(تونس) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم، أن محكمة عسكرية حكمت على عضو في البرلمان التونسي بالسجن لمدة 3 أشهر في 26 يونيو/حزيران 2018 بسبب منشور على "فيسبوك" ينتقد الجيش. واجه ياسين العياري، عضو البرلمان، العديد من الملاحقات العسكرية بسبب تدويناته على موقع فيسبوك التي تسخر من كبار الضباط العسكريين.
اتهم النائب العام العسكري العياري بـ "الخيانة العظمى"، جريمة يُعاقب عليها بالإعدام بموجب المادة 60 من "المجلة الجزائية" (قانون العقوبات)، بسبب منشور على فيسبوك في 28 أبريل/نيسان 2017. كما اتهم العياري بـ "المس بسمعة الجيش" بموجب المادة 91 من "مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية" "بارتكاب أمر موحش ضد رئيس الجمهورية" بموجب المادة 67 من قانون العقوبات. أدانت المحكمة العياري فقط بتهمة المس بسمعة الجيش.
قالت آمنة قلالي، مديرة مكتب تونس في هيومن رايتس ووتش: "الملاحقة القضائية المستمرة من المحكمة العسكرية لمنتقد سلمي للجيش والرئيس هي العكس تماما لما يجب أن يحدث في تحول ديمقراطي".
فاز العياري، الذي ترشح للمنصب كمستقل، بمقعد في البرلمان في ديسمبر/كانون الأول 2017، لتمثيل التونسيين الذين يعيشون في ألمانيا، وأدى اليمين في 7 فبراير/شباط وشارك بنشاط في العمل البرلماني في تونس.
كما حُكم عليه بالسجن في 27 مارس/ آذار لمدة 16 يوما بسبب منشور آخر، والحكم لم ينفذ بعد. في 2015، أمضى العياري أكثر من 4 أشهر في السجن بعد أن حكمت عليه محكمة عسكرية بتهمة التشهير بالقيادة العسكرية العليا على حسابه على فيسبوك. قالت هيومن رايتس ووتش إن على تونس الكف عن محاكمة المدنيين في المحاكم العسكرية.
راجعت هيومن رايتس ووتش ملفات المحكمة الخاصة بالقضية الأخيرة. في 28 أبريل/نيسان 2017، فتح المدعي العسكري تحقيقا حول ما إذا كان العياري "قد نشر رسالة على فيسبوك تحتوي على تعبيرات من المرجح أن تقوض من كرامة المؤسسة العسكرية من خلال انتقاد قرارات كبار قادتها، بالإضافة إلى التشهير برئيس الجمهورية". يحتوي ملف القضية على لقطة شاشة لمنشور على فيسبوك نسبه المدعي العام إلى العياري.
يزعم المنشور أن الرئيس الباجي قائد السبسي قد حاول استخدام الجيش لقمع الاحتجاجات. يشير المنشور إلى "محاولات غير ناجحة" أخرى من قبل الرئيسين السابقين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي لقمع الاحتجاجات باللجوء إلى الجيش، ويثني على الجنود وبعض القادة العسكريين الذين رفضوا إطاعة الأوامر باستخدام القوة ضد المتظاهرين. وصف المنشور الرئيس "بالكاراكوز"، من بين صفات أخرى.
في 26 يونيو/حزيران، أعلن العياري، الموجود حاليا في ألمانيا، في منشور على فيسبوك، أنه لن يستأنف الحكم لأنه لا يريد منح المحكمة العسكرية فرصة أخرى لمواصلة ما عبر عنه بالافلام. العياري لديه حصانة من الاعتقال إلا إذا ما صوت البرلمان لرفعها أو تخلى عنها طواعية. في أحد المنشورات على فيسبوك، أعلن أنه تخلى عن حصانته البرلمانية، "لتكون صفحته نظيفة"، وأنه مستعد لقضاء عقوبته.
منذ الإطاحة بالرئيس بن علي في يناير/كانون الثاني 2011، استخدم المدعون العسكريون المادة 91 من مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية لمحاكمة المدنيين. تعاقب هذه المادة بالسجن لمدة تصل إلى 3 سنوات أي شخص "يقدم على تحقير العلـَم أو تحقير الجيش والمس بكرامته وسمعته أو معنوياته أو يقوم بما من شأنه أن يضعف في الجيش روح النظام العسكري والطاعة للرؤساء أو الاحترام الواجب لهم أو انتقاد أعمال القيادة العامة أو المسؤولين عن أعمال الجيش بصورة تمس بكرامتهم".
لا تتوافق الملاحقات القضائية بتهمة تشويه سمعة الجيش أو مؤسسات الدولة الأخرى مع التزامات تونس بموجب المادة 19 من "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية". أصدرت "لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان" عام 2011 توجيهات إلى الدول الأطراف بشأن التزاماتها بحرية التعبير بموجب المادة 19، أكدت على القيمة العالية التي يوليها العهد للتعبير غير المقيّد "في ظروف النقاش العام المتعلقة بشخصيات عامة في المجال السياسي والمؤسسات العامة". أضافت التوجيهات أن على الدول الأطراف ألا "تحظر انتقاد المؤسسات، مثل الجيش أو الإدارة".
قالت هيومن رايتس ووتش إن السماح بمقاضاة مدني أمام محكمة عسكرية يشكل انتهاكا للحق في المحاكمة العادلة والضمانات القانونية. أشار القرار بشأن "الحق في محاكمة عادلة ومساعدة قانونية في أفريقيا" إلى أن "الغرض من المحاكم العسكرية هو تحديد الجرائم ذات الطبيعة العسكرية الخالصة التي يرتكبها أفراد عسكريون".