حققت الديمقراطية التونسية الوليدة خطوات كبيرة، منذ سقوط حكومة الرئيس زين العابدين بن علي عام 2011. من بينها اعتماد دستور جديد، وحرية إعلامية أكبر، وإجراء انتخابات حرة وديمقراطية. انعكست هذه التغييرات بمنح "جائزة نوبل للسلام" عام 2015 إلى ائتلاف من منظمات المجتمع المدني.
لكن مشروع قانون أمام البرلمان يهدد هذه الإنجازات وقد يُعيد تونس إلى دولة بوليسية كما كانت في عهد بن علي.
قُدم مشروع قانون "زجر الاعتداء على القوات المسلحة" إلى البرلمان في أبريل/نيسان 2015، بعد عدة هجمات شنها مسلحون أسفرت عن مقتل عشرات رجال الشرطة. ثم أوقف مشروع القانون بعد انتقادات من منظمات المجتمع المدني والهيئات الدولية، ولكن أعيد إحياؤه بعد وفاة شرطي في أعمال عنف في سيدي بوزيد هذا الشهر. أعلنت "لجنة التشريع العام" في البرلمان أنها تعتزم عرض مشروع القانون على التصويت في جلسة عامة قبل 25 يوليو/تموز.
إذا اعتُمد هذا القانون وتم تفسيره بطريقة حرفية، فإنه سيحول أفراد قوات الأمن التونسية فعليا إلى "مواطنين فوق العادة": لن يُسمح لأي شخص بانتقادهم أو تصويرهم أو التشكيك في سلوكهم التعسفي، أو الدعوة إلى محاسبتهم على استخدام القوة القاتلة دون مبرر.
يمكن لأي شخص في تونس أن يجد نفسه ضحية لهذا القانون. قد يؤدي كتابة مقال عن العيوب الأمنية لعملية مكافحة الإرهاب إلى السجن 10 سنوات بسبب "تداول سرّ من أسرار الأمن الوطني". كما سيصبح التصوير غير المصرح به لشرطي يضرب متظاهرا أمرا يعاقب عليه بالسجن سنتين، وسيحمل "تحقير القوات المسلحة"، وهو مصطلح غامض يستخدم بسهولة لإسكات كل انتقادات الجيش، عقوبات خطيرة أيضا.
على البرلمان التونسي أن يتخلى عن النظر في هذا القانون الخطير، أو أن يصوت ضده، فالديمقراطية التونسية الهشة تتعرض لخطر كبير.