثت هيومن رايتس ووتش إلى إبراهيم، الذي أُجلي إلى مستشفى الطلح، وإلى عبد الرحمن في مستشفى الجمهوري في صعدة. قال عبد الرحمن، طالب في المدرسة الثانوية، إنه شاهد الحافلة عندما اصطفت في الشارع مقابل صالون الحلاقة حوالي الساعة 8:20 صباحا، حيث خرج السائق ودخل محل بقالة:

كان الزبون الذي انتهيت من خدمته يجلس في الداخل، وكان هناك زبون آخر بالقرب من الباب يهمّ بالدخول. [...] لم أسمع صوتا. لم أفقد وعيي. غادرت الصالون وسرت في اتجاه بيتي، شرقا. رأيت ابراهيم يسير بالقرب مني. كنت مضرجا بالدماء، وكانت المنطقة كلها مدممة. غطت الدماء المشهد. شعرت بألم في أسفل ظهري. لم أكن أنظر إلى أي شخص، لم أكن أعرف ما حدث للزبونين، ومشيت إلى الأمام. لم أسمع سوى صوتا واحدا، صوت شخص ينادي "حمد"، من بعيد، كصوت خيالي. أعتقد أنه كان جارنا، جعفر، الذي توفي في وقت لاحق، ينادي ابنه الصغير. استلقيت أنا وأخي، لم أستطع إنهاء المسيرة إلى المنزل. دخلت قطعة من الشظية أسفل ظهري وهناك قطعة أخرى في ساقي. قالوا لي إن العمود الفقري سليم، لكن لا أستطيع المشي الآن.

أُصيب جعفر ثابت ناجي (46 عاما) وابنه حمد (15 عاما) وأخذا إلى عيادة قريبة، لكن الأب توفي في وقت لاحق بسبب نزيف داخلي، كما قال ابن أخيه حمدي علي ثابت السامعي (28 عاما)، الذي يعمل أيضا حلاقا في السوق.

كما أسفر الهجوم عن مقتل زبونين في مطعم قريب، وإصابة 6 أشخاص، بينهم 5 عمال وهم: فيصل محمد عبد الله العزي (38 عاما)، طاهٍ، ابنه معتصم فيصل (16 عاما) إخوته علي (25 عاما)، منصور (20 عاما)، ابن أخيه عز الدين صالح (10 أعوام)؛ وقريب آخر، وعبدو علي يوسف الحوري  (19 عاما). ألحق الهجوم ضررا شديدا بالكافتيريا.

قال فيصل عبد الله العزي: "جاء 3 زبائن بعد الساعة الثامنة، لذلك كنت أحضّر الفول مع البيض، وفجأة فقدت وعيي". فجرت القنبلة باب المطبخ، الذي ارتطم به رأسه. "توفي اثنان من الزبائن الثلاثة على الفور، وأصيب الآخر في ساقه".

قال إنه لا يعرف أي أهداف عسكرية في السوق. صرّح عبدو علي الحوري، وهو مساعد خباز، إن الهجوم أسفر أيضا عن مقتل صاحب متجر البقالة، محمد عبد الله المراني، في العشرينيات من عمره. قال الحوري إنه رأى حافلة المدرسة الصيفية تصل وتصطف في الشارع، ووصف السوق المزدحم:

كان السوق مزدحما، وكانت جميع المتاجر مفتوحة. خرج سائق الحافلة لشراء شيء من متجر البقالة. على هذا الجانب من الشارع، هناك محلين للبقالة ومتجر للخضار، ومن جانبنا، كان هناك متجر للبقالة، والكافتيريا، وصالون للحلاقة. في ضحيان، قُصفت العديد من المناطق، ولكن في بداية الحرب [في 2015]. كانت الغارة الجوية الأخيرة قبل نصف شهر، بعيدا عن السوق. ما من وجود عسكري هنا، فنقاط التفتيش الوحيدة خارج السوق. هناك دورية للشرطة تأتي وتذهب بانتظام، لكنها مجرد سيارة واحدة.

يُظهر فيديو صُوّر قبل حوالي ساعة من الهجوم، والذي تم استرداده من الهاتف المحمول لأسامة زيد الحمران، أحد الأولاد الذين قُتلوا في الحافلة، على الأقل 30 من الأطفال الذين كانوا يشاركون في الرحلة يرقدون في مقبرة شهداء الحوثيين. يمكن التعرف على واحد من الأطفال على الأقل في مقاطع فيديو مصورة تظهر الأطفال والبالغين الذين قُتلوا أو جُرحوا في الهجوم.

الذخيرة

تُظهر الصور الفوتوغرافية ومقاطع الفيديو الخاصة بشظايا الذخيرة قنبلة من طراز Mk-82 ذات سعة 500 باوند للأغراض العامة، مزودة بنظام توجيه ليزري يمكن أن يضرب على بعد أمتار من هدفه. تشمل العلامات المرئية على أحد المخلفات، وهي زعنفة توجيه، "3LCX2"، وهو تعريف فريد لموردي الأسلحة الأمريكيين، المعروف باسم CAGE code، التابع لشركة "جنرال داينامكس"، قسم الذخائر والأنظمة التكتيكية، في غارلاند، تكساس، والتي تنتج قنابل من طراز Mk -82. وُضع رمز CAGE الخاص بشركة Lockheed Martin على جانب مختلف من بقايا زعنفة التوجيه. لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من التأكد من العثور على هذه البقايا في الموقع. مع ذلك ، فإن صور الأضرار من الموقع تتسق مع تفجير قنبلة جوية كبيرة.

 

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الموضوع